إعتراف الفلسطينيين بيهودية اسرائيل

تم نشره الثلاثاء 21st أيلول / سبتمبر 2010 06:54 مساءً
إعتراف الفلسطينيين بيهودية اسرائيل
عبدالرحيم غنام

منذ ان اعلن الرئيس الأمريكي باراك اوباما عن مبادرته الخاصة بعودة المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين من اجل التوصل لحل الدولتين اعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن إصراره على العودة للمفاوضات بدون شروط مسبقة من قبل الفلسطينيين وقد نجح في فرض ما اراد ، إلا أن شروطه في المقابل غمرت السلطة لدرجة أفقدتها القدرة على التمييز.
نتنياهو تعمد في وضع قائمة من الشروط التي لا تنتمي للمعقولة او التي بالإمكان التعايش معها، بل هي جملة من الشروط التعجيزية. فنتنياهو لا يريد تحديد مرجعية للمفاوضات، لكنه في نفس الوقت يحدد النتائج التي يجب أن تفضي إليها المفاوضات وهي اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل، مع كل ما يعنيه ذلك من تسليم بضياع الحق التاريخي للفلسطينيين في وطنهم. لكن مما لا شك فيه هو مطالب نتنياهو الجديدة القديمة فيما يتعلق بالتحريض، حيث إن نتنياهو يصر على أن المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية يجب أن تسير في الوقت الذي تقوم السلطة بغربلة مناهج التعليم لديها.
واللافت أن مطالب نتنياهو هذه جاءت في الوقت الذي صدرت فيه دراسة إسرائيلية تؤكد نتائجها أن كتب التعليم الإسرائيلية حالت دون تحقيق السلام مع العرب. وحسب البحث الذي أعده الباحث الإسرائيلي ايلي بوديا المحاضر في جامعة حيفا فإن كتب التدريس الإسرائيلية أشعلت طيلة نصف القرن الماضي جذوة الصراع الفلسطيني العربي، وكرست حالة الحرب، وحالت دون التوصل للسلام بين العرب واليهود. ووصف بوديا مناهج التدريس اليهودية بـ "المنحرفة "، منوهاً إلى أن هذه المناهج تتميز بطغيان الصورة النمطية والأفكار المقولبة حيال العرب، وزرع كراهيتهم في نفوس التلاميذ الإسرائيليين إلى حد الاستنتاج بأن ما جرى داخل جدران المدارس الإسرائيلية قد أثر إلى مدى بعيد في قرار الحرب والسلام لدى قادة الدولة العبرية.
واشار البحث الذي جاء تحت اسم "الصراع " الإسرائيلي في كتب التاريخ المدرسية العبرية "، الى أن الكتب المدرسية الإسرائيلية رعت نوعاً من الصراع الصامت بين الطرفين وحافظت عليه، وقادت بطريق غير مباشر إلى إثارة الصراع المسلح.
وأكد بوديا أن جهاز التعليم الإسرائيلي قد اختار النهج القومي الذي يخضع الماضي لاحتياجات الراهن والمستقبل على حساب الحقيقة والموضوعية في كتابة التاريخ بهدف خلق ذاكرة جماعية متميزة، منوهاً الى أن ثلاثة ارباع الكتب التي تستخدم في المدارس الإسرائيلية ليست مجازة ما يعني انكشاف التلاميذ على مواد اكثر خطورة. واكد الباحث أن كتب التاريخ الإسرائيلية التي اخضعها للبحث انشغلت بتعميق القيم الصهيونية ورعاية الأساطير والتمجيد بأبطالها ضمن صهر المهاجرين في بوتقة وذاكرة جماعية واحدة.
ولفت إلى أن تلك الكتب وصفت الصراع بطريقة تبسيطية أحادية الأبعاد ومشبعة بعدم الدقة إلى حد التشويه. وأوضح الكاتب أن هذه الكتب سعت لشيطنة العرب وتجريدهم من إنسانيتهم، ما أدى إلى ترسيخ صورة نمطية لدى الإسرائيليين الذين ظهروا دائماً بصورة الغربيين المتحضرين صانعي السلام مقابل صورة العرب "الخونة العدوانيين المتخلفين والمجرمين والخاطفين القذرين والمبادرين دوماً نحو التدمير ".
وحول تناول هذه الكتب لاول مواجهة مع المسلمين التي حدثت في المدينة المنورة، فانها تصف القبائل اليهودية في تلك الفترة بأنها "شريفة ومحترمة وشجاعة، بينما وصف العرب بأنهم ماكرون وخونة وبأنهم هزموا اليهود بالخدعة والمؤامرة ". ونوه الكاتب إلى ان تعابير، مثل متوحش ومحتال ومخادع ولص وسارق وإرهابي، كانت كثيراً ما تستخدم في وصف العربي بينما ما يرتكب ضد اليهود يسمى عداوات ومذابح ومجازر بغية خلق صلة بين العرب وبين اللاسامية المتأصلة في تجارب التاريخ اليهودي في أوروبا، مشيراً الى أن العرب يوصفون بأنهم النسخة الحديثة من العماليق، ألد اعداء الإسرائيليين في التوراة.
ويؤكد الكاتب أن كتب التدريس عززت عملية ابتعاد اليهود عن العرب، وهذا بدوره زاد من مستوى اسطرة الصراع وعزز الميل إلى تجريد العرب من انسانيتهم ".. ونوه الكاتب إلى ان التحامل الإسرائيلي ضد العرب كان اسقاطاً للموقف اليهودي تجاه الغريب في الشتات. ويقتبس الباحث قول الباحث اليهودي سيغريد ليحمان، الذي قال: "نحن كيهود نميل إلى رؤية العربي كغير اليهودي كأحد الاغيار، نحن كأوروبيين نراه آسيويا خصماً لتطلعاتنا القومية وكاشتراكيين نحن نراه كممثل لاشد انماط الرجعية سواداً "..
وأشار بوديا، إلى أن ردة فعل غريبة جاءت في اسرائيل على زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات، حيث حرص كبار المسؤولين في الدولة على الدعوة الى تعميق القيم الصهيونية على حساب ثقافة السلام. واقتبس من كلام لوزير التعليم السابق زبولون هامر قوله: "هناك زعماء عرب يظنون انهم ان لم يكونوا قادرين على القضاء علينا في ميدان المعركة، فإنهم سينجحون في فعل ذلك عن طريق عملية "السلام ". ويؤكد الباحث أن كتب التدريس الاسرائيلية تحاول ان تكرس قناعة مفادها ان السلام مع العرب "يهدد إسرائيل المهزوزة ويستلزم تحصين الناشئة بتقوية الوعي الصهيوني ".. ويؤكد البحث انه عندما حاول وزير التعليم الأسبق اسحاق نافون احداث تقارب بين التلاميذ العرب واليهود داخل اسرائيل، لم يشارك في هذه الأنشظة الا 2 بالمئة من المربين اليهود، منوهاً للموقف الصارم للمؤسسة الدينية اليهودية الرافض لعقد مثل هذه اللقاءات، بحيث ان ذلك يثبت ان الذاكرة الجماعية لليهود كضحايا لمخططات الاضطهاد والابادة جعلتهم "سجناء ماضيهم الخاص "..
ويؤكد الباحث أن الإسرائيليين كانوا يعرفون عن الإسكندينافيين أكثر مما يعرفونه عن جيرانهم العرب، وهو ما ساهم في تعقيد الصراع كما ساعد في خلق أرضية بررت استخدام القوة ضد العرب. ونوه إلى أن 4.1 بالمئة فقط من الوقت المحدد للتاريخ في المدرسة الإسرائيلية قد خصص للتاريخ العربي، لافتاً إلى موافقته على رأي باحثين أجانب بأن اليهود نقلوا صورة الأغيار من الشتات إلى إسرائيل وسلطوها على العرب بشكل خاطئ.
من ناحيته يقول الكتاب والناقد أنطوان شلحت، الذي كتب مقدمة للبحث أن السنوات التي تلت العام 2000 قد شهدت صعوداً يمينياً متطرفاً إلى رأس هرم جهاز التعليم في الكيان، بعد تسلم ليمور لفنات من حزب الليكود حقيبة التعليم. واقتبس شلحت الباحث سامي شالوم، الذي رأى بفترة وزيرة التعليم الأسبق ليمور لفنات الاكثر خطورة بالنسبة للتعليم الإسرائيلي، باعتبارها "قاب قوسين أو أدنى من الفاشية التامة ". ونوه إلى ان ليفنات قد اخرجت كل ما ليس مستمداً من الرواية الصهيونية التاريخية، والتي تعتبر ان فلسطين كانت خالية من السكان عدا قلائل هربوا عام 1948.
بكل تأكيد نتنياهو يعي كل ما تمت الإشارة اليه، لكنه يفترض أن أحداً ليس بإمكانه أن يتدخل فيما يتم تدريسه في إسرائيل.
بالرغم من كل ما اسلفه الدارس بوديا ، وما أكده الكاتب والناقد أنطوان شلحت من حقائق حول مدى تعصب وتطرف المناهج التعليمية التي تتبعها وزارات التعليم الإسرائيلية المتتالية والمعادية والمسيئة للعرب عموما وللفلسطينيين خاصة يطالب نتنياهو بصهينة الوعي الجمعي للفلسطينيين عبر تغيير مناهج التعليم بما يتوافق مع الرواية الصهيونية.
ترى هل يعقل ان يستجيب المفاوض الفلسطيني لإملاءات نتنياهو ويوافق على تغيير مناهج التعليم كما يريد الصهاينة ؟



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات