فتوى للرجال: تزوج بمن تحب ولو عارضك والداك!
المدينة نيوز :- إذا كانت موافقة الولي أحد شروط صحة الزواج بالنسبة إلى الابنة، فماذا عن موقف الابن؟ هل يحق له أن يتزوج بمن يريد دون الحصول على موافقة والديه؟ وهل يعتبر ابناً عاقاً إذا فعل ذلك؟ يحق له اختيار شريكة حياته طالما كان اعتراض أبويه عليها غير مبرر؟ هذه الأسئلة أجاب عليها مفتي مصر الأسبق في فتوى جريئة ومثيرة تعددت حولها الآراء.
بدأت القضية عندما ذهب شاب إلى الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر الأسبق، وقال له: «أرغب في الزواج من فتاة أرى فيها الأخلاق الحميدة والتمسك بمبادئ الدين الحنيف، إلا أن والدي يعترض اعتراضاً شديداً على هذه الزيجة دون سبب معقول أو مبرر شرعي. فما حكم الشرع في ذلك؟ وهل إذا خالفت والدي وتزوجتها أكون عاقاً له؟». رد الدكتور نصر فريد واصل: «إذا كان الحال كما ورد بالسؤال من أن والدك يعترض على زواجك ممن ترغب فيها لحسن خلقها وتمسكها بدينها دون وجود مبرر أو سبب معقول، فإن لك أن تستعمل حقك فيما يرضي الله سبحانه وتعالى، وذلك بأن تعصم نفسك من خشية الوقوع في معصية الله، وطالما أنك تشعر في وجدانك وقرارة نفسك بأن هذه الفتاة المتدينة هي التي ستسعدك وتحافظ عليك وعلى نفسها، فلا مانع شرعاً من أن يتم هذا الزواج، ما دامت الفتاة على دين وخلق، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ». وأضاف: «إذا ما تم زواجك ممن ترغب فيها دون إرادة والدك، فلا يعتبر ذلك عقوقاً لوالدك، وإن كان من الواجب عليك أن تسترضيه وتستعطفه ولا تقطع الصلة به، لقوله تعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا» الآية 23 من سورة الإسراء.
تنبيه
أما الدكتور عبد الرحمن العدوي، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر، فيؤكد أن الزواج المثالي تتوافر فيه كل الشروط والأركان الشرعية من جانب، ويحظى بمباركة أسر الزوجين من جانب آخر، لكن إذا فرض الواقع نفسه وكانت أسرة الزوج غير موافقة على الزواج لأي سبب كان، فلا حرج شرعاً على الابن في الزواج بمن ارتضى دينها وخلقها باعتبارهما أهم شيء في الحياة الزوجية المستقرة، لأن كلاً من الزوجين سيتقي الله في الآخر. وأشار الدكتور العدوي إلى أن رفض والد أو والدة الزوج للزيجة، رغم أن الزوجة ذات دين وخلق، ليس من العقوق، لأنه ليس فيما يقوم به معصية لله، لأن الخلل قد يكون في شخصية الوالدين نفسيهما، حيث يرفضان زواج ابنهما بذات الخلق والدين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».
ونبه الدكتور العدوي إلى نقطة خطيرة، وهي أن امتناع الابن عن تلبية رغبة الأب أو الأم، وزواجه بمن يحب رغماً عنهما، لا يعني أن يعقهما في غير هذا الموضوع أو أن يعصاهما أو يسيء معاملتهما أو يقاطعهما، وذلك لعموم توصية الله بالوالدين وعدم الإساءة إليهما ولو بكلمة «أف»، وذلك في قوله تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إليَّ الْمَصِيرُ. وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إليَّ ثُمَّ إليَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» الآيتان 14-15 سورة لقمان.
إذن الولي
تشير الدكتورة آمنة نصير، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في الإسكندرية– جامعة الأزهر، إلى أن إذن الولي الشرعي من شروط صحة الزواج بالنسبة للبنت وليس الابن الذي يتولى ولايته بنفسه في الزواج، وبالتالي فهو ليس ملزماً شرعاً الحصول على موافقة الوالدين، وإن كان من الأفضل شرعاً وعرفاً أن يحصل على موافقتهما كنوع من التماس الطاعة وبث الفرحة في نفس من كانوا سبباً في وجوده في الحياة، بعد الله سبحانه وتعالى، وكنوع من الشكر العملي لله على البر بهما، وهذا ما حرص عليه الأنبياء أنفسهم، حيث قال نبي الله سليمان: «... وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ» آية 19 سورة النمل.
وأوضحت الدكتورة آمنة أن الإسلام لم يشترط موافقة الوالدين على زواج الابن، لأنه ولي نفسه، على عكس البنت التي يشترط الشرع موافقة الولي ووجوده، لأن هذا فيه مصلحة البنت نفسها في تقوية كرامتها عند زوجها، وخاصة عند حدوث أي مشكلة، على عكس الولد الذي يكون مسؤولا عن نفسه، بل إنه مطالب شرعاً بالإنفاق على أسرته وحمايتها لقوله تعالى: « الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا» آية 34 سورة النساء. وأنهت الدكتورة آمنة نصير كلامها بالدعوة إلى تجنب الصدام بين الأبناء والآباء والأمهات قدر الإمكان، محافظةً على العلاقات الأسرية الطيبة التي تعد أقدس علاقة إنسانية بين البشر، وأن يحاول الابن الراغب في الزواج بدون موافقة الأب أو الأم البحث عن وسطاء في الخير، ومحاولة الإقناع والصلح بينهم، لأن هذا أمر شرعي لقوله تعالى: «إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُم وَاتَّقُوا اللَّه لَعَلكُم تُرحَمون» آية 10 سورة الحجرات.
لا للإكراه
تؤكد مفتية النساء الدكتورة سعاد صالح، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر،أنه لا يُشترط لصحة زواج الابن إذن والديه وموافقتهما عليه، لأن المهم أن يختار كل طرف الآخر بكامل رغبته وإرادته، فقبول الزوجين من شروط صحة الزواج، حيث يحرص الإسلام على الزواج المستقر، فاشترط قبول كل من الزوجين للآخر، ولا يصح أن يكره الوالدان ابنهما أو ابنتهما على زواج لا يريدانه. وتنصح الدكتورة سعاد صالح، الأبناء بأن يحرصوا على نيل رضا الوالدين قدر الاستطاعة، ولا يدخروا جهداً في الحصول على موافقتهما، ففي هذا بركة للزواج وطاعة لله، وليكن هذا بالتودد لهما وليس في تدنيه لهما ذلة له، بالعكس حيث إن أفضل التواضع هو تواضع الابن لوالديه، فإن فشل فلا إثم عليه شرعاً مع التوصية الدائمة له بودهما والحرص على إذابة أي غضب لهما منه في أسرع وقت، وهما بالفطرة سيستجيبان.
تعنت
نصحت الدكتورة عبلة الكحلاوي، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، الابن الذي يجد امرأة صالحة طيبة، أن يحرص على نيل رضا والديه بكل الوسائل، من خلال التشاور والترجي لهما، لأن الشورى مبدأ إسلامي يأتي بخير، لقول الله تعالى في وصف المؤمنين: «وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ» آية 38 سورة الشورى. وطالبت الدكتورة عبلة الآباء والأمهات أن يتحلوا بطيب الفطرة، وأن يحرصوا على سعادة أولادهما ولا يقفوا حجر عثرة في سبيل سعادتهم، وخاصة إذا كان الابن قد أحسن اختيار المرأة التي يرغب في الزواج بها على أساس الدين والخلق الطيب، وقد وعد الله بأن يكون الطيبون للطيبات والعكس صحيح، فقال الله تعالى: «الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ» آية 26 سورة النور.
وأوضحت الدكتورة عبلة أنه إذا كان تعنت الوالدين غير مبرر لأهواء شخصية لا علاقة لها بالدين، رغم أن المرأة التي يرغب الابن في الزواج بها صالحة، وفشلت كل محاولات نيله رضاهما، فلا حرج من الزواج بها ولو لم يرض الوالد، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف»، والزوجة الصالحة من المعروف، لقوله صلى الله عليه وسلم: «الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله».
قياس خاطئ
رفضت الدكتورة فايزة خاطر، رئيسة قسم العقيدة بكلية الدراسات الإسلامية بالزقازيق جامعة الأزهر، الاستشهاد بما فعله نبي الله إسماعيل عليه السلام، حين أطاع والده نبي الله إبراهيم عليه السلام، حيث أمره بأن يطلق زوجته وامتثل الابن لأمر أبيه. وأوضحت خاطر أن أمر إبراهيم لابنه إسماعيل لم يكن من فراغ أو ظلماً للزوجة، وإنما كانت أقواله وأفعاله بوحي من الله، وعندما وجد سوء خلقها في مقابلته وتبرمها من المعيشة مع ابنه إسماعيل وشكواها من ضيق الحياة معه، ترك رسالة له بأن يغير عتبته، وعندما جاء نبي الله إبراهيم إلى بيت إسماعيل في غيابه ووجد الزوجة الثانية مطيعة وشاكرة لله على معيشتها وأحسنت استقباله لم يأمره بطلاقها.
وأضافت الدكتورة فايزة: «إذا رفض الابن الاستجابة لوالديه أو أحدهما، في الزواج بمن يرتضيها ويريدها فليس هذا من العقوق، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه «مجموع الفتاوى» بالنص: «ليس لأحد من الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد، وأنه إذا امتنع لا يكون عاقَّاً، وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر منه مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه، كان النكاح كذلك وأولى، فإن أَكْلَ المكروه مرارة ساعة، وعشرة المكروه من الزوجين على طول يؤذي صاحبه ولا يمكن فراقه».
وأنهت الدكتورة فايزة كلامها مؤكدةً أنه يجب على الابن شرعاً أن يحرص على الجمع بين بر والديه وبين زواجه من الزوجة الصالحة، فإن لم يستطع التوفيق والجمع فلا حرج من زواجه، ولو بغير رضى والديه، لا سيما أنّ اعتراضهما لا مبرر له وليس هناك أي موانع.
طاعة الوالدين
على الجانب الآخر، قال الدكتور محمود مزروعة، العميد الأسبق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر: «الأفضل شرعا للابن المؤمن أن يتحرى موافقة والده ووالدته، لأنّ برهما من الواجبات الشرعية ولا بديل لهما، أما اختيار الزوجة فهناك بدائل كثيرة، ولابد أن يثق أن الله سيعوضه خيراً مما ترك، لأنه فعل ذلك طاعة لله وبراً لوالديه، وليكن على ثقة أن من ترك شيئاً لله ورضا الوالدين سيعوضه الله بخير منه. واستشهد الدكتور مزروعة على وجوب طاعة الوالدين بالنسبة للابن في الزواج والطلاق بقصة الفاروق عمر بن الخطاب، حين أمر ابنه عبد الله أن يطلق امرأته التي كان يحبها، وهي قصة ثابتة على لسان عبد الله بن عمر نفسه، حيث قال: «كانت تحتي امرأة وكنت أحبها، وكان عمر يكرهها، فقال لي: طلقها، فأبيت فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «طلقها».
وأضاف الدكتور مزروعة، لا شك أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر التي يجب أن يحرص المسلم على عدم الوقوع فيها، مهما كانت الأسباب، لأن رضا الله في رضا الوالدين وسخطه سبحانه في سخطهما، وهذا ما أكده النبي صلي الله عليه وسلم في قوله: «رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد». وجعل النبي صلى الله عليه وسلم الجنة تحت أقدام الأمهات، وبالتالي لن يدخل الجنة عاقٌ لوالديه فقال: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث. وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، ومدمن الخمر، والمنَّان بما أعطى». وطالب الدكتور مزروعة الشباب المقبل على الزواج بأن يطيع الله في والديه ولا يعصاهما، وسوف يعوضه الله خيراً، جزاء حرصه على طاعة والديه، لأن طاعة الوالدين من طاعة الله، وقد حذرنا الإسلام من عقوقهما حتى في أشد درجات الاختلاف في الرأي معهما، بل يجب احترامهما والحرص على برهما مهما كلّفه ذلك.
الدكتورة مريم الدغستاني: هذه هي الحالات التي تزوج المرأة نفسها بدون إذن وليها
تشير الدكتورة مريم الدغستاني، رئيسة قسم الفقه بكلية الدراسات جامعة الأزهر، إلى أن هناك فرقاً بين زواج الابن والابنة بمن يحبون عند اعتراض الوالدين أو أحدهما، حيث إن الولد هو ولي نفسه في الزواج، أما البنت خاصةً البكر فلابد من وجود الولي، الذي يكون الأب أو الأخ أو الجد أو من تختاره من عصبتها، ولا يصح الزواج إلا بذلك، وبالتالي لا سبيلَ للزواج عند جمهور الفقهاء إلا بولي، واذا تزوجت فزواجها بدون الولي باطلٌ، لقولِ النبي صلى الله عليه وسلم: «أيُّما امرأةٍ نُكِحَتْ بغيرِ إذنِ وليِّها، فنكاحُها باطلٌ، فنكاحُها باطلٌ، فنكاحُها باطلٌ، فإن دخلَ بها، فلها المهرُ بما استَحلَّ من فرجِها، فإن اشتَجَروا، فالسلطانُ وليُّ من لا وليَّ له»، وقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً: «لا نكاحَ إلا بوليٍّ، وشاهدَيْ عدلٍ». وأشارت الدكتورة مريم إلى أن مذهب الحنفية هو الوحيد الذي أتاح للمرأة أن تزوج نفسها، بشرط أن يكون هذا الزواج بكفؤ لها من الناحية الاجتماعية والثقافية، ولا يتسبب هذا في عار لأسرتها إذا تزوجت بمن تحب، وفي هذه الحالة يجوز لولي الأمر اللجوء إلى القضاء لفسخ عقد زواج ابنته رغماً عنه، وتقديم الأدلة على أن هذا الزواج فيه إساءة لأسرتها، وهنا يحق للقاضي الفصل في القضية بناءً على أدلة كل من الطرفين، سواء بالفسخ إذا صح كلام الولي، أو أن يؤيد استمرار الزواج إذا كان كلام الابنة هو الأقرب للصواب، وأن هذا الزواج ليس فيه إساءة لأسرتها. وأشارت الدكتورة مريم إلى وجود فرق بين اشتراط موافقة الولي بالنسبة للبنت البكر وعدم اشتراط ذلك بالنسبة للمطلقة أو الأرملة، التي تكون ولايتها بيدها ولها أن تزوج نفسها بدون اشتراط موافقة الولي، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تُنكحُ الأيّمُ حتى تُستأمَر، ولا تُنكح البكر حتى تُستأذن. قالوا يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: «أن تسكت» وقال في حديث آخر: «ليس للولي مع الثيب أمر، واليتيمة تُستأمر، وصمتها إقرارها». وأنهت الدكتورة مريم كلامها بنصيحة الآباء والأمهات بعدم الوقوف في وجه بناتهم، خاصةً إذا كان من يرغبن في الزواج به على دين وخلق، وإلا أصبح موقف الوالدين الرافض مخالفاً للشرع، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض».