أكاذيب "نورما خوري" مجدداً
![أكاذيب "نورما خوري" مجدداً أكاذيب "نورما خوري" مجدداً](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/48422.jpg)
لفتت قضية كتاب " الحب المحرم" للكاتبة الأميركية من أصل أردني نورما خوري أنظار الإعلام العالمي من جديد مع إنجاز فيلم بعنوان" الأكاذيب المحرمة" بثته قناة ام بي سي 4 مؤخراً، ولا بد أن بعضكم شاهد هذا الفيلم الذي يزدحم بافتراءات نورما ومحاولتها التدليس لتقديم بضاعة فاسدة للقراء، ومشينة في تفاصيلها، بداعي الشهرة طبعاً، وجني الفلوس، والإساءة المدفوعة الثمن لبلدها وأمتها..!
وكنت قد كتب مقالا مطولاً عن كتابها في نسخته العربية نشرته في مجلة تايكي وجريدة القدس العربي قبل سنوات قريبة، إضافة إلى انجاز ملف كامل بالتعاون مع عدد من الزملاء في ملحق شرفات الذي كانت تصدره جريدة الغد في بداياتها قبل إيقافه" للأسف"، وبالطبع فإن الكتاب الذي صدر بالانجليزية أولا حفل بالكثير من الأخطاء والخطايا والزيف، مما دعا مجموعة من المتحمسين لفضحه، والشكر هنا للصحفية رنا الحسيني، والناشطة أمل الصباغ من الأردن، والصحفي الاسترالي مالكولم نوكس، ولعل الفيلم الجديد الذي يجيء بعد سنوات يساهم في تثبيت أكاذيب نورما وإساءاتها المتعمدة للأردن في تفاصيل كثيرة، رغبة منها بالتغزل بالغرب وترسيخ الصورة النمطية عن العرب والمسلمين التي بناها الإعلام الإستشراقي الغربي، ويرغب بأن يراها أمامه وقد أضحت حقيقة، لا سيما إذا ما تم تبنيها من أناس ينتمون لهذه الأمة، أو تمتد جذورهم لها.
لست راغبا في استعراض تفاصيل الفيلم، ولا بتعداد أكاذيب نورما الذي لم يسلم منها والدها، ولكنّي سأمر سريعاً على بعضها، فهي تدّعي أولاً أن روايتها حقيقية أي حدثت فعلا، وأنها هربت من الأردن خوفا من القتل، وكتبت هذه الرواية في مقهى انترنت بإيطاليا قبل أن تذهب لأميركا، وأن صديقة لها مسلمة قتلت بداعي الشرف بعد أن أحبت ضابطا مسيحيا كان يتردد على صالون حلاقة "مختلط" في جبل الحسين، وبالطبع فإن هناك نحو 80 خطأ صارخا في كتابها يدل على أنها لا تعرف عمان أبدا، بل تصورتها بطريقتها الخاصة، فمثلا نهر الأردن يمر بالعاصمة، وتحدها الكويت، وتقع على حافة الصحراء، والنساء كلهن محجبات، ولا يركبن التاكسي لوحدهن، وهناك صالونات حلاقة مختلطة، كما أشرت، ويتم قتل آلاف النساء بداعي الشرف.. وغيرها، وبالطبع نكتشف لاحقا أن نورما تعيش منذ كانت في عمر السنتين في أميركا، ومتزوجة، وهي مطلوبة للسلطات الأمنية الأميركية بتهمة السرقة، وأنها ليست من عائلة خوري أيضا، ونتورع هنا عن ذكر اسم عائلتها الكركية المحترمة لأنها لا تستحق مثل هذا الخذلان، وأنه لم يكن لها صديقة أبدا قتلت بداعي الشرف في عمان، وغيرها الكثير، حتى أن الناشر الاسترالي اعترف بأنها كذبت عليه بادعائها إنها رواية حقيقية وكل تفاصيلها صحيحة، وطلب من القراء إرجاع الكتاب، معتذرا لهم ومعيدا فلوسهم أيضا، بينما تبرع ناشر عربي اسمه زياد منى فيما بعد بترجمة هذا الكتاب الأكذوبة إلى العربية مع مقدمة بثّ فيها الكثير من السموم ضد الأردن وأهله خالطا مواقفه الخاصة بالوضع السياسي، ولكن حبل الكذب كما يقال قصير ولا يدوم..!
في النهاية فإن درس نورما كان قاسياً، فهي لم تكسب في النهاية أحداً إلى جانبها غير حفنة من مروجي الأكاذيب أمثالها، وهي خسرت ذاتها قبل كل شيء باقتراف مثل هذه الخطايا المبيتة، وخسرت احترام العالم لها ككاتبة في أول صعودها، إذ كان من الممكن أن تستغل طاقاتها الإبداعية في إضافة شيء من الجمال إلى هذا العالم، لا في التشويه والخداع، وكنا سنرحب بها حقا في بلدها لو انها كتبت عن قضايا قتل الشرف، التي ندينها بكل ما أوتينا من قوة بالطبع، بطريقة مغايرة، توصل من خلالها رسالة تضامنية قوية نقف معها، وعلى كل حال فإن الزبد يذهب جفاء، ويكنس في طي النسيان، ويمكث فقط ما ينفع الناس، وينير العالم، ولا نملك إلا أن نقول لنورما ما قاله المسيح عليه السلام ذات يوم:
ماذا يستفيد الإنسان لو كسب العالم كله وخسر نفسه..!