هل البكاء مفيد لصحتنا بشكل عام؟

تم نشره الخميس 01st حزيران / يونيو 2017 06:58 مساءً
هل البكاء مفيد لصحتنا بشكل عام؟
تعبيرية

المينة نيوز:- كان البكاء دائما يوصف بأنه طريقة مفيدة لتخفيف حدة التوتر لدينا، فهل هناك حقائق علمية تدعم هذا الاعتقاد؟

حتى وقت قريب، كان العلماء والكتاب في خلاف حاد حول موضوع البكاء. وفي كتاب الملك هنري السادس، كتب شيكسبير: "أن تبكي هو أن تخفف من عمق الأحزان".

ويقول الكاتب الأمريكي ليموني سنيكيت: "إذا لم تكن محظوطا جدا، فإنك تعرف أن جلسة طويلة وجيدة من البكاء يمكنها في الغالب أن تساعدك على الشعور بالراحة، حتى لو لم تتغير ظروفك قليلا".

وفي المقابل، كان تشارلز داروين يعتقد أن إنتاج الدموع ما هو إلا مجرد أثر جانبي لا فائدة منه للطريقة التي تعمل بها العضلات حول منطقة العين.

ومن وجهة نظره، ينبغي أن تنقبض هذه العضلات من وقت لآخر حتى لا تمتلئ بالدماء. لذا، فإن طرد الدموع من العين هو ببساطة نتيجة غير مقصودة لهذه العملية الفسيولوجية المتطورة. (وهو يقر أيضا أن البكاء يمكنه أن يساعد الأطفال الصغار في جذب انتباه الآباء).

ونحن الآن نعلم أن عملية البكاء لدى البالغين تعد استجابة نفسية أكثر تعقيدا لنوع ما من المثيرات العاطفية.

وتعد الميزة الأكثر وضوحا بالطبع خلال البكاء هي عملية ذرف الدموع، لكن البكاء يتضمن أيضا تغيير في تعبيرات الوجه، وطريقة التنفس. فالبكاء بصوت مسموع على سبيل المثال يشير إلى سرعة الشهيق والزفير اللذين يصاحبا البكاء في غالب الأوقات.

ومن وجهة نظر علمية، يعني هذا أن البكاء يختلف عن عملية إنتاج الدموع كاستجابة لمثير كيميائي خارجي، مثلما يحدث عندما تفرك عينيك بيدك بعد تناول طعام مليء بالتوابل.

وحتى الدموع نفسها تختلف من موقف لآخر. ففي عام 1981، اكتشف الطبيب النفسي "وليام إتش. فراي الثاني" في ولاية مينيسوتا الأمريكية أن الدموع التي نذرفها عند مشاهدة أفلام حزينة، تحتوي على نسبة أكبر من البروتين، مقارنة بالدموع التي نذرفها كاستجابة تلقائية لشرائح البصل التي تقطع بجوارنا.

ولا تقتصر الدموع العاطفية على مشاعر الحزن فقط، فربما يذرف أحدنا دموعه عند مشاهدة عرض كوميدي ساخر، أو عندما يستمع - خلال حضور حفل زفاف - للزوج وهو يتلو تعهداته أما زوجته وأمام الحضور.

وفي حين أننا جميعا على معرفة بالمشاعر التي ترتبط بالبكاء، سواء كانت مشاعر حزن أو فرحة عارمة، ليس هناك الكثير من الأمور التي نعرفها عن السبب الذي يجعلنا نبكي نحن البالغين، ولكن هناك عدة أفكار وتفسيرات ربما توضح حقيقة البكاء.

أحد هذه التفسيرات هو أن بكاء البالغين لا يختلف كثيرا عن بكاء الأطفال، على الأقل عندما يتعلق الأمر بالطبيعة الاجتماعية للبكاء. وبمعنى آخر، ربما يكون البكاء مجرد صرخة حرفية لجذب الانتباه، أو وسيلة لطلب الدعم والمساعدة من أصدقائنا عندما نكون في أمس الحاجة لهما.

وهذا يعني أن البكاء وسيلة للتعبير عن حالتنا العاطفية في وقت قد لا نكون فيه قادرين على التعبير عن تلك الحالة بصورة كاملة من خلال الكلمات.

وقد يفسر هذا أيضا بعض أنماط البكاء، فقد توصل العديد من الباحثين إلى أن البالغين يبكون في الغالب عندما يكونون بمفردهم تماما.

وهناك تفسير آخر يقول إن البكاء ربما يعمل على مساعدة الناس على إدراك مدى ضيقهم أو انزعاجهم من أمر ما، وبالتالي يكون البكاء هنا وسيلة لمساعدتهم على فهم مشاعرهم هم.

وهناك تفسير آخر لعملية البكاء يقول إنه وسيلة للتنفيس عما بداخلنا. فالبكاء هنا هدفه تخفيف حدة المواقف المليئة بالضغوط العاطفية.

وهذا التفسير لا يتوافق مع كلمات شيكسبير التي ذكرناها فحسب، لكنه يتوافق أيضا مع كلمات الشاعر الروماني أوفيد، الذي كتب ذات مرة عن البكاء قائلا: "إنه أمر مريح أن تبكي؛ فالحزن (حينها) يمكن تهدئته، ويمكن للدموع أن تحمله بعيدا". كما كتب الفيلسوف اليوناني أرسطو أن البكاء "ينظف العقل".

وفي دراسة نشرت عام 1986، توصل أحد علماء النفس إلى أن 94 في المئة من المقالات التي تناولت البكاء في الصحف والمجلات الشهيرة في الولايات المتحدة ذكرت أن البكاء ساعد في تخفيف العديد من التوترات النفسية.

وتوصلت دراسة أخرى أُجريت عام 2008، وشملت نحو 4,300 شخص بالغ من 30 دولة، إلى أن معظم هؤلاء الأشخاص حققوا تحسنا في الحالة النفسية والبدنية لديهم بعد مرورهم بنوبة بكاء.

ولم يسجل عدد قليل من مجموع هؤلاء الأشخاص أي تغيير لديهم بعد الانخراط في البكاء، بل قال آخرون إنهم شعورا بأنهم أصبحوا في حالة أسوأ من تلك التي كانوا عليها قبل الانخراط في البكاء.

ويبدو أن هذا الاختلاف يكمن في السياق الاجتماعي الذي جرت فيه نوبات البكاء تلك. فإذا كان الشخص يشعر بحرج من البكاء على الملأ، فإنه ربما يشعر أنه أقل تصميما على البكاء أمام الناس، مقارنة بما إذا كان بمفرده أو برفقة صديق حميم.

وتوصلت تلك الدراسة أيضا إلى أنه عندما حاول بعض الناس كبت أو إخفاء الرغبة في البكاء لديهم، فإنهم شعروا بأنهم أقل ارتياحا بعد ذلك.

لذا، فإن الدخول في نوبة من البكاء له عدة فوائد، لكنه يتطلب على ما يبدو النوع الصحيح من الدعم الاجتماعي ليكون ذلك البكاء فعالا. وهو ما يعني في نهاية الأمر أن البالغين قد يبكون أيضا لنفس السبب الذي يجعل الأطفال يبكون، وهو الحصول على دعم ومساعدة العائلة أو الأصدقاء.

المصدر: bbcعربي



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات