بين عبد الهادي وعبد اللطيف المشروع الهاشمي هو الحل!
![بين عبد الهادي وعبد اللطيف المشروع الهاشمي هو الحل! بين عبد الهادي وعبد اللطيف المشروع الهاشمي هو الحل!](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/51372.jpg)
خاص – كتب شحادة أبو بقر - : بين يدي فضائل الشهر المبارك ... وعلى مسافة ثلاثة شهور من استحقاق برلماني مهم ، وحيث تتصاعد نذر التوتر لتنذر بحرب جديدة في المنطقة ... وحيث تشتد وتيرة الازمة المالية والاقتصادية ... وبينما تسوء الاحوال المعيشية للبلاد والعباد الى الحد الذي لم يعد يطاق وسط موجة حر لاهب نسأل الله ان تنتهي قبل رمضان ... في ظلال كل هذا يشتد " الجدل " المحزن ليس بين عامة الشعب ، فالعامة مشغولون تحت وطأة الازمة وحتى اخر قطرة بقوت عيالهم ولا شيء غير ذلك ، وانما بين " النخب " تحديدا ، فالاسلاميون يقاطعون الانتخابات ولهم مبرراتهم المعلنه ، وكذا يفعل متقاعدون واحزاب واخرون ، ويتصاعد الجدل والتحدي والله وحده اعلم اين سيذهب هذا المخاض منذ الان وحتى موعد الانتخابات نهاية الخريف المقبل !.
وسط هذا الخلط العجيب الذي يذهب برجلين محترمين من امثال "عبد الهادي المجالي وعبد اللطيف عربيات " الى تبادل الاتهامات علنا وعبر الشاشة وفي كل بيت من بيوت الاردنيين كافة ، تقف النفوس المؤمنه بربها المحبة لبلدها " حيرى " لا تدري ماذا تقول ، خاصة عندما تصبح الشتيمة والتهمة مجرد كلمة يسهل في بلادنا ان تقال دونما حسيب او رقيب او حتى وازع من ضمير ، وعندما ينحسر الانتماء في صدور اشد المنتمين تاريخا الى درجة " التجمد " ان لم يكن التلاشي ، ولا حول ولا قوة الا بالله !.
هذا حل مائل تماما ، والدولة التي تناكف ابناءها هي دولة مأزومة قطعا ولا نقاش في هذا ، والدولة التي لا تكبر الى الحد الذي ينحني في رحابها كل اهلها اجلالا واحتراما ، هي دولة بحاجة لان تتلمس رأسها جيدا لتكتشف اين العلة وما هي الاسباب !.
نعم هذا حال مائل ، والحال المائل لا ينذر بالضرورة الا بالسقوط لا قدر الله ، ومن هنا فان من واجبنا ان ننصح وان نحذر وان نقول كلمتنا ليس لاننا نبحث عن مكان وسط الزحام كما يفعل غيرنا ، وانما إبراء للذمة ومزاولة للهمة وقول لكلمة نعتقد بانها كلمة حق باذن واحد احد لا نعبد الا اياه ولا نخشى سواه !.
يحتاج الاردنيون جميعا ومن كل الاطياف والاصناف " ان جاز التعبير " وبعد اذ ارهقنا مصطلح " المنابت والاصول " وقسمنا الى شيع وطوائف ومذاهب ، لان يوحدوا مواقفهم وسلوكهم على اساس ان لا عداء بينهم ابدا ، وان لا عدو الا العدو الواحد المشترك المتربص بنا وبغيرنا من اهلنا العرب, والقابع هناك على ارض فلسطين غرب النهر, حيث ارض وحقوق اشقائنا الفلسطينيين الذين علينا ان نعمل واياهم وبكل وسيلة متاحة لضمان استردادها ليقيموا دولتهم هناك على ثراها الطهور وليس في اي مكان اخر .
ذلك هو القول الفصل الذي وجب ان يوحدنا اليوم وكل يوم, وان لا يترك بيننا فرصة للصدام او الخلاف والاختلاف لا قدر الله ، باعتبار ان شيئا من ذلك يشكل خدمة جلى لاعدائنا معا .
وعليه ، والى ان تنجلي الغمة وينزاح الاحتلال البغيض عن صدورنا المتعبة ، فلا بد من جامع مشترك يجمعنا ويوحد صفوفنا ، ولا سبيل الى ذلك قطعا الا من خلال مشروع سياسي كبير يقوم على اساس فكر مستنير قادر على استقطاب العامة طوعا وعن قناعة وايمان, وتوظيف قدراتهم طوعا كذلك في الدفاع عن هكذا مشروع ذي برامج سياسية واقتصادية واجتماعية من شأنها الارتقاء بحياة الناس وتعظيم دورهم ومكانتهم وصون حاضرهم ومستقبل اجيالهم .
قطعا يمكن للمشروع السياسي الذي على اساسه نشأ حزب جبهة العمل الاسلامي الواجهة السياسية لجماعة "الاخوان المسلمين " ان يكون قاعدة صلبة ومناسبة لتحقيق هدف عزيز كهذا ، الا ان كثيرا من " الاجلاء " القائمين على امر الحزب يستعجلون الامور الى الحد الذي يجعلهم كمن يجادل "ملحدا " بضروره تزكية امواله واداء الصلاة وحج البيت وفقا للشريعه الاسلامية ، مع ان الاصل هو دعوة الملحد وبالحسنى كي يؤمن, وتقديم الانموذج السلوكي الصحيح الذي يغرس الايمان في قلبه وعن قناعة ، ليبادر عندها ومن تلقاء نفسه الى اداء الفرائض والالتزام طوعا ودونما دعوة او مطالبة او الزام .
وقطعا يمكن كذلك للمشروع السياسي الذي على اساسه نشأ "حزب التيار الوطني " وازعم انني احد بُناة الفكرة الاولى لقيامه كما يذكر طيب الذكر " الاستاذ عبد الهادي المجالي " ان يوفر قاعدة صلبة يلتف حولها الناس ومن كل الاطياف وطوعا لا كرها كذلك ، خاصة وان فكرة الحزب بزغت ابتداء من قناعة نزيهة بريئة تؤمن بان جمع الناس الاردنيين على هدف عزيز واحد, امر ممكن اذا ما كان هذا الهدف يحاكي طموح الجميع ولا يستثني احدا ولا ينطوي علي اية نزعات فردية او جهوية او اقليمية او طائفية .. الخ .
ويذكر " ابو سهل " وانا هنا اسجل له اصراره المثابر على بناء قاعدة حزبية كبرى تستهوي مشاعر الاغلبية ، ان مذكرة الادبيات السياسية الاولى لحزب التيار الوطني تضمنت " مائدة سياسية " رائعه يجد الاردنيون جميعا فيها ما يلبي طموحاتهم بغض النظر عن التنوع الديني والقومي والاصول والفصول والانساب كافة ، وهي مائدة تحتاج الى من يروج لها ويشرح مراميها بعمق سياسي فكري يبرزها على حقيقتها ، لا ان ينحصر ذلك في اهتمام موظف يرى ان " الفكر السياسي " هو مجرد "روحانيات " لا لزوم لها!! ، وان الامر يتطلب فقط حشد جمهور طيب كريم من الناس بارسال حافلات تقلهم الى مكان لقاء او اجتماع او احتفال ليقال ان هؤلاء هم جمهور الحزب مع ان واقع الحال غير ذلك .
بين الفكرة التي يتبناها "المجالي " وتلك التي يدعو لها "عربيات " ثمة جامع مشترك لفكر سياسي راشد وصفه كاتب هذه السطور في اكثر من مقال سابق بـ " المشروع الهاشمي " وهو مشروع ديني برداء سياسي يجمع ولا يفرق, ويتماهى مع روح العصر وادواته من جهة ، ومع شروط الايمان ومتطلباته وادواته من جهة ثانية ، وبما يوفر حيزا محترما ومناسبا لجميع المؤمنين بالله لان يعبروا عن انفسهم وان يجدوا ذواتهم في هكذا مشروع للهاشمية فيه دلالاتها الدينية والتاريخية والسياسية والانسانية .
من اغرب المفارقات ان ذلك المشروع الوسط المقترح, لم يستثر احدا على مستوى صناع القرار في الدولة ، لابل فان ليبراليا " فارغا " ذهب الى حد القول كما نقل لي " انني بهذا الطرح اريد اعادة البلد خمسين سنة الى الوراء " .
حقا لا يثير الشفقة فقط هذا القول الخواء الذي ينم عن خواء في الفكر والعقيدة والمبدأ والسلوك ، وانما يثير "الحزن " بعينه على واقع يُوسَّد الامر فيه لغير اهله ، فتراهم يهرفون بما لا يعرفون ، لا بل هم يعتقدون ان البلد هش الى حد يمكنهم معه اعادة انتاج الدولة وفق مفاهيم جديدة تفتقر الى ابسط مقومات الصمود والعراقة والتحضر ، وتنم فقط عن نزعات آنية لمبادرات وهمية تنهار عند اول امتحان او اول تحد مهما تواضع شأنه !.
من جديد ادعو صادقا باذن الله الى قراءة التاريخ لاكتشاف ان كل كيان لا يقوم على اساس مشروع سياسي محدد, لن يكون بمقدوره حماية نفسه, ولن يقوى على المواجهة امام تقلبات الايام والسنين ، وان هذا المشروع يصبح اكثر قوة وثباتا وقدرة على الاستقطاب وجذب الاتباع ، كلما كان مرتبطا بعقيدة الايمان بالله جلت قدرته ، ووفق مفاهيم ايمانية لا تطرف او تزمت او تشدد فيها ، وانما سماحة في الخلق السياسي, ونباهة في صناعة النموذج الطيب على صعيد السلوك الاجتماعي ، عندها لن يجد عبد الهادي المجالي ولا عبد اللطيف عربيات مبررا للتشنج وتبادل الصوت العالي ، بل سينحو الجميع صوب دوحة من الفكر السياسي الراشد الذي يستعيد انسانية الانسان, وفق مفاهيم التدرج في التطبيق الامين لافرازات الايمان العقدي الالهي المجرد, والتي تُظهر اعراضا في سلوك الناس وادبياتهم وطرائق تعاملهم مع انفسهم ومع الاخر, وبصورة توحد مشاعر العامة خلف فكرة عظيمة, قاعدتها الايمان بالله ومنطلقاتها دنيوية راشدة لامكان فيها لما يمكن ان يتعارض مع مكنون هذا الايمان .
بصراحة نريد حزبا نؤمن من خلاله بالفكر العظيم, ونتخذه سببا يحدد سلوكنا الاخلاقي القويم ، اكثر مما نريد حزبا نمارس من خلاله طقوسا ليس بالضرورة هي نتاج لايمان حقيقي ، وهنا تتجلى العقيدة السياسية الاسلامية باعتبارها فكرا عظيما يهذب سلوكنا وانماط حياتنا, ويقود بعضنا الى المساجد واداء الصلاة وايتاء الزكاة .. الخ ، ويحدد طرائق تعامل بعضنا الاخر مع هذا السلوك باحترام, واعتباره خصوصية لا مجال لانتهاكها او الانتقاص منها ، ما دامت له هو الاخر خصوصيات مماثلة ليس منها قطعا الكفر بالله سبحانه ، وليس منها اي خلق سيء او سلوك شرير !.
هي دعوة يمكن ان تناقش ان كان هناك من يرغب في النقاش, وصولا الى معادلة سياسية جديدة تجمع اخلاقيا وسلوكيا ومنهجيا بين كل المدارس السياسية المحترمة الكامنة في نفوس وصدور سائر الاردنيين وبلا استثناء, فالله سبحانه وتعالى لم يخلق اوطانا قط, وانما جعل الناس شعوبا وقبائل لهدف عزيزهو التعارف ليس الا!.
والله من وراء القصد.
She_abubakar@yahoo.com
الزميل : شحادة ابو بقر