الملقي يطلب ثقة النواب (نص البيان)
المدينة نيوز :- أكد رئيس الوزراء هاني الملقي خلال البيان الوزاري لحكومته الذي ألقاه أمام مجلس النواب اليوم الاربعاء لطلب الثقة، أن التحدي الاقتصادي 'الذي نواجهه هو الأعمق والأصعب'.
وقال الملقي إن حكومته تستند في سياساتها وقراراتها إلى المصلحة الوطنية العليا بالشراكة مع مجلس النواب على قاعدة المسؤولية الوطنية.
واضاف الملقي إن الحكومة تحمل برنامجا شاملا لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وإن المرحلة المقبلة مرحلة عمل وانجاز وتنفيذ وليست لوضع الخطط والاستراتيجيات، فلدينا ما يكفي منها، مضيفا أن التحدي الاقتصادي الذي نواجهه هو الأعمق والأصعب.
وأشار إلى أن الحكومة ستتخذ من الأوراق النقاشية الملكية نهجا لتجذير الإصلاح الشامل، وهي مؤشر على الحكم الراشد واحترام القيادة الهاشمية للوعي الجمعي الوطني.
وقال رئيس الوزراء إن التعاون مع مجلس الأمة منهج عمل دائم وثابت في جميع السياسات، مضيفا أن الانتخابات النيابية الأخيرة تجسيد حقيقي لنهجنا الديمقراطي وثمرة من ثمار مسيرة الإصلاح الوطني الشامل.
وفيما يلي نص البيان الوزاري لحكومة الدكتور هاني الملقي امام مجلس النواب الثامن عشر:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين، ونصلّي ونسلّم على أشرف الخلق سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد..
قال تعالى: "وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ" (المؤمنون الآية51) صدق الله العظيم السيّد رئيس مجلس النواب السيّدات والسادة الذوات أعضاء مجلس النوّاب الثامن عشر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، قد شرّفني مولايَ صاحبُ الجلالة الهاشميّة، الملكُ عبدُ الله الثاني ابنُ الحسين المعظّم حفظه اللهُ ورعاه بتشكيلِ الحكومة، وحملِ أمانةِ المسؤوليّة، خدمةً لوطنِنا العزيز وأبناءِ شعبِنا الأبيّ، في ظلِّ مرحلةٍ مليئةٍ بالتحدّيات، تتطلّبُ منّا العملَ بجدٍّ ومثابرةٍ وحزمٍ من أجلِ رفعةِ الأردنّ، والذودِ عن حماه، ومواصلةَ مسيرةِ البناءِ والعطاءِ والإنجازِ.
وانصياعاً لاستحقاقِنا الدستوريِّ ومبادئنا الديمقراطيّة، فإنّني أقفُ في هذا المقامِ المهيب، لأقدّمَ بيانَ حكومتي لطلبِ الثقةِ من مجلسِكم الكريم، مُسترشدينَ بكتابِ التكليفِ السامي، الذي نستنيرُ بهِ لتنفيذِ ما كلّفنا صاحبُ الجلالةِ من مسؤوليّاتٍ وطنيّةٍ، وأولويّاتٍ استراتيجيّة، في ظلّ تحدّياتٍ جسيمةٍ اعتدنا كأردنيينَ، وعلى مرّ الزمن، أن نحوّلَها إلى فرصٍ للإنجاز، بهمّةِ قيادتِنا الحكيمةِ الشُّجاعة، وعزيمةِ أبناءِ شعبِنا العزيزِ ووعيِهم السديد، وبالشراكةِ والتكاملِ بين مؤسّساتِ الدولةِ الأردنيّةِ وسُلطاتِها الدستوريّة.
إنّ الحكومةَ تتشرّفُ أن تحملَ إليكم برنامجاً شاملاً لمواجهةِ التحدّياتِ الداخليّةِ والخارجيّة، يسعى إلى ترسيخِ الأمنِ والاستقرار، وتعزيزِ مسيرتِنا الديمقراطيّةِ وإصلاحِنا السياسيِّ المأمول، وتحقيقِ التقدّمِ الاقتصاديِّ المنشود، على أسسٍ من العدالةِ والنزاهةِ والشفافيّة، مستندينَ إلى المصلحةِ الوطنيّةِ العُليا كمحدّدٍ رئيس لكلّ السّياساتِ والقراراتِ التي نتّخِذُها، بالشراكةِ والتعاونِ مع مجلسِكم الكريم، وعلى قاعدةِ المسؤوليّةِ الوطنيّة، ونهجِ المكاشفةِ والمصارحةِ والتفهّمِ، بهدف تأطيرِ التوقعاتِ الوطنيّةِ ضمنَ حدودِ المعقولِ والممكن، وبما يُحقّق أمرَ جلالةِ الملكِ بأن نكونَ جميعاً خُدّاماً للمواطن، فخورينَ بهذا الوصفِ أكثرَ من أيِّ وصفٍ آخرَ لأعمالِنا.
وبرنامجُ الحكومةِ يرتكزُ بشكلٍ أساسيٍّ على مراكمةِ الإنجازِ، والبناءِ على ما تحقّق، والاستفادةِ من كلّ الخططِ والاستراتيجيّاتِ التي تمّ وضعُها في السابق، ومراجعتِها بما يحسِّنُ مستوى الأداء، ويزيدُ حجمَ العطاء؛ فالمرحلةُ المقبلةُ هي مرحلةُ العملِ والإنجازِ والتنفيذ، وليست مخصّصةً لوضعِ المزيدِ من الخطط ِ والاستراتيجيّاتِ التي لدينا ما يكفي منها في مختلفِ القطاعات.
أوّلاً: مجالُ الإصلاحِ السياسي لقد تعهّدت الحكومةُ في ردّها على كتابِ التكليفِ السامي بأن يكونَ التعاونُ الكاملُ مع مجلسِ الأمّةِ بشقيه: الأعيانِ والنوّابِ، منهجَ عملِها الدائمَ والثابت، والأساسَ في جميعِ السياساتِ التي ننتهجُها، كي نواصلَ مسيرةَ الإنجازِ الوطني؛ فالحكومةُ ستجسّدُ هذه الشراكةَ والتكامليّةَ واقعاً، من خلالِ حواراتِنا الدائمةِ ونقاشاتِنا المستمرّةِ التي تهدفُ أوّلاً وقبلَ كلّ شيء إلى تحقيقِ مصلحةِ الوطنِ والمواطنين، وتسعى لكي يتفهّم كلٌّ منّا مسوّغاتِ القرارات، ولا يتمترسَ خلفَ سياساتِه، فهدفُنا واحدٌ هو خدمة الأردنّ وشعبِه ومليكِه، ويبقى علينا أن نتوافقَ على الطرقِ الفُضلى للوصولِ إلى هذا الهدف.
وستتخذُ الحكومةُ من الأوراقِ النقاشيّةِ الملكيّةِ الستّةِ نهجاً لتجذيرِ عمليّةِ الإصلاحِ الشامل، وتطويرِ مسيرتِنا الديمقراطيّةِ، بما يعزّزُ دورَ المواطنِ في صُنعِ القرار، كونهُ شريكاً أساسيّاً في عمليّةِ البناءِ والنماءِ الوطني.
إنّ طرحَ أوراقٍ للنقاشِ من لدن مولايَ صاحبِ الجلالةِ المعظَّم يُعَدُّ قيمةً أردنيّةً عميقةً بحدِّ ذاتها، فهي تؤشّرُ إلى نهجِ الحكمِ الهاشميِّ التاريخيِّ الراشد، وتؤكِّدُ احترامَ القيادةِ الهاشميّةِ للوعيِ الجمعيِّ الوطنيّ، وتوجيهَهُ بما يتلاءمُ وطموحاتِ الأردنّ، وينسجمُ مع تاريخهِ الكبيرِ المُشرِقِ والمشرِّف؛ والمطلوبُ من جميعِ الأفرادِ والمؤسّساتِ ترجمةُ هذه المضامينَ على أرضِ الواقع، لتسهمَ في تحقيقِ التقدّمِ والنماءِ المنشود، وتدفعَ مسيرةَ الإصلاحِ الشاملِ نحوَ الأمام في مختلفِ المجالات.
وفي إطارِ التفاعلِ مع الأوراقِ النقاشيّةِ الملكيّة، واستثمارِ القيمِ العميقةِ والثريّةِ الواردةِ بها، عملت الحكومةُ، وبعد نقاشٍ مستفيضٍ، على إقرارِ محاورَ وحزمٍ تنفيذيّةٍ وخطّةِ عملٍ لتنفيذِ مضامين الورقةِ النقاشيّةِ السادسةِ التي تتمحورُ حولَ سيادةِ القانونِ كأساسٍ للدولةِ المدنيّة، بما يرقى لمستوى تطبيقِ القيمِ الواردةِ في الأوراقِ النقاشيّة، مع إيمانِنا المطلقِ بالحقّ الرقابيِّ والتشريعيِّ لمجلسِ الأمّةِ وفقَ ما تنصُّ عليهِ مبادؤنا الدستوريّة.
سيّدي الرئيــــــــس حضرات النـــــوّاب المحترمين لقد كانت الانتخاباتُ النيابيّةُ الأخيرةُ تجسيداً حقيقيّاً لنهجِنا الديمقراطيّ، وثمرةً من ثمارِ مسيرةِ الإصلاحِ الوطنيِّ الشامل، ومحطّةَ التنفيذِ الأُولى بعد إقرارِ حزمةِ التشريعاتِ الناظمةِ لعمليّةِ الإصلاحِ السياسيّ، المتمثّلةِ بقوانين الأحزابِ والانتخابِ والبلديّاتِ واللامركزيّة، التي جاءت بعد تعديلاتٍ دستوريّةٍ إصلاحيّة. وقد شكّلَت الانتخاباتُ مرحلةً جديدةً من مراحلِ البناءِ الوطنيِّ والعملِ البرلمانيِّ المؤسسيّ، في ظلّ قانونِ انتخابٍ جديد، اعتمدَ نظامَ القائمةِ النسبيّةِ المفتوحة.
ومن دواعي الفخرِ والاعتزازِ أن نرى بلدَنا يبهى بإجراءِ انتخاباتِه النيابيّةِ في ظلِّ ظروفٍ إقليميّةٍ دامية، وتحدّياتٍ جسيمةٍ؛ فالأردنيون احتكموا إلى صناديقِ الاقتراعِ بكلِّ مسؤوليّة. ومن دواعي الفخرِ أيضاً، أنّ الأردنَّ ورغم محدوديّةِ الموارد والإمكاناتِ بات موئلاً للمستضعَفين، وملاذاً للخائفين، يستقبلهم الأردنيّونَ بكلِّ كبرياءَ وشهامةٍ ورجولةٍ عزّ نظيرُها، يوفّرونَ لهم الأمنَ والطمأنينة، ويقاسمونهم لقمةَ عيشِهم؛ فلنا نحنُ الأردنيّينَ أن نفخرَ بصنيعِنا الإنسانيِّ النبيل، الذي عجزَ عن فعلِه العالمُ بأكمله.
