الموبايل والأطفال

اتسعت ظاهرة استخدام الهاتف المحمول من قبل الأطفال في الآونة الأخيرة، وتغافل عنها المجتمع عموماً، والآباء والأمهات خصوصا، بمبررات مثل التواصل وتحقيق رغبة الطفل، وتكوين شخصيته المستقلة، لتصبح ظاهرة طبيعية يتقبلها الآباء والأمهات.
واشارات دراسات طبية إلى خطر استخدام الأطفال للهاتف المحمول، إذ إن الإشعاعات، التي تستقبلها منطقة الرأس، عند استخدام الهواتف المحمولة، تحدث خللا لخلايا دماغ الطفل، ما يسبب ضعفا في البنيان، وصداعا وضعفا في الإبصار، فيعوق ذلك الاستيعاب، هذا بالإضافة إلى ما يمكن للأطفال رؤيته عبر تلقي هواتفهم صورا ورسائل قد تدفعهم إلى بعض الممارسات الخاطئة، وتراودهم أفكار تسبق سنهم، ما يؤثر على تكوينهم الأخلاقي.
ولقد أصبحت هذه الهواتف محط مباهاة ما بين الأطفال، فكل واحد يطمح في الحصول على آخر طراز من الهواتف، التي تحمل الأغاني والرنات المختلفة والألعاب الرقمية، والبلوثوث، واضافات أخرى لا يعرفها ولا يتقنها غيرهم، دون تفكير في العواقب، التي تتسبب فيها كثرة استخدام الهاتف، ولمدة ساعات طويلة من اليوم.
المشكلة ليست في حصول الطفل على هاتف، بل تكمن في تقليد الآخرين، فالأطفال يقلدون الكبار لكن سرعان ما يتفوقون عليهم، لأنهم مبدعون بطبعهم، وزادهم الإنترنت جرأة في الذكاء، للبحث عن كل ما هو جديد، و يمكنهم من معرفة مستجدات الساحة الإلكترونية والتكنولوجية، وتكمن ايضاً في عدم إرشاد هذا الجيل لكيفية الاستفادة القصوى من الإمكانيات النافعة، التي تنمي قدراته، وتنمي مواهبه.
غير أن هناك الكثير من الآباء من يرى أن الهاتف المحمول يمكنهم من الاتصال بأطفالهم أينما وجدوا، والاطمئنان على أحوالهم. وإذا كان الأمر صحيحا، فإن المرشدين التربويين يرون ضرورة متابعة الأبناء شخصيا، والتعرف على أحوالهم، وعلى أصدقائهم، والأماكن التي يرتادونها، بشكل ملموس وواقعي، وليس عن طريق الهاتف فقط.
إن معظم الأطفال يحملون الهاتف المحمول دون إدراك لأهميته، بل في معظم الأحيان، يستعملونه للتسلية بالألعاب التي يوفرها، أو استخدام الكاميرا، أو الموسيقى. لذا يرى المختصون في التربية، أنه أمام استحالة منعه عنهم، على الأقل اتخاذ بعض التدابير التي تحد من تأثيره السلبي واستعماله المبالغ فيه، مثل، منع استخدامه في المدارس، وإعداد برامج توعية حول الجهاز المحمول وأهدافه، معتبرين أن للأسرة دورا مهما في هذه التوعية، وفي منعهم من استخدامه إلا للضرورة. كما على الآباء أن يبحثوا دائما في الرسائل التي تصل أطفالهم، قبل أن يعمدوا إلى حذفها، حتى يكونوا على علم بكل ما يرد عليهم، وهذا ما يمكن الأهل من التحكم في الجوانب الإيجابية والسلبية.