"الكوكب" ترصد أحداث الثورة العربية الكبرى
المدينة نيوز- قدم أستاذ التاريخ الدكتور عودة الشرعة قراءة لأحداث الثورة العربية الكبرى كما سجلتها صحيفة الكوكب المصرية ذات الميول القومية في ورقته العلمية لمؤتمر جامعة آل البيت الذي انعقد اخيرا بمناسبة مئوية الثورة العربية الكبرى.
وأوردت الكوكب ان توجه أنظار العرب للشريف حسين بن علي لم يكن عبثيّا ففي عام 1913وقع 35 نائبا عربيا في مجلس المبعوثان مذكرة للشريف حسين بن علي فوّضوه فيها بالتحدث باسم العرب كما بادر وطنيو سوريا والعراق إلى دعوة الشريف لتزعم الثورة ضد الأتراك بصفته أب العرب وزعيم الإسلام.
وقالت في سياق الحديث عن فظائع الأتراك في المنطقة العربية وجرائمهم في فلسطين والرملة وتشهيرهم بالمشايخ والعلماء وحلق ذقونهم دلالة على المهانة " وليست مصيبة الترك وقفت عند هذا الحد حد تخريب كروم برتقال يافا بل امتدت الى كروم الزيتون في القرى والمدن الأخرى اذ صدر أمر حكومة المخربين المدمرين في أول الأمر بأن يقطع 25بالمئة من شجر الزيتون ليكون وقودا لقطار السكة الحديدية ثم اصدروا أمرا آمر بأن يقطع 50 بالمئة من هذه الأشجار".
وأشارت إلى جرائمهم في سوريا وفي بغداد اذ شبهت حال البغداديين بما حل بهم في حملة هولاكو ...حتى صار القتلى أكثر من الأموات والعالم ما بين مسترق ومطرود ومسجون ومنفي ومحكوم عليه بالإعدام وكذا الأموال صار أخذها وغصبها ونهبها حلالا على مذهب التيار ولو نظرت إلى ذلك المنظر الكئيب المحزن وما عليه والبنات والصبيان والشيوخ والعجائز من النساء حينما أخذوهم إلى بر الأناضول حفاة عراة بأيدي عساكر الألمان ومنهم شكري الألوسي ويوسف السويدي وَعَبَد اللطيف ثنيان صاحب جريدة الرقيب وسيد صادق الأعرجي صاحب جريدة الرصافة وأنور بك الحيدري وغيرهم كشكري الفضل صاحب جريدة الزهور".
وبين الشرعة ان الجريدة اهتمت بذكر الوثائق والخطب والمعاهدات والعرائض التي كانت تصدر أيام الثورة العربية الكبرى فنقلت عريضة أهل الحل والعقد والتي رفعها العرب في بلاد الحجاز يبايعون الشريف حسين بن علي ومنها:(إننا نبايع جلالة سيدنا ومولانا الحسين بن علي ملكا لنا نحن العرب ليعمل بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقسم له على ذلك يمين الطاعة والإخلاص والانقياد في السر والعلانية ما أننا نعتبره مرجعا دينيا لنا أجمعوا عليه ريثما يقر قرار العالم الإسلامي على رأي يجمعون عليه في شأن الخلافة الإسلامية نبايعك على ذلك).
واوضح ان جريدة الكوكب عنيت بأخبار القبائل التي شاركت في الثورة العربية الكبرى خاصة في بلاد الشام فتقول (فهم في هياج عظيم على الأتراك بعدما شنوا الغارة على درعا واغتصبوا أموال الحكومة ومنذ أربعة أشهر قطعوا السكة الحديدية عند محطة خربة الغزالة ودهوروا القطار،والشيخ نوري الشعلان انتقل إلى داخل الصحراء بعدما جاهر بعداوته وقاوم العسكر في حوران، وسلطان بن سطام ورشيد بن سمير والشيخ من عربان حمص شن الغارة على عساكر الترك بعدما رأى عين الغدر منهم وهو الآن مقيم في الصحراء).
وروست الجريدة افتتاحيتها في العدد 74 بقيام فرقة صغيرة من عرب بني عطية بقيادة الشيخ حامد بن غاصب بتفجير قطار كان مارا قتل فيه ما بين الستين والسبعين رجلا وتم الاستيلاء على 300 بندقية وأربعة وعشرين ألف جنيه ذهبا.
وترصد الجريدة التفاف القبائل في الكرك حول جيش الثورة قائلة:( وشرعت القبائل المجاورة تفد على سموه الأمير زيد لعرض إخلاصها وخدمتها وقد استلم مقاليد الأحكام في مدينة الكرك سيدنا الشريف عبد الله بن حمزة المظفر وهناك أيضا برقيات من أرض المعركة من وادي موسى والطيبة جنوب الأردن وإشارت لدور قبائل النعيمات وهذيل وغيرهم في مقاومة الأتراك وكذلك قبائل الحويطات وشيخها عودة أبو تايه).
وأوردت الجريدة في أعدادها البلاغات الرسمية الحربية الصادرة عن قيادات الثورة العربية فورد في العدد 36 أنه قبل ستة أيام أي في 27 آذار (مارس) 1917 جاء بلاغ رسمي يذكر تقدم جنود الثورة على مدى خمسة عشر ميلا من رفح إلى وادي الغز غربي غزة وعلى بعد خمسة أميال منها واشتبكا في معركة دارت رحاها شرقي الوادي المذكور مع جيش عثماني فيه نحو عشرين ألف مقاتل ويقدر ما خسر العدو من القتلى والجرحى بستة آلاف أو سبعة آلاف ومن بين الأسرى قائد الجيش العثماني الأكبر وجميع ضباط مركز قيادة الفرقة 53 العثمانية.
وأوردت بلاغا آخر صدر عن حكومة الحجاز من العاصمة مكة (آنذاك ) :(تقول وكالة حكومة الحجاز ان رحى القتال دارت بجوار معان بين قوات العرب والعثمانيين فأسفر القتال عن انكسار العثمانيين وخسارتهم أربعين قتيلا).
يقول الشرعة انه كان للخطب التحفيزية التي يلقيها الفقهاء على جنود الثورة لتحفيزهم على القتال حضور واضح في أعداد الجريدة.
وكذلك وردت البلاغات الرسمية التركية التي كانت تصدر للجيش العثماني وهي التي تسميها الجريدة البلاغات اليائسة والتي تندد بالجنود الفارين أمام جيوش الثورة العربية الكبرى وتتوعدهم بقتل الأولاد الذكور ونفي نسائهم وبناتهم وأقاربهم عقوبة للهزيمة أو الفرار وأبلغ مثال على ذلك بلاغ فخري باشا في العدد 44.
الثورة العربية على الأرض الأردنية -------------------- قال الشرعة ان جريدة الكوكب تابعت تحركات سير جيش الثورة العربية الكبرى في كل المناطق التي اشتعلت فيها الثورة وتابعته أيضا على الأرض الأردنية فقد ورد في افتتاحيتها في العدد 51 تحت عنوان نصر من الله وفتح قريب أخبار تحرير مدينة العقبة فقالت :( علمنا من أوفى المصادر ان الحملة العسكرية التي أرسلها سمو الشريف ناصر بن حسين إلى شمال الحجاز حملت على محطات سكة حديد الحجاز بجوار معان فدمرتها وخربت الخط تخريبا تاما ثم طوقت مدينة معان وضربت الحاميات العثمانية المنتشرة على الطريق بين معان والعقبة ، وفي 6 يوليو احتل رجال الحملة العربية مدينة العقبة وبلغت خسارة العرب في هذه المعارك أربعة قتلى وخمسة جرحى ...وبلغت خسارة العثمانيين في القتال ستمائة قتيل وأسر العرب منهم نحو 600 أسير بينهم عشرون ضابطا ومهندسا ألمانيا وغنموا مدفعا من المدافع الجبلية).
في معان ------------- وأوردت الجريدة أنه في معان كان الترك قد أقاموا لأنفسهم ثلاثة مواقع أمامية خارج المدينة للدفاع عنها وكان أول هذه المواقع من أبي اللسن تحت قيادة ضابط ألماني يدعى فون ماكنس والثاني في البسطة والثالث في الهيشة وكانت هذه المواقع متحكمة بوادي موسى وبالطرق المؤدية إليها من اليسار والأمام واليمين .
وتضيف الجريدة "كان بوسع الترك أن يتسلموا بين ساعة وأخرى على طريق القويرة (دلاغة ) ويعزلوا حاميتها عما وراءها من القوى المنتشرة في غرندل وعين والقويرة فلا يبقى لها من سبل الاتصال مع العقبة والبحر الميت سوى طريقة وادي عربة وهي طويلة وشاقة اذ ليس فيها ماء يشرب ولا نبات يؤكل ولو أن القيادة التركية تقدمت يوما بجنودها من أبي اللسن إلى بئر راجف (وهو مكان واقع بين الطيبة ودلاغة ) وهاجمت الطيبة لتم استرجاعها وادي موسى بسهولة لأن حماتها العرب كانوا اضطروا الى تركها منسحبين إلى مضيق البتراء المشهور ولقد كان نبهاء ضباط العرب في الجيش يخشون جدا ان يقوم الترك بهذه الحركة الالتفافية على وادي موسى ويحسبون لها ألف حساب ...ولكن يد الله كانت مع العرب فاكتفى الترك بالاحتفاظ بمواقعهم المذكورة".