التيار الوطني بين الإقتناع والإتباع

تم نشره السبت 02nd تشرين الأوّل / أكتوبر 2010 03:17 صباحاً
التيار الوطني بين الإقتناع والإتباع
حازم المجالي

المدينة نيوز -خاص- : حازم المجالي -إن العمل الحزبي وعلى مدار تاريخ الفكر السياسي منذ قديم الزمان,  كان وما يزال مثار جدل كبير بين وسائل التطبيق و وسائل التنظير , وكثيرا من الاحزاب وقعت في هذه المعضلة وهذا المأزق, وأفضلها حالا من حافظ عىل إسمه وجودا وليس سياسة عملية على أرض الواقع, الحزبيون بين العمل والتنظي, بين الحلول التطبيقية وبين الأفكار, والطروحات التنظيرية الغير قابلة للتحقيق أو على الأقل لم تتحقق عبر فترة زمنية ليست بقليلة, الفكر الحزبي بين البقاء في الكتب وبين التجارب التي أدت بهلاك شعوبا حزبية بكاملها نتيجة الفكر الحزبي بإتباع, وليس الفكر الحزبي بإقتناع, ولعل تجربة البعث العربي في العراق ماثلة أمامنا لغاية الان, ومثلها في سوريا بالنظر الى توحد مصدر الأفكار البعثية ومنبعها الأساسي, وان كانت سوريا خدمتها الظروف و سياسة قادتها الغير مبينة على الفكر البعثي, وحين قام الراحل حافظ الاسد بالحركة التصحيحية, كان المقصود منها بقاء النظام موجودا دون الإرتباط والإقتران بالفكر البعثي أساسا, وهذه الأمثلة ومثلها الكثير جعلت من العملية الحزبية في أي دولة ونظام مثار جدل وشكوك, وإستهداف بطبيعة الحال, لأن الأنظمة الشمولية على العموم تقبل بالنصح من الافراد, ولكنها لا تقبله من فئة أو جماعة متفقون على رأي واحد, لهذا نجد هذه الأنظمة تتوحد في حزبها وتجعله الأوحد في نظامها ولنا في الصين والاتحاد السوفياتي الدليل والبرهان.
الإستهلال كان أعلاه بفكرة بسيطة لتسخين الكلمات, وإن إقتصر بين سطوره على الأحزاب التي تتولى الحكم في الدول وتكون هي النظام, أما إن ذهبنا الى الأنظمة الموجودة أساسا دون الإرتكاز في قيامها على الفكر أو العمل الحزبي, كالنظام الملكي والسلطاني والأميري ...الخ , وهنا نجد أن هذه الأنظمة تتبع بعض الطرق في التعامل الحزبي, فمنها من يرفضها تماما ويبقي الموضوع في لجان ومسميات حكومية, ومنها من يرفضها ويستبدلها بمجالس شورى, ومنها كما هو الحال في الاردن, من يجعلها رافدا لنظامه, ومن أركان سياسته, وان عطلها باحكام مرتبطة بظروف معينة كالأحكام العرفية, الا انه يبقيها نشطة ويعطيها مجالا للعمل حتى لو في السر , والسرية في العمل الحزبي إما لعدم مخالفة القانون أو لأن الأفكار المتداولة سرا تكون غير مقبولة لا نظاما ولا شعبا.
لماذا يركز البعض في ذكرهم للأحزاب الوسطية على إلحاق مصطلح الوطني بإسم الحزب, مما يعطي الإيحاء بأن الأحزاب الأخرى غير وطنية ؟؟؟ فمثلا حزب التيار الوطني, بينما جبهة العمل الاسلامي, الحزب البعثي الاشتراكي, الشيوعي ...الخ, لا نجدهم يلحقون كلمة الوطني كثيرا أو غالبا بإسم الحزب, لا يمكن ظاهريا وبما نعلمه من غير الباطن والاسرار, ان نقول ان هذا البعثي غير وطني, وذلك الاخونجي ليس وطني , فالوطنية رداء يلف كل من يعمل من أجل وطنه وكرامته وحريته, علما أيضا أن غالبيتهم تكون الوطنية لديهم حد الافراط, ولكن هذه التسمية الإلحاقية حصريا, أتت من وراء ثلاثة محاور رئيسية :
1- أن جميع الأحزاب التي تسمى بالوطنية هي أحزاب تؤسس من داخل الدولة فكرا وعملا وتنظيما وتمويلا, وهي إجتهادات لرجالات وأبناء الدولة في الداخل دون الإرتباط بأي أنظمة او تنظيمات خارجية لا فكريا ولا تمويليا.
