إذا لم تبحث الحكومة عن الشعبية فعن ماذا تبحث !
الديموقراطية : "هي أن يحكم الشعب نفسه بنفسه "كانت تلك العبارات التي تعلمناها صغارا نقش لم يقف بروزه عن تذكيرنا بمعنى هذه العبارة التي تعلمناها في كل مراحل التعليم , وبدت قانوناً طبيعياً يكاد الشخص يجزم بحدوثه كما يجزم بعودة الكرة عن الحائط إذا ما ارتطمت به مثلا , كما تعلمنا أن للشعب حق بالعيش الكريم لأنه هو صاحب الأرض والهواء والماء, كما تعلمنا أن السلطات جميعها وجدت لخدمة المواطن ولا أحد غير المواطن أي إنها تعمل على راحته كواجب لا فضل, كما فهمنا أن كل الأمور والقرارات يتوجب أن تكون بإرادة الشعب , ولأن هذا التمثيل يصعب أن يكون بسبب كثرة الأفراد فقد عمدت كل البشرية إلى تفويض أمرها لهذه السلطات لتقوم بتسيير أمورها بدلا منها , مقابل أن يلتزم الشعب بقوانين احترام المواطنة والقوانين العامه .
هذا ما قد تعلمناه وما يجب أن نسترجعه من باب تجنب اللبس بالعودة إلى القاعدة التعريفية الأساسية للمصطلحات , لعل في ذلك بعض أنواع الوخز لضمائر بعض من أخذوا توكيلا عاماً بأعمارنا وحياتنا, ولكي لا ننسى أن السلطات الثلاث هي من الشعب وهي في الأصل مفوضة عن الشعب لرعاية مصالحة وللأسف فإننا لن ندرك معنى هذه العبارة إلا إذا عدنا إلى الصورة الواقعية العكسية التي تحدث الآن من باب فهم الشئ بعكسه.
أزمات غير مبررة وللأسف فهي خارجة من بين أيدي مستشارين يقبعون في الوزارات على شكل تصريحات ومواقف يتلقفها الوزراء ومن ثم يطلون علينا وكلنا نعرف ما كان بعد أغلب هذه التصريحات والقرارات , قوانين مؤقته (مخالفة) لعدم وجود بيئة الطوارئ التي تلائم هذه القوانين والاستناد دستوري هنا , طرق غريبة في جباية الضرائب جعلتني اجزم اننا سنصدر تكنولوجيا الضرائب كما تصدر الولايات المتحدة الويندوز وكما تصدر البرازيل اللاعبين , استخفاف واضح وكثيف لعقول المواطنين , وبشهادة الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بالإضافة لشهادة الشارع, أسعار أعادت قيمة العشرة دنانير الى دينار , تطمينات رمضانية حول الأسعار وهي للأسف ما هي الا سياسة اطلاق الاشاعة اولا ومن ثم نفي الاشاعة من قبل الحكومة ومن ثم تنفيذ ما جاء في الاشاعة بالحذافير.. نعم هكذا تتعامل الحكومات في موضوع رفع الاسعار, وخير مثال على مبالغة الحكومة بالجباية ضريبة الخروج من البلاد التي فرضتها الجمارك والتي تشعرك إنك حتى إذا أردت أن تخرج إلى الخارج لقضاء إجازة أو الترويح عن نفسك فإن هذه الضرائب سترافقك للحدود لتقول لك وداعاً على شكل " خروجية " على وزن دخولية , وللأسف من الناحية الضرائبية فلم يبقى إلاَ َأن بتم حساب عدد الأنفاس ومن ثم رفع الدعم عن هذه الأنفاس حسب الوصفة الحكومية لضرائب و التي تأتي تسللاً و بدون اعتبار لعقل المواطن .
أما على الصعيد الأزماتي والذي أبرزت هذه الحكومة براعة غير مسبوقة فيه , فقد لا يحتاج الانسان إلا أن يتذكر الأزمات التالية عمال الزراعة , المعلمين , القضاة , واخيرا المواقع الإلكترونية,التي أصبحت بقدرة قادر تهدر المال العام في الوزارات والمؤسسات الحكومية وربما تم التغاضي عن الهادر الأكبر للمال العام وهو الفساد بشتى أجنحته وأذرعه وأبطاله الذين حطموا قاعدة " من اين لك هذا " وارسلوها الى سلة القمامة .. هل بعد كل ما جاء سينظر للوضع على أنه مخاض لإصلاح كبير ؟.
وللاسف فقد وصلت هذه الحكومة بسياساتها إلى حشد مقاطعة كبيرة نسبيا للانتخابات النيابية من جهات مهنية وسياسية , والفكرة الآن تكمن في أن مجلس النواب السابق كان سيئاً- حسب ما سمعنا - وهو الذي ولد بدون مقاطعات من أي جهة كما اليوم, قياساً عليه ماذا سيكون الحال في المجلس القادم إذا استمر التاكل في قاعدة الناخبين كما هو الان ؟ , السؤال موجه للجهة التي تحرك كل هذه التيارات , وهذه الجهة لا تعرف الزلات ولا السهوات, فالزلات والهفوات عادة ما تكون خارج قاموس السياسي وأكثر ما يقدم عليه السياسي هو المقصود المتعمد حتى لو ظهر على شكل هفوة أو زلة أو سوء تقدير .
وبالنتيجة فإن مقاطعات الانتخابات أخذة بالتزايد نتيجة لوحدة الصف ضد قانون الانتخاب التي خلقتها الحكومة.
لهذا لسبب أردت العودة إلى تعريف السلطة والحكم حتى نضع مقياسا عملياً لمدى التزام الحكومة بما يسمى الديموقراطية وحرية الرأي والعيش الكريم للمواطن.. كيف لا؟ وهي التي لا تريد الشعبية كما ذكرت بلسانها.. وهي حسب كتلوج التعريفات- أي الشعبية - أساس استمرار وجود أي حكومة.. فكيف تتجرأ هذه الحكومة على شعب الكرامة و لا تأخذ بعين الاعتبار أن له إرادة يجب أن ترضخ لها حسب الف باء الحكم والديموقراطية.
لا أريد أن أبقى ضمن الجزئيات لأن الوضع وللأسف يحتاج إلى نظرة عمومية تحول دون أن تتسلل بعض الأمراض إلى العلاقة بين المواطن وعمله او المواطن و اي من واجباته -لا سمح الله – فالخطر لا يتوقف على الناحية المادية أو الحريات فقط بل يتعدى الى اشياء اعمق يجب مراعاتها قبل ان ندخل في طريق لا عودة منه, فلدى الاردنيين حب للوطن لا يزاود عليه احد ولهم من الانتماء لوطنهم ما لا يتحرك ابداً, فنحن شعب بتاريخ وتضحيات ودماء , في الحق لا نسمع الا لصوت الاخلاق , وفي الحق ايضاً لا نجامل كثيرا .