كأس العالم والعطش العربي
لكم أنا حزين هذا اليوم,وكم أتلظى على فوهة الغُلب,والقهر,والعطش مع أولئك الذين عشقوا جلد الحيوان الذي يُسلخ كل أربع سنوات,وها هو يُسلخ اليوم كي يستحيل إلى كرة تتدحرج بين الأقدام السمراء,والصفراء,والبيضاء على ملاعب جنوب إفريقيا,لكم أنا حزين على الحيوانات التي اغتُصبت جلودها,وحزين على من تعلّق بالكرة ولا يُمكنه امتلاكها,وحزين على من لا يمكنه لا حظه ولا جيبه ولا رصيد حسابه ولا راتبه من مشاهدة مجزرة الجلد الحيواني البائس!.
حزين على أطفال جمعوا قروش العمر كي يبتاعوا بها بطاقة عبورهم لمجزرة الجلد الحيواني الي استفردت بها فضائية دون غيرها لأن للمجازر ثمن لا يمكن مشاهدة دمائها إلا إذا دفعنا الثمن!,أليس هذا زمن المجازر الرخيصة ذات الثمن المرتفع؟!.
أو لسنا العُشاق المفترضين لهكذا مجازر؟
أو ليست الكرة معشوقتنا؟,إذن فلننسى القدس الذبيحة,وقباب مساجدها,وكنائسها أيضاً,ولننسى دماء غزة وشواطئها المحرمة على ابنائها,ولننسى التوجيهي,وامتحانات الجمعة,ولننسى زوجاتنا وقبلهم أمهاتنا,ولننسى فواتير الهاتف الأرضي,والخلوي,والماء,والكهرباء وننسى حليب الأطفال,وننسى إطعام قططنا المنزلية,وننسى طائر الدوري الذي يتلظى عطشاً على أطراف نوافذنا والشُرُفات,ولننسى صلاة الفجر,والضهر,والعصر,والمغرب,والعشاء!,
فأي دين هذا جديد يفرض علينا القيام طوال زمن مباريات قد يطول أمدها إلى شهر سينتهي بفوز من أحسن بركل كرات الجلد الحيواني أكثر!.
يا هؤلاء,يا من تعشقون "الطابة " انا مثلكم أحبها لكنني لست مثلكم مولع بما تحققه الأقدام,بل مولع بما تُحققه العقول في زمن باتت فيه مجرد كرة غرفة إنعاش كاذبة لأرواح تبحث عن الحياة دون جدوى,عطشى ولا يروي ظمأها سوى الكأس الذي سيرتوي به غيرنا على الرغم من أننا
نشرب إن وردنا الماء صفواً ويشربُ غيرنا كدراً وطينا !.