امــرأة غريبة الأطــوار ؛ تـُـقـدّم لي مـَهــْـراً قيمته 5 مليـار دولار !!؟؟
في جو بارد شهد غزارة أمطار ، وبعـد انهائي آخر يوم لي في الإختبار ؛ وقـفـْتُ انتظر حافلة توصلني الـدَّار، ، وبينما أنـا في الإنتظار؛ توقــَّـفت أمـامي ســيارة مُصـفــَّحة ضدَّ الرّصاص والنـّـار ؛ تشبه تلك السـيارات التي يركبها المشاهير والزعماء الكبار.
نزلـَتْ منها امرأة مـُسـِنـّـة يميل لون بشرتها نحو الإسمرار ، يتوسـّـط وجهها منخـار؛ قريب الشبه من حبة الخيار ، شكلها جعلني أعتقد أنها ربما قد تكون قادمة من ساحل العاج أو زنجبار .
تقدّمت نحوي بضعة أمتار؛ وعلى لسانها سؤال واستفسـار، وقالت لي بكل احترام ووقار : هل لك أيها الشـّـاب المغوار ؛ أن تدلـّـني على قصـر لختيار؛ اسمه الحاج أبــو منقار ؟
فـدَلـَـلـْـتـُها على المكان باختصار، لكنها ارتبكت وادّعـت بأنها قد تـُخطىء الطريق الى العنوان المُــشـار، وأنها قد لاتستطيع أن تستدّل لوحدها على قصـر الختيار ؛ فطلبَتْ منـّي أن أرافقها كي أدّلها على المكان المختار، وتعهَدت أن تقوم بعدها بإيصالي الى الــدَّار .
وبعد تردّد طويل لفت كل العيون والأنظـــار؛ وافقـْتُ على مضض بأن أركب معها في الجوار؛ وخاصة بعد أن ألحـّـت في الطـّـلب وبالغَـت في التـكرار؛ فأشفقت عليها وخاصة بعد أن رأيتُ في عينيها كل علامات الإصرار!!؟ لأنه ليس من عادتي أن أثق بإنسان لايوجد لي به سابق معرفة أو حـــوار .
وبينما نحن في الطريـق الذي لم تـُغيـّـر فيه اتجاه المسـار ؛ قامت وأخرجت من جيبها قطعة سـيجار، ثم أشعلتها وجعلت الدُّخـَّـان ينتشــر في السيارة انتشــار ؛ وكأنه دخـانٌ يخرج من مدخنة قـطـار.
ثم بدأت تســألني عن امتحاناتي و نتائج الإختبار؛ فأجبتها عن أسئلتها بكل شفافيـّـة بدون اجبـار، وعـرّفـْـتها أيضاً بإسـمي وعن مكان الـــدَّار، وأخبرتها بأني أسكن بيتاً متهالكاً بالإيجـار؛ في عمارة قديمة متصدَعة مـُعـرَّضة للإنهيـار.
ثم قامت بتعريفي على نفسها بكل فخـر وافتخار؛ قائلة : إن اسمها " أنـــوار " ، وأنها واحدة من كبـارالتـّجـار، وأنها تتاجر في كل الممنوعات التي يُحـبـِّها الصـّـغار والكبار، وأنها تملك المال والجاه والعـقــار، وأن لهــا أرصـدة بنكية ضخمة بالمــارك واليــورو والــدولار، وأنها تـتـنقــَّـل بين عدة قصور مزروعة بكافة أنواع الأزهـار والأشجار، وأنها تأكل يومياً جميع أصناف الفواكه والخـُضار، وأنه يقوم على خدمتها جيش من الخـدم والحشم من كافـة الأقطــار، وأنه يحرسها آلاف الحراس عند البوابات وفوق الأسوار، وأن لديها طائرات خاصة موجودة تحت امرتها على أرضيـّة المطار؛ تسافرفيها وقتما تشاء الى كل الدِّيـــار.
ثم نظـرَتْ اليّ نظرة كان فيها حزن وانهيار، وقالت بكل حسرة وانكسـار: إنني وعلى الرغم من كل هذا العـز والثراء الذي يثير في النفس الدهشة والإنبهار؛ إلا أنني محرومة من السَّـعادة والراحة والإســتقرار!!؟؟
ولهذا فإني غالباً ما أقضي معظم وقتي وأنا أبحث عن زوج مخلص مغـوار؛ يـُؤنس لي وحدتي في الليل والنهار، ويمنحني حـُبـًّـا وحناناً واســتقرار!!؟؟ لأنـِّي أعيش وحيدة أنتظر وصول القـطـار؛ بعد أن خـلـعـْتُ زوجاً سـكـِّـيراً وغـدّار؛ سـرق منـّي مليار دولار؛ فـــرّ بها وطـار ، وخسـرها فيما بعد في العربدة والمجون ولعب القمـار .
فقلت لها : ماعليك يا " أنوار" ؛ سوى الصـّـبر والتـّحـمـّـل والإنتظار ؛ إلا أنها قاطعتني بصوت عالٍ كأنه لـُغـْـمٌ حدث له انفجار، قائلة : إنـّي لم أعـُدْ أطيق البقاء على هذا الحال من الإنتظار.
ثم قالت بعد أن أبْدت لي التأسُّــف والإعتذار : يبدو عليك يا " عبدالله " أنك من الشَّـباب الطَّـيـبين الأطهار؛ الذين يؤمنون بالله الجبـّـار، ولا أعتقد أنك سترفض لي قرار؛ لو طلبت فيه الزواج منك في الحال بدون تأخير ولا انتظار !!؟؟
فقلت لها باستغراب وانبهار؛ وقد قاربنا على منتصف المشـوار: لقد فاجئتيني صراحـة بهذا القــراريا " أنوار " ، ويؤسفني اعلامك بأنه ليس من السـُّـهولة أن أقبل الزواج من امرأة تشـتريني بما لديها من قصــور ومــال وعقـار !!؟؟ لأن طلبك هذا لايُسـمِّى زواجاً عند الأحـرار !!؟؟ لكونه بالنسبة لي يعتبر شكلاً من أشكال الإستعباد والإستعمار !!؟؟
ولأنه طلب أشـبه مايكون بصفقة تـُجـَّـار ؛ يعقدها أحـد التـُّجـار ؛ لكي يفرض على غيره أحد أنواع الحصـار، فضلاً عن وجـود فـارقٍ كبيرٍ في السـِّن بيني وبينك يبلغ طوله آلاف الكيلومترات والأمتار؛ لـو قـُـمنا وتفحـَّـصناه جـيـّـداًً بالمنـظــار !!؟؟.
فقالت : يا " عبدالله " ، يامن استحوذت على كل مشاعر وأحاسيس " أنـــوار" !! إن رفضك لي ولأموالي الكثـار؛ يجعلني انظراليك بكل اجلال واكبار، ويؤكد لي بأنك ذلك الـرجل الذي يسـتحـق أن أمنحه قلبي وعقلي وكلَّ ما أملكه في بنوك المال والإسـتثمار؛ التي أستطيع أن أغطي بها قارات العالم وما فيها من محيطات وأنهار وبحار .
ولهذا أرجو منك أن تعيد النـّـظر وأن تفـكـّـر في مستقبل جميل كـُـلــُّـه شروق وإزدهار، وألاََ تسـتعجـل برفض هذا الخـيـار، وألا تنظرالى طلبي هذا باستهتار !!؟؟
فصحيح إني قد أكون في عينيك امرأة غريبة الأطوار، وصحيح إني قد لا أكون أعرف الفرق بين الفقــّـوس والخـِيار، وصحيح أن وجهي مرعبٌ قد يـُخيف الصّـغار والكبار !! على الرغم من كل عمليات السِّـيليكون والتجميل التي أجريها يومياً في الليل والنهار .
لكني على استعداد تام بأن أقـدّم لك مَهراً قيمته 5 مليـار دولار، وأطلب يدك في الحال من أهلك الأخـيـــار، واتعهد بأن أجعل حياتك جـنة وارفة الظـِّلال تجري في أراضيها الأنهار، تحوم حولك فيها الشمس والنجوم والأقمار.!!؟؟
لكوني قادرة بإذن الله أن أبعد عنك كل المضـار والأضرار، وأن أحافظ عليك من الأشـرار، وأن أعلـّـمك كلّ فـنون الكار، وأن أطلعك على جميع الأسـرار؛ التي تجعلك تصبح من أغنى وأكبر التــّجـار .
والأهـم من كل هـذا وذاك يامـن أشعلت في قلبي نـار؛ ســأوصي لك بثورة طائلة تتجاوز 15 مليار دولار؛ قبل أن يصلني "عُـزرائيل" ويقبض روحي الواحد القهـّار !!!!.
فقلت لها : دعيني أفـكـِّـرْ مرة أخرى في هذا القــرار!!؟؟ لأن هذا الموضوع بالذات محفوفٌ بالأخطـــار، ويجب أن آخذ فيه الآراء وأرتـَـب له بعض الأفكار.
واعداً إيَاك يا " أنـوار" ؛ بأنـّي سأقوم بإعطائك جـواباً شافياً يُهدِّىء لك أعصابك المصابة بالتوتر والإنهيار ؛ بعد أن أكتب مقالاً هــاماً أسـتشـير فيه القـرَّاء الـشـُّـطـَّـار ؛ الذين يملكون الحكمة والخبرة في اتخاذ مثل هكذا قـــرار.
فقالت لي بكل لهفة واصـرار: اسأل كما تشاء يامعشوق " أنـوار " ، وسأكون في انتظار ردِّك على نــــار؛ لكن كل ما أرجوه منك ألا تُسمعني ردّاً قاسـياً يصيبني بالإنشطار والدّمـــار ؛ حتى لا تقودني الصـّـدمة نحو الإنتحـار .
والآن بعد كل ماحدث معي وصار ؛ أرجو منكم أن تتكرّمـوا عليَّ برأيكم ياشـُـطار!!؟؟ حتى لاتـظل المليارديرة أنـوار ؛ تعاني الوحدة والعــذاب ولهفـة الإنتظـار، وحتى تستطيع اللــّحـاق مـرة أخـرى بالقـطــار، وحتى لا تفـكـِّر لاسمح الله بالإقدام على الإنتحــار.
شاكراً لكم سلفاً مشاركتي في صُـنع القـرار .