مدينة القمر
تعتبر مدينة اريحا من أقدم مدن فلسطين الكنعانية، حيث يرجع الخبراء والأثريون تاريخها إلى العصر الحجري، أي إلى ما قبل سبعة آلاف عام ق.م، وهذا ما حمل بعضهم على القول أنها أقدم مدينة في التاريخ قائمة حتى اليوم، شخص الخبراء موقع أطلالها في تل السلطان الذي يقع على بعد نحو كيلو مترين شمالي المدينة الحالية بجوار نبع عين السلطان.
أصل تسمية أريحا يعود إلى أصل سامي، وأريحا عند الكنعانيين تعني القمر والكلمة مشتقة من فعل(يرحو) أو (اليرح) في لغة جنوبي الجزيرة العربية تعني شهر أو قمر. وفي العبرانية (يريحو) أقدم مدينة معروفة في التوراة اليهودية، و(أريحا) في السريانية معناها الرائحة أو الأريج. ازدهرت أريحا في عهد الرومان ويظهر ذلك في آثار الأبنية التي شقوها فيها والتي تظهر على نهر القلط وفي هذا العهد صارت تصدر التمر. افل نجم أريحا وتراجعت مكانتها وظلت في حجم قرية أو أقل حتى عام 1908 إذا ارتفعت درجتها الإدارية من قرية إلى مركز ناحية وفي عهد الانتداب البريطاني أصبحت أريحا مركزاً لقضاء يحمل اسمها. ويصفها البغدادي في معجم البلدان فقال: أريحا بالفتح ثم الكسر وياء ساكنة والحاء المهملة أو بالحاء المعجمة، وهي مدينة الجبارين في الغور من أرض الأردن والشام، سميت بأريحا نسبة إلى أريحا بن مالك بن أرنخشد بن سام بن نوح، وهذا يدل أيضا على أن أصل التسمية سامي الأصل.
الموقع:
تقع مدينة أريحا 258 متر (846 قدم) تحت مستوى سطح البحر في وادي القلط في واحة في غور الأردن. وتعتبر نقطة عبور هامة منذ القدم للقوافل التجارية والغزوات الحربية التي كانت تتجه غرباً نحو القدس وشرقاً نحو عمان، وهي أيضاً الممر الغربي لنهر الأردن والبحر الميت، يمر منها الحجاج المسيحيون القادمون من القدس في طريقهم إلى نهر الأردن والبحر الميت. موقعها على بعد 36 كيلومترا شرقي القدس على الطريق إلى عمان العاصمة الأردنية يجعلها نقطة تقاطع مع الطريق السريع المؤدي إلى منطقة بحيرة طبريا في الشمال.
المناخ:
مناخ أريحا المعتدل في فصل الشتاء يجعلها مكانا مفضلا كمنتجع شتوي وهي منطقة زراعية هامة تنتج الفواكه والخضار على مدار العام، أما الموز والحمضيات والتمور فهي ذات شهرة مميزة. تتأثر كمية الأمطار المُتساقطة بشكل عام على فلسطين بالقرب والبعد عن البحر الأبيض المتوسط، حيث تبلغ كمية الأمطار المُتساقطة على مدينة أريحا سنويًا 152 ملم.
في فصل الربيع بالقرب من عين السلطان يتم إنتاج 1000 غالون من الماء كل دقيقة (3.8 متر مكعب/دقيقة) وري بعض من 2,500 فدان (10 كم مربع) من خلال قنوات متعددة والتي تصب في نهر الأردن، ويبلغ البعد 6 أميال (10 كم. يبلغ معدل هطول الأمطار السنوي 6.4 بوصة (160 ملم)، ويتركز معظمها بين نوفمبر وفبراير. ويبلغ متوسط درجات الحرارة 15 درجة مئوية في كانون الثاني و31 درجة مئوية في شهر آب. بفضل أشعة الشمس الثابتة والقوية، جعلت من التربة الغرينية تربة غنية، ويمتاز الربيع في أريحا بوفرة المياه. حيث سجلت درجات الحرارة في وادي الأردن 54 درجة مئوية في عام 1941.
تتوزع أراضي محافظة أريحا على ثلاثة أقسام من الأغوار، تتمثل في الأغوار الجنوبية التي تتخذ من أريحا مركزاً لها، والأغوار الوسطى التي تتخذ من الجفتلك مركزاً لها، والأغوار الشمالية ومركزها بردلا وكردلا وعين البيضا، الأمر الذي يجعلها مؤهلة لتكون سلة غذاء فلسطين. وقد اعتمدت أريحا تاريخياً على زراعة الموز الذي انخفضت رقعة زراعته كثيراً، بسبب شح المياه، واتخذت منحى آخر خلال العقد الأخير، عبر توجه الكثير من المستثمرين نحو زراعة مساحات واسعة من الأراضي بأشجار النخيل. وهناك الآن نحو 150 ألف شجرة نخيل في أريحا ومحيطها، ويطمح الفلسطينيون للوصول إلى رقم مليون شجرة بعد سنوات إذا توفرت لديهم موارد مائية كافية.
السكان:
أختلفت التركيبة السكانية للمدينة حسب المجموعة العرقية على مدى 3000 سنة مضت. ففي عام 1945 بلغ عدد السكان 3,010 نسمة منها 94% (2,840 نسمة) عرب و 6% (170 نسمة) من اليهود.
وبعد نكبة فلسطين قفز عدد سكان المدينة مع مخيمات اللاجئين المجاورة إلى ما يقارب 7,500 نسمة عام 1965، معظمهم من اللاجئين. وإنخفض عدد سكانها بعد نكسة حزيران عام 1967 وذلك بفعل الهجرة ليصل إلى 5,300 نسمة. ارتفع هذا العدد مجدداً إلى حوالي 15,000 نسمة عام 1987. توجد على أراضيها ثلاثة مخيمات للاجئين هي السلطان ومخيم عقبة جبر ومخيم النويعمة.
ووفقًا لأول إحصاء من قبل الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 1997، بلغ عدد سكان أريحا 14,674 نسمة، منهم 43,5% (6,393 نسمة) لاجئون فلسطينيون. وتشكل الطائفة المسيحية حوالي 1% من السكان.
اما عدد السكان الحضر في مدينة اريحا فكان على النحو التالي:
22,177 نسمة عام 2007م و 24,119 نسمة عام 2010م اما في عام 2012 فقد بلغ عدد السكان 25,503 بينما ارتفع الى 26,948 نسمة في عام 2014 م وقد بلغ اليوم في عام 2015 م 27,687 نسمة. وُشير التقديرات أن عدد سكان المدينة سيبلغ 28,434 نسمة في عام 2016 .
معالم المدينة
تل السلطان
تقع أقدم منطقة في أريحا على تلة على بعد 2 كيلو متر إلى الجانب الشمالي الغربي من المدينة الحالية، أظهرت الإستكشافات الأثرية التي قام بها عالمة الآثار البريطانية كاثلين كينون وجود مستوطنات تعود إلى 9000 سنة قبل الميلاد. ويوجد فيها أقدم حائط وأقدم برج دائري للدفاع في العالم والمسمى (برج أريحا)، حيث يعود إلى 7000 سنة قبل الميلاد.
يرتفع نحو ثلاثين مترا عن وجة ماء الحوض، وقد تحقق من ذلك علماء الآثار من موقع مدينة اريحا القديمة الكنعانية ،وابنيتها من لبن مجفف بيضوى الشكل وسور ذات أبراج يحيط به خندق ،وقد أثبتت الحفريات أنها أقدم مدينة مسورة في التاريخ.
ويقع على التل نبع عين السلطان، حيث وفرة المياه، ويبلغ نتاج هذا النبع من المياه حوالي 700م في الساعة والذي جعله أهم نبع من ينابيع أريحا مثل منها نبع نويعمة، ديوك، العوجا والقلط. سمي نبع عين السلطان بهذا الاسم لأن البابليون قد قاموا باقتلاع عيني ملك منحى عن العرش من بيت المقدس هنا، وقد أطلق عليه أيضاً اسم نبع اليشا بعد أن قام إليشا بتحلية مياه هذا النبع
قصر هشام
قصر عربي رائع بناه هشام بن عبد الملك الذي حكم عام 105-125 هـ (724 – 743م على خربة المفجر. يقع شمال أريحا، وشرقي عين ديوك في خربة المفجر على بعد 3كم من أريحا، بناة عبد الملك، وقد رمم القصر في عهد صلاح الدين الأيوبي، ولم يكتشف القصر ألا سنة 1933م، وهو من أعظم الأماكن السياحية التي بنيت في المنطقة في عهد الدولة الأموية في الضفة الغربية.
مقام النبي موسى
البناء الحالي مكون من الجامع، والمنارة، وحجرات مختلفة. وقد أكتمل بناءه في سنة 1269 بعد الميلاد خلال فترة حكم السلطان المملوكي الظاهر بيبرس.
دير قرنطل أو جبل الأربعين
تأسس هذا الدير على يد الارشمندريت افراميوس سنة 1892 وهذا المكان قديم منذ زمن السيد المسيح، وقد جدد عدة مرات، وأول من فكر في المحافظة على قدسيته الملكة هيلانة، حيث أقامت عليه تشييداً قديماً منذ عام 325 م.
يقع شمال أريحا، وكامة قرنطل محرفة من كلمة قوارنتانا الاتينية بمعنى الأربعين، الاسم الذي اعطاة الإفرنج لهذا الجبل عام 1112 ميلادي، ويدعى جبل الأربعين دلالة على الأيام الاربعين التي صامها المسيح
وادي القلط
انحدار طبيعي بين الهضاب المجاورة، وهو مكون من جدران صخرية عالية تمتد لمسافة 45 كيلو متر بين أريحا والقدس، الطريق الضيقة والوعرة التي تمتد بمحاذاة الوادي كانت في يوم من الأيام الطريق الرئيسي لمدينة أريحا ولكنها تستعمل الآن من قبل السياح الزائرين لدير القديس جورج
نعران
تقع المدينة البيزنطية الصغيرة "نعران" على بعد 4 كيلو مترات إلى الشمال الغربي من مدينة أريحا إلى جانب نبع عين الديوك وعين النويعمة، تم العثور أيضا على آثار لمعبد يهودي قديم في أسفل بيت فلسطيني تملأ أرضيته الرسومات وتعود إلى القرن الخامس والسادس بعد الميلاد، توجد أيضاً نقوش عبرانية قديمة تبدأ بعبارة " السلام على إسرائيل "
طواحين السكر
في منتصف الطريق بين تل السلطان وجبل قرنطل وعلى جهة اليمين، تقع طواحين السكر، من المعروف أن إنتاج قصب السكر وتصنيعه كان معروفاً من زمن الأمويين، وقد قام الصليبيون بتوسيع إنتاج السكر للتصدير إلى أوروبا ولهذا قاموا ببناء طواحين سكر متطورة بقيت آثارها في مدينة أريحا، الآثار الدالة على القنوات والتي جلبت المياه من عين الديوك ما تزال ظاهرة للعيان اليوم، وقد وفرت المياه الطاقة اللازمة لتشغيل الطواحين وورشات صناعة الخزف فيها ويستطيع المرء أيضاً رؤية آثار المعصرة والمصنع القديمين.
وهناك مجموعة من الأديرة الأخرى، مثل دير الروم، در الحبش، دير المسكوب، المغطس، دير القبط، دير القلط، قصر حجلة أو دير حجلة.[58] دير مار يوحنا الذي يقع على ضفاف نهر الأردن.
وفي السنوات الأخيرة شهدت المدينة أحداثا تاريخية كثيرة، فهي أول مدينة يتم تسليمها للسلطة الوطنية الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو عام 1993، ومنذ ذلك الحين شهدت المدينة تحولات مهمة لعل أهمها إقامة عدد من المشاريع السياحية ومنها إقامة عدد من الفنادق والحدائق العامة وأول مشروع تلفريك وأول كازينو في "المحافظات الفلسطينية" مخصص للأجانب و يعتبر أحد توابع أرقى الفنادق الفلسطينية وهو فندق إنتركونتيننتال أريحا.