القضية الفلسطينية متجدده وقابلة للتوارث
![القضية الفلسطينية متجدده وقابلة للتوارث القضية الفلسطينية متجدده وقابلة للتوارث](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/45079.jpg)
تحولت مواقع السفارات التركية في معظم أنحاء العالم الى ساحات تؤمها الجماهير التركية والعربية وجماهير هذه البلدان التي تحتشد بعشرات الألاف لتعبر عن شعورها إتجاه ما قامت وتقوم به جمهورة تركيا الإسلامية أزاء القضية الفلسطينية عامة وحصار قطاع غزة خاصة .
أصبحت الساحات المحاذية لمواقع السفارات التركية مقرات لتواصل المؤيدين للقضية الفلسطينية وللمواقف التركية التي تحولت الى أفعا ل تجسدت على ارض الواقع من خلال تجهيز اسطول الحرية في الموانيّ التركية ودعم القيادة التركية للسفن المشاركة في اسطول كسر عن قطاع غزة الذي تحاصره اسرائيل الصهيونية المغتصة لفلسطين وتمنع عن اهله الوقود والغذاء والدواء والمواد الضرورية لاعادة اعمار مادمرته آلة الحرب الصهيونية الأمريكية خلال العدوان الإسرائيلي ألأخيرعلى قطاع غزة .
الأيام الثلاثة الماضية تحولت ساحات العواصم العربية والعالمية الى ميادين مفتوحة تغص بالجماهير المؤيدة ل "اسطول الحرية " والمنددة بالتعنت الإسرائيلي الصهيوني تجاه قطاع غزة المحاصر . الآلاف من من مختلف الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة والحرة التي كشفت زيف الإدعاءات الصهيونية التي مارستها خلال القرن العشرين الماضي والتي تخلت عن دعمها للصهينة في فلسطين وتحولت الى مناصرة الفلسطينيين والعرب ، واصبحت معظمها تمتلك الوعي الجمعي في حالته الراهنة من خلال الإنفتاح الإعلامي الي يشهده العالم عموما .
جماهير التظاهرات الحاشدة التي يشهدها العالم هذه الأيام تتمتع بالوعي وتتناول القضية بمنظور مختلف بدلا من تكرار نفس التفسيرات المتوارثة والتي عفى عليها الزمن في عصر العولمة والتقدم التكنلوجي الكبير وهذا ما أدى الى ظهور نوع آخر من انواع النضال والتصدي للعدو الإسرائيلي الأمريكي وحلفائهما وهو المتمثل بالتواصل الإلكتروني كالفيسبوك وتويتروالتي نشطت خلال الأسبوع الحالي وتحولت إلى ميدان مفتوح لتأييد (أسطول الحرية) والتنديد بالسياسة الإسرائيلية اللاانسانية تجاه قطاع غزة المحاصر
. الآلاف من مستخدمي هذه المواقع، فتية وفتيات، من مختلف دول العالم العربي والإسلامي، لم تخل صفحاتهم الشخصية من عبارات التأييد الحماسية، والصور المعبرة عن القضية، والمتابعة اليومية لتحركات الأسطول. والذي يراقب هذه المظاهرات الإلكترونية التي يقوم بها هذا الجيل اليافع من مستخدمي الإنترنت يحار بين أمرين: الأول إيجابي، من حيث إنه يعكس اهتمام الجيل بما يجري حوله من قضايا إنسانية وانفعاله الجادّ بالشأن الدولي وحقوق الإنسان مما يؤكد على ان هذا الجيل يتمتع بوعي على الرغم من خشية أن يكون القليل من ابناء هذا الجيل الجديد قد وقع في فخ الشعارات نفسه الذي وقع فيه الجيلان اللذان سبقاه ولم يخرجا منه بشيء.
أسطول الحرية، بغضّ النظر عن التعامل الوحشي الذي مارسته إسرائيل ضده، وبغض النظر عن أية أجندات إعلامية أو سياسية تقف وراءه، هو من حيث المبدأ جهدٌ إنساني يهدف إلى تقديم مساعدات للمحتاجين من أهالي غزة وتوجيه اهتمام الرأي العالمي إلى الأوضاع المتردية للقطاع. وتفاعل الجيل العربي الشاب مع مشروع كهذا، ودعمهم لفكرته في حدود إمكاناتهم الإلكترونية، يدلّ على أن القضية الفلسطينية متجددة وقابلة للتوارث من جيل إلى آخر، مما يجدر به أن يبعث رسالة واضحة لصناع القرار الإسرائيلي الذين لم يقدموا حلولاً عادلة للقضية رغم قدرتهم على ذلك آملين أن يطمس الزمن قضايا التاريخ. والإيجابي في هذا التفاعل الشبابي مع الأسطول، من وجهة نظريّ، يكمن في أمرين: الأول، أنه تأ ييد شعبي لعملٍ تطوعي سلميّ، لا يحرض على القتل والعنف، حتى ولو كان ضد من مارسوا هذا القتل والعنف.
وهذا خطوة حضارية في التعامل مع القضية الفلسطينية تنبئ عن وعي متصاعد تجاهها، وتشير إلى تحوّل تدريجي نحو تحقيق النفع للمتضررين بدلاً من تأجيج الصراع الذي يطحن في رحاه من ربما لم يختر هذا الصراع ولا يريده. الثاني، أنه عمل عالمي في نطاقه ، لأن السفن جاءت من أكثر من دولة أوروبية وإسلامية وعربية. وإنساني في معناه لأنه ليس مكرساً لمساعدة رعايا دين أو عرق معين بل أي إنسان مظلوم ومحتاج، وذكي في أسلوبه لأن كان واضحاً ومباشراً وقابلاً للتداول الإعلامي على مستويات شعبية عادية لا حاجة معها إلى تفسيرات سياسية معقدة، وبالتالي يجذب الاهتمام العالمي تجاه القضية، ويحرج الجيش الإسرائيلي الذي يطبق حصاراً قاسياً على القطاع ليضمن عدم تهريب الأسلحة دون أن يطرح حلولاً لإدخال الغذاء والدواء دون أسلحة، رغم خبرته الطويلة في الحروب والحصارات وإدارة نقاط التفتيش.
بالرغم مما قامت به قوات ما يسمى بالكوماندوز الإسرائيلية في المياه الدولية بالعدوان على اسطول الحرية والإمعان بقتل المتضامنين المشاركين في حملة كسر الحصار عن قطاع غزة وخطفهم للسفن المشاركة فيه والتي تمثل مجموعة كبيرة من دول العالم . بالرغم من كل ذلك بإن اسطول الحرية قد حقق اهدافه المعلنة .