2- عطفا على المحور الاول, فإن غالبية الاحزاب الغير ملحق بإسمها الوطني, تكون أحزاب مستوردة الفكرة, وإن كانت داخلية التطبيق, فهي أحزاب الفروع والنسخ, أُسست في دول وأنظمة خارجية ثم تم تصدير أفكارها وبرامجها, فوجدت من يتبعها ومن ينظر لها, فأخذت إسم الحزب الاساسي والحقت به إسم الدولة تميزا لها عن الأحزاب في الدول والفروع الاخرى.
3- إن معظم الاحزاب المسماة بالوطينة تخاطب أبناء وفئات الشعب الغير منظمين حزبيا أصلا, وهم الغالبية العظمى في كيان الشعب كله, أو ما اتفق عليه اصطلاحا بالغالبية العظمى الصامتة, فيتم مخاطبة هولاء بلغة حزبية تميزهم عن الاحزاب المستوحاة من الخارج, مع التركيز أنه في كثير من الأحيان تعطى صفة الوطينة للحزب بناءاً على الدعم الحكومي لهذه الأحزاب ولكسب مزيدا من المصداقية والقبول لدى أبناء الشعب الصامت.
هنالك إستثناءات بطبيعة الحال, فتنظيم الإخوان المسلمين, قام بتأسيس حزب داخلي أُردني هو جبهة العمل الاسلامي, ولكنه إعتبره الذراع السياسي, والمدخل لأية نوافذ لا يقبلها الفكر الإخواني العالمي, وبالتالي مواكبة أية تطورات تحدث داخل اي دولة أو نظام دون المس في بيان الإخوان المسلمين الأصلي الوحيد, لهذا نجد أنه لا يمكن بحال من الأحوال تعارض موقف الجماعة مع الجبهة, وهذه من المآخذ على تنظيمهم الحزبي وإقتصاره تنظيميا على المنتسبين فكريا للإخوان المسلمين.
أما الأحزاب الوطنية, وأعتقد الان أنه لن أتهم بأنني إعتبرت ما غيرها ليس وطني فلقد أوضحت الفكرة فما قدمت أعلاه , نجد هذه الاحزاب منبعها الأساسي أيضا من ثلاثة مصادر و بإختصار:
1- الأوامر والإيعازات والتدخلات الحكومية لتحفيز المواطنون على الإنخراط في هذ الحزب الوطني دون غيره
2- إتباع قيادات الحزب من الناحية العشائرية والجغرافية, والإعتماد على نظرية الاب الروحي دون مأسسة الحزب نفسه
3- الإقتناع بأفكار الحزب نفسه, وإتباعه فكريا وعمليا, هنا نجد أن الإقتناع بالفكر الحزبي الوطني يأتي بطريقتين, الإقتناع الفكري والعمل التنظيمي .
وعلى سبيل المثال أيضا فالكثيرون يؤمنون بأفكار حزب التيار الوطني إقتناعا وليس إتباعا أو إيعازا, ولكنهم غير منظمين في الحزب رسميا وإنتسابا, وهذه هي المعضلة التي يواجها قادة الحزب, وهي كيف نجعل المقتنعين بالإنخراط في العمل الحزبي والمشاركة العملية, خصوصا أنه الكثير من هؤلاء يكونون من النخبة الفكرية والسياسية, ويشكلون مكسبا حقيقيا لاي حزب أو تنظيم, ولعل الجواب يأتي بالحوار والنقاش المباشر معهم, للوقوف على الأسباب الحقيقية التي تمنعهم من الإنتساب رسميا للحزب, و هذه مسؤولية قيادات الحزب, وإن إهمالهم أو التجاوز عن أفكارهم يعد خسارة حقيقيقة لأحزاب وطنية داخلية المنشأ, وإن كانت المسؤولية الكبرى تقع على هاكل قيادات الحزب, فأيضا على هؤلاء النخبة المقتنعون بالفكر الحزبي, أن يبادروا ليستخدموا لغة تخاطب قابلة للتحقق والتنفيذ مع هذه الاحزاب, الحوار والتواصل المباشر هو الحل, والإبتعاد عن سياسة الموجود معنا خيرا من غير الموجود, وهذه علة وسبب كثير من الاحزاب التي إندثرت ولم يعد لها ذكرا .
بقي أمرا واحدا يجب التركيز عليه لأي حزب وأختص بالذكر التيار الوطني, وهو مأسسة الحزب وجعله حزبا قائما بموارده الذاتية, وغير مرتبط بالقيادات, نعم هنالك القدوة فيهم وهنالك من نعتبرهم الأب الروحي ولا ينقص من قدره أن يكون الحزب معتمدا على ذاته وكوادره في بقائه, بل هو النجاح الأعظم والإنجاز المخلد, هي دعوة للحوار من أجل التكاتف والعمل سويا للوصول الى الحل الأمثل للمشاركة الحزبية المثلى الحقيقية ضمن إطار مؤسسة الحزب المستقلة .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات