مسافات .. وحدود
في مجتمعاتـنا العربية، بين المرأة والرجل، لدينا مسافات واسعة، وهذا ليس غريباً.. إذ ما زال بين الرجل والرجل مسافات أيضاً..
ولا زال بين المرأة والمرأة مسافات...
ولا زال بين الأب وإبنـه مسافات.. ولا زالت المسافات عظيمة وكبيرة وهناك حدود ومتاريس نضعها نحن.. بيننا.. وبين كل جديد..
من يـَدرس هذه الظاهرة بمـَعزل عن الظروف التاريخية، والظروف الإقتصادية، وبمعزل عن الزمان والمكان... والساعات.. والدقائق، والعقارب بمـُختلف أنواعها، فقد أخطــأ.. خطأً فادحاً...
المسافات قائمة ما بين الزوج وزوجته، وما بين الصديق وصديقه ، وما بين العاشق والمعشوقة.. بل لا زالت المسافات بين الكلمات واللحن وحتى الصوت.. فالنشاز قائم، وأصبح ظاهر بين الحروف ونقاطها... وبين الأشياء وماهيتها.. وعلى ذلك .. أو بسبب ذلك ، نحن نعيش اليوم في حالة مـُتوازية، وغير مـُتوازنة.. بل أصبحنا كريشة في مهب الريح...
وكلما تكرست المسافات والحدود، وازدادت .. تطاير شملنا، وتباعدنا، وازدادت امراضنا الإجتماعية والنفسية، والثقافية، وحتى السياسية.. والزراعية.. والصناعية.. والرياضية... أصبحنا كالهرم المقلوب ..
نحن باقون، ولا نفكر بالتغيير، وبتقريب المسافات، وإلغاء الحدود والحواجز.. باقون أن تظل المسافات ، بل وتتسع أكبر وأكبر..
ففي كل يوم، نغذيها بعدم الصدق.. والنميمة، والغش.. والسـَمسـَرة.. والأنانية.. والرياء.. ونشر الإشاعات.. وإختلاق الروايات الطويلة.. والقصص القصيرة.. والفرجة على ما تقترفه أيدينا من دمار لأسـر، وتحطيم لأباريق وأواني خزفية تمثل تراثنا... للتخويف ومن ثم الترهيب، يتبعه صراخ وزعيق.. ليقول الرجل أنه الأقوى.. وتنسج المرأة أوهاماً لتقول أنها الأبقى.. منطق أعوج.. كلاهما شريكان في إعداد السيناريو والحوار لـهُ...
mahasen1@ayamm.org
محاسن الإمام - رئيسة مركز الإعلاميات العربيات