الله يستر من تاليها
![الله يستر من تاليها الله يستر من تاليها](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/61233.jpg)
كم أنا محبط في هذه الأيام المعدودات قبيل يوم الحسم الانتخابي في التاسع من الشهر الجاري ، كم أنا مهموم على الرغم من علامات السرور الظاهرة على وجوه أبناء الوطن احتفالا بالعرس الديمقراطي القادم .
أنا مع الوطن ،ولكنني متوجس خيفة من توابع الزوبعة الانتخابية ، بل من (تسونامه) الجارف الحارق الهادم الذي أتوقعه وأتمنى من الله العزيز الرحيم أن يخيب ظني ، يارب خيب ظنوني ، وابسط أجنحة السلام والأمن والهدوء والمودة والحب والوفاء على أبناء الشعب الواحد، منذ إطلالة يوم الثلاثاء القادم إلى صدور النتائج ، فلا تشنج ولا احتكاك ولا أسلحة ولا ( نبابيت ) ولا (زوامير) ولا عبارات سامة ( تهز المشاعر وتغث الخواطر) ولا ( مجاحرة أو مناهرة ) ولا ولا . غير أنني أعود إلى صندوق تشاؤمي ولا أستطيع له كتمانا ، لما نشاهده ونسمع عنه في هذه الأيام من سلوكات وتعبئة فئوية وجهوية مقصودة لا تبشر بخير . إن آلاف المحتقنين من الشباب غضبا وغيضا وعصبية عبر الأشهر المنصرمة ، وما يسمعونه من وجهائهم وشيوخهم من تحليلات وآراء عشائرية ينفخونها في آذان أبنائهم صباح مساء لتتحول بعدها إلى سلوكات وعصبيات سلبية هي ما نتوقعه بعد يوم الثلاثاء ويدعم رأيي ما لمسناه خلال الشهر الماضي من أحداث مؤسفة ، كإحراق المقرات وإطلاق النيران على المرشحين والمؤازرين، و المشاجرات والعنف اللفظي والمنشورات السرية ، والاحتكاك بين أفخاذ العشائر ، وغيرها من المظاهر تجعلني منقبض النفس ، حزينا ، مهموما .
إن الحشد العشائري الضخم وتهييج العامة والتناخي وطلب الفزعة و(وين راحوا النشامى) تجعلني أقول الله يستر من تاليها . لأنني أدرك أن كل انتخابات الدنيا لا تساوي قطرة دم تهرق ، فتعاني منها الأجيال بعدها سنوات من الحقد والثارات والاقتصاص ممن يعتقدون أنهم السبب في فشلهم وسقوط مرشحهم .
دلوني على طريقة غير هذه النظرة السوداوية اطمئن بها أبناء شعبي وأنا أرى شدة التنافس وحدة المؤازرين والكل يشحن وينفخ ويغذي عوامل الفرقة بين أبناء البلدة الواحدة فكيف وقد نجح أحدهم ولم يحالف الحظ الآخر؟ لا أتصور مدى شدة الاحتكاك بين أبناء البلدة الواحدة بعد انتهاء ( العاصفة ) في المدرسة والكوستر والكيا والسوق والشارع والمناسبات العامة والانتخابات البلدية القادمة ( كلما ضمدنا جرحا نزف جرح ) ومكتوب علينا أن نعيش بين جرحين ديموقراطين وهذا قدرنا ،وهو ( الخير) الذي لا بد منه . ولكن متى سنتجاوز محنة التعصب الجهوي أو العشائري لننطلق نحو فضاء التوجه الحزبي الرحب الذي يعنى بالبرامج لا بالأشخاص، فتنتفي بعدها كل مظاهر التشنج الفردي
يا سامعين الصوت ، يا أبناء وطني ، متى نتخلص من هذا ( المرض الملعون) ؟ وهذا الفكر المتخلف الذي يفتت طاقات المجتمع ، ويقدم النماذج السيئة ، وأصحاب النفوذ على طبقة المستنيرين والبناة الحقيقيين ظ متى نتخلص من النظر إلى الفرد على أساس أنه عود في حزمة ، لا على أساس قدراته ومواهبه وكفاءاته ؟
ما أتمناه يوم الثلاثاء وما بعد يوم الثلاثاء ، وأنا على يقين من عدم تحقيق هذه الأمنية الوطنية ، قليلا من العنف والتدمير والتخريب ، وعلى عاتق العقلاء وإجراءات الحكومة الرادعة والسريع وتطبق القانون بكل حزم والضرب بيد من حديد وصوان و (باطون ) مسلح وما عند قوات الدرك والشرطة والدفاع المدني من تجهيزات لقمع وملاحقة كل من يحاول أن يعرقل سير العملية الانتخابية ، أو كل من يحاول أن يثير شغبا بعد الانتخابات ، وأن تغلق المستشفيات أبوابها عن استقبال ( جرحى الحرب الانتخابية) ، وأن يزج بكل من يثبت عنه تورطه بالمشاجرات الانتخابية بالسجن مع تغليظ العقوبات في حدودها العليا ، باختصار وبالبنط العريض : نطالب الحكومة بقوة هذه المرة أن ترينا ( العين الحمرا) وأن تقطع ( راس القط ) من الليلة الأولى فكما صدقناها في كل الإجراءات التي اتخذتها لنزاهة الانتخابات ، عليها أن تكمل الشوط الأخير لأن الحكم على صنع الخزانة الجيدة هو بمدى إتقان اللمسات الأخيرة أو ال( FINISHING) . حمى الله الوطن وأبناءه من كل مكروه ، و يارب ، سلم وأعن شعبنا الصابر المرابط على تجاوز مخلفات زوبعته الانتخابية بقليل من الخسائر الوطنية.