الرجل الذي انجب اكثر من الف طفل !
المدينة نيوز- قد يكون انجاب 10 اطفال ليس بالشيء الكثير , ان نحن قارنا هذا الرقم بالعدد 20 او 30 او60 او حتى 90 طفلاً ..كما هو الحال بالنسبة للهندي (زيونا شانا) الذي انجب 94 طفلاً من 39 زوجة , بالأضافة الى 33 حفيداً ….
لكن كيف ستكون ردّة فعلك عزيزي القارئ ان انا همست في اذنك , ان التاريخ وثّق لرجلٍ انجابه لأكثر من 1000 طفل.. و بذلك يكون قد سجّل نفسه في كتاب غينيس للأرقام القياسية : كصاحب الرقم القياسي العالمي من حيث عدد الأبناء الذين انجبهم ..
و لن يكون هذا الشخص من عامّة الناس و لا افقرهم , بل هو ملك اسمه : اسماعيل بن مولاي عليّ الشريف العلوي , و المعروف بمولايّ إسماعيل (1645 – 1727) سلطان المغرب القويّ , الذي حكم المغرب الأقصى ما بين سنتيّ 1672 و 1726م .
و رغم ان موسوعة غينيس اشارت الى انجابه ل888 طفلاً فقط , الاّ ان كتابات الدبلوماسي الفرنسي (دومينيك بيسنو) الذي عاصر السلطان , و كان يتردّد على المغرب في مناسباتٍ عديدة ، تشير إلى أن الرقم الحقيقي لأبناء السلطان يتجاوز ذلك الرقم بكثير ، و بلغ بالضبط 1171 طفلاً : من 4 زوجات و500 جارية بحلول العام 1704 , حين كان قد بلغ من العمر 57 سنة !
و الأسئلة التي يمكن ان تدور في خلد ايّ واحدٍ منا : هو كيف امكنه انجاب هذا العدد الهائل من الأطفال ؟! و كم كان عدد نسائه ؟ و اين نشأ ابناءه و كيف ؟ و هل كان يتذكّر وجوه ابنائه الأكثر من الف , او حتى اسماءهم ؟ و كيف كانت حياة الأخوة الأمراء فيما بينهم ؟!
السلطان مولايّ اسماعيل , امبراطور المغرب القويّ :
حكم المغرب بيدٍ من حديد , منذ سنة 1672 للميلاد الى غاية 1726م ..و دشّن فترة حكمه بقطع 400 رأس , علّقها في مدينة فاس ، و أكثرها تعود لزعماء مناوئي لسلطته .. بينما انتهت مدّة حكمه الطويلة , بقتل ما يزيد عن 30 ألف شخصاً..
كان سياسياً محنّكاً , و في ذات الوقت ديكتاتوراً طاغياً متعطّشاً للدماء , و متفنّناً في اساليب تعذيب خصومه و مناوئيه…عُرِفَ بقوته و صلابته و هيبته بين الملوك , فهو الذي حصّن المغرب من المدّ العثماني التركي..فكان بذلك المغرب , هو البلد العربي الوحيد الذي لم يكن خاضعاً للاتراك العثمانيين ..
و امتدّت إمبراطوريته من الجزائر حتى موريتانيا ..الاّ انه في نفس الوقت عُرِفَ بعلاقاته الجنسية المتعدّدة , و التي لم تكن تُخفى على احد ..
ففي رواية الرهبان الفرنسيين الأربعة الذين زاروا مكناس سنة 1704، سعياً منهم إلى إطلاق سراح الأسرى النصارى اشاروا الى : أنه في خلال الثلاثة شهور التي سبقت وفادتهم على مكناس ، ولد للسلطان إسماعيل أربعون ولداً !
المولى اسماعيل اب لألف طفل :
تزوج الملك المغربي اربع زوجات و500 جارية , منهم المغربية و التركية و الأسبانية و الأنجليزية .. و انجب عدداً ضخماً من الأبناء.. كانوا لكثرة عددهم و تعدّد أمهاتهم مسجّلين في دفترٍ سلطانيٍّ خاص ، في حين أفرَدَ لهم المولى إسماعيل ما يقارب 105 من الدور بمنطقة تسمى (سجلماسة) ..
و كان يبعث إليهم من يُوزّع عليهم العطايا , فيهبّ لهم النخيل و أراضي للفلاحة و الزراعة , كما العبيد المماليك لخدمتهم و حرث أرضهم .. كما كان لكل واحد من أولاده مرتبة عند أبيه السلطان , يحدّدها هذا الأخير بأصله و منزلة أمه عنده..
و عندما نقل العاصمة من مراكش الى مدينة مكناس , بنى بهذه الأخيرة قصراً ضخماً , علّه بذلك يضمّ داخل جنباته ما تبقى من نسائه و جواريه و ابنائه..فأمر الملك ببناء قصرٍ فخمٍ و ضخم , مستغلاً في ذلك ما كانت تمتلكه الدولة من عبيد افارقة و اوربيين ..
فقد كانت في تلك الفترة ظاهرة القرصنة البحرية ، حيث كان الأوروبيون يصطادون المغاربة , و المغاربة يصطادون الأوروبيين .. و كان القراصنة المغاربة يبيعون العبيد الذين يصطادونهم في الأسواق ، و تحصل الدولة على 10 في المائة .. و هكذا ملكَ مولايّ إسماعيل 50 ألفاً من الأسرى الأوروبيين ، استخدمهم في بناء قصر مكناس .. و كان القصر يضمّ مئات الخدم و الحشم و الجواري , اللواتي
اعتنينَ بأبناء السلطان و بناته و نسائه و افراد عائلته
و من الأحداث الطريفة و الغريبة التي وثّقتها المصادر الفرنسية الخاصة , نجد ان المولى اسماعيل (زيادة على نسائه و جواريه اللواتي ملأنَ قصوره) .. فقد تقدّم لخطبة ابنة ملك فرنسا “لويس الرابع عشر” و اسمها الأميرة ” Marie-Anne de Bourbon ” لكن الملك الفرنسي رفض و اعتذر لأعتباراتٍ دينية و عقائدية ..
لكن الحقيقة ان الملك (الشمس) كما كان يلقب , لم يكن يملك الجرأة ليخبره بأن السبب وراء الرفض : يعود إلى تعدّد زوجات سلطان المغرب و كثرة ذريته , التي بلغ صداها الآفاق .
الغريب في الأمر ان الملك المغربي لم يرى الأميرة الفرنسية يوماً في حياته , بل انه افتتن بجمالها عن طريق ما حكاه له سفيره عند لويس الرابع عشر، السفير المغربي ابن عائشة ، حين استُقبل هذا الأخير من قبل الإمبراطور الفرنسي بقصر فيرساي يوم 16 فبراير 1698م ، و شاهد يومها الأميرة (آن ماري دو بوربون) ..ثم روى للسلطان عن حسنها و رقتها ..فما كان من الملك المغربي الفحل الاّ ان ارسل سفيره ابن عائشة مرة اخرى لخطبة الأميرة , و اضافتها الى حريمه في القصر
لم يكن حنان الأب ليطال ابناء السلطان في مناسباتٍ عدّة , فهو الملك الديكتاتور الذي بمجرد ذكر اسمه ترتعد فرائص الآخرين ..فهو عندما امسك بإبنه محمد الذي تمرّد عليه , لم يلِن أمام توسلاته الملحّة في أن يغفر له.. بل استمر في تعذيبه ببشاعة لأيام إلى أن أسلم الروح !
و لم تكن شهادات الأسرى المسيحيين المحرّرين من سجون المغرب , اقل رعباً من شهادات رعيّته و ابناء شعبه..و تكفي شهادة السفير الفرنسي (بيدو دو سانت أولون) الذي أوفده لويس الرابع عشر للتفاوض معه ، و الصادرة في كتاب نشر في 1695..و التي تتحدّث عن قسوته و مزاجيته , و عن فنون التعذيب و القسوة التي كان يذيقها للأسرى الأوربيين , و السجناء المغاربة على حدٍ سواء , و لكل من سوّلت له نفسه المساسّ بهيبة السلطان او التمرّد عليه.
لم يكن خبر انجاب الأمبراطور المغربي لأكثر من الف طفل في مدّة لم تتجاوز 32 سنة , ان يمرّ مرور الكرام على الباحثين و العلماء المعاصرين.. لذلك قامت العالمة النمساوية (إليزابيث أوبرزوشر) الباحثة في جامعة فيينا ، و التي أبهرتها قصّة الأمبراطور المغربي مولايّ اسماعيل , بإجراء دراسة علمية كيّ تتأكّد من صحّة هذه الرواية , اعتماداً على استخدام برنامج محاكاة حاسوبي ، و قد ساعدها في ذلك زميلها العالم الألماني (كارل كرامر).
استند الباحثان في برامج المحاكاة إلى عدّة نماذج : في واحدٍ منها اعتبروا فيها الدورة الشهرية لدى النساء غير متزامة ..و في أخرى اعتبروها متزامنة , بالإضافة إلى جودة السائل المنوي مع تقدّم اسماعيل في السنّ .
و بحسب برامج المحاكاة , تعيّن على اسماعيل ممارسة الجنس بمعدل 0.83 و1.43 مرّة في اليوم , كيّ ينجب 1171 طفلاً في 32 سنة .. كما أنه لم يحتج إلى 4 زوجات و500 جارية ليسجّل هذا الرقم ، بل يكفيه ما بين 65 و110 نساء..
و نقل موقع “لايف سيانس” عن الباحثة (إليزابيث أوبيرزوشير) قولها : كنّا متحفظين قدر الإمكان في حساباتنا ..وعلى الرغم من ذلك ، تمكّن اسماعيل من تحقيق الرقم الجميل في الأمر ان هذه الدراسة عن القدرة الجنسية للأمبراطور المغربي , حازت من خلالها العالمة النمساوية و زميلها (كرامر) على جائزة نوبل , للدراسات العلمية الأكثر غرابة .
اكثر من الف طفل ..و ماذا بعد ؟ :
لم تعدّ كثرة انجاب الملك لأكثر من الف طفلٍ نعمة و فخراً كما كانت من قبل , بقدر ما اصبحت نقمة على عموم الشعب في بلاد المغرب ككلّ .. فبعد وفاة الملك الأب , استبدّ الجيش بالحكم , و اصبح يتدخل في تنصيب و عزل ابناء المولى اسماعيل ..فقامت النزاعات المسلّحة و الثورات في مختلف ارجاء البلاد..
و لهذا نرى ان كثرة الأبناء لم تؤثّر كثيراً على ديمومة حكم و قوانين الملك الأب , الذي ظلّ الى يومنا هذا : الرجل الأكثر انجاباً على مرّ العصور !