البعد الأمني الإسرائيلي في المعادلة الفلسطينية
![البعد الأمني الإسرائيلي في المعادلة الفلسطينية البعد الأمني الإسرائيلي في المعادلة الفلسطينية](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/46424.jpg)
منذ أن أعلنت الصهيونية العالمية قيام دولة إسرائيل فوق تراب فلسطين الوطني ، مرتكزة على وعد ورقي مكتوب قدم من وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بلفور للرأسمالي الصهيوني المتنفذ ليونيل وولتر دي روتشلد شتاء 1917م أحد الدائنين الكبار لميزانية حرب بريطانيا آنذاك ، على قاعدة لا تتوافق مع الحق والقانون والمنطق ( فلسطين دون شعب ، لليهود دون أرض ) ـــ مع ملاحظة أن هذا الوعد قد جاء بعد نجاح التغلغل الصهيوني إلى فلسطين وتمكنه من إقامة مجموعة من المستوطنات المبعثرة فيها ، وترجمة للتعهدات السرية السابقة التي أعطيت لليهود وللقوى الصهيونية مقابل وقوفها إلى جانب بريطانيا والحلفاء بالحرب العالمية الإولى وفي المستقبل ـــ والذي أباح ليهود العالم القدوم والإستيطان في فلسطين دون الإستناد على أية حقوق شرعية أو قانونية ، ومن ثم ارتكازها على القرار الأممي رقم 181لسنة 1948م والمعروف بقرار تقسيم فلسطين بين العرب واليهود ، وهو القرار بذاته مع عدم شرعيته الذي يفند وعد بلفور والإساس الذي أعطي وقام على إساسه ، حيث الإعتراف الأممي الضمني أنّ الشعب الفلسطيني هو الإصيل الموجود والذي له الحق بأرضه ووطنه ، في حين أنّ الوعد كان ادعى بأن فلسطين هي أرض بلا شعب ، وأنّ الطرف الدخيل الذي لا أرض بالإساس له هم اليهود والصهاينة القادمين إلى فلسطين من إثنيان وأصقاع مختلفة ، وأعطوا جزءا من الأرض بتداخلات وإرهاصات ومؤامرات وضغوطات دولية ويهودية كبيرة وكثيرة ومتشعبة ، فمنذ إعلان قياد دولة إسرائيل وهي تعتمد على البعد الأمني بالتعامل مع حيثيات القضية الفلسطينية ومساراتها ومراحل تطورها ، وحتى خلال فترات انكماشها .
ومنذ انسحاب القوات البريطانية من القسم الفلسطيني الذي أعطي لليهود بموجب قرار التقسيم المذكور ليقيموا عليها دولتهم الهلامية ، مارست العصابات الصهيونية شبه العسكرية ومليشياتهم الإرهابية سلسلة من المجازر ضد الوجود والتواجد الفلسطيني في عموم فلسطين بهدف دفع شعبنا الفلسطيني للنزوح للداخل أو للهجرة إلى خارج فلسطين ، وهو ما حققته سلسلة المجازر الصهيونية والتي كان من أفظعها وأخطرها مجزرة دير ياسين التي وقعت فصولها وأحداثها المأساوية ضد الإنسانية الفلسطينية يوم 9 / 4 / 1948م .
وحتى بعد توقيع إتفاقيات الهدنة ودخول النكبة الفلسطينية مرحلة الأمر الواقع داخل فلسطين وخارجها ، قامت إسرائيل بسلسلة من المجازر ضد الوجود والتواجد الفلسطيني بهدف الإنتقال للمرحلة الثانية من دفعه لمغادرة وترك وطنه وأرضه ، كان من أخطرها مذبحة السموع بالقرب من الخليل والتي حدثت أحداثها وفصولها يوم 13 / 11 / 1966م وألحقت دمارا واسعا بالقرية ومبانيها وأسفرت عن جرح واستشهاد أكثر من 150 مدنيا فلسطينيا بينهم مجموعة من الجنود الأردنيين المدافعين عن القرية ، بحجة الإنتقام من منفذي إحدى العمليات الفدائية ، حيث كانت هذه المجزرة مقدمة وتجربة لحرب حزيران 1967م ذات الأهداف الأمنية والإستراتيجية ، والتي كان من بين أهدافها إحتلال إسرائيل لكامل التراب الفلسطيني بما فيها القدس ، ومحاولة إجهاض حركة التحرر الوطني الفلسطيني .
وحتى بعد تمكن دولة إسرائيل من احتلال كل فلسطين إستمرت تعتمد على العنصر والبعد الأمني في صراعها مع شعبنا الفلسطيني وثورته وقيادته ، هاربة للأمام من مسؤولياتها الدولية التي أحدثه قيامها واحتلاها لكل فلسطين ، وقيامها أولا بتهجير طائفة من شعب فلسطين إلى داخل فلسطين وخارجها ، ثم قيامها مجددا بطرد طائفة أخرى من أبناء شعبنا إلى خارجها ، فقد قامت بعدة محاولات مسمومة ومسعورة كانت كلها تهدف للخروج من المعادلة الفلسطينية ولطمس وإنهاء القضية ، تمثلت بسلسلة من الهجومات ضد الوجود والتواجد الفلسطيني في أرض الشتات ، كان من أخطرها الإجتياح الإسرائيلي للبنان 82 ، وما نتج عنه من ظروف مأساوية وواقع حال جديد دفع بالقيادة الفلسطينية للتفكير جديا بكيفية إدخال الصمود والمد والمواجهة الجماهيرية مع الإحتلال حيّز التنفيذ ، حيث نجاحها بإشعال الإنتفاضة الفلسطينية الجماهيرية الإولى نهاية العام 1987م ، والتي كانت اقتربت من تحقيق أهدافها بالحرية وتقرير المصير ومن النصر على دولة إسرائيل ، لولا الظروف الدولية والإرهاصات والخلافات العربية التي صاحبتها نتيجة حرب الخليج الثانية 1991م ، وذيول وآثار الأولى ، وانطلاق قطار السلام بالشرق الأوسط بعد خروج العراق من المعادلة الدولية والإقليمية ، وما أحدثه ذلك من صراعات وخلافات فلسطينية داخلية نتيجة الصراعات على البرامج والأساليب ، وما تبعها من تبعات جسيمة وأضرار ألحقتها أحداث سبتمبر 2001 بالموقف العربي والعالمي وارتداده على القضية الفلسطينية ، التي كان المستفيد الوحيد من أحداثها إسرائيل والخاسر الوحيد بسببها الطرف الفلسطيني الذي وصم ووصف نضاله وصموده وتصديه بعدها بالإرهابي .