ألــم الوداع... فرحة اللقاء..
![ألــم الوداع... فرحة اللقاء.. ألــم الوداع... فرحة اللقاء..](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/49360.jpg)
لا.. لن أحمل منديلاً كي ألوح به مودعاً.. أو أمسح بعض دموعي ألماً على فراق من سافروا.. أو غابوا.. وهذا المنديل الذي لم أكن أقوى على النظر إليه أراه اليوم أنصع من ثلوج الدنيا...
فمن سافروا .. عادوا .. ولكن من غابوا لا يعودون !!! ومن لوحوا الأيدي المتعبة، لفوا الرأس بمنديل مغمس في كمشه من تراب الوطن.
تنادى كل مغترب ليقول حضوره.. فوجوده على أرضه قبل كلمته.. وحلاوة الوطن في عينيه، إنعكاس لهذا الإستقرار الذي لا يعرفه إلا من يقف على أرض ثابتة، والثبات دوما هو الوطــن ...
الوطن، ليس أحراجاً أو ماءاً كوثرياً، أو سماء تتقلد زرقة لون البحر دون أن يكون لها ذلك البحر، وإنما هي تلك العلاقة الواعية، والإرتباط المتناسق بين الإنسان ( رمز الفناء ) والوطن ( الرمز الصحيح للبقاء الأبدي )..
تحت هذه الراية يجيء المتغربون إلى أوطانهم، إلى بلادهم التي علمتهم سر العلاقة، وأصالة الوعي، وحميمية الإرتباط مع الصميمية التي لا تجاري في الإحساس، يجيء المغتربون وهم أهل البلاد، كي يقولوا اللغة الأحب إليهم، واللفظة الساحرة التي تعنيها كلمة الوطن - الأم - .
واذا كان الإغتراب مدرسة، فإن الوطن الأم معلمٌ كبير، يجيد الحب الأصيل لأبنائه، بذات اللغة التي يحلم أن يقهر بها أي إحساس بإغتراب المغترب.
إذ ليس هناك عذاب أشقى من شوق المغترب لوطنه، وليس هناك أقسى من لوعة المغترب عن أرضه ووطنه.. المعادلة الجديدة القديمة تقول، أن نعمة الإستقرار هي دائماً فوق الأرض الثابتة..
والثبات بكل معانيه. .. هو الوطن.. ودفء الأرض.. وحلاوة الشمس، والثبات أيضاً، أن يكون لكل إنسان موقع قدم متحرر من خوف البعاد، ومن رجفة التراب الذي لا يعنيه.
هكذا، تقول مدرسة الإغتراب، التي تبقى على الدوام رحلة في الحلم الذي يئن عذاباً.. في حين يقول الوطن- الأم، قصة الثبات وحرية الأرجل التي تعرف أن كل ذرة في هذا المتسع هو ملك لها..
جميل وعظيم أن يأتي المغترب، كي يقول كلمته.. حناناً وإقتصاداً.. ومشاريع وتدللا في المعاني.. والأجمل أن يهدر هذا النهر من الحب الجارف، وأن يخفق علمه في كل قلب، وأن تبقى نبضات الأرض حروف الإيمان في الحناجر...
ولكن الأجمل والأعظم، هو ذلك المكان الذي يخلد، ويبقى طويلاً لكل أبنائه وبناته... إنه الوطن
mahasen1@ayamm.org