نـهاد.. وحـَصـر الإرث
![نـهاد.. وحـَصـر الإرث نـهاد.. وحـَصـر الإرث](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/50588.jpg)
... الكذب، ثم الكذب... ثم الكذب....
... عشرات السنين، ونحن نعيش داخل الكذب، نتنفس به .. ونقتات منه، ونقرأ ما يـُسطر لنا من أكاذيب الأولين، أيقظوا جذوة الكذب في أساطير الشعور، وبثوها في الصحف الصفراء، وقالوا لنا هذه الحقيقة، زوروا بهتاناً التاريخ والجغرافيا، وحرفوا الرسالات السماوية، وإستباحوا الحرف العربي، مرغوه بالأدران، وشيدوا الجدران الوهمية، وأطلقوا الشعارات، وطبلوا وزمروا لأكاذيبهم.. ومن لا يصدق.. عليه أن يصدق...
وصدقنا.. وشــر ما صدقنا... " مكرهاً أخاك لا بطل "... وقلنا لعل .. وعسى.. وربما.. وهذه الـ " ربما " تسجننا في سجن غياهبه متاهات، لا نعرف السبيل إليها، ولا كيف أغرقنا في لجاجتها المريرة...
وضعونا نرى العالم من خلال شباك واسع فضفاض.. يتسع لكل شيء إلا " الصـدق " .. بإسم الكذب جـُملت العبارات.. وبإسم الجمال الكاذب – ترتكب أبشع جرائم العصر وأنذلها.. وينبغي علينا أيضاً التصديق دون المناقشة.. أنها حلول آنية!!
... ما نطالعه يومياً من جرائم، وتفكك أسري، هو حالة من حالات اللا وعي البشري... إبن يقتل أباه.. أب يقتل إبنه.. أم تتخلى عن أطفالها.. حاويات القمامة تحوي خـُدج.. لم تعد هذه الحكايات أسراراً .. والجميع ينام نوماً هانئاً وسعيداً .. يومياً المطالع لهذه الجرائم- أقصد الإجتماعية – يشعر أننا إسقطنا أخلاقاً.. وقيماً.. كنا نعتز، ونفخر بها.. يومياً تدور عجلة الدجل.. والنفاق الإجتماعي.. وأعلم كما يعلم غيري، أن حبل الكذب قصير... وسيُكشف أمام الغير.. مهما طال الزمن أو قصرت المدة... ألا يكفيينا الآلة العسكرية التي تزمجر وتهدد مدناً عربية.. إننا نرى اليوم آلة من صنف جديد .. آلة لإغتيال الشخصية.. فأسهل طريق لإستعمال آلة العصر هذه.. هو البيت.. الخصوصية..فسيدة عظيمة " كـ فيروز (نهاد حداد) " التي لم تبحث يوماً عن النجومية الشخصية، وأنما صـَدحت بصوتها للتـُراب والهواء، والنقاء العربي... وبعد عقود من العطاء تقف منتظرة قراراً قضائياً لـِحصر إرث الرحابنة!!
ماذا حل بأبناء الرحابنة لنشر الغسيل على صفحات المحاكم ؟؟ " فيروز ".. رائعة الشدو العربي .. حالة الإبداع النادرة، لا تخص لبنان وحده إنما كل عربي من المحيط إلى الخليج.. فيروز هي الشام، وبغداد، وعمان، ومكة، والكويت، وبيروت.. فيروز هي أهم أعمدة الثقافة العربية.
هي التي سـَجلت " بـتـرا "وهالة والملك " .. " ولولو ".. "وصح النوم ".. فيروز.. أهدت المقدسيين حكاية شوارع القدس العتيقة.. وتجوالها أمام الدكاكـين.. والخبرية.. وأهدوها مزهرية.. ملحمة غنائية سجلتها والآخوين مجتمعين.. بكلمات رقيقة نابعة من قلب مـَلكة الغناء الاصيل، جسـدت فيها معاناة وواقع الأهل على ترابهم الوطني .. " فيروز " هذا الإسم الذي سـَجل موروثاً ثقافياً عربياً أصيلاً، تنتظر اليوم الإذن من الورثة، لتـَصـدح من جديـد.. وإلا .. فهي عرضة للتوقيـف في حـال المخـالفة...
ضجة إعلامية كبرى أثارها قرار المنع في بيروت، التي عشقتها وعشقها كل العرب، رغم خلافاتهم الجوهرية وغيرها.. وحملات إعلامية مغرضة، ضد سيدة عشقت الفن الأصيل...
تاريخ طويل من الإبداع يعترف به القاصي والداني، ليس في عالمنا العربي،.. وإنما في العالم أجمع ...
وقفة تضامنـية مع فيــروز في عواصم الدول العربية.. هل ستداوي جرح فيروز ؟؟.. من أقرب وأقرب الأقرباء.. هذه العملاقـة، وصلت إليها أيضاً آلة إغتيال الشخصية الحديثة .. ولكن يا سيـدتي .. لا تحزني ولا تقلقـي .. فصوتك في شراييـن كل صادق أميـن .. وشوارع القدس العتيقة بإنتظار قدومك.. يا جارة الوادي... الوديعة ... وسنظل ننتظر مسرحيتك القادمة إلينا " يعيش يعيش ".. في موسم عزٍ جديد...