تفاؤل خجول بتحسن الاداء الاقتصادي للعام الحالي

تم نشره الإثنين 04 كانون الثّاني / يناير 2016 03:03 مساءً
تفاؤل خجول بتحسن الاداء الاقتصادي للعام الحالي
الاقتصاد

المدينة نيوز:- حمل العام الماضي 2015 العديد من الاحداث والملفات الساخنة والتحديات الجديدة محليا واقليميا فرضت واقعا اقتصاديا جديدا للمملكة.

ولعل حالة عدم الاستقرار والاضطراب الشديدة التي تشهدها المنطقة في الوقت الراهن والتي يتوقع استمرارها، لا بل تفاقمها خلال العام 2016، تشكل التحدي الأساسي الذي يواجه الاقتصاد الأردني ويؤثر على زيادة تعقيد البيئة الاستثمارية في المملكة، وإضعاف الجهود الرامية الى استقطاب مستثمرين جدد، الأمر الذي سيضغط على معدلات النمو الاقتصادي، وزيادة معدلات البطالة (المرتفعة اصلا) منذ سنوات، خاصة بين فئات الشباب التي تعد من بين أعلى النسب في العالم، حيث بلغ معدل البطالة 9ر12بالمئة خلال ثلاثة الأرباع الاولى من العام الماضي مقابل 7ر11 للفترة نفسها من العام 2014.

الا ان استمرار حالة عدم الاستقرار واضطرابه في سورية والعراق من شأنه أن يزيد من مستوى المساعدات والمنح التي يمكن للأردن أن يحصل عليها، والتي من شأن استغلالها بالشكل الصحيح وتوجيهها نحو الإنفاق الرأسمالي الحقيقي ان تخفف من حدتها, حيث قدرت وزارة التخطيط حجم المساعدات والمنح الخارجية والتي حصلت عليها المملكة خلال 10شهور الماضية بحوالي 3 مليارات دولار.

ورغم انخفاض سعر برميل النفط وإعداد موازنة عام 2015 على سعر 60 دولارا لبرميل النفط رغم انخفاضه الى حدود 34 دولارا، الا ان الأحداث الإقليمية حالت دون أن يساهم ذلك في تحسن المؤشرات المالية، حيث بلغ عجز الموازنة في نهاية تشرين الأول من العام الماضي، مع المنح الخارجية 1194مليون دولار مقارنة مع 994 مليون دولار للفترة ذاتها من 2014.

كما ساهم ذلك في انخفاض عجز الميزان التجاري (الفرق بين قيمة الصادرات والمستوردات الكلية) بنسبة 5ر16 بالمئة لنهاية تشرين الأول 2015، حيث بلغت قيمة العجز في الميزان التجاري 1ر9 مليار دولار مقارنة مع 9ر10 مليار دولار للفترة ذاتها من 2014.

لكن الاردن نجح بالرغم من ذلك في كسب الثقة العالمية بالاقتصاد المحلي ويتضح ذلك من إصداره لسندات في السوق العالمية بقيمة 500 مليون دولار لأجل 10 سنوات، تمت تغطيتها نتيجة الإقبال الكبير من المستثمرين العالميين بقيمة 6ر2 مليار دولار وبواقع 2ر5 مرة من قيمة الإصدار.

وحافظت وكالة ستاندراند بورز العالمية للتصنيف الائتماني في تقريرها الائتماني حول الاردن من وجهة نظر مستقبلية، على مستوى مستقر وذلك لاستمرار التحسن في الاوضاع المالية والتزام الحكومة بالإصلاحات الاقتصادية .

يأتي ذلك بعد اربع سنوات من التعافي التدريجي للاقتصاد جراء الازمات الاقليمية واغلاق الممرات التجارية مع كل من سوريا والعراق والتي ادت الى انخفاض الصادرات الى 7ر6 بالمئة خلال الشهور العشرة الماضية مقارنة مع ارتفاع بلغ 9ر6 بالمئة في عام 2014.

وكان لاستمرار انخفاض اسعار النفط الاثر الكبير على كل من عجز الحساب الجاري وعجز الموازنة، واثر الزيادة في حجم الاستثمار بالأخص في مجال تنويع مصادر الطاقة، كذلك الاثر الايجابي للإجراءات التحفيزية التي اتخذتها الحكومة مؤخرا بالنسبة لقطاع العقار والسياحة والذي دعم النمو في العام 2015، وبالمضي قدما فإن النمو الاقتصادي يتوقع ان يبلغ 7ر3 بالمئة، و 4 بالمئة في الاعوام 2016، 2017 على التوالي.

واستمرت السياسة النقدية على نحو توسعي بينما بقيت السياسة المالية متشددة، وقد تحسن عجز موازنة الحكومة المركزية في الأشهر العشرة الأولى من العام 2015، إلى حد كبير بسبب خفض النفقات على نحوٍ فاق الانخفاض في الإيرادات بالنسبة للناتج المحلي.

لكن الهم المؤرق لواضع القرار الاقتصادي في الاردن يتلخص في اجمالي الدين العام ونسبته الى الناتج المحلي الاجمالي حيث بلغ حوالي 6ر24 مليار دينار مشكلا ما نسبته حوالي 9ر90 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي.

أما الإصلاحات الهيكلية التي تقوم بها الحكومة وخاصة في ما يتعلق بتنويع مصادر الطاقة وتحسين بيئة الأعمال، فإنها تدعو للتفاؤل بالنسبة للنمو على المدى المتوسط خاصة اذا ما استطاع الاردن التغلب على التحديات الناجمة عن الوضع الامني غير المستقر في الدول المجاورة، حيث شهد عام 2015 تدشين ميناء الشيخ صباح للغاز الطبيعي المسال، ورصيف الخدمات البحرية لمنظومة موانئ الطاقة في ميناء العقبة، واللذين سيسهمان بشكل كبير وفعال في تطوير بيئة الاقتصاد والتجارة والخدمات في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، وتعزيز أمن التزود بالطاقة في المملكة.

ويهدف ميناء الغاز الطبيعي المسال إلى تعويض النقص الحاصل في كميات الغاز الطبيعي المستورد للمملكة، وتنويع مصادر التزود بالغاز، والذي يستعمل بشكل رئيس لتوليد الطاقة الكهربائية، وجعل ميناء العقبة مركزا إقليميا لتأمين مصادر الطاقة المختلفة للدول العربية المجاورة، الأمر الذي سيضع الأردن على خارطة الغاز الطبيعي المسال عالميا، ويؤمن استيراد الغاز بشكل آمن ومستدام وسيسهم في تخفيض فاتورة الطاقة التي بلغت نحو 5 مليارات دينار في العام الماضي، وبما يمثل 20 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي تخفيض الأعباء على الاقتصاد الوطني وتعزيز تنافسيته.

كما شهد كذلك في هذا النطاق اطلاق مشروع رياح الطفيلة للطاقة المتجددة، الذي يعد الأول والوحيد من نوعه على مستوى المملكة والشرق الأوسط، وتبلغ القدرة التوليدية للمشروع، الذي يأتي تنفيذه تماشياً مع خطط المملكة لتنويع مصادر الطاقة، وتعزيز اعتماد المملكة على الطاقة المتجددة والبديلة، بطاقة انتاجية تقدر بـ 117 ميغاواط تنتج حوالي 400 جيجاواط/ ساعة من الكهرباء سنوياً، وبكلفة اجمالية بلغت 287 مليون دولار.

ووقع الاردن العديد من الاتفاقيات في مجال الطاقة المتجددة والصخر الزيتي ضمن استراتيجية المملكة التي وضعتها للعام 2025، وجعلت محور الطاقة العمود الرئيسي لنمو الاقتصاد ومحركا اساسيا للنهضة الاقتصادية الشاملة، حيث تم توقيع عقود استثمار وشراكة خلال 2015 وصلت الى اكثر من 9ر2 مليار دولار.

ولم يغب هاجس جذب الاستثمار عن الاقتصاد الاردني ببناء حملة لتنشيط الاقتصاد وجذب الاستثمار تحت شعار "الأردن: انطلاقة متجددة؛ تنمية، تميّز، استثمار" التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني من خلال جولاته المكوكية والتي يجريها بهدف جذب الاستثمار للمملكة، وآخرها زيارته الى الصين، وتم خلالها، وعلى أثرها، توقيع اتفاقيات شراكة وصلت قيمتها الى حوالي 7 مليارات دولار.

كما شهد مؤتمر الاقتصاد العالمي والذي جرت فعالياته في منطقة البحر الميت توقيع اتفاقيات واشهار فرص استثمارية في المملكة وصلت الى حوالي 20 مليار دولار في قطاعات الطاقة والطاقة المتجددة، والنقل، والمياه، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والبنية التحتية، والتطوير الحضري، والسياحة.

ويبقى التحدي الرئيس الذي يواجه الاقتصاد الأردني استمرار وجود حولي 3 ملايين أجنبي (جنسيات عربية واجنبية) على أراضي المملكة، الأمر الذي يشكل ضغوطا على البنية التحتية والخدمات العامة.

الا أن وجودهم أيضا يوفر فرصا كبيرة لتعزيز عملية النمو الاقتصادي من خلال زيادة الطلب على الاستهلاك كما حدث خلال السنة الماضية، الى جانب أن الحصول على مساعدات دولية تم الاشارة اليها أعلاه، بالإضافة الى زيادة معدلات الاستثمار الخارجي في الأردن، خاصة من قبل العراقيين والسوريين، ما يعزز النمو الاقتصادي ويولد فرص عمل جديدة.

الحكومة ومن خلال توقعاتها لميزانية 2016 توقعت الحصول على ايرادات تقدر بـ 5ر7 مليار دينار وبالتالي انخفاض عجز الموازنة الى 907 ملايين دينار.

ويأتي على سلم اولويات الحكومة في هذا العام المحافظة على مكتسبات البرنامج الوطني للإصلاح المالي والاقتصادي وتنفيذ محاور البرنامج التنفيذي للإصلاح المالي للأعوام (2015- 2018) الهادف الى احتواء عجز الموازنة العامة والدين العام كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي، وبما يساعد على تعزيز الاستقرار المالي والنقدي في المملكة.

(بترا)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات