فساد مخز لا زال يستوطن أجهزة الدولة

تم نشره الأحد 26 أيلول / سبتمبر 2010 02:17 صباحاً
فساد مخز لا زال يستوطن أجهزة الدولة
تحسين التل

حكومات لم تتجاوز أصابع اليدين أوقعت الأردن في أكبر عمليات فساد منذ أن كان الوطن على شكل إمارة وحتى قيام المملكة الأردنية الهاشمية، ولو أردنا أن نتحدث عن مجمل عمليات الفساد، لاحتجنا الى مجلد كامل؛ ولن يتسع للقضايا التي تم لفلفتها وطيها أو التخلص منها بحجة: عفا الله عما سلف؟
نبدأ من قضية بنك البتراء عندما كانت مديونية الأردن لا تتجاوز ثلاث مليارات، وقتئذٍ كانت الفضيحة مدوية على مستوى الوطن العربي، إذ كان بطلها أحمد الجلبي، وبعض (السقط) كانوا ديكورات لتمرير سرقات المسؤولين الكبار، وفتح الطريق لهم للهروب بأموال الشعب الى بريطانيا وأمريكا وفرنسا، وفيما بعد تم طي صفحة البنك بتصفيته وتسليم القضية للقضاء وقد عجز القضاء الأردني عن حل المصيبة لأنها كبيرة، وذهبت أموال المساهمين وأموال الدولة في بطن الجلبي وأعوانه من أردنيين وعرب.
بطبيعة الحال لا نستطيع أن ننسى كيف قام التجار بإدخال السمنة كمادة غذائية في صهاريج النضح، إذ تحدث الدكتور عبد الرحيم ملحس –وكان وقتها وزيراً للصحة- عن وجود فساد غذائي على مستوى عالٍ، واتهم بعض الجهات الحكومية بتسهيل دخول مواد غذائية فاسدة من ضمنها الحليب والسمنة، وأكد على أن المواطن الأردني يتناول قمامة من حاويات الغرب، تباع على أساس أنها مواد صالحة للإستهلاك البشري، وهي غير صالحة للإستهلاك الحيواني.
لا ننسى فضيحة فساد الأعلاف التي حدثت في عهد المنظمة التعاونية عندما كانت تبيع الأعلاف: الشعير ب 60 ديناراً للطن، والذرة الصفراء( السورجوم) ب55 ديناراً، والنخالة ب40 ديناراً، حيث قام التجار ببيع الشعير في السوق السوداء بضعف ثمنه، أي ب120 ديناراً وقد اشترك بعض الموظفين الكبار في عمليات البيع وحصلوا على ملايين الدنانير كرشاوي من التجار لتسهيل عمليات البيع، وقد اكتشفت الحكومة مستودعات كان يخزن فيها مادة الشعير لبيعها بالسوق السوداء كانت تحتوي على مئات الأطنان، وحولت بعضهم الى المحاكم، وكان المراسل عندهم قد (هبش) 10 آلاف دينار بالرغم من أنه (قطروز) من (قطاريزهم)، وبعد أن استفحل الخطر؛ قامت الحكومة بتحويل مشروع الأعلاف الى وزارة التموين؟ التي ما قصرت هي الأخرى بالفساد، إذ قام موظفوها بسرقة ما سرقه موظفو المنظمة التعاونية بأضعاف مضاعفة، حتى أن البعض منهم كان رصيده عدة ملايين بالإضافة الى المنازل والسيارات والمزارع.
قضية فساد وزارة الزراعة، وقضية فساد مصفاة البترول، وقضايا فساد في أمانة عمان الكبرى، ونحن هنا لا نتحدث عن الفساد الإداري، إنما نتحدث عن سرقة أموال الدولة في الوزارات والمؤسسات العامة والخاصة التي تساهم فيها الحكومة بنسبة معينة، لأن الفساد الإداري مستشرٍ في كل مفاصل وأجهزة الدولة وهذا لا يبشر بالخير.
لا يعقل أن تمرر التعيينات بسبب الواسطة وصاحب الحق يبقى في حالة انتظار دائم، لأن الوزير أو المسؤول يستطيع الوصول الى مكان لا يستطيع المواطن العادي الوصول إليه، وبالتالي يتم هضم حق المواطن بجرة قلم من صعلوك مؤتمن على كرسي الوظيفة، ولا يجوز لموظف عادي وبسيط أن يحول مجموعة كبيرة من العمال تصل الى أكثر من 40 عامل، وبجرة قلم الى أدنى من وظائفهم، وعند مراجعته يقول: سنصحح الخطأ، ولا زال الخطأ يراوح مكانه، وقد وسط بعض كبار الموظفين ليستروا زلته عند الرئيس، وكيف سيتم تعديل الخطأ الذي ارتكبه لأنه سيحول الى التحقيق وربما يفقد وظيفته أو يسجن على هذا الخطأ القاتل. .. لدي معلومات كاملة ستظهر في حينها وبأسماء العمال الذين تغير مسماهم الوظيفي بخطأ من موظف، ولا زال الخطأ قائماً؟
لن ننسى ما فعله سميح البطيخي عندما استخدم نفوذه كمدير عام للمخابرات، في قضية التسهيلات البنكية التي تورط وأدين بها لاحقاً، وما يقوم به جنرال آخر لدعم بعض المرشحين من أقاربه لإيصالهم الى مجلس النواب القادم من خلال ما يتمتع به من نفوذ، وما فعلته وزارة الداخلية عندما أوصلت مرشحين للبرلمان الخامس عشر، وأفشلت مرشحين بالرغم من فوزهم وسحبت أصواتهم وأوصلتها الى الصفر المئوي؛ أليس هذا قمة الفساد؟
أما فساد القمح والطحين فقد تحدثت عنه مطولاً، إذ أن القمح والطحين تم بيعه لتجار الماشية بأضعاف سعره الحقيقي: كان سعر طن القمح لا يتجاوز المائة دينار، بيع بأربعة أضعاف ثمنه الحقيقي لإطعامه للدجاج، والإبل، والماشية، وقام تجار الأعلاف بخلطه مع مواد أخرى وأصبح أعلافاً مركزة، وقد شبع الحيوان على حساب المواطن الأردني، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل دخل الطحين في صناعة شيبس الأطفال بسبب تدني ثمنه مقارنة مع مواد أغلى سعراً تدخل في صناعة الشيبس، وعندما انتبهت الحكومة لهذه المصايب قامت برفع الأسعار، والنتيجة تحملها المواطن وحده. ماذا أقول وأي شيئ يقال بعد كلما قيل (على رأي عادل إمام).
الذاكرة ما زالت مليئة بالمعلومات عن الفساد المستوطن في النفوس، واستغلال الكرسي لمصالح شخصية وعائلية، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم التصدي لها، خوفاً من المسؤول، أو لأنهم (يطبطبون) على بعضهم بعضاً بسبب شماتة المواطن في حال سقط أحدهم.
رئيس تحرير وكالة نيرون الاخبارية.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات