أسرى فلسطين .. وملحمة النضال الأممي
تجربة فلسطين في العمل الأممي والدبلوماسي المتواضعة ، يجب أن يتم تسخيرها وبكل قوة من أجل خدمة الأسرى وقضاياهم المختلفة، والعمل الجاد تحريك هذا الملف على الصعيد الأممي والدولي، ونحن اليوم نتحدث عن مليون فلسطيني تعرضوا للاعتقال من قبل الاحتلال.. نتحدث عن وطن أسير وأرض أسيرة وحدوده مقيدة، لكن العزة والكرامة لشعبنا الفلسطيني ليست أسيرة بل حرة وطليقة، وعزيمة وإرادة أسرانا البواسل قهرت السجن وسطوة السجانين .
يوم الأسير الفلسطيني هو يوم تاريخي شامخ ، يوم يُسطر أسمى معاني الصبر والصمود والثبات وتحدي ظلمة السجن وقهر السجان، هو يوم من الأيام الثورية النضالية في فلسطين.
ويشدد كاتب السطور على أن أسرى فلسطين ثابت من الثوابت الوطنية، ولا يمكن لأي عربي مسلم أن يتجاوز هذا الثبات، ولا يمكن تجاوز الأسرى في صراعنا الطويل مع الاحتلال الصهيوني؛ وقضية الأسرى من قضايا وهموم الأمة العربية الإسلامية، ويجب ان تبقى هذه القضية حية وعلى رأس الأولويات .
وحسب الإحصائيات الرسمية يقبع في سجون الاحتلال الصهيوني أكثر من (7200) أسير فلسطيني ، منهم قرابة (450) طفلا وحوالي (55) أسيرة، وبينهم عدد كبير من الأسرى والأسيرات مرضى بأمراض مزمنة ويتعرضون للموت في كل لحظة نتيجة تدهور أوضاعهم الصحية إلى حد الخطورة القصوى وسط استهتار واضح ومتعمد من قبل الاحتلال.
إن شعبنا الفلسطيني المناضل الصابر ذاق الويلات جراء سياسات الاحتلال، وقد تعرض قرابة مليون فلسطيني للاعتقال من قبل الاحتلال منذ نكبة فلسطين عام 1948م، والحركة الفلسطينية الأسيرة قدمت أكثر من 200 شهيد تحت التعذيب وفي أقبية وزنازين السجون الإسرائيلية، وتاريخ فلسطين يزخر بأسماء ورموز الحركة الفلسطينية الأسيرة، هؤلاء الرجال الأبطال الذين صمدوا وصبروا في وجه سياسات وجرائم التعذيب الإسرائيلية داخل السجون.
ويوجه كاتب السطور في ذكرى يوم الأسير التحية الكبيرة أصحاب المحكوميات العالية، فهناك (40) أسيرا يقضون أكثر من 20 عاما في سجون العدو الصهيوني أقدمهم الأسير كريم يونس، وماهر يونس اللذان يقضيان (34 )عاما بشكل متواصل في سجون الاحتلال، ونائل البرغوثي الذي قضى (35)عاما وأعيد اعتقاله بعد الإفراج عنه في صفقة شاليط، ولا أنسى أن أوجه التحية الكبيرة للمجاهد حسن سلامة هذه الرجل الذي دوخ الاحتلال الصهيوني والعقل المدبر لعمليات الثأر لجريمة اغتيال القائد يحيى عايش، كما لا أننسى أن أبعث بالتحية والتقدير للأسيرة لينا جربوني وهي أقدم الأسيرات الفلسطينيات في السجون حيث تقضي 14 عاما، كما أحيي صمود الأسيرة الفلسطينية الطفلة ديما الواوي (12 عاما) وهي أصغر أسيرة فلسطينية في السجون، ولا ننسى الأسير اللواء فؤاد الشوبكي (76) عاما يعد أكبر الأسرى سنا في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ولا يفوتني في يوم الأسير الحديث عن نضالات المرأة الفلسطينية داخل أقبية سجون الاحتلال، هذه المرأة التي تعرضت للاعتقال وللتعذيب داخل أقبية السجون، وقدمت نموذجا نضاليا كبيرا في خدمة القضية الفلسطينية، ولم تخل السجون الصهيونية يوما من الأسيرات الفلسطينيات.
إن الأسيرات الفلسطينيات لهن تجارب مريرة داخل زنازين الاحتلال، ورغم مرارة التجربة للمرأة الفلسطينية داخل سجون الاحتلال، إلا أن المحققين الصهاينة لم يعتدوا يوما على شرف المرأة الفلسطينية، وكان كافة التحقيقات تجرى بوجود المجندات (الإسرائيليات).
إن تجربة المناضلات الفلسطينيات داخل سجون الاحتلال هي تجربة تحدي وشموخ وتسطر بماء الذهب على جدران تاريخ فلسطين، تجربة عميقة وتجربة رائدة ننسى المرأة الفلسطينية وتجربتها في السجون (الإسرائيلية) هذه المرأة المناضلة التي قدمت أروع نماذج الصبر والتحدي في أروقة السجون.
وربما لا يعرف الكثير من أبناء شعبنا والعالم عن التجربة النضالية الكبيرة لأسيرات فلسطين في سجون الاحتلال، اللواتي تعرضن لأبشع أنواع وأساليب التعذيب من قبل المحققين الصهاينة، وذاكرة الحركة الفلسطينية الأسيرة تسجل أن سجن غزة المركزي (السرايا) كان قسم النساء يوجد به عشرات الأسيرات من قطاع غزة، هؤلاء الأسيرات اعتقلوا لدورهم الجهادي البارز، في مقاومة العدو والتغطية على المطاردين، وتوفير المأوى لهم، كما أن سجن الرملة "نفي تريتسا" يشهد لنساء فلسطين تجاربهن المريرة داخل أروقة السجون، هذه السجون التي لا تتوفر فيها أدنى شروط الحياة الطبيعية، فالزنازين في السجون عبارة عن أماكن قذرة ومظلمة وتنبعث منها رائحة كريهة، ويتميز جوها بالرطوبة، وجدارها تحتوي على نافذة صغيرة جداً تسمح بنور ضعيف، وقد تكون مغلقة تماماً أمام النور، هذا جزء من هول التجربة للأسيرات.
إننا اليوم كفلسطينيين يجب علينا أن نبذل مجهودا أكبر في تفعيل قضايا الأسرى، وأمامنا ملحمة نضالية أممية بعد أن أصبحت دولة فلسطين عضو مراقب في الأمم المتحدة وعضو في محكمة الجنايات الدولية، يجب تكثيف حملات الدعم والمساندة الأممية بخصوص قضية الأسرى، ولنجعل من يوم الأسير الفلسطيني يوما عالميا أمميا والعمل على وفضح جرائم العدو بحق الأسرى والأسيرات، وبيان الانتهاك الكبير للمواثيق الدولية والمعاهدات والقوانين داخل السجون الصهيونية.
إن أسرى فلسطين اليوم في أمس الحاجة للجهود الدولية والأممية، وجعل هذه القضية حية دوما في المحافل الدولية، والتحرك لمساندة الأسرى ووقف الجرائم العنصرية الصهيونية بحقهم التي تتنافى مع المواثيق والشرائع الدولية في احترام كرامة الأسير وحقوق الأسير.