فك الحصار عن غزة لابد منه
![فك الحصار عن غزة لابد منه فك الحصار عن غزة لابد منه](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/48100.jpg)
أسطول الحرية الذي كان يتجه الى قطاع غزة اولا لم يكن مبادرة من قبل الحكومة التركية بالأساس بل كان مجرد قافلة مساعدات دولية مؤلفة من مواطنين ينتمون الى 32 دولة يجلبون الغذاء ولعب الأطفال والمعدات الطبية وماشابهها من مساعداتٍ إلى شعب غزة، الذي تم حرمانه من السلع الاساسية حوالي اربع سنوات تقريبا وتعرض سكانها لحربين طاحنتين غير متكافئتين ، وكان بين نشطاء السفن التضامنة مع الغزاويين الفائز بجائزة نوبل للسلام مايريد كوريجان ماجاير، ومشرعون أوروبيون وصحفيون ورجال أعمال وناجٍ من "الهلوكوست" عمره 86 عاما ـ وهم لا يمكن أن يكونوا أهدافا يمكن أن تشكل خطرا أو تهديدا على القوات الخاصة الإسرائيلية المُدربة جيدا.
وأيا ما يمكن أن يكونوا حاملوا المساعدات قد رددوه من شعاراتٍ معارضة لإسرائيل، فإن هذه كانت مبادرة إنسانية. وفي أي بلدٍ ديمقراطي، لدى الناس حرية التعبير ممتدة جدا طالما تجنبوا العنف.
ولأن الهجوم وقع في المياه الدولية، على بعد حوالي 72 ميلا قبالة السواحل الإسرائيلية، فإنه كان غير قانوني. وفي الواقع أضف الى ذلك كان الهجوم الأول بهذه النوعية ضد مواطنين أتراك وعرب واجانب مدنيين من قبل قوة عسكرية أجنبية في تاريخ الجمهورية التركية.
وهذا الخرق للقانون الدولي، وفقدان أرواح ركاب السفن واحتجازهم غير المُبرر والطويل إنما يفسر جزئيا السبب في أن الجماهير التركية، مع المجتمع الدولي، ذاهلون وغاضبون، والسبب في أن الحكومة التركية سحبت فورا سفيرها لدى إسرائيل وألغت تدريبات عسكرية مشتركة معها.
و يتساءل الأترا ك بكافة فئاتهم السياسية والإقتصادية والمهنية والشعبية عن السبب الذي دفع الصهاينة الى ارتكاب هذه المجزرة الجماعية اللإنسانية بحق المدنيين الأتراك وغيرهم في اسطول الحرية وخاصة أن إسرائيل كانت صديق تركيا وشريكها منذ أصبحت أول دولة ذات أغلبية مسلمة تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وهو ما كان بُعيد وقتٍ قصير من تأسيسها. هذا لم يكن هجوما من قبل عدو معلن ولكن من قبل صديق عملت معه تركيا ـ لوقتٍ طويل وبجدية ويصدم الهجوم تركيا لأن الأتراك ولوقت طويل كانوا ينظرون لإسرائيل على انها صديق لتركيا في المنطقه ، واعتبر الأتراك الهجوم الإسرائيلي مؤلما لأن الشعب التركي كان مضيافا لقرونٍ لليهود. فعلى العكس من كثيرٍ من الدول، رحبت الإمبراطورية العُثمانية باليهود الذين فروا من محاكم التفتيش الأسبانية في عام 1492. وخاطر دبلوماسيون اتراك بأرواحهم لإنقاذ اليهود الأوروبيين من التهديد النازي خلال الحرب العالمية الثانية وإحضروهم إلى مكانٍ آمن وملجأ في تركيا. وفي السنوات الأخيرة، لعبت تركيا دورا حاسما كوسيط سلام بين سوريا وإسرائيل، ودعمت عضوية إسرائيل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وعملت ـ بلا كللٍ أو ملل ـ على الإفراج عن جلعاد شاليط، الجندي الإسرائيلي المأسور من قبل " حماس " في عام 2006.
وهذه العلاقات التاريخية المتميزة كانت كفيلة بمنع الصهاينة من العدوان على المدنيين الأتراك في اسطول الحرية ،وكما ان هذا التاريخ من العلاقات الحميمية بين تركيا وإسرائيل لم يمنع الصهاينة من ارتكاب مجزرتهم بحق الأتراك المدنيين في اسطول الحرية فإن هذا التاريخ لا يمكن أن يمنع السياسيين الأتراك ولا الشعب التركي من التعبير عن الغضب عندما ينشأ الظلم وتنعدم العدالة، حتى لو كانت المظالم يرتكبها صديق. لا يمكن لأي شعب أن يغض الطرف عندما يفقد أرواح مواطنين أبرياء ـ خلال اعتداء غير قانوني دفاعا عن حصار ظالم وغير إنساني ولا يمكن استمراره. ولا يمكن أن يقف اي شعب صامتا خاملا عندما تهدد التصرفات الإسرائيلية بإحداث نكسة في الجهود الرامية إلى جلب السلام إلى هكذا منطقة مضطربة.
سيكون الأمر متروكا لإسرائيل لتقرير كيف تعيد تشكيل موقفها كشريكٍ ثنائي جيد وعضوٍ مسئول في المجتمع الدولي. ورغم ما ارتكبته إسرائيل الصهيونية من اعمال إجرامية بحق الدنيين من الأتراك والمتضامنين من جنسيات اخرى مع فزة الأ ان الأتراك ارادوا منح لإسرائيل فرصة لإصلاح الأمور من خلال فقديم اعتذار رسمي لتركيا وتعويض اهالي الضحايا ورفع الحصار نهائيا عن قطاع غزة المحاصر ، وهكذا يمكن لإسرائيل أن تبدأ بوضع نهاية لحصارها على غزة؛ وبإنهاء أعمالها البوليسية غير المناسبة وغير المتكافئة نحو المدنيين الفلسطينيين في تلك الأرض؛ وبالسماح بتحقيقٍ دولي مستقل وشفاف وذي مصداقية وغير متحيز في الحادث. وعلاوة على ذلك، فإن إسرائيل يجب أن تعتذر للشعب التركي.
حينها فقط يمكن للعلاقات التركية الإسرائيلية ان تبدا عملية تطبيع قد تعيد الأوضاع الى ما كانت عليه قبل العدوان الأسرائيلي على قطاع غزة نهاية العام 2008 وبداية العام 2009م هذا العدوان الذي دمر كل ما له علاقة بالحياة في قطاع غزة وادى الى اعلان عدد من الدول العربية والمسلمة والغربية عن إحتجاجها ورفضها وشجبها لهذا العدوان الظالم والمدمر لشعب بأكمله.