فنانون عرب يتسلحون بالرسم والموسيقى لمحاربة التطرف والإرهاب
المدينة نيوز :- انطلقت في الجامعة الأردنية اليوم فعاليات مؤتمر وملتقى الفنون الدولي الأول الذي تنظمه كلية الفنون والتصميم برعاية سمو الأميرة وجدان الهاشمي بعنوان "الفنون في مواجهة التطرف والإرهاب".
والمؤتمر الذي حظي بمشاركة محليّة وعربية ودولية واسعة لباحثين وفنانين مرموقين جاء أشبه بالتظاهرة الفنية التي جمعت كافة أشكال الفنون (البصرية والموسيقية والمسرح)، للتأكيد على أن للفن رسالة ... هي رسالة أمن وسلام يمكن من خلالها نقل الأفكار التي تنادي بالاعتدال والاتزان بعيدا عن أي تطرف أو غلو.
وتنبثق رؤية المؤتمر الذي تمتد فعالياته لأربعة أيام إلى تشجيع الباحثين والفنانين على الاستمرار في نشر هدف سام من أهداف الفنون والمتمثل في ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار ومواجهة التطرف بكافة أشكاله وأنواعه، وحتى يتمكنوا من ترجمة أنواع الفنون التي يحترفونها إلى رسائل تنادي بالتسامح والاعتدال والمحبة والسلام.
سمو الأميرة وجدان الهاشمي في كلمة لها خلال حفل الافتتاح، أعربت عن اعتزازها وفخرها بجموع الحضور من باحثين وفنانين ممن تهافتوا من مختلف دول المنطقة، للالتقاء تحت مظلة المؤتمر، لعرض أفكارهم ومقترحاتهم التي تندد بالعنف بمنتهى الموضوعية وضمن أجواء تسودها الحرية والوئام.
ودعت سموها الحضور إلى زيارة المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة، هذا الصرح المتميز الذي يعد معلما فنيا ليس له مثيل يضم في جنباته تحفا فنية لا تقدر بثمن لفنانين عرب وعالميين معاصرين.
في حين قال رئيس الجامعة الأردنية الدكتور عزمي محافظة إن مصطلح الإرهاب أضحى من أكثر الاصطلاحات شيوعا في العالم، وبات الإرهاب كابوسا يهدد أمن المجتمعات وحياتها ويودي بحياة الآلاف يوميا بوسائل إجرامية بشعة.
وأضاف أنه من الصعب التنبؤ بالإرهاب أو مواجهته أو الحيلولة دونه؛ فقد اتخذ أشكالا متنوعة وانتشر بشكل فردي أو جماعي منظم تقف خلفه دوافع وأسباب نفسية شخصية أو تربوية ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية.
وأكد محافظة على أن الفن لم يقف يوما مكتوف الأيدي في وجه الإرهاب وانتشاره، إذ عبر الفنانون العالميون عبر التاريخ بأعمالهم الفنية عن فكرهم المضاد للتطرف والاستبداد، وجسدوا في لوحاتهم صورة الإرهاب والعنف، ووثقوا فنيا في لوحات تشكيلية وأعمال نحت الواقع المؤلم في تحريض على التغيير والمقاومة.
وأوضح محافظة في كلمته أن هناك من يرى بأن غياب الأنشطة الترفيهية من ثقافة وفنون له دور في ميل الشباب نحو العدمية والحركات الإرهابية، مشيرا إلى إنه بالإضافة إلى الوظائف الجمالية والتعبيرية للفنون فإن لها آثارا جانبية واضحة في إشاعة قيم التسامح والفهم والقبول للآخر والتي لا تأتي عن طريق الوعظ في محاضرة أو ندوة ولا تتحول إلى سلوك واقعي إلا بالممارسة والتدريب عبر فضاء إنساني تخلقه المجالات الإبداعية وعلى رأسها المجال الفني ما يعزز مقولة أن الفن سلاح مهم في الحرب ضد الإرهاب.
وأشار محافظة إلى أن للفن وظائف متعددة تصب كلها في صناعة إنسان راق، ويعد مكملا علاجيا كما الموسيقى التي تساعد في علاج الكثير من الأمراض وتخفف التوتر والقلق، كما أن الفن مقياس مهم في تطور المجتمع وتقدمه أو تخلفه وانحداره، مؤكدا أن الحياة الخالية من الموسيقى هي حياة ناقصة تدعو إلى الكآبة وربما تقود إلى ممارسة العنف، داعيا إلى إدراج الفن ضمن المناهج الدراسية لتجنب كثير من مظاهر الغلو والعنف.
من جانبه قال رئيس المؤتمر عميد كلية الفنون والتصميم في الجامعة الدكتور أيمن تيسير إن فعاليات المؤتمر حافلة ومتنوعة وتجمع ما بين النظرية والتطبيق، وتضم محاور تتناول الفنون: البصرية والموسيقى والمسرح، تدعمها مبادرة غير مسبوقة تتمثل في تنظيم "ملتقى فني" يتزامن مع أيام المؤتمر، ويشارك فيه عشرون فنانا تشكيليا عربيا وعالميا، لتقديم جل عطائهم الفني من خلال لوحات رسمت بأناملهم الذهبية معبرين من خلالها عن أفعال إنسانية وحس وجداني ينبذ العنف والتطرف.
وأضاف أن برنامج المؤتمر يتنوع ما بين المعارض الفنية والعروض المسرحية والحفلات الموسيقية الغنائية بالإضافة لورش العمل والملتقيات الثقافية، مشيرا إلى إطلاق مسابقة فنية لطلبة الجامعة من مختلف التخصصات، تضم حقول الكتابة المسرحية والنص الغنائي والأعمال الفنية.
وأعرب تيسير عن أمله في أن يجسد المؤتمر بالواقع رسالة كلية الفنون والتصميم وهي نقل الخبرات العلمية والعملية من أساتذتها الذين صقلوا مواهبهم الفنية بالدراسة الأكاديمية لطلبة الكلية ليستطيعوا بدورهم استخدام الفنون بكافة أشكالها كوسيلة مهمة في التعبير عن آرائهم وأفكارهم بأسلوب حضاري وراق.
إلى ذلك، حيّا أستاذ الدراما ورئيس قسم التلفزيون في المعهد العالي للفنون المسرحية في دولة الكويت الدكتور فيصل القحطاني في كلمة له نيابة عن المشاركين العالم العربي بعبرات الحزن والألم، لوجعه من كثرة الطعنات وتعدد الخيبات، مشيرا إلى أن هذا العالم العربي لن يرضى إلا أن يكون شامخا بسواعد أبنائه الذين تجمعوا في في هذا المؤتمر ليقفوا في وجه الظلم والطغيان وفي وجه كل فكر إقصائي ظلامي يحاول تفتيت هذا الجسد الواحد.
واشتمل حفل الافتتاح الذي حضره عدد من نواب الرئيس، وكبار المسؤولين في الجامعة، وجمع من الفنانين الأردنيين، تكريم ثلة من الفنانين الرائدين وهم: الرائد في الحركة التشكيلية الأردنية الفنان مهنا الدرة والمؤلف الموسيقي يوسف خاشو، والفنان والممثل موسى حجازين.
كما قدمت فرقة الكورال العربي فقرة متنوعة بعثت عبر أثير كلماتها وصدى ألحانها رسائل جمعت ما بين الحب والوئام والتسامح.
ويناقش المؤتمر في جلساته الممتدة على مدار أربعة أيام مواضيع تركز في مضامينها على كافة أشكال الفنون ودورها كلا على حدة في اشاعة السلام والأمن، تحمل عناوين أبرزها: "الإرهاب: مرض المعاصرة الطفولي"، و"خطاب الأزمة في المسرح العربي المعاصر"، و"دور الموسيقى في توحيد المشاعر الدينية وتقبل الآخر"، ودور التربية الموسيقية في توجيه السلوك نحو مواجهة التطرف"، وأيضا "الفنون التشكيلية ودورها في مواجهة إرهاب الآخر، و"المعالجة الفكرية للإرهاب والتطرف" وغيرها من المواضيع.
ففي الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور سعيد السيابي من سلطنة عمان، تناول الدكتور نبيل اللو (سوريا) في ورقته البحثية موضوع التربية الموسيقية في مواجهة التطرف، في حين تحدث الدكتور محمد بن حمودة (تونس) عن الإرهاب : مرض المعاصرة الطفولي، أما الدكتورة نجلاء الجبالي (مصر) فجاءت ورقتها البحثية حول دور الموسيقى في توحيد المشاعر الدينية وتقبل الآخر، والدكتور نبيل بهجت (مصر) فكانت عن خطاب الأزمة في المسرح العربي المعاصر.