وقائع تنشر لأول مرة حول تحويل سلوان لمستوطنة يهوديّة !
المدينة نيوز - : كشفت صحيفة 'هآرتس' الأربعاء في تحقيق صحافيّ أعدَّه مراسلها لشؤون القدس، نير حسّون، عن 'علاقة حرام' بين الدّولة وبين جمعيّات يهوديّة يمينيّة، مثل جمعيّة 'عطيرت كوهنيم'، تمكّنُ من وضع اليد والاستيلاء على ممتلكاتٍ فلسطينيّة في قلب حيّ سلوان المقدسيّ.
يبدأ نير حسّون تحقيقه الصّحافيّ عبر التّطرّق لحادثة من تسعينيّات القرن المنصرم، إذ اشتركَ حينها، إيلان شطاينر، باحث في مركز 'ياد بن تسفي' بكتابة بحث تاريخيّ-جغرافيّ عن حيّ سلوان، يهدف لتقصّي الوجود اليهوديّ في الحيّ. وفق متطلّبات البحث، فقد طُولِبَ الباحثون بالعثور على موقع الأراضي التي اقتناها أثرياء يهود بغية إقامة الحيّ لليهود القادمين من اليمن عام 1882.
يُدرجُ نير حسّون في هذا السّياق أنَّ الباحث شطاينر، فهم في حينه، أنّ من قامَ بتقديم طلب لهذا البحث هو قسم الوصيّ العامّ ومركز أبحاث 'ياد بن تسفي'. إلاّ أنَّ المفاجأة جاءت حين اكتشاف شطاينز أنّه إلى جانب الوصيّ العامّ الذي قدم ممثّلوه للاستماع للنتائج، جلسَ في الجلسة ذاتها ممثّلون عن الجمعيّة اليهوديّة اليمينيّة 'عطرات كوهنيم'. 'أذكر أنّنا تفاجأنا من اكتشاف وجودهم في الغرفة'، صرَّحَ شطاينر للصحيفة.
فيما بعد، اتَّضَحَ أنَّ هذا البحث ما هو إلاّ خطوة أولى ضمن سلسلة الصّراعات القانونيّة على تهويد منطقة 'بطن الهوى' في حيّ سلوان.
ووفقًا لـ 'هآرتس' فإنّ هذه الخطوة لم تكن إلاّ 'بداية لتعاونٍ مشترك وشاذ بين الجمعيّة العاملة على تهويد الحيّ وبين قسم الوصيّ العامّ في وزارة القضاء. طيلة سنين، قام القسم القضائيّ بتزويد آراء مهنيّة ومصادقات، كما وباعت الوقفيّة اليهوديّة المرتبطة بها، أراضٍ دون مناقصة وبأسعار مغرية – وبشكل عامّ، وقفت جنبًا إلى جنب في نضالها ضدّ العوائل الفلسطينيّة التي طالبت البقاء في بيوتها'، كتب حسّون في تقريره.
هذه كانت الخطوة الأولى في جمعيّة 'عطرات كوهنيم'. أمّا الثّانية، فهي، وفق الصّحيفة: 'تحصيل سيطرة على الأراضي الوقفيّة اليهوديّة، والذي يُعْتَبَرُ المالك القانونيّ للأراضي'.
وهذا ما حصلَ عام 2001، حيث أقرت المحكمة في القدس تعيين ثلاثة أشخاص جدد كأوصياء جدد على الوقفيّة التّاريخيّة : م، موظّف جمعيّة 'عطرات كوهنيم' – المسؤول عن إخلاء العائلات الفلسطينيّة؛ أ.، ممثّل الجمعيّة؛ ي.، حاخام مقدسيّ معروف، قريب من الجمعيّة. حيث وافق الوصيّ العامّ دعم طلب رجالات الجمعيّة اليمينيّة بالانتساب لأمناء الوقفيّة، وهو ما حصل.
أسماءُ الأمناء لم تنشرَ، بأمر قضائيّ، بناءً على طلب أمناء الوقفيّة، خشيةً على حياتهم. بينما تعمل صحيفة 'هآرتس' منذ شهرين على إزالةِ هذا الحظر.
في التّحقيق الذي نشرته 'هآرتس' قبل شهرين، تمّ تناول موضوع مضايقة العائلات الفلسطينيّة السّاكنة في البيوت المتنازع عليها في الحيّ.
عام 2002، وبعد سنة من نقل ملكيّة الوقفيّة، طالب الأمناء الجدد بتحرير 'الأراضي اليهوديّة' في حيّ سلوان من الوصيّ العامّ وإعادتها لأصحاب الوقفيّة. في ذات العام تمّت المصادقة، ليتمّ نقل ملكيّة خمسة دونمات ونصف الدّونم، يقطنها مئات الفلسطينيّين، للوقفيّة اليهوديّة. وهو أولى خطوات الإخلاء الفعليّة للفلسطينيّين.
قبل عام وقّعت نائبة الوصيّ، سيغال يعقوبي، على 'شهادة تحرير أراض معدّلة'، حرّرت عبرها الأراضي مجدَّدًا لأمناء الوقفيّة.
وفق التّحقيق الصّحافيّ في 'هآرتس'، فإنّ أخطر خرق قانونيّ قام به الوصيّ العامّ للأملاك تمَّ عام 2005، 'حين قرّرت الوقفيّة بيع أربع قسائم إضافيّة، لم تكن ضمن أراضيها، بعد أن توصّل الوصيّ العامّ لعدم إمكانيّة العثور على أصحاب الأرض'.
كلّ هذا الخرق الفضائحيّ، تمّ دون مناقصة وبسعرٍ مريح؟ 2000 متر مربع بأقلّ من مليون شيكل؟!
عدم الكشف عن مناقصة لبيع الأراضي، حرَمَ العائلات الفلسطينيّة من إمكانيّة امتلاك الأراضي. لتتحوَّلَ عشر عائلات فلسطينيّة تسكن هذه الأراضي، لعائلات غير قانونيّة، مهدّدة بالإخلاء والتّهجير بكلّ لحظة.
دون مناقصات.. بأسعار مغرية.. وبتفضيل غير شرعيِّ على الآخر الفلسطينيّ، يبقى المسلسل التّهويديّ في القدس الشرقيّة عمومًا، وفي حيّ سلوان على وجه الخصوص، ماضٍ تحت مظلّة الدّولة!