قراءات في مذكرات السيرة الذاتية للدكتور " محافظة" في مكتبة الأردنية

المدينة نيوز :- عرض أكاديميون وأدباء ومؤرخون لمفاصل تاريخية ومراحل أساسية في حياة الأستاذ والقيادي الأكاديمي الدكتور علي محافظة خلال الندوة الحوارية التي تناولت سيرته الذاتية في كتاب مذكراته والتي حملت عنوان " ذاكرة الأيام".
وأجمع المشاركون خلال الندوة التي نظمها المنتدى الثقافي في مكتبة الجامعة الأردنية أن محافظة جمع إرثا تاريخيا حافلا وموثقا بالأحداث التي عصفت بالدولة الأردنية خلال حقب مختلفة، مؤكدين أن مذكراته ما هي إلا خلاصة تجربة جماعية لذاكرة شخصية تقاطعت مع الذاكرة الجمعية المحلية والعربية والاقليمية والعالمية لما حفلت به من أحداث وروايات حقيقية عاشها الجميع في محطات أيامه.
عن دار الشروق في عمان صدرت المذكرات التي تقع في جزءين ؛ الأول نشر في عام 2011، والثاني عام 2012، وضمت جملة من العناوين منها: كفر جايز النشأة الأولى، والتعليم في الكُتّاب، والالتحاق بالمدرسة، وحفل الاستقلال في عمان وزيارة القدس، وامتحان شهادة الدراسة الابتدائية، بقايا من الذاكرة في القرية، والدراسة الثانوية، وبداية الوعي السياسي، إلى جانب انفصال سورية عن مصر، والمعونات الألمانية للأردن، والحياة الدبلوماسية في الجزائر والقاهرة والسفر الى لندن ومناقشة أطروحة الدكتوراه في باريس وغيرها.
محافظة في مداخلته تحدث عن فلسفته في كتابة مذكراته مؤكدا أن الدافع الرئيسي سؤال أبنائه المتكرر عن أدق تفاصيل مشوار حياته منذ نعومة أظفاره، وعن البساطة التي غلفت أجواء قريته " كفر جايز" في محافظة اربد والمواقف التي واجهها خلال دراسته وأسفاره، وما طرأ من تطورات رافقت تلك الفترة والفترات اللاحقة، مشيرا إلى رغبته الدفينة في ضرورة أن يعرف أبناؤه وأبناء الجيل الذي ينتمون إليه ماذا حصل في الأردن وكيف تغيرت وتطورت أحوال المجتمع فيه ليكونوا على اطلاع ودراية بتاريخ وطنهم الذي ينتمون إليه.
وأوضح أن المذكرات تناولت في فصولها جوانب متعددة من حياته الشخصية وأجواء قريته الاجتماعية التي تنسحب على باقي قرى ومناطق الأردن، وما واكبتها من تحولات سياسية وتعليمية دفعت به إلى الارتقاء والتقدم والتطور.
الأكاديمية والكاتبة والصحفية الدكتورة هند أبو الشعر أشارت في بداية حديثها إلى أن الكاتب استند في كتابته لأجزاء من مذكراته إلى التوثيق بشكل يومي في كتابته للأحداث إلى جانب اعتماده على الذاكرة في أجزاء أخرى، مؤكدة أن محافظة كان يعي تماما أنه سيكتب مذكراته للملأ الأمر الذي دفعه لتوثيق أدق يومياته لمعرفته بقيمة التوثيق كقاعدة منهجية.
ووقفت أبو الشعر في عرضها على تفاصيل دقيقة وجميلة غلفت الزمن العتيق الذي عاشه محافظة في قريته أيام الطفولة مستعيدة بذلك جملة من الأحداث التي جاءت موصوفة بدقة متناهية من قبله أبرزها التحاقه بـ "الكتّاب" وتوثيقه لأسماء العاملين به، ومن ثم التحاقه بالمدرسة وقدوم اللاجئين الفلسطينيين، والأمراض التي أصابت الأهالي في ذاك الزمن، وأساليب المقايضة التي كان يتعامل بها ابناء قريته آنذاك، وعن الأفراح وألعاب الأطفال، دراسته الثانوية، وتجربة الطالب الجامعي في التدريس في دمشق والتحديات التي واجهها وغيرها الكثير، مؤكدة أن المذكرات تستحق أن تكون بحق خيرمرجعية للتاريخ الاجتماعي.
في حين أضاف أستاذ التاريخ في الجامعة الأردنية الدكتور ابراهيم الشرعة في مداخلته عددا من المفاصل التي استوقفته في حياة "محافظة" كانتسابه للعمل الحزبي، والدبلوماسي والإداري والأكاديمي، مشيرا إلى ان الكاتب استند في كتابته للأحداث إلى العلمية والمنهجية والصراحة في تدوينها ونقلها، وإطلاقه للأحكام بمنتهى الموضوعية ودون تحيز.
وكان مدير المكتبة الدكتور مهند مبيضين وفي بداية الندوة قدم "محافظة" قائلا : "إن محافظة من جيل زامن الدولة والإمارة والمملكة، نضارة روحه ظلت وستظل قادرة على أن تنبت لها في كل الأجيال صداقات جديدة راسخة وبقية، صفته المركزية كمؤرخ أدار حولها بلباقة مزايا أخرى في شخصيته:البحبوحة، والرضا والجرأة في الموقف".
وأضاف مبيضين أن اللقاء الذي يجمعنا اليوم بـ "محافظة" يدور حول شخصية فذة لا تلين ثابتة على المواقف القومية والعربية والوطنية على حد سواء لا تنجر وراء المغريات والأهواء، بل هو مؤرخ جاد وحيادي قضى سنيّ عمره في البحث والتنقيب عن الحقائق التي أفرد لها في مذكراته مساحة لا يستهان بها.
وفي ختام الندوة التي حضرها جمع من الأدباء والمفكرين والأصدقاء، دار حوار موسع، تناول في مضمونه محاور مختلفة طالت عناوين المذكرات وما واكبها من أحداث ومجريات، كما أجاب محافظة على جملة من الأسئلة التي طرحت عليه من قبل عدد من أصدقائه في دول أوروبا وبريطانيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة.