مؤشر المشاركة في الانتخابات النيابية

يبدو واضحا ان اتجاها واحدا يحكم الوضع الداخلي في الاردن فيما يتعلق بشكل الاصلاح السياسي تبلور ضمن غرف مغلقة بعيدا عن النقاش والاجتهاد وانحصر في تكثيف الجهود الحكومية والاعلامية لاخراج عملية انتخابية يحشد لها بشكل ملفت وفي بعض الاحيان مستفز لجهة ترسيخ اعتقاد ان مشاركة المواطنين في الانتخابات النيابية القادمة دليل على صدق نوايا الحكومة في تحقيق اصلاح سياسي مطلوب .

الا ان النخب السياسية ترى عكس ذللك ، لاسيما لأفتقاد هذه الانتخابات لروافع اخراج عملية اصلاح سياسي مأمول ، وتقول ان الانتخابات وبالرغم من اهميتها ، واهمية وجود مجلس نيابي يعتبر جزء أساسي من اركان الدولة الاردنية وكسلطة اساسية من السلطات الثلاث التي يقوم عليها النظام السياسي الاردني بموجب الدستور ، الا انها جزء من مصفوفة الاصلاح السياسي وليست كلها .

وتعتمد في رؤيتها تلك ، على أن مخرجات العملية الانتخابية ستكون بالتأكيد نتيجة لمدخلات اسس لها قانون الانتخاب المؤقت ، والذي يعتمد على ترشيح النائب بصفته الشخصية وبالتالي فإن رؤيته الفردية لن تصل لمرتبة صياغة منظومة اصلاح سياسي ، تحتاج بالضرورة الى برامج وعناوين عريضة لايمكن لشخص ان يحملها او تكون له قوة التأثير في السياسات الحكومية ، كما لو كانت هناك قوائم حزبية وقوى مجتمع مدني تأتي للمجلس لتنفيذ برامجها وافكارها والاشتراك مع الحكومة في ايجاد قواسم مشتركة بين خطط الحكومة وبرامج تلك الاحزاب بشكل يؤدي لتكامل الرؤيا السياسية لمكونات القوى السياسية ، وتشكيل جبهة معارضة سياسية وليست معارضة كلامية تقف مع الحكومة على مسافة واحدة من تحقيق المصلحة العامة ، وتتخذ من تراكمية خبرات الجانبين رافعة لتحسين واقع المجتمع ومعالجة قضاياه الاقتصادية والاجتماعية وردم الهوة ما بين الشعارات ومدى امكانية تطبيقها والحصول على النتائج المأمولة .

اذا فإن الامعان في حصر الجهد الحكومي في تصورها للاصلاح السياسي بمدى قدرتها على تحشيد اعدادا ضخمة من المواطنين للمشاركة في الانتخابات النيابية ، ليست النتيجة التي ستحقق الاهداف المرجوة ، لكون ان نسبة مشاركة المواطنين في الانتخابات النيابية ليست مؤشر كافي لمدى نجاعة اجراءات وخطط الحكومة في موضوع الاصلاح السياسي .

لم نسمع من الحكومة اي حديث عن نوايا حقيقية للدخول في جهد صادق لاهمية اخراج نواب من رحم الاحزاب ، والتشجيع على ثقافة التمثيل الحزبي للمجتمع في كل القضايا ولم نرى أن الحكومة تعمل وبجدية على كسر حاجز الخوف لدى المواطن من الانخراط في الاحزاب .

كنت قد تحدثت في مقال سابق عن الدور المفقود للاحزاب واخذت عليها انعزالها عن المجتمع الا في اضيق الحدود (مسيرات واعتصامات) وفي هذا التوقيت وددت ان اضع جزء من المسؤولية على الحكومة ، واذا ما شئتم بشكل اوسع السياسات الحكومية في افقاد الاحزاب لما يمكن ان تقوم به من دور في مسيرة الوطن ، ودعوة للحكومة الحالية او القادمة لمنح الاحزاب مساحة جديدة وأفق رحب في تعديل اتجاهات المواطنين ونظرتهم للاحزاب ، والمساهمة بقدر اكبر في تشجيع المشاركة السياسية عبر بوابة الاحزاب ومنحها مساحة التحرك لاستقطاب قطاعات واسعة من المواطنين وخاصة فئة الشباب لتشكيل وعي مجتمعي بأهمية المشاركة الجماعية في اتخاذ القرارات واتخاذ المواقف من مختلف القضايا عبر منابر حزبية مؤثرة تحمل برامج وفكر وطني .
Mahmoud69dabass@yahoo.com