المفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية امام طريق مسدود
استبشر الفلسطينييون الذاهبون لتلبية مطالب أمريكا وبالأصح مطالب إسرائيل التي أملتها على إدارة الرئيس باراك اوباما وبالتالي على أوباما الذي قام بدوره بفرضها كما ارادتها حكومة نتنياهو حرفيا على السلطة الفلسطينية التي اعلنت مرارا وتكرارا انها لن ترضى بشروط إسرائيل وأنها لن ترضى بأقل من إقامة الدولة الوطنية الفلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 67م من قبل العدو الإسرائيلي وعودة الفلسطينيين الذين شردو من ارضهم اليها ووقف الإستيطان في اراضي الضفة الغربية المحتلة ، ولكن حكومة نتنياهو التي رفضت الدخول مع الفلسطينيين بالمفاوضات المباشرة في حال حاول الفلسطينيين وضع اي شروط مسبقة للبدء بالمفاوضات ، وبالرغم من تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس التي كان يطلقها صباح مساء بأن السلطة لا ولن تبدأ مفاوضات مباشرة مع إسرائيل إلا ضمن شروطها المذكورة اعلاه ، ولكن على ما يبدو ان سحر المبعوث الأمريكي جورج ميتشل كان له الوقع الكبير على السيد محمود عباس وحكومة السيد سلام فياض ومن يقف معهما من حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" الذين اصابهم سحر "ميتشل " فتناسوا حتى ما يعنيه إسم الحركة فساروا خلف اهواء قيادتهم التي فقود القضية الفلسطينية الى التصفية النهائية غير عابئين بما سيؤول اليه مصير فلسطين والفلسطينيين معا لقاء الحصول على كيان فلسطيني هزيل كيان منزوع من السلاح ومحروم من اي مقوم من مقومات الدولة وجميعها ستبقى بيد إسرائيل والأهم من هذا وذاك إعتراف الفلسطينيين والعرب بـ "اسرائيل دولة يهودية مما ععني عدم إمكانية عودة أي فلسطيني من الذين طردوا من ارضهم بقوة السلاح والإرهاب الصهيوني البريطاني المنظم ، وبذلك يكون نتنياهو وحكومته قد قطعوا الطريق علىى قضية اللاجئين نهائيا ، وهذا ليس من حق اي فلسطيني او عربي مهما كان موقعه .
الزاحفون اللاهثون وراء ارضاء أمريكا والغرب وجدوا أنفسهم في ورطة بعد شروط حكومة نتنياهو اليمينية العنصرية المتطرفة فأعلنوا انهم يعولون على بيان «الرباعية» الذي كان صدوره يشكل أمل البعض في إعادة إصداره، تحول هو بحد ذاته إلى عنوان لمفاوضات اشتغلت بها واشنطن في محاولة لإقناع بنيامين نتنياهو بقبوله.
وفيما حشر الفريق الفلسطيني نفسه في مقعد الانتظار، كان رئيس الحكومة الإسرائيلية قد رفض مسبقا اعتماد البيان مرجعية للمفاوضات، واعتبر ما كان قد جاء فيه عند صدوره للمرة الأولى شروطا مسبقة ترفضها تل أبيب بشكل قاطع.
ووفقا للمعادلات التي تكرست عند الاصطدام بالتعنت الإسرائيلي، بدأت الجهود الدولية تبحث عن حل وسط يجمع ما بين رغبة (قرار ) الولايات المتحدة بإطلاق المفاوضات المباشرة وما بين الحرص على عدم استفزاز الجانب الإسرائيلي والاكتفاء بإصدار بيان يدعو إلى إطلاق المفاوضات والإشارة إلى عناوينها وشكل إدارتها بعيدا عن كل ما تعتبره تل أبيب شروطا مسبقة.
بيان الرباعية التي كانت السلطة الفلسطينية تتفاءل به ظنا منها انه سيكون متوازنا ويمثل «الإرادة الدولية» قد جاء مطابقا لـ: لاءات نتنياهو بما يخص البيان كمفتاح للمفاوضات..في مثل هذه الحالة ماذا سيكون مصير القضايا الرئيسية عند نقاشها والخلاف حولها في احتدام حدة المفاوضات ؟
واضح ان رئاسة السلطة الفلسطينية ومن يقف خلفها من الفلسطينيين تنساق الى ما لانهاية مع الدعوة الأميركية لبدء المفاوضات المباشرة مع الجانب الإسرائيلي.
