"التاريخانية لدى عبد الله العروي".. محاضرة للزميلة الجبور في الجمعية الفلسفية
المدينة نيوز:- ناقشت الزميلة الدكتورة آمال الجبور في الجمعية الفلسفية امس الثلاثاء مفهوم التاريخانية لدى المفكر المغربي عبدالله العروي ورؤيته العميقة في دراسة حالة المجتمعات العربية وما يعتريها من عقبات تحول دون تحقيق نهضة في سائر الميادين.
وأوضحت الجبور في المحاضرة التي قدمتها فيها الدكتورة لينا الجزراوي، جوانب من مشروع المفكر العروي "التاريخانية" كمنهج وأداة نقدية للأيدولوجية العربية للخروج من مأزق التأخر التاريخي.
واعتبرت المحاضرة الجبور الحاصلة على شهادة الدكتوراة في الفلسفة من الجامعة الاردنية، ان "التاريخانية التي قدمها العروي هي محاولة لعلاج قضايا الواقع العربي الراهن"، لافتة الى ان "عمق قراءاته وامكانات رؤيته في بناء تصور لأسئلة التاريخ عائد لكونه عاش مدة طويلة في فرنسا، وتأثره بالثقافة الغربية".
وأضافت، ان العري اهتم في بداياته بما انتجه المفكرون المصريون مثل محمد عبده، رفاعة الطهطاوي، قاسم امين، جمال الدين الافغاني، لطفي السيد، سلامه موسى، وطه حسين، بالإضافة الى قراءاته للفلسفة الالمانية وقراءاته لأصول فلاسفة الانوار، وهو ما انعكس على شخصيته ودفعه للعمل في حقول علمية وفكرية متنوعة، فعمل كمؤرخ، ومفكر، وروائي، ومحلل سياسي، وناقد ادبي وفني، وانجز العديد من المؤلفات من اهمها " الايدولوجيا العربية المعاصرة" الذي لخص فيه دعوته لإنتاج الفكر التاريخاني، إضافة الى اشتغالاته النقدية في "ازمة المثقفين العرب"، "ثقافتنا في ضوء التاريخ"، ومجموعة كتب المفاهيم "مفهوم الايدولوجيا"، "مفهوم الدولة"، "مفهوم التاريخ"، "مفهوم الحرية"، و"مفهوم العقل"، ورواياته مثل "اليتيم"، "الغربة"، "الغريق"، و "اوراق".
واستعرضت الجبور في المحاضرة التي تابعها العديد من الكتاب وطلبة الدراسات الفلسفية والمهتمين، الادوات والوسائل التي بحث فيها العروي للتغلب على العوائق الفكرية والمعرفية التي ابعدت الامة العربية لقرون عن اللحاق بالحداثة، وكيف قدم مشروعه التاريخاني كأداة نقدية للايدولوجيا للخروج من مأزق التأخر التاريخي، متكئة على تناول العروي نماذج الوعي العربي التي شكلت ايدولوجيا المجتمعات العربية، وايضا لمسألتي الأصالة والحداثة وربطه التاريخانية بأحداث "الربيع العربي" التي اجتاحت المنطقة اواخر العام 2010.
ورأت الجبور ان سؤال التخلف والنهضة كان من بين الاسئلة التي شغلت العديد من المفكرين العرب ومن بينهم العروي، الذي طرح تساؤلات عدة حول اسباب هذا التأخر الذي تعانيه مجتمعاتنا منذ عقود وما زالت تعانيه، والذي بين ان تجاوز هذا الوضع "لا يكون دون مشروع شامل يتمثل بثورة ثقافية، تعمل على تأسيس وعي حضاري لغايات تحقيق الطفرة الاولى نحو التقدم والحداثة".
واشارت الى ان المشكلة التي يواجها العقل العربي حسب مفهوم العروي هي مشكلة "وعي"؛ وعيه بنفسه وبالآخر وبتاريخه وتاريخ الآخر، وكان يسند هذه الاشكالية من خلال ثلاث نماذج يقسمها العروي الى ذهنية نماذج سلفية وليبرالية وتقنية"، لافتة الى رؤيته التي تقضي "بما ان الغرب بنى على تراثنا وعلومنا وضمنها في بناء نهضته وطورها، فباستطاعتنا نحن الانطلاق اليوم مما طوره الغرب حاليا، وتضمينه في نهضتنا"، لذا يدعو العروي الفرد العربي الذي يعيش في بؤس مجتمعه ان "ينظر الى التاريخ نظرة شاملة وليست ضيقة ضمن التاريخ العربي الاسلامي".
وخلصت المحاضرة الى أن "ثقة العروي بدور النخب المثقفة في تحمل مسؤولية هذه الإشكالية، لا ينسجم نوعا ما مع واقع النخب في المنطقة العربية، التي لا تفتح لها المنابر لتقدم رؤى نقدية عصرية، تتيح لها وسائل المعرفة والاتصال لنشر الوعي والفكر الذي تحتاجه مجتمعاتنا نحو الحداثة ويصل فيها الفرد العربي إلى ما يصبو اليه من كرامة وعدل ومساواة وحرية".