ما هكذا يكون ضبط الإنفاق يا بلدية الكرك..!!
![ما هكذا يكون ضبط الإنفاق يا بلدية الكرك..!! ما هكذا يكون ضبط الإنفاق يا بلدية الكرك..!!](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/49168.jpg)
المدينة نيوز - سيزيد فقراء الأردن البالغ عددهم (781) ألفاً أربعة عشر فقيراً بعد أن قامت بلدية الكرك الكبرى بإنهاء خدمات (14) مواطناً يعملون فيها كعمال وطن، فماذا يعني ذلك في الوقت الذي تسجّل فيه محافظة الكرك نسبة فقر تزيد على (17%) وتبذل فيه الحكومة والجهات الرسمية والأهلية ذات العلاقة جهوداً كبيرة لحفز الأردنيين المتعطلين عن العمل للإقبال على فرص العمل المتاحة في سوق العمل، ونبذ ما يسمى بثقافة العيب في العمل..؟!!
كل الجهود يجب أن تنصب على مكافحة الفقر والبطالة، فالمهم أن لا يظل أردني واحد متعطلاً عن العمل، ما دام راغباً بالعمل وأن يقبل بالفرص المناسة المتاحة أمامه وضمن الأجور السائدة في المجتمع، وقد بدا في الآونة الأخيرة أن ثمة إقبالاً ملفتاً من الشباب الأردني الباحث عن عمل على الفرص المتوفرة، بصرف النظر عن طبيعة هذه الأعمال والفرص، ومن ضمنها عامل نظافة (عامل وطن).. فعندما يكسر الأردنيون الباحثون عن العمل حاجز ثقافة العيب في العمل ويتجاوزونه، فهذا دليل على تغيّر حقيقي في الثقافة الاجتماعية وسلوكيات الأفراد تجاه العمل وبالتالي النظر إليه كقيمة جوهرية في حياة الإنسان.. ما أدى إلى تغيير الصورة النمطية غير المبررة التي كانت سائدة لحقبة بائدة طويلة، وقد أثبتت ذلك نتائج دراسة حديثة نفّذها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية وعزت أسباب عزوف الأردنيين عن بعض المهن والأعمال مثل عامل نظافة، عامل محطة محروقات، عامل إنشاءات، عامل زراعي، مضيفة مطعم.. وغيرها ومعظمها وظائف ومهن لا تزال تشغلها أيدي عاملة وافدة، عزت ذلك إلى ثلاثة أسباب رئيسية الأول أن النسبة الأكبر ترفض الالتحاق بمثل هذه الأعمال بسبب تدني الأجور والرواتب (33% من عينة الدراسة قالت بذلك) والثاني أن العزوف عن هذه الأعمال يأتي بسبب ساعات العمل الطويلة المطلوبة من العامل (28%) والثالث بسبب الخجل من طبيعة هذه الأعمال (11% من العينة)..
الثقافة المجتمعية السلبية تجاه العمل بدأت تتغير، ونسب الفقر المتزايدة في المجتمع سوف تحفّز على الإقبال على الفرص المتوفرة في السوق، ومطلوب منا كمؤسسات رسمية وأهلية ومؤسسات مجتمع مدني أن نشجع الأردنيين على ارتياد الأعمال والمهن المختلفة، ومن غير المقبول وغير المنطقي أن تبادر جهة رسمية أو أهلية إلى إنهاء خدمات أردني يعمل في مهنة عامل نظافة ما دام يؤدي عمله على الوجه الحسن تحت أي ذريعة من الذرائع كما فعلت بلدية الكرك منذ أيام..!!
مواجهة الفقر ونقل (781) ألف فقير في المجتمع الأردني إضافة إلى 14 فقيراً أضافتهم بلدية الكرك إلى فقراء الأردن، نقلهم من جيوب الفقر إلى جيوب الكفاية يحتاج إلى جهود جبارة وبرامج عملية تحفّز على العمل والانتاج، وبخاصة في المحافظات التي سجلت أعلى نسب فقر وفقاً لنتائج مسح الفقر الذي قامت به دائرة الإحصاءات العامة مؤخراً والذي أظهر ارتفاع نسبة الفقر في المملكة من 12.8% عام 2006 إلى 13.3% عام 2008، كما أظهر نسب فقر مرتفعة في محافظات المفرق ومعان والطفيلة والكرك..
أرجو أن تراجع بلدية الكرك قرارها وأن تتراجع عن إنهاء خدمات الأربعة عشر عاملاً من عمال الوطن المواطنين، فالقرار ليس منصفاً كما لم يراع الجهود الوطنية الرامية إلى تحفيز المتعطلين الأردنيين للإقبال على العمل في المهن والأعمال المختلفة وكسر ثقافة الخجل من العمل.. ويكفي أن نشير إلى أن هؤلاء الأربعة عشر مثّلوا إحدى صور البناء والعطاء وكانوا نموذجاً في التعالي على ثقافة العيب التي ترسّخت في المجتمع وبين أبنائنا لحقبة طويلة وبدأ جليدها يذوب رويداً رويداّ.. أوليس من واجبنا كأفراد ومؤسسات أن نساهم في كسر هذا الجليد وتذويبه بدلاً من ترسيخه والحفاظ عليه كما فعلت بلدية الكرك..!!؟