"ذيب" جهد محلي وضع الأردن على خريطة الفن السابع
المدينة نيوز : - "الشاكرية" قرية في جنوب الاردن تعج بألوان من القصص والحكايات العالقة في ذاكرة الاردنيين، قطف منها صناع الفيلم الروائي الاردني "ذيب" رؤى درامية وجمالية مبتكرة ومفعمة بأحاسيس ومشاعر إنسانية قادتهم الى منصة الاوسكار. وتحدث نقاد وخبراء متخصصون ومهتمون بصناعة الافلام لوكالة الانباء الاردنية (بترا) حول اهمية هذا الانجاز السينمائي الاردني ليكون انموذجاً يحتذى في سائر حقول الابداع الاردني، لافتين الى ضرورة استمرارية هذه التجربة والحرص على دعم الكفاءات وتطوير القدرات الكامنة لدى اصحاب المواهب والطامحين لخوض غمار صناعة الافلام من الشباب الاردني.
يقول رئيس قسم السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان الناقد والمخرج عدنان مدانات: ان فيلم "ذيب" انتج بميزانية قليلة، وتلقى دعما بسيطاً من جهات محدودة، إلا انه شكل تجربة ناجحة في الانتاج السينمائي للدول النامية.
ورأى في نجاح الفيلم على الصعيدين الفكري والسينمائي امكانية لإنجاز فيلم آخر، وهو ما يشجع على تجديد مطالبة المؤسسات والهيئات المعنية بدعم مثل هذه الانجازات السينمائية.
واضاف مدانات، ان فيلم "ذيب" شكل مفاجأة للمهتمين والنقاد في العالم اجمع كونه جاء من بيئة لا توجد فيها صناعة للأفلام السينمائية، مثلما لا يوجد فيها مؤسسات ترعى عملية الانتاج الا بشكل محدود مثل الهيئة الملكية الاردنية للأفلام، مبيناً اهمية حث جهات الانتاج في القطاعين العام والخاص على الالتفات الى الاستثمار في صناعة الافلام الاردنية.
مديرة الاتصال والاعلام في الهيئة الملكية للأفلام ندى دوماني بينت ان "أي عمل فني لا يخرج من فراغ ولا بد من وجود بيئة حاضنة"، ومن هنا جاءت قصة نجاح فيلم (ذيب) الذي يشير الى اهمية ان تكون هناك بنية تحتية لجذب الابداع، بالإضافة الى توفر مواقع التصوير الجميلة والمتناغمة مع الاحداث كبيئة وادي رم التي نالت اعجاب العديد من صناع السينما في العالم العالمية.
واكدت ان فيلم "ذيب" جرت معالجته السينمائية بأسلوب فطن مشكلا علامة نجاح للسينما الاردنية وضعت الاردن على خريطة الفن السابع.
ورأت دوماني ان هذا الفيلم سيعطي المزيد من الثقة لقطاعات الاستثمار في مجال السينما، وسيعمل على تشجيع الجهات الرسمية والخاصة في دعم قطاع صناعة الافلام الامر الذي سيعمل على تعزيز وتوفير فرص عمل في سائر تقنيات عالم السينما فضلاً عن استقطاب الافواج السياحية الى هذه المنطقة.
ويقول مؤلف كتاب "جوائز الاوسكار" الباحث والناقد السينمائي محمود الزواوي ان جائزة الاوسكار من اهم الجوائز السينمائية في العالم التي ظهرت عام 1929، وهي ثاني اقدم جائزة سينمائية في اميركا والعالم، ومع مرور الوقت ادخلت الاوسكار جائزة افضل فيلم اجنبي بحيث يسمح لكل دول العالم ان ترشح افلامها بعد سلسلة من التصفيات.
وبين أن فيلم "ذيب" أول فيلم اردني يرشح للائحة النهائية لأفضل فيلم اجنبي، لأن لجان التحكيم والتقييم للجائزة رأوا فيه عملاً متميزاً ومكتملاً لشروط الابداع السينمائي، سواء من ناحية موضوعه اللافت الذي يروي احداثاَ مضى عليها اكثر من 90 عاماً، وتعبر عن فترة تاريخية تمتد منذ نهاية حكم الدولة العثمانية وبداية الاستعمار البريطاني للمنطقة.
واشار الى ان السينما الاردنية شهدت خلال السنوات الماضية حراكاً مشهوداً مع وجود الهيئة الملكية للأفلام التي عملت على جذب العديد من مشاريع تصوير الافلام العائدة لشركات الانتاج الشهيرة في السينما العالمية، ما جعل الاردن ثاني بلد عربي بعد المغرب في تصوير الأفلام الأجنبية. المخرج جلال طعمة صاحب فيلم "الافعى" بين ان دعم السينما الاردنية ما زال بحاجة الى قرار سياسي وتفعيل قرار صندوق دعم الثقافة، لافتا الى ان فيلم "ذيب" عانى من غياب الدعم المادي الا انه حظي بكوادر وخبرات وتقنيات مؤهلة ساهمت في نجاح وصوله الى منصة الاوسكار. ودعا الى عقد مؤتمر عام يشارك فيه صناع الافلام والمنتجون وسائر العاملين في هذا الحقل الابداعي يجري فيه تناول طموحات وتطلعات وآمال القائمين على هذا النوع من الصناعة الثقافية ، لافتاً الى ان فيلم " ذيب" شكل بداية الانطلاق نحو العالم.
وقالت المخرجة والمنتجة سوسن دروزة ان فيلم " ذيب " لم يصل الى الاوسكار بالصدفة، وان هذا الانجاز يجب ان تستثمر نجاحاته من قبل الدولة والافراد وشركات الانتاج .
ولفتت دروزة التي تشغل مديرة مهرجان " كرامة لحقوق الانسان" الى انه منذ خمس سنوات بدأت الافلام الاردنية تصل الى المراحل المتقدمة من التنافس في ملتقيات السينما العربية والعالمية، كنوع من التحدي لوضع الاردن على خارطة الابداع السينمائي من خلال الفن والثقافة والسينما، مشيرة الى إمكانية العمل على تغيير الصورة النمطية المجحفة المأخوذة عن الشخصية العربية.
وتمنى كاتب ومنتج فيلم " ذيب " باسل غندور ان يكون هناك المزيد من الافلام الاردنية التي تتحدث عن البيئة الاردنية حتى تصل الى العالم لتعكس جوانب من التاريخ والثقافة والموروث الغني.
ورأى ان وصول فيلم " ذيب " الى المرحلة النهائية في جائزة الاوسكار، قد يشجع الداعمين واصحاب الافلام للبدء في بناء سينما اردنية، فالسينما العربية باتت تحظى باهتمام الكثير من متذوقي وعشاق السينما بارجاء العالم، معربا عن امله بأن تفتح السينما المستقلة المجال امام اصحاب المواهب في الاردن والمنطقة عموما الامر الذي سيولد الكثير من فرص العمل لطاقات في التمثيل والانتاج وتقنيات التصوير والصوت والاضاءة.
وأشار الى ان طاقم فيلم " ذيب" لم يكونوا اصحاب خبرة في التمثيل، لكن اقامة ورشة تدريبية متخصصة لهم ساعد في اطلاق طاقاتهم ومواهبهم في التعبير الادائي حيث عكس صدق الاحساس والمشاعر لديهم في تقديم منجز سينمائي مميز مثلما منحت بساطتهم صورة واقعية على مسرى احداث الفيلم.