الغضب المغربي ضد بان كي مون.. الدلالة والتداعيات
المدينة نيوز - : لم يكن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يتوقّع أن يجرّ على نفسه كل هذا الغضب المتصاعد رسميا وشعبيا في المغرب وهو يقول للصحافة المحلية بالجزائر إنه "يتفهم غضب الشعب الصحراوي تجاه استمرار احتلال أراضيه" وذلك خلال زيارته الأخيرة لمخيم للاجئين الصحراويين بمنطقة تندوف.
ولم يقف الحدّ عند اتهام رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران لبان بالتخلي عن الحياد وتشجيع الكيانات الوهمية، كما لم يكتف المغرب بعقد برلمانه دورة استثنائية تخصّص فقط لهذا الملف وتدعو المجتمع الدولي إلى "تصحيح الانحراف الذي تعمده الأمين العام للأمم المتحدة الذي يقوّض مسلسل التسوية ويدفع المنطقة نحو المجهول".
بل إن عموم الشعب المغربي خرج الأحد في مسيرة حاشدة جابت شوارع الرباط تنديدا بهذه التصريحات واتهاما لبان بالانحياز، مردّدين النشيد الوطني المغربي ورافعين لافتات تؤكد تشبثهم "بمغربية الصحراء" واستعدادهم لفداء الوحدة الوطنية بأرواحهم.
خلفيات الغضب المغربي يجد لها أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول في وجدة خالد الشيات مبرّرات منها أن حديث المسؤول الأممي عن مصطلح الاحتلال يعطي شرعية للجوء جبهة البوليساريو إلى حمل السلاح، كما أن حديثه عن عدد معيّن للاجئين في تندوف ينقُض مطالب المغرب بإجراء إحصاء شامل لهم.
انعدام التوازن
ولذلك فإن هذه المسيرة بهذا الحجم يرى الشيات أنها توصل للمسؤول الأممي رسالة مفادها أن انعدام التوازن الذي ميّز تصريحاته في الزيارة الأخيرة يجب أن يصحّح من خلال مضامين تقريره المرتقب أمام مجلس الأمن في أبريل/نيسان القادم، كما تحثه على أن يتحمل مسؤوليته عندما يتعلق الأمر باحتمال اندلاع صراع مسلح في المنطقة، وهو احتمال يرى الشيات أن المشاركين في المسيرة عبّروا عن استعدادهم له.
من جهته يعتقد أستاذ القانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش إدريس لكريني أن المجتمع الدولي سيلتقط رسائل عدة من مسيرة الرباط، منها أن ملف الصحراء ووحدة المغرب الترابية ليست قضية رسمية فقط، بل إن لها امتدادات وازنة وعميقة داخل المجتمع المغربي، فضلا عن كونها أعادت إلى الأذهان أجواء المسيرة الخضراء التي وحّدت صفوف المغاربة، حسب تعبيره.
ويقول لكريني إن الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن والدول المؤثرة لا يمكنها أن تسمح بانحراف ملف الصحراء عن المسار الذي رسمته له القرارات الأممية على مدى السنوات الماضية لأن المنطقة ليست بحاجة إلى مزيد من النزاعات وفتح جبهات مكلفة بالنسبة للمنطقة المغاربية والمتوسطية على السواء بالنظر إلى تنامي ظاهرة الإرهاب في المنطقة وما يمثله من تهديدات متصاعدة.
توقعات
وتوقع لكريني في حديثه للجزيرة نت أن تؤكد قرارات مجلس الأمن القادمة على التفاوض وأن تجدّد إشادتها بالمقترح المغربي مع التأكيد على توفير الأجواء الإقليمية والدولية للوصول إلى حل، "ولهذا لا يمكن أن ينحرف مجلس الأمن عن هذا المسار لمجرّد تصريحات صادرة عن موظف لدى الأمم المتحدة وظيفته هي التنبيه إلى ما يهدد الأمن والسلم الدوليين"، وفق ما يقول المتحدث ذاته.
وتتجاوز تداعيات مسيرة الرباط البعد المحلي لتوجّه كما يقول الباحث في العلاقات الدولية أحمد نور الدين رسالة جماهيرية إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة والعالم مفادها أنه إذا كان الحفاظ على السلم والأمن العالمي من أولويات مجلس الأمن فإن المغرب بما فيه أقاليم الصحراء هي المنطقة الوحيدة في الساحل والصحراء والمنطقة المغاربية التي تعيش في أمن وسلام واستقرار بخلاف ما يقع ببعض دول المنطقة.
ويضيف نور الدين للجزيرة نت "إن حل الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يحفظ للجزائر التي مولت وسلحت البوليساريو ماء وجهها، ويمنع حربا طاحنة في المنطقة قد لا تبقي ولا تذر"، وفق تعبيره. الجزيرة