الإبداع في عصر العولمه
![الإبداع في عصر العولمه الإبداع في عصر العولمه](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/49602.jpg)
التاريخ هو قصة التطور المجتمعي عبر العصور، وسجل الأحداث الأهم التي صنعها وعاشها الأنسان على طريق التقدم والرقي . وحيث أن الأحداث والأشياء المحركة للتاريخ لايصنعها سوى المفكرين والمبدعين والعلماء والقادة ، فان التاريخ قلما أحتفل بغير الموهوبين والعباقرة من صناعّه وقادتهِ . ولقد ساهم المبدعون في توجيه حركة التاريخ من خلال خلق الجديد من الاشياء والادوات ، وتطويرالجديد من الافكار والنظريات الفلسفية ، وتأسيس الرائد من الحركات الاجتماعية والسياسية والمؤسسات الاقتصادية ، وتطوير العلوم والفنون التكنولوجية ، وتصوير أحاسيس ومشاعر الناس الخفية على شكل قصص شيقة واساطير ساحرة وأشعار جميلة وأفلام مثيرة ورقص وموسيقى معبرة وغيرذلك . من ناحية أخرى ، يشير التاريخ الأنساني الى أن التقدم والرقي المجتمعي ، بشقيه المادي وغير المادي ، جاء أسـاسا نتيجة لعوامل منها... حدوث إكتشافات وتطورات تكنولوجية هامة ... حدوث تحولات إجتماعية وثقافية عميقة ، خاصة في العلاقات بين الناس... حدوث تراكم معرفي ، خاصة في فهم الطبيعة وقوانينها وخصائص الأشياء وأسرار الحياة والكون ... نزوع الانسان الدائم نحو الحرية لأن حرية الأنسان وتقدم مجتمعه لن يتحققا دون حدوث تطور ثقافي وتراكم معرفي واجتماعي ونماء اقتصادي وفي مختلف النواحي .
إتجه الأنسان من عصر الزراعة وتأمين الغذاء واستقرار الحياة الأجتماعية مما أدىّ الى نجاح الأنسان في انتاج فائض زراعي والى حدوث نمو سكاني وتراكم للثروة، كما أتاح للأنسان ما يكفي من الوقت للتفكير، وهذا أدى الى ميلاد فكرة التقدم... الأنتقال من عصر الزراعة الى عصر الصناعة إتجه الأنسان الى العمل على تكييف بيئته الطبيعية والسيطرة عليها لتتوافق مع حاجاته ورغباته في حياة اكثر أمنا واستقرارا ومتعة ورفاهية ورقيا. الوعي عند الأنسان ادى فيما بعد إلى خلق توازن داخل المجتمع وقاده تدريجيا الى تحديد الواجبات والحقوق، والأعتراف بالحريات العامة والخاصة، ولكن على حساب المساواة والعدالة الأجتماعية . في عصر المعرفة ، والذي يطلق عليه أحيانا عصر المعلومات وأحيانا عصر ما بعد الصناعة، وأحيانا أخرى عصر العولمة، فقدأصبح للمعرفة والوقت دورٌ اكثر أهمية في حياة الفرد والمجتمع.
إن تحول نمط الانتاج من الزراعة الى الصناعة جعل الوقت يتحول من عبء الى ثروة ، وبالتحول من نمط انتاج البضائع الى نمط انتاج المعلومات والخدمات المؤسسة على المعرفة والتخصص العلمي الدقيق حيث أصبح الوقت أهم الثروات التي يملكها الانسان المعرفي جميعا.
واليوم تستقطب العملية الأعلامية – المعلوماتية أفضل العقول والمواهب في تطوير تكنولوجيا الأتصالات وصناعة المعلومات وتنمية المعرفة بكافة أشكالها، وإعادة تشكيل الثقافات وطرق التفكير والحياة والحكم بالنسبة لكل المجتمعات والدول. وهذا يعني ان تطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والأعلام وتشجيع الموهوبين وذوي القدرات الخلاقة على الدخول الى عالم المعرفة المرتبط بتلك النشاطات والأنتقال من عصر الصناعة الى عصر المعرفة ومن تصميع البضائع الى تصنيع المعلومات والخدمات. ويتم هذا الأنتقال اليوم من خلال تكامل اقتصاديات الدول، وتواصل ثقافات الشعوب والأفراد والجماعات، وتراكم المعارف العلمية والتكنولوجية ووضعها في متناول المثقفين والقادة الواعين وفي خدمتهم . لأن حرية الأنسان وتقدم مجتمعه لن يتحققا دون حدوث تطور ثقافي لأن القيم والمعتقدات والأفكار والتشريعات الدينية أصبحت جوهر الثقافة وبوتقة العلم و تحرر الفكر وتحرير العقل ومفتاح التقدم العلمي والتطور التكنولوجي والتراكم المعرفي عبر العصور، وهي التراكمات والتطورات التي أوصلتنا الى ما نشهده اليوم من عولمة تشمل كافة نواحي الحياة : الاقتصاد ، واسواق المال والاستثمار والتجارة ، والثقافة والاعلام ، في عصر المعرفة والأبداع وميلاد فكرة التقدم والأزدهار.