نوافد المثقفين
![نوافد المثقفين نوافد المثقفين](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/45425.jpg)
المدينة نيوز - الثقافة هي المخزون الحي في الذاكرة كمركب كلي ونمو تراكمي مكون من محصلة العلوم .. المعارف .. الأفكار .. المعتقدات .. الفنون ..الآداب والأخلاق .. القوانين ..الأعراف .. التقاليد .. المدركات الذهنية والحسية (الموروثات) التاريخية واللغوية والبيئية التي تصوغ فكر الإنسان وتمنحه الصفات الخلفية والقيم الاجتماعية التي تصوغ سلوكه العملي في الحياة.
مفهوم الثقافة يختلف باختلاف الزمان والمكان ، لنرى الثقافة تدخل أفق العالمية وتنشر ظلالها الصحية على البشرية في جميع أرجاء المعمورة.
ويميز البعض بين مثقف ساكن ومثقف متحرك، الأول لا دور له في مجتمعه ، والثاني ينهض بدوره في المجتمع، ومثقف منغلق ينتج ثقافة الجمود ، ومثقف منفتح ينتج ثقافة التجديد ، الأول يعيش خارج الزمن فمسيرته إلى التوقف ، والثاني يواكب الزمن ويعيش فيه فمسيرته إلى النمو، ويميز بين مثقف النخبة الذي يعيش بعيداً عن الناس ويتحدث بخطاب القلة أو النخبة فقط ، مثقف الجمهور الذي يعايش الناس ويتحدث بخطابهم خطاب الجمهور والكثرة، ويميز بين مثقف مستبد يتحول قلمه إلى رفض الآخرولا يتحدث الا بلغة الرفض والنفي ويمارس القمع ، ومثقف ديمقراطي يتحدث قلمه بلغة التعايش والتسامح ويمارس الحرية والعدالة..
أشار القدماء في السابق الى أن الشخص المثقف الذي يأخذ من كل علم بطرف، ومن كل واد عصا، بل كاد ينحصر المثقف في السابق في المثقف الموسوعي الذي يختزن في دماغه القدر الأكبر من المعلومات، ويجالس كبار القوم ويجلب البهجة والسرور الى مهجهم، ولا بأس من بعض العظة والعبرة عند اللزوم اذا كان ذلك لا يفسد اجواء المجلس.
وقد كسدت بضاعة هذا المثقف العريق في عصر الانفجار المعلوماتي الذي اصبح فيها جميع الناس يتلمسون أقرب مظلة تقيهم شهب ونيازك الأخبار التي لا تشيخ ولا تفتر، ومال علماء التعليم والتربية الى تعريف أدق وأكثر مصداقية للمثقف المعاصر بكونه " الفرد الذي يصل الى المعلومة الملائمة في أقصر وقت وأيسر جهد " . وإن كان التعريف السابق يطال الخطوط العريضة للمثقف الا إنه يغفل الفاعلية الأخلاقية والتي يترتب عليها أدوار لا متناهية تنتظر المثقف المعاصر ان يقوم بها، ولعل هذا الدور يخرجه من المنعطف التاريخي الذي يجعله يغادر دكاكين الوراقين وبلاط الخلفاء ، لينخرط في هموم ومشكلات مجتمعه ومحيطه. لم يعد المثقف المعاصر عبارة عن أرشيف متحرك يحمل ماطاب له من القصائد والمقالات، ويتحين الفرص ليملأ فمه بالجواهر والدرر، المثقف هو عملية جهاد طويلة " النفَس لإضاءة شمعة لأرواح المناطق المعتمة ".
المثقف هو المفكر... وهو طليعة المجتمع فكرياً واجتماعياً . هوالذي يثير الأسئلة المشروعة ، ويتبنّى قضايا المجتمع وهمومها ويكون صاحب رسالةٍ ثقافيةٍ وأجتماعيه، كذلك عليه أن يجابه آفات الواقع، أن يغرس روح التفكير العلمي في مجتمعه، وبأ ستطاعتة أن يهيأ أجواء سليمة وسلمية، كما يمكن له أن يخلق النزاعات والأمراض الأجتماعية. فكل ذلك يعتمد على التراكمات الثقافية وغاياته. وكذلك يعتمد البيئة الخصبة لزرع الأفكارالأيجابية ، وتوجيه المجتمع الجامد والرافض للمتغيرات الثقافية