حرفي سوري ينقل مهنة تبييض الأواني إلى الأردن

تم نشره السبت 05 آب / أغسطس 2017 05:45 مساءً
حرفي سوري ينقل مهنة تبييض الأواني إلى الأردن

المدينة نيوز :- بالقرب من سوق الحسبة وسط مدينة المفرق، بدا اللاجىء السوري "محمود عرابي" منشغلاً بتبييض أوانٍ معدنية من الألمنيوم طالها السواد بمادة النشادر لتعود جديدة كما كانت، وهي المهنة التي ورثها عن جده ووالده، وكانت إلى سنوات قليلة ماضية يعمل بها في سوق النحاسين وسط مدينة حمص واضطرته ظروف اللجوء إلى ممارستها من جديد ليحصّل من خلالها لقمة عيشه، رغم مردودها الضئيل بسبب انتفاء الحاجة لها.

وأمام محل عرابي الصغير تبدو بعض الأواني المنزلية كالطناجر والقدور والصحون والأباريق التي ينتظر أصحابها استلامها جديدة كما كانت، وبدا المبيض السوري وسط غمامة كثيفة من الدخان مقرفصاً أمام آنية كبيرة وهو يغط قطعة من القطن في مادة النشادر ويفرك النحاس الأسود عنها لتعود بيضاء لامعة كما كانت.

وباتت هذه المهنة التي كان يزاولها حرفيون جوالون في القرى والأرياف وبعض أزقة المدن جزءاً من الذاكرة المنسية في العقود الأخيرة بعد دخول الأواني المعدنية من التيفال والبريستو والستيل.

وكان لمبيضي أيام زمان موسم خاص يقع بين الصيف والخريف حيث يجوبون القرى والأرياف حاملين على ظهورهم عدة الشغل المؤلفة من الكورة–الكير-والمنفخة، وماء التوتياء والقصدير والقطن وينادون: مبيض ... مبيض، فتفتح الشبابيك والأبواب وتطل النساء، وفي لحظات تتجمع أواني النحاس من طناجر وصحون وحلل ضخمة ومصافٍ، ويبدأ المبيض-كما يقول عرابي- بحفر جورة في الأرض ثم يشعل ناره من الفحم أو حطب السنديان ويمسك بملقطه القطعة المراد تبييضها فيمررها فوق النار وهو جالس القرفصاء حتى يتحول النحاسَ إلى لون الذهب بواسطة النار، وعندها يغط المبيض القطن في النشادر ويفرك النحاس ثانية بالقصدير ثم يغسل الآنية بالماء ويضعها تحت أشعة الشمس لتجف.

وأشار عرابي إلى أنه ورث هذه المهنة القديمة عن والده وجده، وعمل فيها لسنوات طويلة في سوق النحاسين بحمص، وبعد لجوئه الى الأردن عام 2012، وعدم وجود عمل، لم يجد بداً من العودة إلى مهنته، واتخاذها وسيلة للعيش في ظل تخلي الجمعيات والمنظمات الإغاثية عن اللاجئين السوريين.

وتابع محدثنا أنه تعلم هذه المهنة في السابق لكونها بسيطة وغير معقدة كغيرها من المهن لافتاً إلى أن "هذه المهنة لم يطرأ عليها الكثير من التغيير والشيء الوحيد الذي طرأ عليها هو استبدال الكير بنافخ على الكهرباء"، وفق موقع اقتصاد السوري .

وتعتمد مهنة المبيض–كما يشير محدثنا- على الجهد الشخصي ولا تحتاج إلى أدوات كثيرة أو مكلفة مادياً، وهو ما شجعه على العودة إليها.

وأردف عرابي أن أغلب أبناء الجيل الجديد يعزفون عن تعلمها رغم بساطتها، لكونها مهنة بلا مستقبل، لافتاً إلى أن الإقبال على تبييض الأواني خفّ بدوره لأن الكثير من الناس لم يعودوا يملكون أوانِ نحاسية كما في الماضي، علاوة على اكتساح أواني البلاستيك والميلامين والستانلس والمعادن الخفيفة للأسواق والبيوت.

ويعدد الحرفي القادم من حمص الأدوات التي يستخدمها في عملية التبييض وهي الملقط وآلة النفخ- الكير التي يصدر عنها الهواء لإشعال النار وتحمية الأواني، وكذلك القصدير الذي يعطي الوعاء اللمعة المطلوبة، بالإضافة إلى النشادر ووهى مادة نفّاذة بيضاء اللون توضع فيه القطنة بعد فرك الآنية من أجل تبريدها ومنع اشتعالها.

ويشكو محدثنا وهو يغط القطن في النشادر ويفرك آنية من النحاس الأسود، من قلة زبائنه وكساد المهنة مقارنة بما كان عليه الحال في حمص، وهذا ما انعكس على دخله الذي لا يكاد يكفي قوت يومه، أضف إلى ذلك-كما يقول- غلاء المواد الأولية وبخاصة القصدير مقارنة بما كانت عليه في سوريا.

وكشف محدثنا أن أغلب من يقبلون على تبييض الأواني لديه الآن هم هواة التراث وبعض أهالي الريف ممن يملكون دلال قهوة وأباريق نحاسية أو بعض ممن يتوارثون الأواني النحاسية ويتخذونها كزينة في منازلهم، فيلجأون إلى تبييضها بفعل تأكسدها مع الزمن، وكذلك أصحاب محلات الحلويات والمطاعم الذين يمتلكون حللاً وأوان نحاسية يطالها التأكسد بفعل الاستخدام المستمر وتصبح بحاجة لتبييض بين الفينة والأخرى.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات