كيف دمّرت الهجرة أسراً سورية؟ ولماذا ترتفع معدلات الطلاق بين اللاجئين إلى أوروبا؟
المدينة نيوز - : لطالما ارتبطت أحلام الهجرة إلى أوروبا عموماً - والدول الاسكندنافية خصوصاً -، برغبة الاستقرار والعيش الرغيد، لكن الكثير من أحلام المهاجرين العرب تحطمت على صخور المجتمع الجديد، محطمة معها قيود الزواج والكثير من "البيوت العامرة".
فالمشكلات الاجتماعية المستوردة من مجتمعاتهم الأصلية، وصعوبة الانتقال إلى مكان وقوانين مختلفة، دفعت بالكثير من الواصلين الجدد للتخلي عن حلم الاستقرار والبحث عن حياة جديدة.
السويد مثلاً سجلت لوحدها حتى الآن عدداً كبيراً من حالات الطلاق بين الواصلين الجديد، فيما تنوعت أسبابها بين اجتماعية واقتصادية ونفسية.
الأمور هنا مختلفة
روان عبد الواحد (33 عاماً) طلبت الطلاق بعد وصلولها إلى السويد بعام واحد، ”في بلدي الأم سوريا كان من شبه المستحيل أن أقوم بهذه الخطوة، فالمجتمع المحيط ورفض عائلتي للفكرة وحتى الأقاويل والشائعات التي تلاحق المطلقات كلها شكلت عائقاً حقيقياً في وجهي، تحملت ما لا أطيق لأكثر من 6 سنوات".
وأضافت عبد الواحد لـ “هافينغتون بوست عربي” أن مسؤولة في الضمان الاجتماعي “أعطتني بعد سماع قصتي سكناً مستقلاً وحقاً مؤقتاً في حضانة أطفالي، ريثما يبت القاضي في موضوع الوصاية، ناهيك عن مساعدات مادية مستقلة عن زوجي".
زوجتي طلبت فصل الملفات
أحمد الخضري (36 عاماً) والقادم من مدينة حمص السورية يقول، "لم نعان من أية مشكلات كبيرة في سنوات زواجنا الثمانية، حياتنا كانت هادئة أو ربما كانت تقليدية تشبه حياة الكثيرين ممن نعرفهم في سوريا، المشكلات الحقيقية بدأت بعد سفرنا إلى تركيا، حيث تعاظمت ضغوطات الحياة".
وأضاف الخضري لـ "هافينغتون بوست عربي" أن "الغربة والبعد عن الأهل والمشكلات المادية انعكست سلباً على حياتنا اليومية، إحساسي بالخطر الذي يهدد استقرار أسرتي ومستقبل أطفالي كان عاملاً رئيساً في قرار الهجرة، بعد اتخاذ القرار عادت علاقتنا للتحسن، في الطريق تحدثنا كثيراً عن المستقبل الذي طالما حلمنا به، عن منزلنا المفترض ومدارس طفلينا وحتى عن ألوان الأثاث، كل شيء كان على ما يرام، وصلنا إلى السويد بعد رحلة صعبة استمرت لشهرين”.
المفاجأة كانت عندما تقدم الخضري بطلب اللجوء في مركز هجرة يوتوبوري، حيث طلبت زوجته فصل الملفات، وأخبرت المحقق بأنها "لطالما حاولت الحصول على الطلاق لكن القوانين في سوريا منعتها من ذلك، بالفعل تم فصل ملفاتنا، ونحن الآن نسكن في مخيمين مختلفين بانتظار حصولنا على القرار نهائي" على حد قوله.
الطلاق في المطار
أما سعيد الزيدي (26 عاماً) والقادم من مدينة الرقة السورية، فله قصةٌ مختلفة رواها لـ "هافينغتون بوست عربي” قائلاً، "عقدنا القران منذ عام ونصف تقريباً، اشترط والد العروس هجرتي إلى أوروبا قبل إتمام مراسيم الزواج، لضمان مستقبل جيد للعائلة الجديدة كما كان يقول".
بالفعل خرج الزيدي من الرقة باتجاه تركيا، ومنها عبر قارب مطاطي إلى جزيرة ساموس اليونانية، ليتابع رحلته إلى السويد مستغرقاً 28 يوماً و7 آلاف يورو وشهور طويلة من الانتظار قبل الحصول على الإقامة وقرار لم الشمل، على حد قوله.
جاءت الصدمة عندما التحقت به زوجته، ويوضح الزيدي "طلبت الطلاق عند وصولها إلى المطار، لم تنتظر حتى تراني، سنها الصغير 18 عاماً وادعائها بأنني تزوجتها بالإكراه ساعدها بالحصول على قرار طلاق سريع، لم أكن أملك أي دليل على الاتفاق، فشلت في إقناع موظفي الضمان الاجتماعي بقصتي وحتى محاولاتي للحديث مع والدها باءت بالفشل".
سأبتعد عنها قدر الإمكان
أما عروة (31 عاماً) 31 والمقيم في الأردن فقال، ”كنا على علاقة استمرت لثلاث سنوات، وكان الاتفاق يقضي بأن أغطي لها تكلفة الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، على أن نجتمع بعد إتمامها لمعاملة لم الشمل، لم يكن بمقدوري أن أسافر".
استدان عروة 10 آلاف يورو ليغطي تكاليف رحلتها وكان عليه العمل بجد لتسديد الدين، ويتابع "بدأت الخلافات بعد وصولها إلى السويد، خلافات بسيطة تتعلق بتفاصيل الحياة واللباس والعادات، تطورت بعدها إلى قطيعة نهائية حالياً. فشلت كل محاولاتي في إصلاح العلاقة، وأعمل حالياً على جمع مبلغ جديد لأتمكن من السفر، لكن بالتأكيد لن أذهب إلى السويد، سأحاول الابتعاد عنها قدر الإمكان".
زيادة كبيرة في طلبات الطلاق
بدورها صرحت بيرنيلا بيرستون، المحامية ومسؤولة الضمان الاجتماعي عن مقاطعة كالمار السويدية لـ "هافينغتون بوست عربي”، بأن "دائرة الضمان الاجتماعي لحظت زيادة كبيرة في حالات الطلاق للقادمين الجدد بشكل عام ومن سوريا بشكل خاص، لا نملك إحصائيات دقيقة أو نسبة مئوية حتى الآن".
وأضافت بيرنيلا "لكن طبيعة عملنا واحتكاكنا اليومي باللاجئين والاطلاع على عادات الزواج والطلاق في بلدهم الأم دفعنا لحمل أي طلب طلاق على محمل الجد، فمهمة دائرة الضمان الاجتماعي هي الحفاظ على مجتمع مستقر خال من المشاكل في الحد الأدنى، وللأسرة أولوية رئيسية في عملنا. واجهنا حالات غريبة لزواج قاصرات بأعمار 15 و 16 عاماً، حالات من الضرب المبرح والعديد من المشكلات المادية المتعلقة باستيلاء الزوج على دخل زوجته. بالتأكيد نقدّر الاختلاف المجتمعي الكبير بين السويد ودول الشرق الأوسط، لكنا مضطرون لمحاكمة الأمور ضمن المفاهيم السويدية، وعلى القادمين الجدد إدراك ضرورة العيش ضمن الضوابط والنظم هنا”.
"بالطبع هناك العديد من حالات الطلاق الوهمية" تقول برنيلا، “طلاق وهمي بهدف الحصول على شقتين منفصلتين ومساعدات أكبر، الدائرة على علم بهذه الحالات، لكنا نتعامل معها على أنها حالات حقيقية ريثما يثبت لنا العكس". هافينغتون بوست عربي