مطالبات بضبط التهرب الضريبي وإزالة الاستثناءات

المدينة نيوز :- طالب خبراء وحزبيون، تغليظ العقوبات على المتهربين ضريبياً، وإيقاف استثناءات على الغرامات من شأنها زيادة حالات التهرب الضريبي، وتدفع ببعض الأفراد والشركات إلى التهرب الضريبي الذي أكدوا أنه أصبح ظاهرة تتزايد بشكل سريع متفشية في جميع القطاعات الاقتصادية.
وأشاروا في مقابلات مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا) اليوم الأربعاء، إلى أن ظاهرة التهرب الضريبي جريمة كبرى يجب العمل على ضبطها ومعالجتها من خلال تعاون وتكاتف جميع الجهات المعنية للحفاظ على الاقتصاد الوطني والسير قدماً في عملية الإصلاح الشامل، مؤكدين ضرورة وجود قوانين وتشريعات حديثة تحمي الطبقتين الوسطى والفقيرة، من خلال إزالة التشوهات في القوانين الضريبية، وبث روح العدالة في نفوس المكلفين.
وأكد نائب رئيس جمعية خبراء ضريبة الدخل والمبيعات المستشار إبراهيم حرب، أهمية وجود قوانين وأنظمة ضريبية تغلق باب الاجتهادات الحاصلة في أحيان كثيرة مردها إلى وجود لبس في مواد ضريبية الأمر الذي يزيد النظام الضريبي تعقيداً ويقوضه استقراراً.
وبحسب حرب فإن قوانين الضريبة الحالية غامضة وغير مرنة وغالبية موادها عقوبات لا يوجد بها تحفيز مما يستدعي تعديلاً عاجلاً على كثير من موادها، مشيراً إلى اختلال يتمثل بعدم التفرقة ما بين المتهرب الضريبي الناتج عن فرق خلافي بنتيجة التدقيق وفرق ناتج عن عدم معرفته بالقانون، والمتهرب بشكل صريح أو مقصود.
ونبه إلى عدم مواكبة بعض القوانين، حالات الانكماش الاقتصادي، واعتمادها دائماً، حالات نمو الاقتصادي غير المتحقق حالياً، منوهاً إلى أن ضرورة وجود خطة بديلة في حالات الانكماش بدلاً من تعديل القوانين وزيادة الشرائح.
ويسهم تخفيض الشرائح البالغة نسبتها 20 بالمئة في ضريبة الدخل على الأفراد إن وجد في في زيادة القاعدة الضريبية وانخفاض ظاهرة التهرب الضريبي ويعزز الاستثمارات، يؤكد حرب.
وحول أبرز أسباب التهرب الضريبي، بين حرب أن أبرزها يرجع إلى انكماش الثقة بين المكلف والإدارة الضريبة الأمر الذي يمنعه الإفصاح حول ضرائبه المستحقة للدولة مثلما يرجع ذلك لعدم ثقة المكلف بعوائد هذه الضرائب عليه شخصياً خاصة أن دافع الضرائب لا يحظى بأي ميزات عن غيره من غير المكلفين أو المتهربين ضريبياً.
ويلعب عدم وعي المكلفين ضريبياً دوراً كبيراً في التهرب الضريبي غير المقصود وفق حرب الذي أشار إلى أن حجم التهرب الضريبي غير المقصود أكبر بكثير من التهرب بقصد مما يقتضي إيجاد آلية ناجعة في توعية المكلفين بقوانين الضريبية.
وأوضح أن العوائد التي يحصل عليها المواطن الذي لا يدفع الضرائب سواء غير مكلف أو متهرب ضريبياً هي العوائد ذاتها التي يحصل عليه الملتزم ضريبياً، وفي حال انهار مشروعه أو أغلق فأنه لا يوجد له أي اعتبارات من تعويضات أو تمييز لكونه كان ملتزماً بدافع ضرائب مشيداً بتجارب دول متقدمة في هذا المجال تقود نحو تحقيق الأمن الاجتماعي لدافعي الضرائب.
وطالب بتدقيق متكرر على الخارجين عن شبكة مكلفي الضريبة غير الظاهرين أصلاً وفق حرب بدلاً من التدقيق على المكلفين الملتزمين والإصرار الدائم على تعديل إقراراتهم مما يهدر الكثير من وقت الإدارة الضريبية.
ولمواجهة التهرب الضريبي اقترح حرب؛ زيادة الوعي الضريبي بمشاركة القطاع الخاص، وثبات القوانين واستقرارها، وتخفيض الشرائح الضريبية المقرونة بتغليظ العقوبات، ونشر ثقافة الفوتره بإصدار تشريع خاص، والتخفيف على الملتزمين ضريبياً سواء من حيث التدقيق المستمر أو الإجراءات المتبعة.
وقال إن الالتزام بدفع الضريبة واجب وطني لكون الأردن يعتمد بالدرجة الأولى في موازنته على الضرائب فهو بلد غير صناعي ولا ينتج ثروات طبيعية، علاوة على تضاؤل المعونات الخارجية في ظل الأزمات التي تشهدها المملكة وسط محيط ملتهب خلف موجات لجوء كبير إلى الأردن.
