الانتخابات تفرز قوة المجتمع

تم نشره الثلاثاء 15 حزيران / يونيو 2010 02:40 مساءً
الانتخابات تفرز قوة المجتمع
خـلـيـل فـائـق الـقـروم

تعتبر الانتخابات مؤشرا سليما على التحول المجتمعي والتطور الديمقراطي الذي تمر فيه المجتمعات وتتقدم من خلاله الشعوب، فهي تتيح للمواطن حرية التعبير في اختيار من يمثله أو من ينوب عنه في التعبير عن مصالحه والدفاع عنها، وتبين قدرته على ممارسة دوره الفعال في عملية الإصلاح والتغيير, وانها البوابة الديمقراطية التي تدعم نظام الحكم في أي دولة وتنظم أمورها، فعبرها تقر حقوق الأفراد وتستقر شؤون حياتهم وترتقي بنوعية أدائهم وتطور إسهاماتهم في المؤسسات العامة والخاصة.

وهي أنجع وسيلة لتحقيق أي تغيير سياسي أو إنجاز تنموي يتصل بالحركة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي ضمان لكل فرد في المجتمع في أن يمتلك الحق في الرفض والإيجاب لمن يمثله أوينوب عنه، وذلك من خلال الانتخاب لانه حق لا يمكن انتزاعه من المواطنين نظرا للأخذ بمبدأ السيادة الخاصة بالدولة، والانتخاب هو إحدى الطرق لممارسة هذه السيادة. ولهذا فإن ممارسة أو عدم ممارسة هذه الصلاحية تعود للفرد، هو حر في أن ينتخب أو لا ينتخب. كما لا يجوز وفقاً لهذه الرؤية حرمان أحد ما من ممارسة دوره وصده عن الإدلاء برأيه تحت أي تبرير كان عدا شرط الأهلية أو السن أو الجنسية.

الانتخابات وسيلة لتحقيق الهدف وليست غاية، وهي وسيلة من وسائل العمل الديمقراطي، تعول عليها الدول المدنية الحديثة كثيرا على أنها طريق للإصلاح السياسي، والمشاركة السياسية هي الحد الفاصل بين الدولة «دولة المواطنة» بين المؤسساتية وبين التعددية السياسية والتنمية البشرية، ومن أبرز مقوماتها هي المشاركة السياسية في الحياة العامة في مختلف جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حيث أن المشاركة السياسية ليست حقا من حقوق المواطنة فحسب، بل هي عنصر بنائي في التنمية البشرية " هي عملية توسيع خيارات البشر " الذي يرتب أولوية مطلقة لإعمال حرية الاختيار بين بدائل متاحة، الأمر الذي ينطوي بدوره على مركزية الحرية في التنمية، وتقوم عملية التنمية على بناء القدرات البشرية الممكنة من التوصل إلى مستوى إنساني راق، وتوظيف الكفء للقدرات البشرية في جميع مجالات النشاط الإنساني المتمثلة في الإنتاج ومنظمات المجتمع المدني والسياسة.
وتلعب الانتخابات دور كبير ومهم في خلق النضج السياسي والوعي الفكري بشكل متبادل بين المواطن وبين من ينوب عنه ويمثله أي بين "المرشح والناخب "، فهي تدفع الطرفين تجاه العمل المشترك لتبني إستراتجيات وخطط تنموية لصالح الوطن ولصالح الأجيال وبناء المستقبل. وإن استمرارية التطور الاجتماعي كفيلة بمنح دافعية للأفراد وبشكل حتمي نحو العمل على تطوير وتكرار التجربة، فكلما كانت الانتخابات نزيهة وسليمة كلما انعكست نتائجها وآثارها الإيجابية على المجتمع، وإذا كانت عكس ذلك فهي قد توظف لتكريس الواقع الاجتماعي والسياسي المتخلف فيخسر الجميع ويخسر الوطن، هذا تنبيه ليعي كل فرد قيمة دوره وأهمية مشاركته بالإدلاء بصوته في ممارسة أي إجراء ديمقراطي قائم أو قادم، وأن ذلك أصبح مطلباً ضرورياً وملحاً لضمان العدالة وتحقيق المساواة في تمثيل كافة التوجهات والقوى السياسية، بما يؤدي إلى توسيع عملية المشاركة السياسية وتطوير التجربة الديمقراطية على أرض الواقع.
طبيعة أي انتخابات يتم التعرف فيها على السياق المجتمعي الذي تتم فيه العمليات الانتخابية بأبعادها المختلفة، كون هذا السياق يحتل أهمية خاصة في فهم طبيعة المشاركة في العمليات الانتخابية وتطورها والنتائج التي تفرزها، ففيها قوة اعتبارية ومعنوية للمرشح، وفيها تقاسم للسلطة على القرارات السياسية بين القوى المتباينة في المجتمع، وفيها رقابة لأن المرشح يكون على مقربة من السلطة صاحبة القرار، مما يتيح له الفرصة لمراقبة صانعي القرار على كل المستويات للتأكد من التزامهم بمصالح المجتمع.
وفي ذات الوقت هناك متابعة ومحاسبة فهو أيضا مؤتمن ومحاسب عند تجاهله لمصالح القوى التي منحته الثقة وجعلته يمثلها ويعبر عنها، وفي كلا الأحوال تعتبر الانتخابات آلية الحسم القاطعة بشكل عام لكافة التناقضات القائمة في المجتمع بصورة سلمية وصحيحة .
بما ان الديمقراطية فن من الفنون السياسية فعلينا جميعا أن نمارسها بشكلها الصحيح لحماية أمن واستقرار وخيرات هذا الوطن من خلال تهيئة الظروف المناسبة التي تجعلنا نسخر كافة إمكاناتنا ومواردنا لحمايته والمحافظة عليه لأنه أمانة مودعة في أعناقنا فهلا نصون الأمانة وهل نحن أهل لذلك؟

Kfg_81@yahoo.com



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات