أرادت الاحتفاظ بصديقها فعرضت رضيعتها للبيع
المدينة نيوز:- نزعت من داخلها كل مشاعر الرحمة، وتجردت من معاني الإنسانية، فوقفت في سوق النخاسة بعدما رفضت هدية السماء، تبيع طفلة بريئة لا ذنب لها، سوى أنها جاءت الى الحياة في ظل صراع مرير، بين رجل أناني وامرأة مستهترة ضربت بكل شيء عرض الحائط من أجل الفوز برجل آخر.
سوق العجز
في منطقة القاهرة الجديدة، حيث يسكن الأثرياء وعليّة القوم، كان من السهل على امرأة بهذه القسوة أن تجد سوقاً لرضيعة تبيعها لأي امرأة عاقر أو رجل عقيم، لا يتمنيان من الحياة إلا من يؤنس وحدتهما، لذا عرضت بضاعتها وهي واثقة بأن هناك من سيشتري ويدفع الكثير، لكن القدر كان لها بالمرصاد لتسقط متلبسة بجريمتها الشنعاء. بدأت الحكاية في حي منشأة ناصر حيث مظاهر العشوائية والفقر المدقع، فهنا كل شيء مباح ومستباح من فئة قد لا يدرك الكثير من المنتمين اليها الفرق بين الحلال والحرام، وهو ما كان في قصة تزخر أحداثها بالكثير من الوقائع التي تجافي العقل والمنطق من ناحية، والرحمة والإنسانية من ناحية أخرى. ياسمين، امرأة في العقد الثالث من عمرها، عاشت حياتها فقيرة محرومة من كل متاع الدنيا، في كنف أبوين لا يتمنيان من الحياة سوى الخلاص من همّ تجسّد في خمسة أبناء، هي واحدة منهم، لذا كان لزاماً عليها الخروج من عش لم يكن هادئاً على الإطلاق والتحليق بعيداً، حتى تجد لها ملاذاً مع أي رجل.
عريس
أحمد، رجل «أرزقي» أو على «باب الله» كما يقولون، يعمل في أحد مصانع البلاستيك، ويكاد يموت من الغازات السامة التي يتنشقها يومياً، لذا كان الشخص المناسب لفتاة شارفت على إتمام عامها الخامس والعشرين، في حي يطلق على من تجاوزت فيه العشرين لقب «عانس». تزوجت ياسمين وهي مضطرة وراضية في الوقت نفسه، بعدما وجدت في هذا الرجل ملاذاً من أب يراها عبئاً عليه وجب التخلص منه، وأمٍّ تراها عاراً بعدما فاتها قطار الزواج كما تعتقد، لذا كانت هي الأكثر سعادة من غيرها بهذا الزواج. وعلى عكس ما توقعت من أحلام وحياة وردية، وجدت ياسمين نفسها مجرد خادمة في منزل سيدها، الذي لا يأتي الى المنزل إلا لتناول الطعام في فترة الظهيرة والنوم ليلاً، بعيداً عن البحث عن امرأة متشوقة إلى رجل يشعرها بأنوثتها الضائعة.
جنين
لم تمض أشهر عدة حتى شعرت المرأة بشيء يتحرك في أحشائها، وعلى عكس الجميع في مثل هذه الحالات لم تشعر بفرحة، بل انتابها خوف شديد من مجهول ينتظرها بصحبة مولودها، في عهدة رجل غير قادر على تلبية حتى متطلباته الخاصة، وهو الشعور نفسه الذي ارتسم على ملامح الزوج وعبّرت عنه تقاسيم وجهه فور علمه بالخبر. لم يقل كلمة تعبّر عن سعادته كأي رجل تزوج ليكوّن أسرة، بل نهرها لأنها تسرعت في الأمر، خاصة أنه لم يمض على زواجهما سوى أشهر عدة لم يرتح فيها بعد من نفقات الزواج، وأخذ يعيّرها بوالدها الذي لم يقدم لها أي شيء يذكر في تفاصيل الزواج. كلمات الرجل كانت كفيلة بوأد أي مشاعر حب بين امرأة وزوجها، لتبدأ المشاكل بينهما في الظهور، هي تعيّره بفقره وهو لا يتوقف عن وصف أهلها بأبشع الكلمات، حتى بلغت شهرها الثامن من الحمل واتخذت قرارها بترك المنزل وعدم العودة اليه، بعد مشادة كلامية تعرضت على أثرها للضرب المبرح من دون أن يبالي بحملها.
قرار الرحيل
حملت ياسمين مجموعة من الملابس لم تكن تمتلك غيرها في حقيبة، ورحلت من دون أن تعرف إلى أين، حتى استقر بها الحال أمام مسجد السيدة زينب، وراحت تبكي بعدما عجزت عن العثور على أي مكان يؤويها، فوالدها سيغلق أبواب المنزل في وجهها، والموت أفضل من العيش مع زوجها. وبينما كانت تجلس وحيدة شاردة الذهن، جلس في جوارها شاب وجدها لقمة سائغة من دون أن تشعر هي بمعاني نظرته إليها، فروت له تفاصيل حكايتها، لتصبح أكثر رخصاً في نظره من ذي قبل، فاصطحبها للإقامة معه بعدما وجد في حملها صفقة العمر. امرأة ورجل في منزل واحد كان حتماً الشيطان ثالثهما، لتنشأ بينهما علاقة غير شرعية، وهي على مشارف ولادة جنينها من رجل آخر، حتى جاءت لحظة المخاض ووضعت طفلتها في أحد المستشفيات الحكومية، وقبل أن يصل خبر وضعها الى والدها أو أي شخص من عائلتها، كانت قد خططت لجريمتها بالاتفاق مع عشيقها، حتى تتمكن من جلب المال الذي سيمكّنها من الإنفاق عليه، حتى تنجح في الاحتفاظ به قبل أن يهجرها إلى أخرى.
صفقة رخيصة
لم يكن قد مر على ميلاد الصغيرة أسبوع، حتى حملتها ياسمين وذهبت بها إلى حي الأثرياء، بعدما نجح عشيقها في عقد صفقة وجدت فيها فرصة لا تعوض لامرأة ستبيع فلذة كبدها بحفنة من الجنيهات، وهو ما كان، حيث تم الاتفاق على بيع الرضيعة والتنازل عنها مقابل 180 ألف جنيه، وهو مبلغ قد يكون زهيداً لأخرى تتمنى هذه النعمة لتصير أمّاً. في أحد المقاهي في الحي الراقي، جلست في جوار عشيقها تحمل الرضيعة في انتظار المشتري ومعه المبلغ الذي سيحقق حلم عمرها، إلا أنه لم يحضر بعدما وصلت المعلومة إلى رجال المباحث، الذين حضروا بدلاً من المشتري لإلقاء القبض عليهما. كانت المفاجأة التي تلقاها رجال المباحث، حيث اعتقدت المتهمة أنهم جاءوا لشراء الرضيعة، حين سارعت في إخراج وثيقة التنازل عن صغيرتها مقابل مبلغ 180 ألف جنيه، لتقدم دليلاً دامغاً على إدانتها وجريمتها التي لا تغتفر، بالاشتراك مع صديقها المدعو حسام أحمد، 32 سنة، عاطل من العمل.
اعترافات ياسمين كانت أشد قسوة من جريمتها، حيث قالت إنها عقب ولادة الطفلة قررت التخلص منها، بعد تخلّي والدها عنها، على عكس ما وجدته مع المتهم الذي كان يمطرها بكلمات الحب المعسول، لذا قررت بيع رضيعتها من أجل الاحتفاظ به، لتوجه اليها النيابة تهمة الزنى بناء على ما جاء في أقوالها، وتقرر تسليم الطفلة الى والدها، الذي طلب إجراء تحليل الـDNA لمعرفة ما إذا كانت ابنته أم لا.