وأكد ضرورة وجود ضرائب تراعي الطبقتين الوسطى والفقيرة وتشديد العقوبات على المتهربين ضريبياً.
وقال إن الأصل أن يكون في ذلك حس وطني، وواجب الحكومة تعزيزه من خلال إزالة التشوهات في القوانين الضريبية وبث روح العدالة في نفوس المكلفين.
وحول التشوهات الموجودة في القوانين سارية المفعول أوضح أن أبرزها جانب التباليغ مشيراً إلى أن دائرة ضريبة الدخل والمبيعات ما زالت تعتمد الصناديق البريدية كأساس للتبليغ رغم الثورة التكنولوجية في وسائل الاتصال والتطور الحديث الحاصل في هذا المجال، مقترحاً تبليغ المكلفين بواسطة البريد الممتاز لمكان العمل أو كما هو معمول به في المحاكم على نفقة المبلغ له.
ودعا حرب إلى إشراك دافع الضرائب المعني أو أي جهة في القطاع الخاص أو المؤسسات أو المجتمعات ذوات الاختصاص المعنية بتطبيق القانون في سن التشريعات الضريبية، والعمل نحو سن تشريعات تحفز الاستثمار الذي سيعود على الدول بزيادة الإيرادات الضريبية مستقبلاً وارتفاع الشرائح.
أما رئيس تيار الأحزاب الوسطية نظير عربيات فقد ذهب إلى أن ما يخدم المصلحة العامة هو تطبيق مبدأ سيادة القانون دون أن يتمتع أحد بأي امتياز أو استثناء من تطبيق أحكامه لأي سبب كان على أساس القاعدة القانونية، مشيراً إلى أهمية الوعي بمفهوم المواطنة الضريبية المتمثلة باقتطاع نقدي تفرضه السلطات على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين وفق قدراتهم التكليفية بقصد تغطية الأعباء العامة ولتحقيق دخل الدولة.
وبين أن المواطن يعي مشروعية الضريبة لكونه يؤدي إلى تعزيز علاقة الثقة بين إدارة الضرائب في إطار من الشفافية التامة مطالباً بتشديد محاربة التهرب الضريبي بفرض عقوبات رادعة على المتهربين وعلى من يسهل لهم مهمة التهرب.
وأشار إلى أن هناك "مكاتب مرخصة" تحت مسميات مختلفة تمارس فن التهرب الضريبي وتستفيد من بعض الثغرات القانونية الأمر الذي يتطلب تقوية أجهزة الرقابة ومراجعة النصوص القانونية التي تمكن من التهرب الضريبي.
وأكد عربيات ضرورة التوعية بالواجبات والمسؤوليات التي تقتضيها روح المواطنة وأن يتحمل الموطنين واجب الدفاع عن الوطن، في الوقت الذي يؤكد أمين عام حزب الاتحاد الوطني الدكتور زيد أبو زيد أهمية وجود برامج وإجراءات للتحفيز الاقتصادي من شانها زيادة النمو الاقتصادي وتعزيز قدرته على مواجهة كافة التحديات.
وقال أبو زيد إن التهرب الضريبي يعتبر جريمة يجب العمل على ضبطها ومعالجتها من خلال تعاون وتكاتف جميع الجهات المعنية للحفاظ على الاقتصاد الوطني والسير قدما في عملية الإصلاح الشامل الذي نادى به جلالة الملك عبد الله الثاني في خطاباته وكتب التكليف السامية للحكومات المتعاقبة.
وأشار إلى ضرورة وجدية العمل على محاربة الفساد، وإقرار تشريعات وعقوبات رادعة للحد من التهرب الضريبي بكل شفافية وموضوعية وتامين العيش الكريم للمواطن وعدم المساس بالطبقة الوسطى.
وذهب المستشار الضريبي عضو جمعية خبراء الضرائب الدكتور إبراهيم الحنيطي إلى أن تقليل نسبة الضريبة وتوسيع القاعدة بشكل أفقي ومنح الملتزمين ضريبياً خصومات يشرع لها ضمن القانون من شأنه أن يكون له دور محوري في الحد من حالات التهرب الضريبي.
وتعتبر العدالة بتطبيق القوانين وإيقاف الاستثناءات الضريبية أساساً قد يدفع بعض الأفراد والشركات إلى التوقف عن التهرب الضريبي وفق الحنيطي الذي شدد على ضرورة البت السريع بقضايا الفساد، ضريبة كانت أم غيرها، ليقود المواطن يقينه نحو حقيقة أن عوائد الضريبة تذهب لمستحقيها.
وقال إن دفع الضرائب واجب وطني يجب الالتزام به، مطالباً في ذات السياق، بنشر الوعي والثقافة الضريبية وترسيخ الانتماء الوطني للوصول إلى درجة يشعر بها المتهرب الضريبي أنه منبوذ اجتماعياً، وأن يكون للحكومة دور أساسي في عرض مصاريف الضريبة ليكون هناك رقابة شعبية على الإنفاق مما يطمئن دافع الضريبة.
ويسهم الوضوح بالنصوص القانونية وعدم إدراج بنود تخضع للاجتهادات الشخصية، وتأهيل موظفي الضريبة والاهتمام بهم مادياً ومعنوياً، ومنح مساحة من الثقة بين السلطة الضريبية والمكلف، بشكل لافت، بحسب الحنيطي، في الحد من حالات التهرب الضريبي مما ينعكس على الخدمات العامة التي تؤصل أحاسيس المواطنين بأن ما يدفعونه لا يذهب هدراً.
وأكد ضرورة إثبات الحكومة للمواطنين أن ما يدفعونه سيعود عليهم بالنفع بخاصة على الطبقات الصغيرة والمتوسطة في ظل ارتفاع تكاليف الحياة والانكماش الاقتصادي، عبر خدمات عامة تنعكس على حياتهم اليومية بشكل إيجابي، مؤكداً ضرورة قيام الدولة بالإنفاق الرأسمالي الذي يحرك الاقتصاد لكون مشاريع الدولة الكبرى هي التي تحرك الاقتصاد.
وأرجع الحنيطي شعور المواطنين بعدم الجدوى من دفع الضرائب إلى سوداوية نظرة بعض الأفراد إلى المستقبل، وخوفهم من القادم، عليهم وأسرهم، معلقاً قي ذات الوقت "إن شعوب دول العالم المتقدم تبحث عن رعاية تؤمنها لهم دولهم عند التقدم بالسن؛ في حين يبحث المواطن في بلادنا عن رعاية تؤمن له أبناء الأحفاد".
أما الخبير الاقتصادي أكرم عز الدين الربعي فشدد على ضرورة إعداد تشريعات رادعة وتغليظ عقوبات السجن في مسائل التهرب الضريبي الذي أصبح ظاهرة تتزايد بشكل سريع متفشية في جميع القطاعات الاقتصادية، مثلما أصبح التهرب سمة أساسية لبعض تجار لسان حالهم يقول إن التهرب حنكة وذكاء.
وأشار إلى أن تطبيق القانون بأقسى مواده على متهرب واحد كفيل بأن يكون للجميع عبرة منه، الأمر الذي يمثل للمواطنين رسالة واضحة أن المتهربين ضريبياً والتستر على حالات التهرب فأنهم هم من سيدفع الثمن بطريقة أو بأخرى.
المتهربون ضريبياً لا مبررات لهم في تهربهم وفق الخبير الربعي، لكون القوانين خاصة في الآونة الأخيرة باتت تسري على الجميع، وأن العديد من الجهات الرقابية عالية المستوى تراقب تطبيق القوانين الحالية، مما يستدعي عدول المتهربين عن عدم التزامهم بوفائهم حيال القوانين المنظمة للضريبة، ويدعوهم إلى التوقف عن أفعالهم المشينة خوفاً من الغرامات.
وأشار إلى أن الإعفاءات من الغرامات الصادرة بين فترة وأخرى من شأنها زيادة حالات التهرب الضريبي.
واقترح الربعي سن تشريعات عصرية تشدد العقوبات وتمنح حوافز وخصومات تشجيعية للمكلفين الملتزمين ليصبح حافز الجميع الإلتزام، مشيراً إلى ضرورة أن يكون هناك قائمة ذهبية للمواطنين والشركات الملتزمين ضريبياً كما هو الحال في دائرة الجمارك، لكون معالجة التهرب تتطلب إيجاد وسائل تقدير وتحفيز للملتزمين.
وحول إشراك القطاعات الحكومية والخاصة في إعداد مشاريع قوانين ضريبية، طالب الربعي الجهات المعنية مشاطرة المشورة مع القطاعات كافة سواء الحكومية أو الخاصة، وأصحاب الخبرات، ودراسة رود الأفعال سواء الداخلية والخارجية لكون قانون الضريبة قانون حساس يؤثر على البيئة الاستثمارية بشكل خاص.
وأكد الربعي ضرورة النظر بطريقة متوازنة بين مصلحة المواطن ومصلحة الخزينة بشكل لا يؤثر على طرفي المعادلة.
أما الرئيس التنفيذي لشركة المتحدون للقانون والتحكيم المحامي أحمد طهبوب فقد أشار إلى أن العمل في شؤون الضريبة ما زال قائماً على تدعيم آلية التحصيل والتنفيذ الجبري في مواجهة المكلفين دون أي اعتبار لتاريخ المكلف سابقاً كشخص طبيعي أو مؤسسة.
وقال إن التواصل مع المكلفين ما زال دون المستوى المطلوب، وبالتالي يتجاهل أي سبيل ممكن لتحقيق قبول الوعاء الضريبي أو تفهم القطاعات الاقتصادية المختلفة مما يقر تعديلات قانونية بلا تفاعل حقيقي مع القطاعات الصناعية أو التجارية أو الخدمية.
وأكد طهبوب أهمية وجود منصات تفاعلية إلكترونية أو مركز اتصال آمن لمواجهة استفسارات المكلفين الأفراد أو المؤسسات مما يزيد الفجوة بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص.