نوابنا في " قيود سجن ذهبية " فهل يحررون انفسهم والشعب منها ..؟؟!!
![نوابنا في " قيود سجن ذهبية " فهل يحررون انفسهم والشعب منها ..؟؟!! نوابنا في " قيود سجن ذهبية " فهل يحررون انفسهم والشعب منها ..؟؟!!](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/61620.jpg)
انتهى "العرس الديمقراطي " كما وصفته الحكومة ، بميلاد مجلس نواب جديد بالمعني الحرفي للكلمة ، قديم من حيث نهجه وآليات عمله وافكار غالبية اعضائه ، معاق في قدراته ، اما بسبب تركيبته ، او لقدرة الحكومه – اية حكومه مهما كانت ضعيفه – على الهيمنة عليه ، من خلال الانظمة والقوانين والعطايا والامتيازات ، اوبسبب تهديد الحكومه بحله في اية لحظة ، حتى قبل استكمال مدته الدستوريه ، كما حدث مع غالبية مجالس النواب الاردنية ، او لكل هذه الاسباب مجتمعه ، والتي تعيق عمل اي مجلس نيابي منتخب ، مهما امتلك اعضاؤه من جراة وشجاعه ، مما يستدعي ان يكون في قمة اولويات المجلس الجديد مواجهة المسببات التي تشوه صورته لدى الراي العام .
والعجيب الغريب ان كل الاسباب المعيقة لعمل مجلس النواب الاردني ، هي قانونية ودستوريه ، وان لم تكن كذلك يتم قوننتها ودسترتها ، او ايجاد مبررات مقبوله شعبيا لها .
صحيح ان مجلس النواب الجديد ، يضم شخصيات معروفة بقدراتها الفكريه ، ومبادراتها الشجاعه واصالتها ، الا انها من الندره ، بحيث لايمكنها وحدها ، التصدي للمسسببات التي تقيد عمل المجلس ، لأن النظام الديمقرطي ياخذ براي الاكثريه دوما . مما يجعل وجودها في البرلمان ، ظاهره صوتيه ليس اكثر ، تجتذب التصفيق والتهليل من كل الشعب .
ان القيد الاكبر على مجلس النواب هو قانون الانتخاب الذي يتحكم في نوعية اعضائه . والذي
اقتبس من القوانيين الغربيه على طريقه "لاتقربوا الصلاه " دون استكمال الآ ية الكريمه . اذ وفر القانون لأية حكومة اردنية مظلة واقيه ، تحول دون حسابها على مايمكن ان تقترفه ضد الشعب سواء عن حسن اوسؤ نيه .
صحيح ان القانون حال دون وصول المزيد من المتنورين لمجلس النواب فحرم المجلس والاردنيين والعملية الديمقراطيه ، من اصوات واعيه وتوجهات اسلاميه ويساريه وقوميه تثري ديمقراطيتنا وتجعل الاردن انموذجا يقتدى عربيا . الا انه أحدث في نفس الوقت ، انقلابا تاريخيا اسود في المجتمع الاردني ، اعاده الى عهد ماقبل تأسيس الدولة الاردنية . اذ كرس قانون الصوت الواحد الصراع العشائري والقبلي والاقليمي والطائفي والعرقي والجهوي ، وشجع ظاهرة العنف في الجامعات والمجتمع ،واغتال هيبة الدولة والقانون ، وزاد من ظاهرة استخدام السلاح لحل المشكلات بين الناس ، بدلا من الاعتماد على الدولة ، وعمق الاقليميه لتكون هي مقياس الولاء والانتماء والمنح والهبات والعطايا .
وهكذا تمخض العرس الديمقراطي ،عن ميلاد مجلس نواب جديد، كما اراده واضعو القانون تماما ، يضمن لاية حكومه قادمة نوما هادئا و "كورس " نيابي يردد ماتقوله ، حتى لوقالت "ان الشمس تشرق من الغرب " ، فستجد من يبرر لها هذه المقوله ، ويعتبرها فتحا علميا وحدثا تاريخيا غير مسبوق في العالم.
الا ان مجلس النواب الوليد ، الذي نحترم ونجل اعضاءه الكرام ، غير القادر على احداث التغيير المطلوب شعبيا ، وحتى انه عاجز عن تحقيق الشعارات التي تبناها الساده النواب واوصلتهم الى البرلمان . اذ سيكون المجلس ككل سواء شاء او أبى بعض النواب ، في جيب اية حكومه ، مما يعتبر مخالفه لنص الدستور الاردني الذي يؤكد ان " الشعب مصدر السلطات " . فقد نجحت الحكومات الاردنية المتعاقبه في تغيير هذا النص الدستوري ،بطريقه قانونية ايضا ،لتصبح هي مصدر السلطات من خلال اذرعها الطويله ، سن وتشريع وتنفيذ القوانيين ، واستخدام اموال دافع الضرائب الاردني والممول الاجنبي ، في تطويع واحتواء مجلس النواب بشتى الطرق عبرانظمة وقوانيين وامتيازات غير مسبوقه في تاريخ الدولة الاردنية ،التي كانت اول من انتهج الديمقراطيه الحقيقيه عربيا قبل ان تنقلب عليها عمليا وتبقيها شكلا .
فاذا كان مجلس النواب الاردني هذا حاله .... فلماذا يتم تشكيله اذن ؟؟؟ الا اذا كان الهدف ان يكون ديكورا ديمقراطيا محليا ..ورساله للعالم الغربي الذي يمول عجز موازنتنا مفادها ، اننا ديمقراطيون ونستحق المزيد من المساعدات .
ان مجلس النواب الذي يريده الأردنيون ، هو المجلس القادر على التغيير الايجابي ،تماما كماهو حال مجالس النواب في الدول الغربيه ،التي يقرر فيها الشعب مسار الحكومه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، ويلزمها بان لاتحيد عن هذا المسار ، رضوخا لارادة الشعب.
الا ان مسيرة مجالس النواب الاردنية منذ عودة الحياة البرلمانيه للاردن عام 1989 ، تؤكد ان مايحدث عكس ذلك تماما .اذ لم يستطع اي مجلس نيابي منع أية حكومه من تنفيذ اي قرار ترتأيه ، اوالغاء مشروع قانون واحد ذا اهميه ، او ازاحة مسؤول واحد من منصبه ، مهما كانت درجته الوظيفيه متواضعه ، او احداث تغيير في سياسات الاردن الداخليه او الخارجيه او الثقافيه او الاجتماعيه ،وحتى على مستوى كرة القدم التي تاثرتا بقانون الصوت الواحد فاصبحت الكره اقليميه .
و اذ نبارك للساده النواب تمثيلهم للشعب ، الا اننا تقول لهم ، ان نجاحكم مرهون بقدرتكم على احداث تغييرات في الأنظمة والتشريعات التي تقيدكم ، وتجعلكم اسرى بقيود ذهبية ، واقفاص براقه ، تحت قبة البرلمان ، غيرقادرين على ممارسة حريتكم تحت القبه ليمارسها بعضكم خارجها . ان مبنى البرلمان الاردني عنوان للحريه والديمقراطيه الحقه ، وليس العكس فلماذالاتجعلونه اسما على مسمى ؟؟؟
اعملوا لتحرير انفسكم اولا من القيود ، وهي الأنظمة والقوانيين والامتيازات ، التي تكبلكم وتشوه صورتكم لدى الراي العام الذي انتخبكم . ليكون الاردن كما ارادة الملك دولة ديمقراطيه ، يشعر فيها كل مواطنيها بانهم شركاء في صنع القرارات السياسيه ،وفي الرقابة على الحكومه ، وفي تقرير مستقبل الاردن وتغييره نحو الأفضل . واذا نجحتم في ذلك فانكم ستدخلون التاريخ من اوسع ابوابه ، والا فانكم ستبقون على هامشه وستكونون اضافة كميه للمجالس السابقه وديكورا ديمقراطيا للسلطه التنفيذيه يمكنها من فعل ماتريد باسمكم .
اعملوا جميعا على ان يكون مجلس النواب منارة للحريه والديمقراطيه ، تماما كما اراده جلالة الملك ونص عليه الدستورالاردني ، حتى يعيش كل الاردنيين في وطن حر ديمقراطي يشعر جميع من فيه بانه لهم وهم له .