تركيا قوة إقتصادية هائلة
![تركيا قوة إقتصادية هائلة تركيا قوة إقتصادية هائلة](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/47332.jpg)
المتابعون للهبة التركية خلال السنوات الثلاثة الفائته يقفون اما م مجموعة من الأسئلة المشروعة وعلى رأسها :
هل نشهد تركيا نهاية الإرتهان للغرب والأمريكان وتطيح بالعلاقات الإسرائيلية التركية المتميزة وتشهد نشوء قوى جديدة في الشرق وعلى رأس هذه القوى تركيا ؟ .
هل صحيح أن إسرائيل تقف وراء الهجمات التي نفّذتها مجموعة حزب العمال الكردي التركية الإرهابية داخل تركيا، كما يعتقد رئيس الوزراء أردوغان؟
هل يستطيع أوباما فعلا ان يعاقب تركيا وهل هو قادر على معاقبتها لأنها صوّتت ضد العقوبات الأميركية على إيران في الأمم المتحدة؟
هل تحتاج الولايات المتحدة إلى تركيا أكثر مما تحتاج تركيا إلى الولايات المتحدة.؟
هل يشكل وقوف تركيا الى جانب الفلسطينيين في قطاع غزة دافعا قويا لتأييد الأتراك لحكومة اردوغان ام تؤثرسلبا على " حزب العدالة والتنمية " الذي ينتمي اليه اردوغان .؟
ويقول عدد من المحللين السياسيين والخبراء في هذا المجال في المنطقة بالقول ردا على السؤال الأول الذي يتناول نهاية ارتهان تركيا للغرب والأمريكان بأن قصة نهوض تركيا التي تعدّ قصة رائعة بالفعل،وخاصة بعد ان رفض الاتحاد الأوروبي طلب الأتراك الإنضمام الى دول الإتحاد الأوروبي .
ويؤكد بعضهم أن رجال الأعمال الأتراك لايكترثون اليوم لهذا الرفض . فالاتحاد الأوروبي يفتقر إلى الحيوية التي مكنت تركيا من الحلول خلال السنة الفائتةإقتصاديا وراء الهند والصين لتكون جزءاً من الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم - محققةً أقل من7% ــ وللتمتع بالاقتصاد الأسرع نمواً في أوروبا.
وينظرالأميركيون إلى اعتبار تركيا جسراً ثقافيا يصل الغرب بالعالم المسلم وعلى انها قاعدة عسكرية (قاعدة إنجرليك الجوية) التي تشكّل محور التموين الأميركي الرئيسي للحربين في العراق وأفغانستان. أما الأتراك فينظرون إلى أنفسهم بشكل مغايروخاصةمنذ انهيار الاتحاد السوفيتي، حيث أصبحت تركيا مركزاً لحيّزها الاقتصادي الخاص الممتدّ من جنوبي روسيا، مروراً بالبلقان والقوقاز وآسيا الوسطى وصولاً إلى العراق وسوريا وإيران والشرق الأوسط. واصبح رجال الأعمال الأتراك يديرون سلسلة من الفنادق في موسكو والمصارف في البوسنة واليونان ومشاريع بناء الطرقات في العراق والعمليات التجارية الهائلة مع إيران وسوريا. ففي العام 1980، بلغت قيمة إجمالي صادرات تركيا قرابة 3 مليارات دولار. وفي العام 2008 بلغت 132 مليار دولار.
إذن يرى رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان نفسه قائداً لقوة اقتصادية ناشئة تضمّ 70 مليون نسمة، ما يمنحه حق أداء دور جغرافي سياسي مستقل - لهذا السبب، أدلى بصوت في الأمم المتحدة ضد العقوبات على إيران. ولكن الأهم هنا يكمن في الطريقة التي ستنهض من خلالها تركيا - ويتمتع أردوغان حتماً ببعض الميول التي تذكرنا بقادة عظام تمكنوا من النهوض ببلادهم ووضعها في مصاف الدول القوية المتميزة والمتطورة إقتصاديا وعسكريا وحضاريا . بالإضافة إلى ذلك، استاع اردوغان ان يكسب حزبه "العدالة والتنمية" حب واحترام الجماهير التركية داخل حزبه وخارجه وحب واحترام الشعوب العربية والشعوب المحبة للسلام والعدالة جراء وقوفه الجريء مع الشعب الفلسطيني عام وفي قطاع غزة خصوصا لرفع الظلم الإسرائيلي الصهيوني عنه وتجفيف آلامه ومعاناته جراء فرض حصار شامل عليه حيث بادر الى دعوة العالم الحر للتحرك من اجل فك الحصار عن قطاع غزة وبشتى السبل المباحة الشرعية والسلمية .
يفسر الكثيرون من السياسيين وا لإعلاميين الأتراك من خارج "حزب العدالة والتنمية " ان الحزب قد تراجع ليحلّ وراء قوى المعارضة الأساسية - حزب الشعب الجمهوري العلماني - للمرة الأولى منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في العام 2002. ويؤكدون ايضا أن هذا التراجع كان السبب وراء وقوف أردوغان إلى جانب حركة حماس التي تعدّ قوة من القوى الأكثر تشدداً في المنطقة - وذلك، من أجل إعادة تحفيز قاعدته السياسية. ويتساءل بعضهم ان كان اردوغان قد بالغ في موقفه؟ ،
حقيقة الأمر تؤكد انه حتى الآن، تصرّف بدهاء كبير وعامل خصومه كما لو كانوا يؤيدونه في تحركاته الأخيرة حتى اصبحت القوى المسلمة المعتدلة والعلمانية في تركيا تشعر بالقلق، وكذلك الأنظمة العربية المعتدلة ،كما هو حال الأميركيون حيث انتابهم الشعوربالقلق ايضا .
إنتقل أردوغان من انتقاد هجمات إسرائيل على حماس في غزة إلى إطلاق نظريات المؤامرة الإسرائيلية على بلده بإتهام العصابات الصهيونية اللإسرائيلة - تدعم الإرهابيين في حزب العمال الكردي - من أجل تعزيز قاعدته السياسية ضمن المسلمين المحافظين في تركيا وفي الخارج.
في ظل الصراع الداخلي المحتدم الأن بين حزب العدالة والتنمية من جهة وقوى المعارضة الأساسية ممثلة بحزب الشعب الجمهوري العلماني ستقف أمريكي موقفا محايدا من هذه الصراع كونها تعي جيدا ان اردوغان سيستغلّها من أجل حشد المزيد من الدعم. فتركيا تزخر بالشباب والطاقة وتسعى لتحديد هويتها. ويقع فيها حالياً صراع داخلي على هذه الهوية بين أولئك الذين يرغبون في رؤية تركيا وهي تقف إلى جانب العالم الإسلامي والقيم الإسلامية وأولئك الذين يرغبون في الحفاظ على صفاتها العلمانية والغربية والتعددية.
الأتراك وحدهم بعيدا عن التدخل الأمريكي والإسرائيلي والغربي هم القادرون وحدهم على تحديد هويتهم الإسلامية الحقيقية والمسانده للقضايا الإنسانية عامة والعربية الفلسطينية خاصة .