حكومة الملقي .. هل في آخر النفق ضوء؟
مع أن الخبر كان متوقعاً إلا أن رحيل حكومة الدكتور عبدالله النسور نزل كالماء البارد على الظمآن، فالرجل الذي جلس في الدوار الرابع ثلاث سنوات ونصف، أنهك المواطن الأردني بسلسلة من قرارات تعرضت لها بالتفصيل في مقالات سابقة أيام كان لا يزال في موقعه، فارتفعت معدلات الفقر والبطالة، وتضاعف العجز والمديونية، ووصلت أسعار السلع الاستهلاكية لمستويات قياسية نتيجة موجة رفع لكل ما هو مرتبط فيها، من مياه وكهرباء ووقود رغم الانخفاض الهائل في أسعار النفط، ناهيك عن سياسة الجباية التي مارسها والتي أدت لهروب كثير من الاستثمارات.
الرجل رحل، لكن انجازاته في الجباية وإنهاك المواطن والتضييق على المستثمرين ستظل حاضرة إلى أجل غير قريب، وستظل ذكرى حكومة النسور من أسوأ ما سيتذكره المواطن الأردني لسنوات طويلة قادمة، ويكفي أن تتابع مواقع التواصل الاجتماعي كي تبصر سيلاً من التهاني والتبريكات التي تبادلها الأردنيون برحيل الحكومة وكأنه عيدٌ جاء توقيته بين الاستقلال ومئوية الثورة العربية الكبرى في مفارقة طريفة.
وبما أن خليفته يأتي من خلفية اقتصادية أيضاً، فإن كثيرين يعقدون عليه آمالاً كبيرة في تصحيح ولو جزئي للسياسات الخاطئة التي انتهجها سلفه، متكئين في ذلك على النجاحات التي يقال أنه حققها في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، ومع قناعتي الشخصية بأن رئيس الوزراء ـ أي رئيس ـ هو مجرد منفذ للسياسات لا صانع لها، إلا أنه يبقى لديه هامش من الحركة يختلف من رئيس لآخر تبعاً لشخصيته، والدكتور الملقي رجل ذو شخصية قوية تؤهله لأن يكون لديه هامش أوسع يستطيع استغلاله في إصلاح ما أفسد الرئيس الراحل.
بعيداً عن الجوانب الشخصية للرئيس الجديد التي لا أعرف عنها الكثير، إلا أن الرجل دون شك يملك كفاءة عالية وإلا لما حظي بثقة جلالة الملك، إلا أن المهم هو أن يدرك الدكتور هاني الملقي أن الكرسي الذي يجلس عليه الآن جلس عليه عشرات الرؤساء قبله، وليس جميعهم يحظون بذكرى طيبة عند الأردنيين، فلعل دولته يكون من أولئك الذين سيتركون أثراً طيباً بعد رحيله إن نجح في إخراج الأردنيين من النفق المظلم الذي أدخلهم فيه سلفه.