تعرف كل الأمراض المتناقَلة جنسياً؟ وأن الزكام واحد من بينها؟
بعد أن وجد فريق من الباحثين البريطانيين بقايا من فيروس (زيكا) العالقة في السائل المنوي للرجال الذين أصيبوا به، والمختفية أعراضه قبل شهور سابقة (الحمى الخفيفة، والطفح الجلدي، والتهاب الملتحمة، وآلام العضلات والمفاصل، والشعور بالضيق أو الصداع)، حيث بدؤوا بالتساؤل: ماهي الفيروسات الأخرى التي تختبئ في أماكن غير متوقعة من الجسم؟
كان ما قاله (فينونغ ليو)، أستاذ في قسم الأمراض المعدية في جامعة (كاليفورنيا بيركلي): ”…وهذا ما يثير التساؤل عمّا هو تعريف الأمراض المنقولة عن طريق الإتصال الجنسي.“
من الواضح أنّ الفيروسات تستفيد من واحدة من آليات الحماية الرئيسية للجسم ألا وهي المناعة، وخاصة في أجزاء معينة من الجسم مثل العين، التي تكون بمثابة قاعدة عسكرية للجيش الدفاعي المناعي، فهي محمية من الإلتهاب لإفساح المجال لوظيفة أكثر أهمية ألا وهي الرؤية، وكذلك الأمر بالنسبة للأعضاء التناسلية التي تتصف بمناعتها المميزة والفريدة من نوعها لحماية الحيوانات المنوية والبويضات.
ولكن ما يجهله البعض أنّ هذا الإمتياز النوعي يسمح لبعض الفيروسات المسببة للأمراض بالحصول على موطئ قدم لها، حيث وجدت الدراسة الجديدة أنّ بعض الفيروسات بإمكانها البقاء في السائل المنوي بشكل مدهش لفترة طويلة من الزمن.
وفي حالة تفشي الفيروس، يحث الأطباء وخبراء الصحة العامة الناس عادة على البقاء بعيداً عن أي شخص مصاب لعدة أسابيع، مع إيلاء اهتمام خاص للأشياء مثل اللعاب والدم. وتشير الدراسة الجديدة إلى أنّ هذا قد لا يكون كافياً، ففي بعض الحالات يمكن أن تبقى الفيروسات في السائل المنوي لمدة تصل إلى 565 يوماً، مما يعني أنّ الشخص المصاب يمكن أن يظل نظرياً معدياً لمدة تصل إلى عدة أشهر.
في هذه الدراسة، قام الباحثون بتمشيط المؤلفات العلمية ووجدوا ما يقارب 4000 ورقة علمية منشورة توثق أدلّة على الفيروسات التي ظلّت مادتها الوراثية (DNA) متواجدة في السائل المنوي، وتشمل القائمة أيضاً (حمًى لاسا)، و(إبشتاين-بار)، والحمى النطاقية، والفيروس المسبب لجدري الماء.
يقول (ألكس سلام) المؤلف الرئيسي للبحث وباحث سريري في فريق الدعم السريع للصحة العامة في المملكة المتحدة: ”يجب على الأطباء والباحثين النظر في إمكانية بقاء الفيروسات التقليدية ’غير المنقولة جنسياً‘ في السائل المنوي، وهذا يثير بالتالي إمكانية انتقال العدوى بالطريق الجنسي.“
في الماضي، لم يكن واضحاً كيفية انتقال العديد من الفيروسات، على سبيل المثال فيروس BK، حيث كان من المعتقد أنّه ينتشر عن طريق السوائل التنفسية أو البول، ولكن الدراسة الجديدة تشير إلى انتقاله أيضاً عن طريق السائل المنوي.
ويضيف ليو قائلاً: ”هذا من شأنه أن يرفع من وعي الناس وإدراكهم بأنهم قد يتسببون في نقل عدوى تنفسية أو أي شيء يؤثر على الرئتين ويضر بهما، بل يمكن أن تنتشر إلى أي جزء من أجزاء الجسم مثل السائل المنوي.“
وعلى الرغم من أنّ الباحثين وجدوا أجزاء من المادة الوراثية لـ27 نوعا من الفيروسات في السائل المنوي، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أنّ جميع هذه الفيروسات باستطاعتها الإنتقال جنسياً. ولمعرفة ما إذا كان هذا هو الحال، فهناك حاجة إلى المزيد من البحوث لإثبات هذه الفرضية.
وبالإضافة إلى الفيروسات الـ27 التي وجدوها في السائل المنوي، إكتشف الباحثون أيضاً مادة وراثية تابعة لعدة فيروسات أخرى متواجدة في الخصية مثل: حمى الضنك، والإلتهاب الرئوي الحاد، والجدري. ليس هناك ما يكفي من الأدلة لنقول أنّ هذه الفيروسات ستكون موجودة أيضاً في السائل المنوي.
تبقى الكثير من الأسئلة المطروحة حول الفيروسات قيد البحث والإجابة، والأكثر إلحاحاً هو ما إذا كان بالإمكان نقلها جنسياً إلى مضيف جديد أم لا، ويريد الباحثون أيضا معرفة مدة بقاء الفيروسات في السائل المنوي وفي أيّة تركيزات، وكذلك كيفية تأثير وجودها على الحيوانات المنوية وخصوبة الذكور على نطاق أوسع. يقول ليو: ”إنّ هذا يثير التساؤل أكثر مما يجب، وهذا أمر رائع…