• ان الرضوخ للمواقف الإسرائيلية التي اعلن عنها نتنياهو في جامعة بار إيلان في الرابع من حزيران عام 2009م والتي تحدى فيها الرئيس الأمريكي اوباما والتي جاءت كرد مباشر على ما ورد في خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في القاهرة (4/6/2009) وفيه شدد نتنياهو على حيوية البناء الاستيطاني وعدم التراجع عنه أو تجميده لأي سبب وأمام أية دعوة مهما كان مصدرها. ان الرضوخ للموقف الإسرائيلي يؤكد ان
ان الرضوخ للموقف الإسرائيلي يؤكد ان جميع المواقف التي كانت معلنة من قبل الرئيس الأمريكي والرباعية الدولية والسلطة الفلسطينية قد تأكلت ونجح نتنياهو في أن يقدم موقف ائتلافه الحاكم أمام الإدارة الأميركية وأركان المجتمع الدولي مؤطدا انه لايستطيع ان يتماشى مع الطلبات الأميركية بشأن الاستيطان حتى بالحدود الدنيا لتجميده وحافظ وحكومته على هذا الموقف في ظل اشتداد التجاذبات مع واشنطن حول هذا الموضوع، مراهنا على تحويل الضغط باتجاه الجانب الفلسطيني "وقد نجح في تثبيت موقفه في الوقت الذي تراجعت فيه جميع المواقف الأخرى" .ولإرباك الفلسطينيين والعرب معاإستطاع نتنياهو إدخال ملف الأمن الى جانب موضوع الحدود على جدول الأعمال ، ولمعرفته ان الإدارة الأمريكية تسابق الزمن من أجل إنجاز وعد اوباما بشأن بدء المفاوضات المباشرة بين "الفلسطينيين والإسرائيليين " ومع مرور الوقت استطاعت حكومة نتنياهو ان تضع الإدارة الأمريكية في وضع حرج مما اضطرها لإختصار مرحلة المفاوضات غير المباشرة وبدء الضغط على الجانب الفلسطيني من أجل الدخول في المفاوضات المباشرة التي رفضها احد عشر فصيلا فلسطينيا مقاوما داخل وخارج فلسطين المحتلة ، ومما زاد الطين بلة وأثر سلبا على القرار الفلسطيني الموحد ان الحكومة الفلسطينية في رام الله قد تراجعت عن تمسكها بمطالبها الخاصة بالتجميد الكامل والشامل للاستيطان وتحديد مرجعية المفاوضات،مما دفع حكومة العدو الإسرائيلي للخوض أكثر في مواقفها المتعنتة ورأت في القبول «الفلسطيني» برسائل أوباما كمرجعية بديلة للمفاوضات مدخلا لكي للسعي لإنشاء معادلة تضع فيها العلاقات الإسرائيلية ـ الأميركية ومساحات تقاطعها الكبيرة مقابل الاستناد الفلسطيني الواهي إلى وعود أوباما الذي تراجع عنها بشكل معلن ووجه إنذارا سافرا إلى الفريق الفلسطيني المفاوض للالتحاق من غير إبطاء في المفاوضات المباشرة ن وكانت إستجابة الئاسة الفلسطينية لإنذار اوباما للدخول بالمفاوضات المباشرة مع اسرائيل إستجابة سريعة دون الرجوع الى شركائها في الداخل او الخارج معتمدة على وعود امريكية لفظية بدلا من التركيز على توفير غطاء فلسطيني يعتمد إستراتيجية وطنية تفاوضية تكفل تقدم المفاوضات على اساس تجسيد الحقوق الفلسطينية ، وبدلا من تحقيق التوافق" الفلسطيني – الفلسطيني " ذهب بإتجاه لجنةالمتابعة العربية ، وهكذا تم تغييب الرؤية الوطنية الموحدة لعناوين التسوية السياسية،ومع انكشاف زيف الوعود الأميركية واستمرار اللجنة الرباعية الدولية في الارتهان بمواقف واشنطن وفي ظل عدم قدرة (وإرادة) لجنة المتابعة العربية على اتخاذ موقف جدي وعملي داعم للحقوق الفلسطينية.. أمام كل ذلك باتت المفاوضات تشكل أكثر من أي وقت مضى خطرا كبيرا على مستقبل القضية الفلسطينية في حال تم الانسياق إلى ما لا نهاية وراء الكلام السياسي المجاني الذي يأتي على شكل وعود وتطمينات متعددة الجهات.
كل ما سبق يؤكد أن المفاوضات كما يريدها الفلسطينييون والعرب باتت في طريق مسدود.