سحقاً للطعام الصحي !

ذات يوم قررت أن أكون رجالاً صحيا،ً بعد أن أعياني الكرش والسمنة الخفيفة مع ارتفاع ضغط الدم، وبعد أن سرق الزمن لياقتي، فأطلقت عنان الكيبورد وسطرت حروف "الطعام الصحي " على محرك البحث "غوغل " لعلا يرشدني عن طعام سحري يعيد لي لياقتي ويسحبني 20 عاماً إلى الوراء.

محرك البحث هذا امتلأ بآلاف الصفحات التي تتكلم عن خرافة الطعام الصحي، وعناوين ما انزل الله بها من سلطان، براقة وخارقة وحارقة ومتفجرة، منها: "هل فكرت يوما إنك تختار الأكل الصحي؟ "، "ما هو الأكل الصحي؟ "، "تعرف على أسرار الطعام بطريقه صحية "، "دراسة: تناول الطعام الصحي يزيد الجوع "، "خرافات فوق الطبق!! "، "عشر خرافات عن الصحة.. انسوها! "، "كيف تطعم قطتك الطعام الصحي؟ "، و«تعشى واتمشى»، والشيء الذي لم افهمه لغاية الآن عنوان دراسة علمية يقول (الإدمان على الطعام الصحي قد يؤدي إلى الوفاة).

وبدلا أن اعثر عن قائمة تناسبني، تهت في دهاليز التقارير والأخبار وأخر الدراسات الصحية والعلمية والنووية والشوفينية، وأخيراً الميتافيزيقية بفرعيها الكسمولوجيا والأنطولوجيا، فخرجت من هذه المتاهات ودخلت في حالة من الهلوسة بعد استشارة الأصدقاء والأقرباء ، فالكل - دون أدنى معرفة مني- أصبحوا خبراء في الغذاء وأسرار الطعام بنصائحهم المصابة بمرض الشيزوفرينيا.

والادها في الأمر تناقضات الدراسات العلمية التي تخرج علينا كل حين على صفحات الجرائد، والتي إصابتنا بانفصام في الشخصية، فبعض الأحيان تؤكد انه لا بد من تناول التفاح بقشره لتكتمل فائدته، لان الفائدة تكمن تحت القشرة مباشرة، وفجأة تنط في وجهك دراسة اخرى تقول ان اكل التفاح بقشره يسبب لك مشاكل صحية، لان السموم والأدوية التي ينثرها صاحبنا المزارع على التفاح تبقى موجودة في القشرة، وثالثة تؤكد ضرورة تناول الفاكهة والخضروات بعد قطفها مباشرة لان تخزينها لفترة طويلة يفقدها فوائدها الصحية.

إذا على من يحب التفاح ان يمتطي شجرة تفاح في تنقلاته ليتناول ثمرها طازجا وليطبق المثل الإنجليزي القائل "تفاحة كل يوم تبعدك عن الطبيب "، ولكن عن أي طبيب؟! طبيب القلب أم طبيب السموم، أو تتجه لتفاحة "اورانك " إذا ما تبقى في جيبك بعض الدراهم الفائضة عن حاجتك "واشك في ذلك ".
لن أكون صحيا بعد اليوم ولن أتابع تلك الدراسات، وسابقى التهم كل ما طاب ولذ دون الالتفات لنصائح وصرعات الوصفات الصحية.
فسحقا سحقا للطعام الصحي!!!!!.