وزراء دفعوا ثمن سعيهم للاصلاح

تم نشره الإثنين 01st تشرين الثّاني / نوفمبر 2010 01:49 صباحاً
 وزراء دفعوا ثمن سعيهم للاصلاح
محمد مناور العبادي

المدينة نيوز - سعد الكثيرون لاستقالة او اقالة الوزير حازم ملحس ، وكان عدد من الاعلاميين ونقابة الصحفيين الاكثر سعادة بهذا الحدث ، واعتبروه انتصارا لهم ، رغم ان ملحس هو المسؤول الاردني الوحيد الذي وضع النقاط على الحروف ، وانتقد بحدة غيرمبرره ، وبالفاظ غير مقبوله ، سلبيات ادارية واعلاميه اردنية ، يتحدث عنها كل الناس في الغرف المقفله بصورة افظع واكثر ايلاما مما قال به الوزير .

اول ماكشف عنه الوزير سلبيات في الادارة الحكومية تعشعش في كل الوزارات ابتداء من رئاسة الوزراء وحتى مادونها ، واحيانا ماهو اعلى منها ، ليعبر بذلك عن الضميرالشعبي الاردني ، ولسان حال غالبية ابناء الشعب غير المنتفعين ،من سلبيات الحكومة التي ارضت عبر العطايا والهبات والامتيازات غير الدستوريه قرابه 10% فقط من الاردنيين واغضبت 90% .واذا لم يصدق الرئيس مااقول ليذهب الى اي بيت فرح او عزاء متخفيا ،وليستمع الى قصص لاتصدق عن سلبيات حكومته.

ان الاصلاح يبدأ من الاعلى للاسفل وليس العكس ، فكبير القوم خادمهم كماهو قدوتهم . وكان ملحس هو اول من طبق هذا المبدأ ، الا ان الحكومة ضحت به ، ليكون عبرة لكل وزير ينتقدها . فالنقد ممنوع حتى على الوزراء ، فكيف تسعى الحكومة لاصلاح احوال الناس في حين انها ليست على استعداد لسماع من ينتقد اداءها او اداء اجهزتها التي ترهلت واصيبت بجلطة دماغيه وبشهادة كل الاردنيين .

ماكشف عنه الوزير المستقيل يجري في كل وزارة ومؤسسة اردنية ، لكن احدا من الوزراء لايسعى لكشف البلاوي التي تحدث في وزارته ، لأنه يعرف ان المنصب الوزراي ليس دائما ،وان معدل خدمة الوزير الواحد لاتتجاوز18 شهرا ، في غياب برنامج زمني وطني طويل تقوم بتنفيذه الحكومات المتعاقبه بغض النظر عن اشخاصها وبرامجهم الشخصيه . وفي غياب اليه لمحاسبة الوزراء على ماقدموه للوطن خلال فترة توليهم الحكم

لقد ضحت الحكومه بالوزير ملحس لأنه انتقد اداءها واداء العاملين فيها ولكنها رفضت التضحيه بمن شتم العمال والمعلمين والصحفيين والمزارعين في السابق مما يؤكد انها تحركت دفاعا عن نفسها وليس دفاعا عن الشعب المظلوم منها .

اذن فان الحل بالنسبة للوزراء هو عدم فتح معارك دينكوشوتيه مع اي كان ، خاصة وان الفترة الزمنية للوزير الواحد لاتمكنه من القيام بعمل استراتيجي يخدم الوطن ، مما جعل كل حكوماتنا المتعاقبه حكومات تسيير اعمال . فالوزير لايعرف لماذا اختير , ولا يعرف متى يمكن ان يطلب منه الرئيس ان يستقيل فورا وبدون ابداء الاسباب . وكما قال لي مسؤول اردني كبير خدم وزيرا ثم في مناصب اعلى وعلى مدى سنوات  انه   لايعرف لماذا اختارته الحكومه لتولي كل هذه المناصب ولماذا  اقيل  منها كلها  ..؟

 
وهكذا فان  وزراء   وجدوا ان الحل هو في  الاهتمام بمصالحهم واصدقائهم واصدقاء اصدقائهم واقربائهم  خلال هذه الفترة القصيرة  ، التي لاتمكنهم من  القيام بعمل مدروس  ، لأن  الدولة تريد منهم ذلك ،  لعدم وجود برنامج مؤسسي لوزاراتهم  يكلفون بتنفيذه ولعدم وجود اليه لمحاسبة الوزراء على ماقدموه   خلال فترة  عملهم .

وثاني ماكشف عنه الوزير في تصريحاته عجز الاعلام الرسمي وشبه الرسمي ، الذي ينأ ى  بنفسه عن  فتح  معارك مع مسؤولين اومتنفذين لاعتبارات قانونية ورسميه  ،خاصة وان  سيف الحكومة مسلط عليه .  فيكتفي  الاعلامي او الصحفي بالتلميح والتأشير دون التصريح  ووضع النقاط على الحروف  ، لضمان مستقبله  ولقمة عيش اطفاله ، او لتمهيد الطريق له للوصول الى الوزاره او منصب كبير ، او لتكف الدولة شرورها عنه .

لقد تناول الوزير المستقيل قضايا حساسه  هي سبب فشل الادارات الاردنية والسياسات المحليه بل هي سبب اتساع الفجوة بين الحكومة  والشعب ، والتي يمكن التأشير عليها  باختصار بما يلي :  

1- تعيين الشخص المناسب في المكان غير المناسب ، وهذه مقولة ادت الى  انهيار الاتحاد السوفيتي ،    فكيف بها لاتتسبب  بانهيار دول  اصغر واحدث

2- ان  الاعلام الاردني بحاجة الى  مزيد من المهنيه  اذ رغم  وجود كفاءات  اعلاميه تبدع خارج الوطن  الا انها  ليست كذلك داخله ،  بسبب احباطات ادارية و ماليه ونفسيه ولوجستيه  ، تجعل  الاعلامي الاردني  يتوق لتحقيق المهنية  الاعلاميه ، من خلال عمله مع صحف خارجيه  اومواقع اليكترونية  حره ،  او الهجرة للخارج .وتتحمل الحكومة الاردنية كل المسؤولية في ذلك سواء من خلال الانظمة والقوانيين او الرواتب المنخفضه او الادارات الفاشله والتي تستهدف كلها تقييد حرية الاعلاميين  ومصادرة حقهم في التفكير والتعبير .

      3- ان بعض الشخصيات العامه في الاردن التي تتصدى للعمل العام متورطه حتى اذنيها
      بالفساد 

   واذا كان الوزير المستقيل او المقال ، قد اشر لنا على بعض  هفواتنا بشجاعه  ، فاننا نتذكر
    ايضا   شجاعة وزير اخر ومن نفس العائلة الكريمه التي تأبى الا ان تحترق لتنير الدرب
    للوطن  دون  ان تجد من يقدر مواقفها 
    لقد تصدى زهير ملحس  وزير الصحه السابق قبل نحو  ثلاثة عقود من الزمن لنفس ماتصدى
   له حازم ملحس ليؤشر على   موضوع خطير لخصه بقوله "غذاؤنا ودواوؤنا فاسدان " .
   
       قد يكون الوزيران ملحس  الاول والثاني قد بالغا في نقدهما وضخماالفسساد في
      البلاد  واستخدما تعابير قاسيه ،الاان الوقع  المعاشي اليومي  ،يؤكد ان الكثير مما قالا ه
       صحيح  تماما ، بل ويقول بعض  المتشائمين  انهما كشفا جزءا يسيرا من الفساد الاداري
      في البلاد  وان الواقع اكبر مما قالاه كثيرا
 
     ومثلما تصدى  "الملحسان" للواقع  الالئيم وسعيا لاصلاحه  ، فقد شاركتهما في التصدي لهذا
    الواقع الوزيره ليلى شرف   ،سيدة الاعلام  الاردني بلا منازع ، التي  استقالت مساء يوم
     عاصف  للحكومه حين اتهمتها بالسعي لتكميم  الافواه والسيطره على الاعلام  وفرض
      ارادته عليه ،   ولم تنتظر الوزيره  الموافقة على استقالتها ، فاجتمع  مجلس الوزراء ليقرا
     استقالتها في    غيابها  مما دفع صحيفة القبس الكويتيه لتكتب استقالتها تحت عنوان لئيم "
     الحكومة  الاردنيةتجتمع   بلا " شرف"  ..!! – حسب العنوان – (...!)
 
   العجيب الغريب اننا  مازلنا بعد عقود من استقاله ملحس الاول وسيدة الاعلام الاردني نعاني من  نفس المشكلات التي دفعتهما  للاستقاله ،  رغم وجود تحسن شكلي بسيط في الاعلام والرقابه الصحيه  ، الا ان هذا التحسن لايرقى الى درجة الطموح  ، اذ مازلنا نذكر كيف فشلت الحكومات الاردنية المتعاقبه في تنفيذ مكرمة ملكيه ساميه ، بتوفير وجبة غذاء مجانيه لطلبة المدارس   ، بحيث اصيب العشرات من الاطفال باعراض التسمم  ،مما دفع  حكومة بعينها الى الغاء البرنامج.  في حين اخبرني مسوؤل دولي رفيع بان منظمته  قامت بتوزيع الملايين من الوجبات المدرسيه في دول اخرى ذات مناخ اسوأ وظروف اقسى  دون ان يصاب احد من الاطفال باي عارض  وعلى مدى سنوات  . مما يدفعنا للتساؤل عن حقيقة ماجرى في الاردن  والذي يؤكد  ماقله ملحس الاول بان غذاءنا  فاسد .
 

 والعجيب ايضا اننا مازلنا  نطالب بحرية الاعلام  وهو امر لم يعد  مطلبا  لدى الدول المتقدمه بعد ان اصبح ضرورة حياتيه كالماء والهواء .

واذا استمر الحال على ماهو  عليه  ، فاننا سنقول بعد سنوات  ، ان ملحس الثاني على حق فاعلامنا لايبدو انه سيصبح استقصائيا  ، بل  سيبقى اعلام  حكومة  ،  يتغير بتغييرها ، يجعل كل حكومة هبة من الله للاردنيين ،  ولن يتحول ليصبح  اعلام دولة ، بغض النظر عن الحكومات .

ولا غرابة في ذلك  فكل حكومة اردنية تصر على رفض المطالب الدولية والوطنية  بالتخلي عن اسهمها في صحيفتي الراي والدستور،  التي تتيح لها  تعيين رئيس تحرير  ،والتدخل في الكوادرالصحفيه اذا ارادت  ، كما ترفض ان يشاركها احد في ادارة التلفزيون والاذاعه  لتبقى تتحكم بالاعلام الرسمي ،  الذي اصبح عبئا عليها  وتجارة خاسرة  ،في حين تخلت  عن جميع المؤسسات الاقتصاديه الرابحه التي كانت ترفد خزينة الدولةالاردنية بمئات الملايين  من الدولارات  .

 
ان مايؤكد ماذهبت اليه  ان الوزيره شرف والوزير  ملحس لم ولن يعودا وزراء لأنهم  تجراوا
 على انتقاد حكومات يعملون بها وسينضم ملحس الثاني لهم  فهذا هوجزاء  الوزراء الذين يطالبون بالاصلاح الحقيقي .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات