المثقف وهموم المعيشه
![المثقف وهموم المعيشه المثقف وهموم المعيشه](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/47558.jpg)
المثقف .. الأديب ..الكاتب .. الصحفي... أالمبدع ..وكل من له علاقة بالعمل الإبداعي عموما والصحافة خصوصا ان من يحترف مهنة الصحافة في بلادنا العربية عامة وفي الأردن خاصة يجد نفسه في أزمة يصعب عليه تجاوزها او حتى القفز من فوقها ولو مؤقتا إلا اذا انضم الى الركب الذين لايهمهم إلا جني المال ولو بطرق مشبوهة يرفضها كل صحفي يمارس المهنة الصحفية عن قناعة بأنها مهنة من يمتلك القدرة على الجلد والجرأة والمتابعة من اجل اظهار الحقيقة ورفع المعاناة والظلم عن ألآخرين.
من خلال العمل على نقل الحقيقة مهما كانت النتائج التي ستؤدي هذه الحقيقة إليها ما دامت تصب بالصالح العام مثل محاربة الفساد والمفسدين ومن يدور في فلكهم حتى لو ادى ذلك الى حرمانه من الهبات والعطاءات المجزية التي يتلقاها بعض الصحافيين والمبعين من الكتاب والمثقفين الذين يبيعون ابداعاتهم وضمائرهم لعدد من المسؤولين الذين يسعون من أجل تزيين أفعالهم وهم يعلمون جيدا ان ما يقومون به من أعمال تلحق الأذى والضرر بحق المجتمع الذي يعيشون فيه ويتولون شؤونه من خلال مواقعهم المسؤولة في كثير من الأحيان .
الحقيقه التي لابد لنا من التأكيد عليها إنصافا للوسط الثقافي والصحفي في بلدنا ان امثال هؤلاء الصحفيين والكتاب لا يتجاوزون" ألخمسه بالمائة فقط "ولكنهم وعلى قلة عددهم الا ان تأثيرهم غير قليل في المجتمع ويتمتعون بالكثير من الإمتيازات المالية والمعنوية والمحسوبيات التي يفتقر لها الصحفي المبدع حقا والقادر على التميز الحقيقي في مجال عمله الصحفي المتعب والقاتل للوقت وخاصة في حال ملاحقة الصحفي لموضوع يحتاج الى الوقت والجرأة وأحيانا الى التضحية .
أؤكد على هذا الأمر مع ان جميع من له علاقة بالوسط الصحفي والثقافي المحلي، يدرك جيدا حقيقة انشغال الصحفي المبدع والمثقف بهموم المعيشة، وقفزه هنا وهناك لزيادة الدخل اليومي بعيدا عن ألإرتهان لهذا المسؤول اوذاك كونه يعي تماما ان إرتهانه لهذا المسؤول الحكومي او ذاك من اصحاب النفود في المؤسسات والشركات الكبرى ذات النفوذ والسلطة والقادرة على شراء الضمائر بالمال وبالترغيب والترهيب احيانا ،وبالرغم من المحاولات التي استهدفت كشف وتعرية وإزاحة الستار عن هذه الفئات خلال العقد الماضي ومن قبل خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين "الماضي " ورغم نشر بعض المعلومات التي تدين هؤلاء المتسلقين والمتاجرين بأفكارهم وأقلامهم إلا أننا ما زلنا نقرأ ونسمع منظرين (بعضهم من المستفيدين من المتاجرة بمهنة الصحافة والإبداع )
يتساءل الكثيرون في بلادنا العربية عن الأسباب التي ادت الى توقف المثقفين والمفكرين عن إنتاج طروحات وإبداعات لافتة؟. بل إن بعضهم يرجع الأمر إلى انشغال المثقفين بالبحث عن لقمة العيش التي اصبحت صعبة المنال في ظل الأوضاع القائمة ، وفي ظل المتاجرة بالكلمة وبالانشغال عن الواقع.
والملاحظ أن كثيرا من اصحاب الرأي السديد من الصحفيين والكتاب والمثقفين والمبدعين من اصحاب الكلمة الحرة والجريئة الذين نذروا انفسهم لخدمة الإنسان والوطن والمواطن قد هجروا الكتابة وكسروا الأقلام،بعد ان اصبحوا محاصرين بين مسؤول يريد تغييب الحقيقة بأي ثمن ، وآخرون ممن يهمهم استمرارك في الملاحقة والمتابعة المضنية في كشف الفساد والمفسدين .
صحيح ان الصحفي الملتزم والجاد الذي يعي تماما ان مهنة الصحافة(صاحبة الجلالة ) "مهنة المتاعب " انها حقا مهنة المتاعب التي لاترحم من يمارسها ابدا كونه يقذف بنفسه طائعا مختارا" بين نارين " نار الإنحدار الى الهاوية ان هادن او سايرعلى حساب الحق والحقيقة ، ونار الإكتواء بالإمساك بالحق وتوعية الناس من خلال نشر الحقيقة التي يرفضها اصحاب الأجندات الخاصة ممن يسعون الى تجيير اقلام الصحفيين المأجورة لخدمة مصالحهم وصرف أنظار الناس عنهم ، وأمام عدم القدرة على مكافحة الفساد التي يدعمها عدد من المتنفذين في البلد يجد الصحفي المبدع والباحث عن الحقيقة نفسه امام جدار فولاذي مرتفع جدا لاحول له ولا قوة في تجاوزه او القفز عنه مهما فعل . ثم يأتيه من يسأله اين إنتاجك الجديد؟ ولماذا توقفت عن الكتابة والنشر؟ فحرمتنا من الإضطلاع على الكثير من القضايا والأحداث الإنسانية المؤلمة التي يعاني منها الكثيروى من ابنائنا الذين هم احوج ما يكونون لمثل هذه الأقلام الجريئة ، وغالبا ما تكون الإجابة ... أن هذه الأقلام لم تأت لمعظم اصحابها إلا بالملامة وبالفقر. وأمام هذه الأوضاع الصعبة يجد الصحفي المبدع نفسه وقد أشغل عقله في التفكير (في كيفية الحصول على لقمة عيش مشروعة له ولعائلته ودفع اجرة المنزل الذي يعيش فيه وتسديد فواتير الماء والكهرباء والهاتف والنت ودفع اقساط المدارس والجامعات وفاتورة وقود السيارة والوقود المنزلي وفيره ,غيره ...) كونه امضى عقودا من عمره وهو يعمل براتب بالكاد يكفيه قوته اليومي ولا يتيح له ان يحلم ولمجرد الحلم بإمتلاك منزل يؤويه وعائلته كونه يعي جازما أنه ليس في حاجة إلى صدقات أو هبات من هنا وهناك، بقدر ما يحتاج إلى مؤسسات مجتمع مدني، مثل نقابة الصحفيين او رابطة الكتاب أو أي تجمع معترف به، يوفر لحامل عضويته ميزات معينة، مثل تسهيلات وتخفيضات معينة من اجل تأمين الحصول على منزل لائق عن طريق قروض ميسرة، أو على الأقل إعطائه الفرصةللإستمرار في عمل لائق به دون إجباره على تقديم اي تنازلات مهما كانت طبيعتها ، وخاصة انه لو اراد المتاجرة بقلمه لفعل وامتلك معظم ما يريد او حتى ما حلم به منذ وقت طويل .