اكتشاف «كويكب» صغير يسير مع الأرض في مدارها حول الشمس
المدينة نيوز:- اكتشف علماء وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" أن لكوكب الأرض رفيقاً يسافر معها في مسارها حول الشمس.
الكويكب الصغير الحجم الذي تم اكتشافه يتحرك في مدار يميل قليلاً عن مدار كوكب الأرض، ليقفز حول مدارها مرّة واحدة في العام. وقد أعلنت وكالة الفضاء أن الكويكب "شبه قمر"، حيث إنه غير مؤهل لاعتباره قمراً حقيقياً، ولكن جاذبية الشمس تبقيه في مدار قريب نسبياً منها.
ومع ذلك، فإنه ليس قريباً للغاية، حيث إن المسافة بين الأرض والكويكب في أقرب نقطة من مداره تعادل حوالي 38 مرّة ضعف المسافة الفاصلة بين الأرض والقمر، أي ما يعادل 238855 ميلاً تقريباً، كما أن أبعد نقطة تفصله عن الأرض تقدر بنحو 100 مرّة ضعف تلك المسافة. مع ذلك، جاذبية الأرض قوية بالقدر الكافي لمنع الكويكب من التحرر.
يقول باول شوداس من مختبرات وكالة ناسا: "في الواقع، هذا الكويكب الصغير عالقٌ في رقصة صغيرة مع الأرض".
وأضاف أن "مدار تحرك الكويكب حول الأرض ينحرف قليلاً إلى الأمام وإلى الخلف من عام إلى عام، ولكن حتى عندما ينحرف إلى الأمام أو الخلف لدرجة كبيرة، فإن جاذبية الأرض قوية بما يكفي لعكس هذا الانحراف".
وبصيغة أخرى، فقد وصفت "ناسا" الكويكب بأنه "عالق في لعبة القفز مع الأرض، وستستمر هذه اللعبة لمئات السنوات"، وذلك لأنه يقضي حوالي نصف مداره على مسافة أقرب للشمس مقارنة بالأرض، فيما يقضي النصف الثاني من مداره خلف الشمس.
ويُعد الاكتشاف الجديد الذي قام به علماء جامعة هاواي، في أبريل/نيسان الماضي، باستخدام تليسكوب Pan Starrs 1 المثبت كماسح بانورامي أعلى قمة هاليكالا الجبلية بولاية هاواي الأميركية، بين أصغر الكويكبات في المجرة؛ فقد قدّر علماء الفلك أنه أكبر من 120 قدماً (ما يعادل 40 متراً)، وأصغر من 300 قدم (ما يعادل 100 متر).
ومن المتوقع أن يظل الكويكب الذي أُطلق عليه اسم "2016 HO3" في مدار الأرض لعدة قرون، كما أنه لا يُعتبر الرفيق الوحيد للأرض في سفرها حول الشمس، فكويكب Cruithne 3753 - الذي سُمي على غرار شعب سلتيك القدامى الذين يُعرفون أيضاً باسم شعب بيكتس (وهم قبائل عاشت في ما يعرف اليوم بشرق وشمال إسكتلندا إبان العصر الحديدي المتأخر وفترات العصور الوسطى المبكرة) – يرافقها أيضاً ويُعتبر "شبه قمر" كذلك، ويستغرق نحو 770 عاماً في دورته حول مداره الذي يشبه حدوة الحصان، فينجذب تارة نحو الأرض وأخرى نحو الشمس.
وقال شوداس إن هُناك جرماً فضائياً شبيه بالكويكب المُكتشف حديثاً، يُدعى YN107 2003، وهو كويكب "يتبع نمطاً شبيهاً بمدار الكويكب منذ أكثر من 10 سنوات؛ ولكنه غادر نطاقنا القريب بعد فترة ليست ببعيدة عن اكتشافه، وأعلنت ناسا أن هذا الجسم الفضائي المكون من الصخور والمعادن يُعد نموذجا لما يُعرف باسم corkscrew asteroid.
ومع ذلك فإن الكويكب الجديد، بحسب شوداس، "ظل شبه قمر مُستقر في حركته حول الأرض لما يقرب من قرن من الزمان، وسيستمر في اتباع هذا النسق كرفيق للأرض لقرون قادمة".
وجدير بالذكر أن كويكب Cruithne يعد أكبر كثيراً في الحجم من نظيره 2003 YN107، الذي تبلغ مساحته 20 متراً، فيُقدّر قطر الأول بنحو 3 أميال، ويستبعد مساره احتمالية التصادم بالأرض، مثلما هو الحال بالنسبة لأحدث كويكب تم التعرف عليه.
وقد تتبع علماء ناسا الكويكبات التي بإمكانها الاصطدام بالأرض لسنوات، وبحسب تقديراتهم فإن أكثر من 90% مما عثروا عليه من كويكبات يبلغ قطرها واحد كم أو أكثر (وهي لا تشكل خطراً مُحتملاً). لكن يمكن للأجسام الصغيرة أن تسبب دماراً كبيراً، مثلما اتضح من انفجار نيزك تشيليابنسك عام 2013، وحادث تونغوسكا عام 1908، وكلاهما وقع فوق روسيا.
انفجر نيزك تشيليابنسك الذي كان قطره 20 متراً، وكان يتحرك بسرعة 12 ميلاً في الثانية، على بعد 28 ميلاً من الأرض في سماء روسيا، بطاقة تُقدر بما يعادل انفجار نحو 500 كيلوطن من مادة TNT المتفجرة، وحطم الانفجار زجاجاً على بعد أميال وتسبب في حروق في الجلد وشبكية العين لدى العديد من الأشخاص، وتسبب كذلك في إصابة 1210 أشخاص، وتبقى فقط نحو 0،05% من كتلة النيزك في حفرة.
ومباشرة أسفل مسار النيزك، كان ارتجاج الأرض قوياً لإسقاط الناس أرضاً، وتحطيم النوافذ لأكثر من 3600 وحدة سكنية، فضلاً عن انهيار سطح مصنع.
أما حادث تونغوسكا الذي وقع بانفجار كويكب لا تُعرف أبعاده، ولكن يُحتمل أن قطره كان أقل من 100 قدم فوق سيبيريا؛ فقد تسبب باقتلاع الأشجار من الأرض على بعد 800 ميل مُربع من موقع سقوطه، أي أن قوته تُقدر بمئات أضعاف تلك القنابل الذرية من النوع الذي أُلقي على هيروشيما.
وتبحث ناسا عن تلك الأجسام الصغيرة؛ إلا أنها أحرزت نجاحاً محدوداً في تتبع الكويكبات الصغيرة ومتوسطة الحجم. طلبت وكالة الفضاء المُساعدة من الجمهور، واقترحت إطلاق تليسكوب فضائي جديد كما أعدت مهمة لهبوط روبوت على أحد الكويكبات، لدراسة إمكانية تغيير مسار الأجسام الفضائية بعيداً عن الأرض.