وإنّنا من هذا المنبرِ نقفُ وِقفةَ إجلالٍ وإكبارٍ أمام كلِّ جنديٍّ مرابطٍ شرّفَ الوطنَ بأدائِه المهيب، وكيفَ لا تكونُ المهابةُ للوطنِ وأوّلُ جنديٍّ من جنودِهِ ملكٌ شجاعٌ مغوار، أبهرَ العالمَ بحكمتِه، وقيادتِه، وإنسانيّتِه، وقوّةِ شكيمتِه، واستطاعَ أن يقودَ مركبَ الوطنِ نحوَ برِّ الأمانِ فيّ ظلِّ أمواجٍ عاتيةٍ اقتلعت كلَّ ما حولَها.
وعلى طريقِ النجاحِ الذي تحقّقَ في الانتخاباتِ النيابيّةِ الأخيرة، فإنّ الحكومةَ ستنجزُ استحقاقَ الانتخاباتِ البلديّة، وانتخاباتِ مجالسِ المحافظاتِ في العامِ المُقبل. وفي هذا الصدد، أنجزَت الحكومةُ جميعَ الأنظمةِ المطلوبة، ووضعَت السياساتِ والأطرَ العامّةَ لتطبيقِ قانونِ اللامركزيّة وقانونِ البلديات؛ كي توفّرَ البنيةَ التشريعيّةَ التي تمكِّنُ الهيئةَ المستقلّةَ للانتخابِ من إعدادِ العُدّةِ لإجراءِ الانتخاباتِ البلديةِ ومجالسِ المحافظات، في آنٍ واحدٍ معاً، خلالَ صيفِ عام 2017م.
كما قامت الحكومةُ بتحديدِ الاحتياجاتِ والمتطلّباتِ الإداريّةِ والفنيّةِ واللوجستيّةِ والتقنيّة، والكُلَفِ الماليّةِ اللازمةِ لتطبيقِ اللامركزيّة. ولابدّ من الإشارةِ هُنا، إلى أنَّ الموازنةَ العامةَ ومؤشِّراتها لعام 2017م، ستبدأُ بتحديدِ المشروعاتِ التي ستنفَّذُ في المحافظاتِ كافّةً، سواءً أتمَّ استكمَالُها خلال عام 2017م أو في العام الذي يليه، علماً بأنّ إدارةَ المشروعاتِ ستؤولُ إلى المؤسّساتِ المحليّة، وستكونُ هذه الخطوةُ بدايةً لتحريرِ طرقِ الانفاق. أما في عام 2018م، فسيكونُ لكلِّ محافظةٍ موازنَتُها الخاصّة، ومشروعاتُها الرأسماليّة، ضمنَ مشروعِ قانونِ الموازنةِ العامّةِ للدولة، الذي سيناقِشُهُ مجلسُكُم الكريمُ خلالَ أسابيعَ من الآن، وتُحدَّدُ فيه المؤشّراتُ الرقميّةُ القابلةُ للقياس؛ وبذلكَ نكونُ قدْ قُمنا بتفصيلِ السياساتِ التي تضمّنها هذا البيانُ، والتي جرت تقاليدنا السياسيّة أن يتضمّنها.
وعلى طريقِ الإصلاحِ السياسيّ أيضاً، فإننا نُذكِّرُ بأن الأوراقَ النقاشيّةَ الملكيّةَ حدّدت أساسيّاتِ تطبيقِ نهجِ الحكوماتِ البرلمانيّةِ بشكلِه الكامل، الذي يرتكزُ على تحفيزِ المواطنينَ للمشاركةِ في الحياةِ العامّة، وإقبالِهم على المشاركةِ في الأحزابِ السياسيّةِ التي تتبنّى منهجيّاتٍ واضحةً لتحقيقِ آمالِ الناسِ وتطلّعاتِهم.
سيّدي الرئيــــــــس حضرات النـــــوّاب الكرام إنّ الإعلامَ هو ضميرُ المجتمعِ ومرآةُ الشعوبِ وعينُها، وصاحبُ دورٍ وطنيٍّ كبير، وهو الأكثرُ تأثيراً في وعيِ الأفرادِ والمجتمع؛ وقد زاد حجمُ هذا التأثيرِ في ظلِّ الانفتاحِ الكبيرِ والتطوّرِ التقنيِّ المذهلِ الذي أخرجَ إلى حيّزِ الوجودِ أنواعاً جديدةً من وسائلِ الإعلام، أسهمت في تسريعِ نقلِ المعلومةِ وسهولةِ تداولِها.
وقد سعت الحكومةُ إلى مواكبةِ هذا التطوّرِ، مستندةً إلى الثقةِ الكبيرةِ التي يحظى بها إعلامُنا الوطنيُّ، والتي ترسّخت في ظلِّ الأحداثِ الإقليميّةِ الأخيرةِ التي استطاعت من خلالِها وسائلُ إعلامِنا الوطنيّةُ، الرسميّةُ والخاصّةُ، أن تحافظَ على مهنيّتِها ومصداقيّتِها، وانحيازِها إلى قضايا الوطنِ والأمّة، فكانت تُعلي دائماً قيمةَ الدقّةِ على السرعةِ والسبقِ الصحفيّ؛ وفي هذا دلالةٌ تُسجَّلُ لمهنيّةِ إعلامِنا الوطنيّ، وانحيازِه الدائمِ لمصلحةِ الوطن، حتّى بات بالفعلِ عاملاً من عواملِ قوّةِ الدولةِ والمحافظةِ على أمنِها ومصالحِها وثوابتِها.
ومن هنا، فإنّ الحكومةَ ملتزمةٌ بتعزيزِ المكانةِ المميّزةِ التي يحظى بها إعلامُنا الوطنيّ، مستندةً إلى الرؤيةِ الملكيّةِ السامية، التي تؤكّدُ أنّ رسالةَ الإعلامِ تقومُ على قاعدتَيْ الحريّةِ والمسؤوليّة، لتعكسَ واقعَ الرأيِ العام وحقيقتَه، وتعبِّرَ عن ضميرِه، وتدافعَ عن قضايا المواطنين، وتلبّي تطلّعاتِهم، وتكونَ عينَهم على القراراتِ وتطبيقِها.
كما ستلتزمُ الحكومةُ، وبالتعاونِ الوثيقِ مع إعلامِنا الوطنيّ، بتطبيقِ القوانين لضمانِ التزامِ وسائلِ الإعلامِ ومواقعِ التواصلِ الاجتماعي بالابتعادِ عن خطابِ الفتنةِ والكراهيةِ والتحريض، وبثِّ الشائعاتِ المغرضةِ التي مسّت بنية الكثيرِ من المجتمعاتِ، وساهمَتْ في تقويضِ أمنِها واستقرارِها.
ثانياً: المجال الاقتصادي سيّدي الرئيــــــــس حضرات النـــــوّاب الكرام إنَّ واجبَ الدولةِ الأردنيّةِ الرئيسَ هو توفيرُ مجتمعٍ مستقرٍّ وآمنٍ للجميعِ، والعيشِ الكريمِ للمواطنينَ، وتحقيقُ نموٍّ اقتصاديٍّ وتقدُّمٍ اجتماعيٍّ وسياسيٍّ مبنيٍّ على مبادئِ الحريّة ِ والعدلِ والمساواةِ وحقوقِ الإنسانِ والانفتاحِ وتكافؤِ الفرصِ، ضمنَ تشريعاتٍ واضحةٍ وشفّافةٍ، وإدارةٍ حصيفةٍ وكفؤةٍ، وفي ظلِّ سيادةِ القانونِ.
إنَّ المواطنَ هو هدفُ التنميةِ وأداتُها، وإنَّ الفقرَ والبطالةَ هاجِسُها وشُغلُها الشاغلُ، وإنَّ الخدماتِ الحكوميّةَ الأساسيّةَ الكفؤةَ والجيّدةَ تشكّلُ أداةً لتخفيفِ حدّةِ الفقرِ والبطالةِ عن كاهلِ مواطِنيها، وفتحِ المجالِ أمامَهُم للسعيِ نحو تحسينِ مستواهم المعيشي. ولمّا كانَ القطاعُ الخاصُّ المحرِّكَ الأساسيَّ للنموِّ، والموفِّرَ لفرصِ العملِ، فإنَّ نهجَ الشراكةِ والتشاورِ معه هو أحدُ أساساتِ النهجِ الاقتصاديِّ، والتشاركيّةَ أساسُ تحقيقِ التنميةِ والاستفادةِ من ثمارِها، كما إنّ المؤسّسيَّةَ لا الشخصنةَ هي عنوانُ التقدُّمِ. إنَّ الإصلاحَ عمليّةٌ مستمرَّةٌ في سبيلِ تحقيقِ رؤيةِ جلالةِ الملكِ المعظَّمِ وطموحاتِ المواطنينَ، ذلك من خلالِ إيجادِ بيئةٍ تمكِّنُ وتُحفِّزُ أبناءَ وبناتِ الوطنِ لإطلاقِ طاقاتِهِم وإبداعاتِهِم لتحقيقِ أقصى الطموح.
إنّ الحكومةَ تدركُ تمامَ الإدراكِ أنّ التحديَ الاقتصاديَّ الذي نواجهُه هو الأعمقُ والأصعب، وقد اضطرّت الحكوماتُ المتعاقبةُ بسببهِ إلى اتخاذِ قراراتٍ صعبةٍ نتيجةَ الظروفِ التي مرّت بنا.
وقد بذل القائمونَ على الاقتصادِ الوطنيِّ جهوداً كبيرةً ليحققوا للأردنِّ نموّاً اقتصاديّاً مستمرّاً ومستداماً، في الوقت الذي تقاطَعَت فيه هذهِ الجهودُ مع تطوّراتٍ واضطراباتٍ إقليميّةٍ وعالميّةٍ أدّت إلى إحباطِ تلكَ المحاولات، أو تأجيلِ تنفيذِها لمواجهةِ ظروفٍ طارئة، ولعلّ أكثرَها حدّةً في الآونةِ الأخيرةِ اللجوءُ السوري والضغوطُ الأمنيّةُ التي أثّرَت على مؤشّراتِنا الاقتصاديّةِ والاجتماعيّةِ بنسبٍ لافتة.
لقد شهدَ الأردنُّ، وكما تعلمونَ، منذ عام 1921م موجاتٍ من الهجرةِ واللجوءِ من الدولِ المجاورةِ طلباً للأمانِ والحياةِ الإنسانيّةِ الكريمة، ممّا اضطرّهُ إلى تغييرِ مسارِ خططِه وبرامجِه، وصارت المفاضلةُ بين تلبيةِ متطلّباتٍ مستعجلةٍ على المدى القصيرِ وبينَ تحقيقِ أهدافِ النموِّ والإنتاجِ للوصولِ إلى مرحلةِ الكفايةِ الذاتية، كلُّ ذلك أدّى إلى توقيعِ العديدِ من الاتفاقيّاتِ لإحداثِ التصحيحِ الاقتصاديِّ وإعادةِ الهيكلة، من أجلِ تمكينِنا من الحصولِ على المواردِ التي تعينُنا على مواجهةِ الأعباء.
ومن أجل الخروجِ من هذهِ الحلقةِ المُفرغة، بات علينا أن نصنعَ لأنفسِنا برامجَ وخططاً نتمسّكُ بها حتى يصبحَ الاقتصادُ الوطنيُّ أكثرَ رسوخاً وأقلَّ حساسيّةً للهزّات التي تجري في المنطقةِ والعالم. فإلى جانبِ الحروبِ والهجرات، فإن اقتصادَنا الوطنيَّ تأثّرَ بارتفاعِ أسعارِ المستورَداتِ الأساسيّةِ مثلِ مصادرِ الطاقة، وفي الوقتِ ذاتِه تأثّرَ بتراجُعِ العوائدِ الماليّةِ لصادراتِنا من الفوسفاتِ والبوتاس.
لذا، فإن الحكومةَ عازمةٌ على أن تقومَ بالإصلاحِ المنسجمِ مع زيادةِ الاستثمارِ، وبتقليصِ نسبةِ إجمالي الدينِ العام إلى الناتجِ المحليِّ الإجماليِّ الذي ارتفعَ من (70,7%) عام 2011م إلى (93,4%) عام 2015م، لتصبح (77%) في عام 2021م، ليس فقط عن طريقِ زيادةِ الإيراداتِ وتقليصِ النفقاتِ والهدرِ - على أهميّتِه - وإنّما عن طريقِ دعمِ النموِّ في الناتجِ المحلّيّ الإجمالي، ومحاربةِ التهرُّبِ الضريبي. وسيستمرُ البنكُ المركزيُّ الأردنيُّ في سياستِه الهادفةِ إلى الحفاظِ على الاستقرارِ النقديِّ في المملكةِ والمساهمةِ في تحقيقِ الاستقرارِ المالي، إضافةً إلى مساهمتِه في تشجيعِ النموِّ الاقتصاديِّ المطّرد؛ حيثُ استطاعَ المحافظةَ على مُستوىً مريحٍ من الاحتياطاتِ الأجنبيةِ التي تصلُ اليومَ إلى ما ينوفُ عن (13) مليار دولار، إضافةً إلى الاحتياطاتِ من الذهبِ وحقوقِ السحبِ الخاصّة.
وقد قامت الحكومةُ وعملاً بمنهجِ البناءِ التراكميّ للإنجازِ بتفعيلِ كلِّ الاستراتيجيّاتِ والرؤى والخططِ التي وُضعت من قبْل، وراجعَتْها بهدفِ الاستفادةِ من المقترحاتِ العمليّةِ الواردةِ فيها. ولعلَّ من أبرزِها وثيقةَ الأردنّ 2025م، واستراتيجيةَ التشغيلِ الوطني، والاستراتيجيّةَ الوطنيّةَ للموارد البشريّة، وبرنامجَ التصحيحِ الماليّ والهيكلي الموقَّعَ مع صندوقِ النقدِ الدولي، ومختلفَ الاستراتيجيّاتِ القطاعيّةِ الأخرى. وهنا تجدرُ الإشارةُ إلى أنّ الحكومةَ على قناعةٍ بأنّ الأردنَّ لديه ما يكفي من الاستراتيجيّات، لكنّ الضعفَ يكمنُ في حلَقةِ التنفيذ. ومن هُنا فإنّ الحكومةَ ستنتهجُ الأسلوبَ العمليَّ البعيدَ عن التنظير، ضمنَ قناعتِها الراسخةِ بأنّ الطموحَ مشروعٌ والتقدّمَ ضرورة، لكن لابدّ أن يكونَ ضمنَ إمكاناتِ المواردِ المتاحة لا أن يتحوّلَ لقائمةٍ من الأمنياتِ البعيدةِ عن الواقعِ والتي تحوِّل طموحاتِ المواطنينَ إلى إحباط.
ولابدّ وأن أنوّه هنا، إلى الدورِ المتميّزِ الذي يقومُ به مجلسُ السياساتِ الاقتصاديّة، الذي يشرفُ عليه مولايَ صاحبُ الجلالة، والذي تتشكّلُ غالبيّةُ أعضائه من ممثلينَ عن القطاعِ الخاص بالإضافةِ إلى رؤساءِ اللجانِ الاقتصاديّةِ في مجلسَيْ الأعيان والنوّاب. وقد تبنّت الحكومةُ توصياتِ المجلسِ بعدَ دراسةٍ مستفيضةٍ لها من قبلِ مجلسِ الوزراءِ، وستواصلُ الحكومةُ التعاونَ مع هذا المجلسِ بما يسهمُ في وضعِ الحلولِ لكلّ التحدّياتِ الاقتصاديّة.
ووفقاً لهذه التوصيات، ستقومُ الحكومةُ خلال وقتٍ قريب بإنجازِ مشروعاتِ القوانين المقترحةِ لتطويرِ الاقتصاد الوطني، كقانونِ الشركات، وقانونِ ضريبة الدخل والمبيعات، وقانونِ الأوراق الماليّة، وقانونِ الإعسار المالي، وقانونِ الملكيّة العقاريّة، وقانونِ الأموال المنقولة، وغيرِها من منظومةِ التشريعات الاقتصاديّةِ المهمّة التي ستُعرَض على مجلسِكم الكريم وفقاً للأصولِ الدستوريّة، والتي من المتأمّلِ أن ينتجَ عنها مُناخٌ محفِّزٌ للاستثماراتِ الأردنيّةِ والعربيّةِ والأجنبيّة.
كما ستعملُ الحكومةُ على إعادةِ النظر في قانون تنظيم الموازنة العامّة للدولة، بحيث يعكسُ تنظيمها أفضلَ الممارساتِ العالميّة، وسيكونُ اختيارُ المشروعات الرأسماليّة منسجماً مع متطلّباتِ النموّ الشامل، ومراعياً للحاجاتِ الأساسيّة للمحافظات.
وفي هذا الإطار، ستقومُ الحكومةُ والبنكُ المركزي الأردني بالتعاون مع الجهاز المصرفيّ والمؤسّساتِ الدوليّة بتأمينِ مصادر تمويلٍ جديدة تصلُ لحوالي (420) مليون دينار مع نهايةِ العام الحالي، بهدفِ حفزِ الاستثمار ودعمِ المشاريع الصغيرةِ والناشئة والصادراتِ الوطنيّة.
وفي ظلّ هذا التصوّر، يصبح لزاماً علينا أن نسعى إلى تحفيزِ الاستثمارِ في المحافظات، وأن نقومَ ببناء المشروعات الكبرى ذاتِ القدرةِ التنافسيّة العالية والمعتمدةِ على المواردِ المتاحةِ في الأردن، وكذلك استكمالِ البنى التحتيّة والمرافقِ الأساسيّة في مجالات الطاقةِ والمياهِ والاتصالات والنقل.
وتأكيداً لأهميّة الاستثمار وجديّة الحكومةِ من أجل تطويرِه وتشجيعِه، فإنّنا سنعملُ على تقويةِ المؤسّسات التي تعنى بالاستثمار، من خلال تمكينِ هيئةِ الاستثمار، والصندوقِ الأردني للاستثمار، ومؤسساتِ التمويلِ الاستثماري ووسائلِه من أن تعمل بفاعليّةٍ وجديّة حتى يَلمسَ المواطنونَ آثارها على حياتِهم. كما ستعملُ الحكومةُ على الترويجِ للفرص الاستثماريّةِ في المحافظاتِ على مختلف المستوياتِ المحليّةِ والإقليميّةِ والدوليّة، كما خصّصنا في هذه الحكومةِ حقيبةً وزاريّةً تحت مسمّى "وزير دولة لشؤون الاستثمار".
وفي إطارٍ موازٍ، ستعمل الحكومةُ على تطويرِ التشريعاتِ المتعلّقةِ بتنظيمِ وتطوير بيئةِ الأعمال بما يجعلها قادرةً على تلبيةِ متطلّباتِ الاستثماراتِ المحلّية وتنميتِها، واستقطابِ الاستثماراتِ الخارجيّة، بالإضافة إلى توفيرِ المرونةِ الكافية في تسجيلِ المؤسّساتِ الفرديّة والشركات، وتبسيطِ التعاملِ معها؛ بما ينعكسُ إيجاباً على مساهمتِها في دعمِ الاقتصادِ الوطني.
وقد وجدنا أنّ التمويلَ المتاحَ في خزينةِ الدولةِ قد لا يكفي لأداءِ المتطلباتِ الاستثماريّةِ المطلوبة من القطاعِ العام، فتحرّكت الحكومةُ من أجلِ تفعيلِ قانون الشراكةِ مع القطاع الخاص، ليسهمَ التمويلُ المحليُّ والدولي في بناءِ المرافقِ والوسائلِ والمشروعاتِ المطلوبة، وعلى نظامِ التأجيرِ التمويلي. وبهذا الأسلوب نحدُّ من ارتفاعِ نسبة الدينِ العام التي وصلت إلى نسبٍ مقلقة، ونفعِّلُ دورَ المصارفِ والمؤسّساتِ الماليّة في التمويلِ والاستثمار، ونستكملُ المتطلباتِ الأساسيةَ التي تحفّزُ الاقتصادَ الوطني.
وستقومُ الحكومةُ بتطبيقِ المعاييرِ الدوليّةِ فيما يخصُّ الشركاتِ المساهمة العامّة المتعثّرة، بما يسهمُ في حلّ مشاكلِها، وتعزيزِ دورِ المشاريعِ الرياديّة في الاقتصادِ الوطني من خلالِ الاستراتيجيّةِ الوطنيّةِ لريادة الأعمال وتنميةِ المشاريع الصغيرة للأعوام الخمسة المقبلة.
سيّدي الرئيــــــــس حضرات النـــــوّاب الكرام لقد وقّعت الحكومةُ اتفاقاً للإصلاح المالي مع صندوقِ النقد الدولي حتى عام 2018م، وسعت في الحدّ من عبءِ ذلك البرنامجِ عن كاهلِ المواطنِ الأردني، خصوصاً الطبقتين الوسطى والفقيرة. وفي ظلِّ هذه الإجراءاتِ الاقتصاديّة الدقيقة، نجحت الحكومةُ في ضبطِ عجز الموازنةِ ممّا أدّى إلى الحفاظِ على نسبةِ المديونيّةِ من الناتجِ المحلّي الإجمالي قريبة لحدود (94%) لهذا العام، بالرغمِ من تقاعُسِ المجتمعِ الدولي عن تغطيةِ كاملِ الكلفِ التي تتحمّلها الخزينةُ العامّة لإيواءِ اللاجئينَ السوريين، حيث لا تُغطي هذه التكاليفُ أكثر من (40%) من الكلفةِ الفعليّة، بينما تشكّلُ كلفتُها الحقيقيّةُ نسبةٌ كبيرةٌ قياساً بظروفِنا الاقتصاديّةِ الصعبة، مع التأكيد على أنّ نسبةِ إجمالي الدينِ العام إلى الناتجِ المحليِّ الإجماليِّ ما كانت لتصل إلى (94%) لولا المشاكل التي تعرّض لها قطاع الطاقة خلال السنوات الخمس الماضية، والتي أجبرتنا على استخدام الوقود الثقيل من أجل توليد الكهرباء، وإلّا لبقيت نسبة الدين العام بحدود (75%) وربّما أقلّ.
وأودُّ التأكيدَ هنا على أنّ الهدفَ الأساسَ والاستراتيجي من كلّ الجهودِ الاقتصاديّةِ هو خفضُ نسبةِ الدينِ العام إلى الناتجِ المحليِّ الإجماليِّ، والتخفيفُ من عجزِ الموازنة، وزيادةُ الاستثمار، ورفعُ معدّلات النموّ، وتوفيرُ فرصِ عملٍ كريمٍ للأردنيين.
سيّدي الرئيــــــــس حضرات النـــــوّاب المحترمين لقد أخذت الحكومةُ على عاتقِها، ومنذ يومها الأوّل، أن تسعى جاهدةً لتوفير فرصِ العملِ للباحثينَ عنه، وبطرقٍ غير تقليديّة، إذ لابدّ من تمكينِ الباحثينَ عنه ليصبحوا منتجينَ للأعمالِ لا باحثينَ عنها. وحتى لا يبقى الشبابُ تحتَ وهم الاعتقادِ بأن الوظيفةَ الحكوميّةَ العامّةَ هي ملاذُهم الأفضل وبشكلٍ يحمِّل الاقتصادَ والمجتمعَ أعباءً كبيرةً ونفقاتٍ جاريةً لم يعد قادراً عليها، وضعت الحكومةُ برامجَ عديدة لترجمةِ سياسة "التشغيل بدل التوظيف"، وخصّصت مبالغَ في النصفِ الثاني من هذا العام تقدّر بنحو (80) مليون دينار، لتمكّنَ الشبابَ من أن يصبحوا روّاداً في الأعمال، ومبتكرينَ في الإنتاجِ والتسويق، وصولاً إلى آفاق جديدة. وقد فعَّلت الحكومةُ استراتيجيّةَ التشغيلِ الوطني، وترأسَ رئيسُ الوزراء أعمالَ الفريقِ الوزاريّ الذي تشكّلَ لمتابعةِ الإنجازِ في هذهِ الاستراتيجيّة.
كما ستمضي الحكومةُ في تفعيلِ برامجِ التدريبِ المهنيِّ، والاستفادةِ منْ تجاربِ الدولِ المتقدِّمةِ في هذا المجالِ، من أجلِ إنشاءِ مراكزَ للتدريبِ المهنيِّ بمواصفاتٍ عالميّةٍ، تسهمُ في تمكينِ الشبابِ وتأهيلِهم للحصولِ على فرص عملٍ مجزيةٍ في القطاع المهنيِّ.
وحتّى نتيحَ فرصاً أفضل للتشغيل، فإنّ الحكومةَ بصدد الاستفادةِ من النوافذِ التمويليّة مثل: صندوق التنمية والتشغيل، والمؤسّسة الأردنيّة لدعم المشاريع الاقتصاديّة، وصندوق تنمية المحافظات، وغيرها، وسنعملُ على التنسيقِ بين جهودِها، وتسهيلِ إجراءاتِ الاقتراضِ منها، ووضعِ آليةٍ للإشرافِ على موازناتِها وبرامجِها، للتأكُّدِ من أنّها تطبِّقُ الممارساتِ الفضلى. وكذلك سنعملُ على تعميقِ دورِها عن طريقِ تقديمِ التدريبِ والمشورةِ الفنيّةِ لمشروعاتِها، بما يمكّنُ المستفيدينَ من الإنجازِ والإبداعِ في أعمالِهم.
وستحظى الباديةُ والمناطقُ النائيةُ في المحافظاتِ بالعنايةِ والاهتمامِ في توزيعِ عوائدِ التنمية ونوافذِ التمويلِ المتاحة بما يكفلُ تحقيقَ العدالةِ الاجتماعيّة. حيثُ ستستمرُّ الحكومةُ بتنفيذِ مشاريعِ الأولويّاتِ التنمويّةِ للمحافظات، كما ستعملُ على استحداثِ تشريعٍ يضعُ جميعَ هذه الصناديقِ التمويليّة للمشروعاتِ الصغيرةِ والمتوسطةِ تحتَ رقابةٍ موحّدة، لضمانِ فاعليّةِ التمويلِ ونجاحِ المشروعاتِ المموّلة.
وبالتزامن، ستسعى الحكومةُ - في إطار عملها على تهيئةِ البيئةِ الملائِمة لتوفير فرصِ العملِ - إلى تعزيزِ الإجراءاتِ التي تنظّمُ سوقَ العمل وضبطه، وتتيحُ الأولويّةَ للعاملين الأردنيين، من خلالِ الاستمرارِ في الحدّ من استقدامِ العمالةِ الوافدة، وتكثيفِ حملاتِ التفتيش على العاملينَ وأصحابِ المنشآتِ المخالفين، وتوفيرِ فرصِ التدريبِ والتأهيلِ للعمالةِ الأردنيّة. ونقولُها بكلّ صراحة وشفافيّة، إنّ الاقتصادَ وسوقَ العمل لا يستطيعان الاستمرارَ في ظلّ أوضاعِ سوقِ العمل الحاليّة، ووجودِ أعدادٍ كبيرة من العمالةِ غيرِ الأردنيّة، وفي الوقت نفسه لدينا نسبٌ مرتفعةٌ من البطالة، فهذا عيبٌ اقتصاديٌّ بنيويٌّ لابدَّ من إصلاحه.
ثالثاً: المجال الاجتماعي سيّدي الرئيــــــــس حضرات النــــــوّاب الكرام وفي مجال تعزيز الحماية الاجتماعيّة، ستواصلُ الحكومةُ جهودَها في إعداد مشروع قانون العمل الاجتماعي بالشراكة مع مختلف القطاعات، وتنفيذِ استراتيجيّةٍ موحّدةٍ للعمل الاجتماعي، وتعزيزِ المسؤوليّةِ المجتمعيّة للمؤسّسات، والارتقاءِ بمستوى الخدماتِ الاجتماعيّة من منظورِ إدارةِ الجودة الشاملة، واستهدافِ الأسرِ الفقيرة بناءً على مؤشراتٍ دقيقةٍ لإيصالِ المعوناتِ الإضافيةِ لمستحقّيها.
كما ستعملُ على تحديثِ استراتيجيّةِ مكافحةِ الفقر لتصبحَ استراتيجيّةَ مكافحةِ الفقر والحماية الاجتماعيّة، ويجري التحضيرُ حاليّاً لتنفيذِ مسح دخلِ ونفقات الأسرة التي سيتمّ بناءً عليها تحديدُ مناطق جيوبِ الفقر، وتنفيذُ تدخّلاتٍ إنتاجيّة واستثماريّةٍ من شأنها الحدُّ من الفقرِ والبطالة في المحافظات، من خلالِ إنشاءِ مشاريعَ إنتاجيّةٍ مدِّرّة للدخلِ وموفِّرةٍ لفرص العمل ضمنَ برنامج تعزيز الإنتاجيّة الاقتصاديّة والاجتماعيّة.
إنّ الحكومةَ تدركُ بأنّ الإصلاحَ الاجتماعيَّ هو جزءٌ أساسيّ من عمليّة الإصلاحِ الشامل، ويتطلّبُ تلمّس حاجات المجتمع والوقوفَ عندها، والتفاعلَ مع جميعِ القضايا والمشاكل التي يعانيها المواطنون، ووضعَ حلولٍ لها على المدى القريبِ والبعيد. وتدركُ الحكومةُ كذلك أنّ السيرَ في طريقِ الإصلاحِ يتطلّبُ تنفيذَ برامجَ وخططٍ واضحة تركّز على جيل الشبابِ من مختلفِ الأعمار، بصفتِهم قادةَ المستقبل والفئةَ الأكثرَ تعداداً في وطننا العزيز، وكنزَ الأردنِّ الذي لا ينضب؛ وهم الذين يشعرون أنّ دورَهم لا ينسجمُ مع أعدادِهم وطاقاتِهم الخلّاقة، فهم يشعرونَ أنّهم أقلّ تمثيلاً رغمَ أنهم يشكّلونَ الأغلبيّة.
إنّ الخطوةَ الأولى التي تدلّلُ على اهتمامِ الحكومةِ بقطاع الشباب هي إعادةُ وزارة الشباب إلى حيّز الوجود، إيماناً منّا بأنّ قضايا هذه الفئةِ ليست حكراً على الرياضة، بل تتعداها الى جميعِ نشاطاتِ الحياة وقطاعاتها. وتنوي الحكومةُ من خلال الوزارة أن تدعمَ دَور الشباب في الحياة العامّة السياسيّة والحزبيّة، وتؤسّسَ لتوسيعِ قاعدة المشاركةِ في الاقتصادِ عن طريقِ الإنتاجِ والعمل الخلّاق .
وستقومُ الحكومةُ بزيادة مخصّصات وزارة الشباب، تحقيقاً للأهدافِ التي أُعيدت من أجلِها، كما ستعملُ على إنشاء مراكزَ شبابيّةٍ متعددة الاغراض في جميع محافظات ومناطق المملكة، لضمان استفادة أكبر شريحةٍ ممكنة منها.
كما ستدعمُ الحكومةُ جهودَ تحريكِ الطاقاتِ الشبابيّةِ في مجالاتِ الإبداع والفنّ، والعلوم، والرياضة؛ فقد حقّقَ الشبابُ الأردني العديدَ من الإنجازات الدوليّة، وحصدوا جوائزَ عالميّةً في مجالات الألعاب الأولمبيّة، والطب، وتقنيّة المعلومات، والهندسة، والبحث العلمي والابتكار، وحققّت المرأةُ من هذه الإنجازات نصيباً وافراً. وستستعى الحكومةُ إلى تحفيز دورِ القطاع الخاص من أجل دعم المبادراتِ الخلاقة والإبداع، عن طريق المسؤوليةِ المجتمعيّةِ للمؤسسات، التي تمنحُ الشبابَ فرصاً واعدة.
والحكومةُ تدركُ أنّ الشبابَ هم الفئة الأكثر استهدافاً من قِبل القوى الظلاميّة والجماعاتِ المتطرّفة، التي تستغلُّ حاجات الشباب ورغباتِهم لزرعِ أفكار الغلوّ والتطرّف، وتجنّيدِهم في سبيل تنفيذ أفكارِها الهدّامة، ومن هنا فإنّ الحكومةَ ستعملُ على تنفيذ حزمةٍ واسعةٍ من الأنشطةِ والبرامجِ التي تهدفُ إلى توعيةِ الشبابِ بمخاطر الفكر المتطرّف وخطابِ الفتنة والكراهية، وتُرسّخُ لديهم مفاهيم احترام الآخر، وقيم التعدّديّة والتسامح، وتُعزّزُ دورهم في خدمة المجتمع وبنائه ورفعته. كما ستتصدّى الحكومةُ وبكلِّ حزمٍ إلى الآفاتِ التي تستهدفُ جيلَ الشبابِ، وفي مقدّمتها المخدِّراتِ والمؤثّراتِ العقليّةِ بشتّى أنواعِها، ولن تتهاون مطلقاً مع مروّجي هذه الآفات.
وقد استطاعَ الأردنُّ، بفضلِ مكانتهِ الدوليّة المميّزة، واحترامِ العالمِ لرؤى ومواقف مولاي صاحب الجلالة الهاشميّة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه، ومن خلالِ عضويّتِه غيرِ الدائمة في مجلس الأمن، حشدَ الدعمِ الدوليّ من خلالِ قرار مجلس الأمن رقم (2250) حول الشبابِ والسِلم والأمن، والذي جاء بمبادرةٍ من سموّ وليّ العهد المعظّم الأمير الحسين بن عبدالله، في مجالِ تحصينِ الشبابِ وحمايتِهم وتعزيزِ دورِهم في الأمنِ والسلم وتوفيرِ الفرص لهم.
كما ستتولّى الحكومةُ دوراً رئيساً في محاربة أفكارِ التطرّف، من خلالِ التركيز على دورِ الخطباءِ والأئمّةِ والوعّاظِ والمؤذّنين، وإعدادِهم الإعدادَ السليم، من خلالِ التركيزِ على الجانبِ الشرعي واللُّغوي والمسلكي والتربوي. كما ستولي الحكومةُ المساجدَ الأهميّةَ المطلوبةَ لاستعادةِ دورِها كمنارةٍ للمعرفةِ الدينيّةِ الصحيحة، وكمنبرٍ لتعليمِ السلوكِ السويّ، والتحلّي بقيمِ الأخلاقِ الإسلاميّةِ الفاضلة.
سيّدي الرئيــــــــس حضرات النـــــــوّاب الكرام لقد وضعت الحكومةُ خطواتٍ لإصلاح قطاعِ التعليم والارتقاءِ بمستوى العمليّةِ التربويّةِ لا بد من إنجازِها على أكملِ وجه. وفي هذا المجال، ستستكملُ الحكومةُ خطّةَ إصلاح قطاعِ التربيةِ والتعليم من خلالِ تطويرِ البيئةِ التعليميّة، والبنيةِ التحتيّة، وأساليبِ التدريس، ورفعِ سويّةِ امتحانِ الثانويّة العامّة، وضمانِ الارتقاءِ بمستوى التعليم في المدارسِ الحكوميّةِ والخاصّة، وضمانِ العدالةِ في توزيعِ الخدمات التعليميّة بينها، وتطويرِ المناهجِ بما ينسجمُ مع قيمِنا الدينيّةِ والاجتماعيّةِ والثقافيّةِ وموروثِنا الحضاريّ، وبما يعكسُ تنوّعَ المجتمعِ وقيمه الحقيقيّة وعاداتِه الأصيلة، ضمن أطر علميّةٍ ولجان متخصّصة.
وأودّ التأكيد هنا، أنَّ عمليّةَ تطويرِ المناهجِ هي عمليّةٌ مستمرّةٌ وضروريّةٌ لا رجعة عنها، ولن تستهدفَ المحتوى الدينيَّ أو تمسَّ الثوابتَ الوطنيّةَ والقوميّةَ التي جُبِلنا عليها كأردنيّين. والمناهجُ الدراسيّةُ المتوافرةُ بين أيدي الطلبة والمعلّمين حاليّاً، والتي ثار بسببها جدلٌ واسعٌ خلال الفترة الماضية، تمَّت مراجعتُها من قِبل اللجنة المكلّفة بذلك، والتي رفعَتْ بدورِها التوصياتُ إلى مجلسِ التربية الذي ناقشَها وقرّرَ اعتمادُها.
أمّا على مستوى المعلمين، فنحنُ ندركُ أن التعليمَ مهنةٌ إنسانيّة ذاتُ أبعادٍ عميقةٍ وواسعة، ونظراً لأن المعلِّمَ هو محورُ العمليّةِ التعليميّةِ والتربويّة ذاتِ الأصول والقواعد الحرفيّة، فإنّ الحكومةَ ستعملُ على إيلاءِ عمليّة التدريبِ والتأهيلِ للمعلّمين عنايةً خاصّة، داعمينَ بذلك جهودَ صاحبةِ الجلالة الملكة رانيا العبدالله في إنشاءِ أكاديميّةٍ لتدريبِ المعلّمين، كي تقدِّمَ أفضلَ ما وصلت إليهِ التجاربُ الحديثةُ في هذا المضمار.
وفيما يتعلّق بالأبنيةِ المدرسيّةِ وتحديثها وصيانتها، فجميعُنا يُدرك حجمَ العبء والكلفةَ الكبيرةَ التي أنفقتْها الحكومةُ في هذا المجال، وعلى مرّ السنواتِ الماضية، خصوصاً في ظلّ الضغوطاتِ الكبيرةِ التي تعرَّضتْ لها مدارسُنا الحكوميّةُ بسببِ موجاتِ اللاجئينَ السوريينَ؛ ورغمَ ذلكَ ستبذلُ الحكومةُ جهودَها من أجل إنشاءِ مدارسَ جديدةٍ، وصيانةِ وتطويرِ المدارس الحالية.
وفي قطاعِ التعليمِ العالي والبحثِ العلميِّ فإنّ الحكومةَ ستعملُ على تنفيذِ مُخرجاتِ اللجنةِ الوطنيّةِ لتنميةِ الموارد البشريّة، ومضامينِ الورقةِ النقاشيّةِ الملكيّةِ السادسةِ، وذلكَ من خلالِ تطبيقِ نظامِ قبولٍ موحَّدٍ للدرجةِ الجامعيّةِ الأولى يستندُ إلى أسسِ المساواةِ والتنافسِ الحرِّ، ويراعي في الوقت ذاته مسألةَ عدم تكافؤ الفرصِ والظروفِ والمدارس. كما ستعملُ الحكومةُ على تطبيقِ إجراءاتٍ فاعلةٍ لرفع جودةِ التعليمِ الجامعي، وتطويرِ البحثِ العلمي ليراعي معاييرَ الابتكارِ والإبداع، وتعزيزِ مبدأ الحاكميّة، وزيادةِ مستوى الدعمِ للطلبةِ غير المقتدرينَ في الجامعاتِ الرسميّةِ من خلالِ تطويرِ آليّاتِ الدعمِ الحاليَّةِ، واستحداثِ وسائلَ جديدة.
سيّدي الرئيــــــــس حضرات النــــــوّاب الكرام إنّ مجلسَكم الكريم يضمُّ في عضويّته عشرينَ امرأةٍ استطاعت الوصولَ إلى قبّة البرلمان عبر صناديقِ الاقتراع، وهو ما يحدثُ للمرّة الأولى في تاريخِ الأردنّ؛ وهذا الحضورُ غيرُ المسبوق للمرأة الأردنيّة يضعُ الحكومةَ أمام تحدٍّ جديدٍ يتمثّلُ في إيلاء المرأةِ الرعايةَ المستحقّةَ التي تدعمُ وصولَها ومشاركتَها في الحياةِ العامّة بمختلفِ القطاعات. لذا، ستسعى الحكومةُ جاهدةً إلى رفعِ معدّلات المشاركةِ الاقتصاديّةِ والسياسيّةِ والاجتماعيّةِ للمرأة.
ويتعاظم الإيمانُ لدينا بأهميّة هذا التحدي حينما نعلم أنّ المرأةَ الأردنيّة تعاني من نسبة بطالةٍ تتجاوز (35%) من الباحثات عن العمل والقادرات عليه. وتدلل الأرقامُ أيضاً على أن (65%) من النساءِ المتعطّلاتِ عن العمل يحملن شهادة جامعيّة، مقابل (25%) بين الرجال. وهذه الأرقامُ صادمة بالفعل، وتدفعنا إلى الالتزام بتطويرِ برامجِ التشغيل لتساندَ المرأةَ في الحصولِ على فرصِ عملٍ كريم، من أجل التخفيفِ من نسبةِ البطالةِ بين صفوفِ هذهِ الشريحة المهمّةِ من مجتمعنا.
ولأنّ دعمَ تشغيل المرأة يُعدُّ من الخطواتِ الناجحةِ لمحاربة الفقر والبطالة، فقد تبنت الحكومةُ عدداً من الإجراءاتِ الداعمةِ لهذا التوجّه، مثل التوسّع في السماحِ للمرأةِ بممارسة مجموعةٍ كبيرة من المهنِ والأعمال من المنازل، وتوفيرِ فرص عملٍ في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وتشجيع النساءِ على إنشاءِ المشروعاتِ الصغيرة والمتوسطة، وتوفيرِ التدريبِ للنساء على الإنتاجِ في المجالِ الزراعيِّ، والغذائيِّ، والصناعيّ.
كما ستلتزمُ الحكومةُ باستكمالِ تنفيذِ الخطّةِ الوطنيّةِ لحقوقِ الإنسانِ، من أجل تحقيق الأهدافِ التي وُضِعَتْ من أجلها، في مجملِ المحاورِ المدنيّةِ والاقتصاديّةِ والسياسيّةِ، وحمايةِ مختلفِ فئاتِ المجتمع.
وفي إطارٍ موازٍ، ستواصلُ الحكومةُ جهودَها في مجال رعايةِ الطفولةِ من خلال تكريسِها لنهجِ حقوقِ الطفل، القائم على عدمِ التمييزِ بين الأطفال، والمحافظةِ على بقائِهم ونمائِهم وضمانِ مصلحتهم الفضلى، وحمايتِهم من المخاطر.
وفي مجالِ رعايةِ المسنّين، ستولي الحكومةُ كبارَ السنِّ جلَّ عنايتها واهتمامها، وستعمل على تقدير احتياجاتِهم وتلبيتها، وستسعى ضمن إمكاناتها إلى توفيرِ فرصِ العمل للمعاقين، فمن بين هؤلاء أصحابُ قدرات خاصّة لابدّ من اكتشافِها وتطويرِها، حتى يكونوا أفراداً فاعلين ومنتجينَ في المجتمع.
والحكومةُ ملتزمةٌ بتحسينِ الواقع الثقافي، ورصدِ المخصّصات الكفيلة بالارتقاءِ بمستوى الهيئاتِ والمؤسّساتِ الثقافيّة في مختلفِ أنحاءِ المملكة، وزيادةِ عددها وقدراتها؛ لتؤدّي دورَها في نشرِ الإبداع، وتبنّي المواهب، وتنفيذِ برامج ومشاريع لرعايةِ الأدبِ والثقافةِ وحفظِ التراث الأردنيّ وحماية تنوّعه، بالإضافة إلى مساهمتِها في ترسيخِ ثقافةِ الحوار ومحاربةِ آفاتِ الغلوّ والتطرّفِ من خلال الفعلِ الثقافيِّ التنويريِّ المؤثِر. وستبدأ الحكومةُ بإنشاءِ مراكزَ ثقافيّةٍ خاصّة باليافعين والأطفالِ في مختلفِ مناطق المملكة، حيث ستنجزُ الحكومةُ عشرين مركزاً – على الأقلّ – خلال العام المقبل.
أمّا منظماتُ المجتمع المدني على اختلافِ أنواعها، فالحكومةُ تنظر إليها كشريك فاعلٍ في تعزيز عمليّةِ المشاركة المجتمعيّة للمواطنين، ومساهمٍ رئيس في عمليّة التنميةِ المستدامةِ بأبعادها الاقتصاديّةِ والاجتماعيّةِ والبيئيّة، لذا فإنَّ الحكومةَ ستستمرُّ في تسجيلِ وترخيصِ منظماتِ المجتمعِ المدني، وتقديمِ الدّعم للمنظّماتِ الفاعلة منها، بموجبِ أسس ومعاييرَ موضوعيّة؛ لتمكينها من القيامِ بأدوارِها التنمويّةِ المأمولة منها.
ثالثاً: المجال الاجتماعي سيّدي الرئيــــــــس حضرات النــــــوّاب الكرام وفي مجال تعزيز الحماية الاجتماعيّة، ستواصلُ الحكومةُ جهودَها في إعداد مشروع قانون العمل الاجتماعي بالشراكة مع مختلف القطاعات، وتنفيذِ استراتيجيّةٍ موحّدةٍ للعمل الاجتماعي، وتعزيزِ المسؤوليّةِ المجتمعيّة للمؤسّسات، والارتقاءِ بمستوى الخدماتِ الاجتماعيّة من منظورِ إدارةِ الجودة الشاملة، واستهدافِ الأسرِ الفقيرة بناءً على مؤشراتٍ دقيقةٍ لإيصالِ المعوناتِ الإضافيةِ لمستحقّيها.
كما ستعملُ على تحديثِ استراتيجيّةِ مكافحةِ الفقر لتصبحَ استراتيجيّةَ مكافحةِ الفقر والحماية الاجتماعيّة، ويجري التحضيرُ حاليّاً لتنفيذِ مسح دخلِ ونفقات الأسرة التي سيتمّ بناءً عليها تحديدُ مناطق جيوبِ الفقر، وتنفيذُ تدخّلاتٍ إنتاجيّة واستثماريّةٍ من شأنها الحدُّ من الفقرِ والبطالة في المحافظات، من خلالِ إنشاءِ مشاريعَ إنتاجيّةٍ مدِّرّة للدخلِ وموفِّرةٍ لفرص العمل ضمنَ برنامج تعزيز الإنتاجيّة الاقتصاديّة والاجتماعيّة.
إنّ الحكومةَ تدركُ بأنّ الإصلاحَ الاجتماعيَّ هو جزءٌ أساسيّ من عمليّة الإصلاحِ الشامل، ويتطلّبُ تلمّس حاجات المجتمع والوقوفَ عندها، والتفاعلَ مع جميعِ القضايا والمشاكل التي يعانيها المواطنون، ووضعَ حلولٍ لها على المدى القريبِ والبعيد. وتدركُ الحكومةُ كذلك أنّ السيرَ في طريقِ الإصلاحِ يتطلّبُ تنفيذَ برامجَ وخططٍ واضحة تركّز على جيل الشبابِ من مختلفِ الأعمار، بصفتِهم قادةَ المستقبل والفئةَ الأكثرَ تعداداً في وطننا العزيز، وكنزَ الأردنِّ الذي لا ينضب؛ وهم الذين يشعرون أنّ دورَهم لا ينسجمُ مع أعدادِهم وطاقاتِهم الخلّاقة، فهم يشعرونَ أنّهم أقلّ تمثيلاً رغمَ أنهم يشكّلونَ الأغلبيّة.
إنّ الخطوةَ الأولى التي تدلّلُ على اهتمامِ الحكومةِ بقطاع الشباب هي إعادةُ وزارة الشباب إلى حيّز الوجود، إيماناً منّا بأنّ قضايا هذه الفئةِ ليست حكراً على الرياضة، بل تتعداها الى جميعِ نشاطاتِ الحياة وقطاعاتها. وتنوي الحكومةُ من خلال الوزارة أن تدعمَ دَور الشباب في الحياة العامّة السياسيّة والحزبيّة، وتؤسّسَ لتوسيعِ قاعدة المشاركةِ في الاقتصادِ عن طريقِ الإنتاجِ والعمل الخلّاق .
وستقومُ الحكومةُ بزيادة مخصّصات وزارة الشباب، تحقيقاً للأهدافِ التي أُعيدت من أجلِها، كما ستعملُ على إنشاء مراكزَ شبابيّةٍ متعددة الاغراض في جميع محافظات ومناطق المملكة، لضمان استفادة أكبر شريحةٍ ممكنة منها.
كما ستدعمُ الحكومةُ جهودَ تحريكِ الطاقاتِ الشبابيّةِ في مجالاتِ الإبداع والفنّ، والعلوم، والرياضة؛ فقد حقّقَ الشبابُ الأردني العديدَ من الإنجازات الدوليّة، وحصدوا جوائزَ عالميّةً في مجالات الألعاب الأولمبيّة، والطب، وتقنيّة المعلومات، والهندسة، والبحث العلمي والابتكار، وحققّت المرأةُ من هذه الإنجازات نصيباً وافراً. وستستعى الحكومةُ إلى تحفيز دورِ القطاع الخاص من أجل دعم المبادراتِ الخلاقة والإبداع، عن طريق المسؤوليةِ المجتمعيّةِ للمؤسسات، التي تمنحُ الشبابَ فرصاً واعدة.
والحكومةُ تدركُ أنّ الشبابَ هم الفئة الأكثر استهدافاً من قِبل القوى الظلاميّة والجماعاتِ المتطرّفة، التي تستغلُّ حاجات الشباب ورغباتِهم لزرعِ أفكار الغلوّ والتطرّف، وتجنّيدِهم في سبيل تنفيذ أفكارِها الهدّامة، ومن هنا فإنّ الحكومةَ ستعملُ على تنفيذ حزمةٍ واسعةٍ من الأنشطةِ والبرامجِ التي تهدفُ إلى توعيةِ الشبابِ بمخاطر الفكر المتطرّف وخطابِ الفتنة والكراهية، وتُرسّخُ لديهم مفاهيم احترام الآخر، وقيم التعدّديّة والتسامح، وتُعزّزُ دورهم في خدمة المجتمع وبنائه ورفعته. كما ستتصدّى الحكومةُ وبكلِّ حزمٍ إلى الآفاتِ التي تستهدفُ جيلَ الشبابِ، وفي مقدّمتها المخدِّراتِ والمؤثّراتِ العقليّةِ بشتّى أنواعِها، ولن تتهاون مطلقاً مع مروّجي هذه الآفات.
وقد استطاعَ الأردنُّ، بفضلِ مكانتهِ الدوليّة المميّزة، واحترامِ العالمِ لرؤى ومواقف مولاي صاحب الجلالة الهاشميّة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه، ومن خلالِ عضويّتِه غيرِ الدائمة في مجلس الأمن، حشدَ الدعمِ الدوليّ من خلالِ قرار مجلس الأمن رقم (2250) حول الشبابِ والسِلم والأمن، والذي جاء بمبادرةٍ من سموّ وليّ العهد المعظّم الأمير الحسين بن عبدالله، في مجالِ تحصينِ الشبابِ وحمايتِهم وتعزيزِ دورِهم في الأمنِ والسلم وتوفيرِ الفرص لهم.
كما ستتولّى الحكومةُ دوراً رئيساً في محاربة أفكارِ التطرّف، من خلالِ التركيز على دورِ الخطباءِ والأئمّةِ والوعّاظِ والمؤذّنين، وإعدادِهم الإعدادَ السليم، من خلالِ التركيزِ على الجانبِ الشرعي واللُّغوي والمسلكي والتربوي. كما ستولي الحكومةُ المساجدَ الأهميّةَ المطلوبةَ لاستعادةِ دورِها كمنارةٍ للمعرفةِ الدينيّةِ الصحيحة، وكمنبرٍ لتعليمِ السلوكِ السويّ، والتحلّي بقيمِ الأخلاقِ الإسلاميّةِ الفاضلة.
سيّدي الرئيــــــــس حضرات النـــــــوّاب الكرام لقد وضعت الحكومةُ خطواتٍ لإصلاح قطاعِ التعليم والارتقاءِ بمستوى العمليّةِ التربويّةِ لا بد من إنجازِها على أكملِ وجه. وفي هذا المجال، ستستكملُ الحكومةُ خطّةَ إصلاح قطاعِ التربيةِ والتعليم من خلالِ تطويرِ البيئةِ التعليميّة، والبنيةِ التحتيّة، وأساليبِ التدريس، ورفعِ سويّةِ امتحانِ الثانويّة العامّة، وضمانِ الارتقاءِ بمستوى التعليم في المدارسِ الحكوميّةِ والخاصّة، وضمانِ العدالةِ في توزيعِ الخدمات التعليميّة بينها، وتطويرِ المناهجِ بما ينسجمُ مع قيمِنا الدينيّةِ والاجتماعيّةِ والثقافيّةِ وموروثِنا الحضاريّ، وبما يعكسُ تنوّعَ المجتمعِ وقيمه الحقيقيّة وعاداتِه الأصيلة، ضمن أطر علميّةٍ ولجان متخصّصة.
وأودّ التأكيد هنا، أنَّ عمليّةَ تطويرِ المناهجِ هي عمليّةٌ مستمرّةٌ وضروريّةٌ لا رجعة عنها، ولن تستهدفَ المحتوى الدينيَّ أو تمسَّ الثوابتَ الوطنيّةَ والقوميّةَ التي جُبِلنا عليها كأردنيّين. والمناهجُ الدراسيّةُ المتوافرةُ بين أيدي الطلبة والمعلّمين حاليّاً، والتي ثار بسببها جدلٌ واسعٌ خلال الفترة الماضية، تمَّت مراجعتُها من قِبل اللجنة المكلّفة بذلك، والتي رفعَتْ بدورِها التوصياتُ إلى مجلسِ التربية الذي ناقشَها وقرّرَ اعتمادُها.
أمّا على مستوى المعلمين، فنحنُ ندركُ أن التعليمَ مهنةٌ إنسانيّة ذاتُ أبعادٍ عميقةٍ وواسعة، ونظراً لأن المعلِّمَ هو محورُ العمليّةِ التعليميّةِ والتربويّة ذاتِ الأصول والقواعد الحرفيّة، فإنّ الحكومةَ ستعملُ على إيلاءِ عمليّة التدريبِ والتأهيلِ للمعلّمين عنايةً خاصّة، داعمينَ بذلك جهودَ صاحبةِ الجلالة الملكة رانيا العبدالله في إنشاءِ أكاديميّةٍ لتدريبِ المعلّمين، كي تقدِّمَ أفضلَ ما وصلت إليهِ التجاربُ الحديثةُ في هذا المضمار.
وفيما يتعلّق بالأبنيةِ المدرسيّةِ وتحديثها وصيانتها، فجميعُنا يُدرك حجمَ العبء والكلفةَ الكبيرةَ التي أنفقتْها الحكومةُ في هذا المجال، وعلى مرّ السنواتِ الماضية، خصوصاً في ظلّ الضغوطاتِ الكبيرةِ التي تعرَّضتْ لها مدارسُنا الحكوميّةُ بسببِ موجاتِ اللاجئينَ السوريينَ؛ ورغمَ ذلكَ ستبذلُ الحكومةُ جهودَها من أجل إنشاءِ مدارسَ جديدةٍ، وصيانةِ وتطويرِ المدارس الحالية.
وفي قطاعِ التعليمِ العالي والبحثِ العلميِّ فإنّ الحكومةَ ستعملُ على تنفيذِ مُخرجاتِ اللجنةِ الوطنيّةِ لتنميةِ الموارد البشريّة، ومضامينِ الورقةِ النقاشيّةِ الملكيّةِ السادسةِ، وذلكَ من خلالِ تطبيقِ نظامِ قبولٍ موحَّدٍ للدرجةِ الجامعيّةِ الأولى يستندُ إلى أسسِ المساواةِ والتنافسِ الحرِّ، ويراعي في الوقت ذاته مسألةَ عدم تكافؤ الفرصِ والظروفِ والمدارس. كما ستعملُ الحكومةُ على تطبيقِ إجراءاتٍ فاعلةٍ لرفع جودةِ التعليمِ الجامعي، وتطويرِ البحثِ العلمي ليراعي معاييرَ الابتكارِ والإبداع، وتعزيزِ مبدأ الحاكميّة، وزيادةِ مستوى الدعمِ للطلبةِ غير المقتدرينَ في الجامعاتِ الرسميّةِ من خلالِ تطويرِ آليّاتِ الدعمِ الحاليَّةِ، واستحداثِ وسائلَ جديدة.
سيّدي الرئيــــــــس حضرات النــــــوّاب الكرام إنّ مجلسَكم الكريم يضمُّ في عضويّته عشرينَ امرأةٍ استطاعت الوصولَ إلى قبّة البرلمان عبر صناديقِ الاقتراع، وهو ما يحدثُ للمرّة الأولى في تاريخِ الأردنّ؛ وهذا الحضورُ غيرُ المسبوق للمرأة الأردنيّة يضعُ الحكومةَ أمام تحدٍّ جديدٍ يتمثّلُ في إيلاء المرأةِ الرعايةَ المستحقّةَ التي تدعمُ وصولَها ومشاركتَها في الحياةِ العامّة بمختلفِ القطاعات. لذا، ستسعى الحكومةُ جاهدةً إلى رفعِ معدّلات المشاركةِ الاقتصاديّةِ والسياسيّةِ والاجتماعيّةِ للمرأة.
ويتعاظم الإيمانُ لدينا بأهميّة هذا التحدي حينما نعلم أنّ المرأةَ الأردنيّة تعاني من نسبة بطالةٍ تتجاوز (35%) من الباحثات عن العمل والقادرات عليه. وتدلل الأرقامُ أيضاً على أن (65%) من النساءِ المتعطّلاتِ عن العمل يحملن شهادة جامعيّة، مقابل (25%) بين الرجال. وهذه الأرقامُ صادمة بالفعل، وتدفعنا إلى الالتزام بتطويرِ برامجِ التشغيل لتساندَ المرأةَ في الحصولِ على فرصِ عملٍ كريم، من أجل التخفيفِ من نسبةِ البطالةِ بين صفوفِ هذهِ الشريحة المهمّةِ من مجتمعنا.
ولأنّ دعمَ تشغيل المرأة يُعدُّ من الخطواتِ الناجحةِ لمحاربة الفقر والبطالة، فقد تبنت الحكومةُ عدداً من الإجراءاتِ الداعمةِ لهذا التوجّه، مثل التوسّع في السماحِ للمرأةِ بممارسة مجموعةٍ كبيرة من المهنِ والأعمال من المنازل، وتوفيرِ فرص عملٍ في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وتشجيع النساءِ على إنشاءِ المشروعاتِ الصغيرة والمتوسطة، وتوفيرِ التدريبِ للنساء على الإنتاجِ في المجالِ الزراعيِّ، والغذائيِّ، والصناعيّ.
كما ستلتزمُ الحكومةُ باستكمالِ تنفيذِ الخطّةِ الوطنيّةِ لحقوقِ الإنسانِ، من أجل تحقيق الأهدافِ التي وُضِعَتْ من أجلها، في مجملِ المحاورِ المدنيّةِ والاقتصاديّةِ والسياسيّةِ، وحمايةِ مختلفِ فئاتِ المجتمع.
وفي إطارٍ موازٍ، ستواصلُ الحكومةُ جهودَها في مجال رعايةِ الطفولةِ من خلال تكريسِها لنهجِ حقوقِ الطفل، القائم على عدمِ التمييزِ بين الأطفال، والمحافظةِ على بقائِهم ونمائِهم وضمانِ مصلحتهم الفضلى، وحمايتِهم من المخاطر.
وفي مجالِ رعايةِ المسنّين، ستولي الحكومةُ كبارَ السنِّ جلَّ عنايتها واهتمامها، وستعمل على تقدير احتياجاتِهم وتلبيتها، وستسعى ضمن إمكاناتها إلى توفيرِ فرصِ العمل للمعاقين، فمن بين هؤلاء أصحابُ قدرات خاصّة لابدّ من اكتشافِها وتطويرِها، حتى يكونوا أفراداً فاعلين ومنتجينَ في المجتمع.
والحكومةُ ملتزمةٌ بتحسينِ الواقع الثقافي، ورصدِ المخصّصات الكفيلة بالارتقاءِ بمستوى الهيئاتِ والمؤسّساتِ الثقافيّة في مختلفِ أنحاءِ المملكة، وزيادةِ عددها وقدراتها؛ لتؤدّي دورَها في نشرِ الإبداع، وتبنّي المواهب، وتنفيذِ برامج ومشاريع لرعايةِ الأدبِ والثقافةِ وحفظِ التراث الأردنيّ وحماية تنوّعه، بالإضافة إلى مساهمتِها في ترسيخِ ثقافةِ الحوار ومحاربةِ آفاتِ الغلوّ والتطرّفِ من خلال الفعلِ الثقافيِّ التنويريِّ المؤثِر. وستبدأ الحكومةُ بإنشاءِ مراكزَ ثقافيّةٍ خاصّة باليافعين والأطفالِ في مختلفِ مناطق المملكة، حيث ستنجزُ الحكومةُ عشرين مركزاً – على الأقلّ – خلال العام المقبل.
أمّا منظماتُ المجتمع المدني على اختلافِ أنواعها، فالحكومةُ تنظر إليها كشريك فاعلٍ في تعزيز عمليّةِ المشاركة المجتمعيّة للمواطنين، ومساهمٍ رئيس في عمليّة التنميةِ المستدامةِ بأبعادها الاقتصاديّةِ والاجتماعيّةِ والبيئيّة، لذا فإنَّ الحكومةَ ستستمرُّ في تسجيلِ وترخيصِ منظماتِ المجتمعِ المدني، وتقديمِ الدّعم للمنظّماتِ الفاعلة منها، بموجبِ أسس ومعاييرَ موضوعيّة؛ لتمكينها من القيامِ بأدوارِها التنمويّةِ المأمولة منها.
خامساً: قطاع الخدمات سيّدي الرئيــــــــس حضرات النـــــــوّاب الكرام إنّ قطاعَ الخدماتِ في المملكةِ يتمتّعُ بسمعةٍ مرموقةٍ وكفاءةٍ عالية، قياساً بحال هذا القطاعِ في العديدِ من الدول. ولقد سعت الدولةُ الأردنيّةُ على الدوامِ إلى تطويرِ خدماتِها وتحسينِ مستوى كفاءتِها وبنيتها التحتيّة. ويدركُ الجميعُ أنّ قطاعَ الخدماتِ في المملكةِ تعرّضَ خلالَ السنواتِ الخمس الأخيرة إلى ضغوطٍ غير مسبوقة.
إنّ الأردنَّ يتمتعُ بسمعةٍ رفيعةٍ في مجال الخدمات الصحيّةِ والطبيّة والعلاجيّة، وحفاظاً على هذه السمعة، ستعملُ الحكومةُ على التوسّعِ في بناءِ المستشفياتِ والمرافقِ الصحيّةِ الحكوميّةِ في مختلفِ محافظاتِ ومناطقِ المملكة، وسنسعى إلى تعزيزِ الشراكةِ مع القطاعِ الخاصّ في هذا المجالِ كتجربتنا المتمثّلةِ بإنشاءِ مستشفى الطفيلةِ الحكومي الذي يستندُ إلى قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إنشائه. كما ستعملُ الحكومةُ على بذلِ أقصى جهدٍ لتحديثِ الخدماتِ والبنى التحتيّة وتطويرِ المعدّاتِ الطبيّةِ في مختلفِ المستشفياتِ والمراكزِ الصحيّةِ التابعة لها.
وعلى صعيدِ التأمينِ الصحيِّ للمواطنين، فقد بدأت الحكومةُ بدراسةِ شمولِ جميعِ المواطنينَ بالتأمينِ الصحي، ولقد بدأت ذلك بالتدرّج بإعفاءِ كبارِ السنّ ممّن بلغوا سنّ الثمانين عاماً من رسوم الاشتراك في التأمين الصحي، ابتداءً من هذا العام، وسنعملُ في وقتٍ لاحق على إعفاءِ شرائح أقل عمراً وبشكل تدريجي إلى حين الوصولِ إلى تأمينٍ صحّي شامل. وتعلمون أنّ الديوانَ الملكيَّ الهاشميّ العامر، بالإضافةِ إلى الحكومة، يغطيانِ نفقاتِ العلاجِ لشريحةٍ واسعةٍ من المواطنينَ الذين يعانونَ من أمراضٍ مزمنة، وإنّ الحكومةَ تعي أنّ هناك بعضَ الممارساتِ الخاطئة في هذا المجال؛ ولغاياتِ تحقيق العدالةِ وتكافؤ الفرصِ فقد قرَّرَت الحكومةُ وضع أسس ومعايير واضحة لكلّ من يسعى للحصول على هذه التغطية، خصوصاً وأنّ كلفَ العلاجِ والدواءِ تعاني من عجزٍ ماليٍّ كبير.
وستمضي الحكومةُ في حوسبةِ القطاعِ الصحّي، وستستكملُ تطبيقَ نظامٍ إلكتروني وبطاقاتٍ ذكيّة لكي تشتملَ على كلِّ المعلوماتِ الصحيّةِ الأساسيّةِ للمواطنين. ولتلافي النقص الحاصل في الكوادر الطبيّة، ستبدأ الحكومةُ خلال العام الحالي بتنفيذِ برنامجِ بعثاتٍ لدراسةِ الطبّ لأبناءِ المحافظات، سواء على مستوى الشهادةِ الجامعيّةِ الأولى أو على مستوى التخصّص، وبعثاتٍ أخرى للمهنِ الطبيّةِ شريطةَ أن يعودَ هؤلاء للخدمةِ في المحافظاتِ التي لا تتوافرُ فيها التخصّصاتُ والكفاءاتُ الطبيّةُ المطلوبة.
ومن أجل الحفاظِ على الميزةِ النسبيّةِ للأردن في مجالِ السياحةِ العلاجيّة، فإنَّ الحكومةَ عازمةٌ على تشجيعِ القطاعِ الخاصِّ في هذا المجال، وكذلكَ تكثيفِ الرقابةِ على ممارساتِ القطاعِ الصحيِّ حتّى يحتفظ بمكانتهِ المتميّزة. وستقوم الحكومةُ كذلك بتشجيعِ صناعةِ الأدويةِ الأردنيّة لتطويرِ بحوثها، ولتوسيعِ أسواقِها في الداخل والخارج.
وفي قطاعِ المياه، يشهد العالمُ بأَسره أنّ الأردنّ بات من أفضل الدول في مجالِ إدارةِ مواردِ المياه، فقد استطعنا التأقلمَ مع واقعِنا رغم أنّنا ثالثُ أفقرِ دولةٍ في العالم بالمياه، ومن هنا فإنّ الحكومةَ ستستمرُّ في تنفيذ الاستراتيجيّةِ الوطنيّةِ لقطاعِ المياه، والتوسّع في إنشاءِ مشروعاتِ المياه والصرفِ الصحّي وإقامةِ السدود في مختلفِ محافظاتِ ومناطقِ المملكة، كما ستنفّذُ الحكومةُ خطّةَ الإصلاحِ المالي لقطاعِ المياه بما يُسهم في تقليلِ الخسائرِ وخفضِ النفقات، ورفعِ كفاءةِ أداءِ القطاع.
وستمضي الحكومةُ في تنفيذِ المشاريعِ الاستراتيجيّةِ المائيّةِ الكبرى كمشروعِ ناقل البحرين، ومشروع الناقل الوطني الذي يربطُ جميعَ محافظاتِ المملكة ضمن استراتيجيّةِ التزويد المائي لمحافظاتِ الشمال، بالإضافة إلى البدء بدراسةِ تنفيذِ المشروع الوطنيّ لجرّ المياهِ الجوفيّة العميقة من منطقة الشيديّة والحسا، وتزويدِ محافظاتِ الجنوبِ، والذي من المتوقّع البدءُ بتنفيذه العامَ المقبل.
وستواصلُ الحكومةُ تطبيقَ القانونِ بحزمٍ على كلّ من تسوِّلُ له نفسُه الاعتداءَ على مصادرِ الوطنِ والمواطنين من المياه، واتخاذَ مختلف الإجراءاتِ الراميةِ إلى الحفاظِ على هذهِ الثروة.
سيّدي الرئيــــــــس حضرات النـــــــوّاب الكرام إنّ الحكومةَ عازمةٌ على تنفّيذِ العديد من البرامجِ والخططِ والمشروعاتِ ذات الجدوى الاقتصاديّةِ والتنمويّةِ في قطاعِ النقل، لنواجهَ التخبُّطَ والعشوائيَّةَ الحاليّةَ بمنهجيّةٍ علميّةٍ تعالجُ الواقعَ وتخفّفُ المشقّةَ عن المواطنين في مجالِ التنقّل، وفي مقدّمة هذه الخطط، إنشاءُ مشروعِ السكك الحديديّة الذي يُعَدُّ خياراً استراتيجيّاً وعنصراً أساسيّاً لإنشاءِ نظامِ نقلٍ متعدّد الوسائط، ويتمّ حاليّاً تحديثُ جميع الدراسات الفنيّة المتعلّقة بالمشروع، كما ستعمل الحكومةُ على تطويرِ سكّةِ حديد العقبة، والبدءِ بإنشاءِ ميناء معان البرّي، بما ينعكسُ إيجاباً على حركةِ التجارةِ بين الأردن والبلدان المجاورة.
وفي إطار موازٍ، ستعمل الحكومةُ على تطوير البنيةِ التحتيّةِ لقطاعِ النقلِ من خلال المشروعاتِ الكبرى وفي مقدّمتِها مشروعُ تأهيلِ الطريق الصحراوي، وذلك بعد أن قامت بإجراء إصلاحاتٍ سريعةٍ حسّنت من كفاءةِ الطريق، كما ستتمّ المباشرةُ بتنفيذِ مركز جمرك عمّان الجديد في منطقة الماضونة، بالإضافة إلى استكمالِ تنفيذِ طريق الزرقاء – الأزرق / العمري الذي من المتوقّعِ الانتهاءُ منه نهايةَ العام المقبل، والاستمرار بتنفيذ مشروع الباص السريع بين عمّان والزرقاء ليرتبطَ بمشروعِ الباصِ السريع في أمانة عمّان الكبرى.
كما ستعمل الحكومةُ على تنفيذِ جملةٍ من المشاريعِ لتوفير منظومةٍ آمنةٍ للنقل العام تلبّي حاجات مختلفِ شرائحِ المجتمع، وتقلّلُ من استخدامِ المركبات الخاصّة، بالإضافةِ إلى تطويرِ البنيةِ التحتيّةِ لمطار الملكةِ علياء الدولي ومطارِ عمّان المدني، واستكمالِ تنفيذِ أعمالِ التوسعةِ والتطويرِ لموانئ العقبة.
أمّا قطاعُ الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي يحظى الأردنّ فيه بميزة نسبيّة على مستوى الإقليم، فستعمل الحكومةُ على تحفيزِ بيئةِ الأعمال، والإسراع في إعداد السياساتِ الرقميّةِ المرتكزةِ على أفضلِ الممارساتِ الدوليّة، واستكمالِ شبكةِ الأليافِ الضوئيّة بهدف توفيرِ بنيةٍ تحتيّةٍ رقميّةٍ متطوّرةٍ لتسهم في رفعِ كفاءةِ الخدماتِ الصحيّةِ والتعليميّةِ والتوسّعِ في تقديمِ الخدماتِ الحكوميّةِ الإلكترونيّة، بالإضافةِ إلى تطويرِ منظومةِ أمن وحمايةِ المعلوماتِ الوطنيّة. كما سنعملُ على مواصلةِ الاستثمارِ بالتعليم النوعي في هذا القطاع بعد أن أضحى أبناءُ الوطن قياداتٍ رياديّةً فيه على مستوى الإقليم.
وفي قطاع البيئة، ستتابعُ الحكومةُ تطويرَ التشريعاتِ البيئيّة كقانونِ حماية البيئة، والقانون الإطاري لإدارة النفايات، والبدء باستغلال مكبّاتِ النفاياتِ لتوليدِ الطاقة، بالإضافةِ إلى مواصلةِ تنفيذِ الاستراتيجيّةِ الوطنيّةِ لإدارةِ النفاياتِ الصلبة. وستعملُ الحكومةُ على تطويرِ المناطقِ المتضرّرة بيئيّاً، كحوضِ سيل الزرقاء، وإنشاءِ وحدةِ معالجةٍ للنفايات الخطرة، وإعادةِ تأهيلِ الأنظمةِ البيئيّة في الباديةِ الأردنيّة وزيادةِ إنتاجيّةِ المراعي. وستنفّذُ الحكومةُ حملاتٍ رقابيّةً وتوعويّةً للحدّ من انتشارِ النفاياتِ على أطرافِ الشوارع وفي الغاباتِ والحدائقِ العامّة، والمحافظةِ عليها من العبثِ والتخريب.
وتعي الحكومةُ أنّ الإرثَ التاريخيَّ الزراعيَّ الأردنيَّ يحملُ أهميّةً كبرى، فالأشجارُ التي زرعتْها أيادي الآباءِ والأجدادِ، بالقليلِ الذي توفّرَ بين أيديهِم، لها مكانتُها الرمزيّةُ والواقعيّة، ولن نسمحَ مطلقاً المساسَ بها أو الاعتداءَ عليها أو المتاجرةَ بها، وسنطبّقُ القانون بحزمٍ بحقّ كلّ من يقترفُ هذا الفعل.
أمّا البلديّاتُ، فقد قامتْ الحكومةُ بدعمِها من خلالِ الموازنةِ والمنحِ، بما يزيد عن (700) مليونِ دينارٍ خلال الفترةِ الماضيةِ، وإيماناً من الحكومةِ بأهميّةِ هذا القطاعِ فإنّها ستستمرُّ بدعمِ البلديّاتِ خلال الأعوامِ المقبلةِ، بما يُسهِمُ في رفعِ كفاءةِ كوادِرها، وحفزِها للقيامِ بدورها التنمويِّ إلى جانب دورها الخدميّ.