ندوة فكرية عن الدولة المدنية والدولة الدينية: خطوط الوصل والفصل
المدينة نيوز :- عاين أكاديميون ومختصون، سؤال الدولة العربية الحديثة، وممكناتِ صعودها بصورة جديدة وفاعلة في ظل الواقع السياسي والاجتماعي العربي الراهن والتحدي الذي تواجهه على المستوى العربي.
واوضحوا في ندوة فكرية أدارها الكاتب إبراهيم غرايبة، وحملت عنوان "الدولة المدنية والدولة الدينية: خطوط الوصل والفصل"، نظّمتها أمس مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث ومركز شرفات لبحوث العولمة، علاقة الديني والإنساني بالسياسي وتأثيرهما في تشكيل رؤية لمفهوم الدولة الحديثة.
وأكد أستاذ الحضارة الإسلامية والعلوم الإنسانية في جامعة القيروان الدكتور أُنس الطريقي، أن المقارنة بين مفهومي الدولة المدنية والدولة الدينية، هي مقارنة مصطنعة وغير عادلة في الأساس، مشيراً إلى وجود إشكالية في التفريق بين المفهومين من ناحية كونهما مفهومين بشريان.
وبين الطريقي أن إثارة النقاش حول هذين المفهومين، تجسد في لقاء الحضارة الإسلامية بالدولة الحديثة، ومن ثم المرور بمراحل متغيرة تتركز في الوضع السياسي العربي، والتغير الناتج عن صعود فكرة الصحوة الإسلامية بعد مخاضات زمنية عديدة مع أيديولوجيات مختلفة مما فتح باباً لهذا الجدل الحاصل.
و اعتبر الأكاديمي التونسي أن الأزمة العربية، تتمثل في كونها أزمة تشكيل سلطة، فهنالك حاجة لتعريف الدولة أولاً؛ ثم حدد تعريف المفكر العربي عبدالله العروي كتعريف ممكن ومرن، وهو أن الدولة وضع تصور للعالم، وبالتالي تحديد مصدر السيادة فيه، والأهداف من السياسة والسلطة والحق.
وخلص الباحث أن الدولة المدنية جاءت في العالم الغربي تعويضاً للدولة الثيوقراطية وإلى أن الفرق بين الدولتين يكمن في رؤيتهما للعالم؛ حيث ترى الدولة المدنية أن الحقيقة ليست مسألة خارجة عن تدخل الإنسان، وبالتالي الإنسان هو من ينتجها وهو من يتحدث عنها ويصنعها.
وتحدث أستاذ علم الأديان في جامعة آل البيت الدكتور عامر الحافي، عن التجربة الحضارية البشرية، وعن حالة عربية عامة، تتميز بخوفها من التعاطي مع المصطلحات والأفكار الحديثة؛ حيث تثير هذه المصطلحات التي تتم شيطنتها الخوف في النفوس، وأن هذا يعود إلى بصمات قوية وضعتها العلاقة التاريخية مع الغرب الذي لا نريد أن نتعلم منه بعض الأشياء، بسبب وجود نوع من المواجهة لأسباب استعمارية وسياسية مثلاً.
ورأى أن أحد أسباب انغلاقنا الديني والثقافي في حالات عديدة، سببه عدم انخراطنا في المعرفة البشرية؛ لأننا نعتقد بأننا خلصنا إلى كل المعرفة في هذا العالم، وأن العلمانية ليست مبتكراً غربياً كما نظن، بل هي تراث إنساني، لكن الشعور بالتميز، منعنا من الاقتراب من التجربة الإنسانية الكونية إن صح التعبير، علماً أن فلسفات البشر، أقدم من مجرد جهتين؛ شرق وغرب، بل هي متنوعة ومتعددة، وبالتالي، كيف نحسن التعامل مع الفقه الديني مثلاً، في ظل عدم قدرتنا على التعامل مع فقه الحياة والعلاقات البشرية الكونية، معرفياً وثقافياً ..إلخ.
واشار الحافي الى أن العدالة، تكمن في وجود خطاب إسلامي معاصر، يصهر التجربة الإنسانية الحديثة، على مستوى الفكر والدولة، في بوتقته.
وركز رئيس قسم الفلسفة في الجامعة الأردنية الدكتور ضرار بني ياسين حديثه عما أسماه "الوعي الشقي"، الذي مازلنا نعيشه منذ قرون عديدة؛ إذ رأى أن له وجهين، منها وجه التراث؛ إذ إننا ما زلنا نطرح نفس الأسئلة الأولى منذ قرون، مما يجعلنا نعيش عصاباً مع حاضرنا ومع ماضينا ثم وجه الحاضر الذي لا ننفك نشده إلى الوراء، وأعطى مثالاً عن الدول المتقدمة تكنولوجياً وصناعياً والتي لم تقم بهدم معتقداتها الدينية كحاجة للتقدم، مبينا أن الفترة الحالية فيما بعد الحداثة، سمحت أيضاً بوجود نقد للعقل التنويري وهذا ما جعلنا ننتهي من فكرة وجود عقل سياسي أو علماني أو عقل ديني بامتياز.