شبهة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل مُعَاوِيَة بن أبي سفيان والرد عليها
المدينة نيوز :- اتهم معاوية بن أبي سفيان اتهامات باطلة من قبل أعداء الإسلام من المستشرقين والمستغربين وأصحاب العقائد المنحرفة معتمدين على رواية سقيمة وردت في بعض كتب الجرح والتعديل وكتب التاريخ ,مفادها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتله , وهي رواية باطلة لا تصمد أمام النقد الحديثي , ومما يدل على بطلانها ووهنها معارضتها لما صح من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له , فهل يستقيم أن يدعوا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يأمر بقتله ؟
مكانة معاوية بن أبي سفيان عند أهل السنة وثناء النبي صلى الله عليه وسلم عليه.
ثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه , حيث قال: (اللهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا وَاهْدِ بِهِ ), فرسول الله صلى الله عليه وسلم دعا ربه أن يهدي معاوية ويهدي به , بل إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا ربه أن يقيه العذاب , حيث قال صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ، وَقِّهِ الْعَذَابَ ), ومعاوية رضي الله عنه من كتاب الوحي وهذا أمر ثابت لاشك فيه , وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عظم منزلته عند الله ورسوله , يؤكد هذا ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما : أن أبا سفيان طلب من النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة مطالب: ( فقال للنبي : يا نبي الله ثلاثٌ أعطينهن قال: نعم , منها قال: معاوية، تجعله كاتباً بين يديك، قال: نعم ) ,ولكي نعرف مدى خطورة الطعن في ذمة هذا الصحابي الجليل الذي يطعن فيه أئمة الشيعة ليلا ونهارا علينا أن نعلم جيدا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى قد أمَّنه على أخطر مهمة على وجه الأرض مهمة كتابة كلام الله عز وجل , ولمن لم يدرك بعد معنى هذا الكلام الخطير أكرر له أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما هو الذي حول الكلمات التي قالها الرب الذي خلق السماوات والأرض إلى كلمات مكتوبة يقرؤها بنو الإنسان , فهل أدركت الآن مدي عظمة هذا الإنسان ؟ هل تعلم الآن مدى خطورة الطعن في معاوية بالذات, إن الطعن في ذمة معاوية ليس طعنا في رسول الله فحسب بل هو طعن في الله , فهو الذي اختار معاوية لكي يكتب لنا كلامه المنزل على البشر , فإذا كان معاوية بن أبي سفيان رجلا منحرفا كما يروج له الشيعة الروافض يصبح هذا القرآن الذي بين أيدينا قرآنا محرفا, ويصبح هذا الدين الذي ملأ الأرض شرقا وغربا دينا باطلا ونصبح أنا وأنت في النهاية مجرد أشباح بلا وجود أو كيان.
شبهة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله والرد عليها.
من الأحاديث التي احتج بها الشيعة في ذم معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه الحديث الذي أمر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بقتل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه , حيث ورد هذا الحديث عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما.
تخريج حديث أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه:
أخرجه ابن عدي في الكامل بإسنادين :
الطريق الأول:
ثنا محمد بن إبراهيم الأصبهاني ثنا أحمد بن الفرات ثنا عبد الرزاق أرنا جعفر بن سليمان عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه ).
وهذا الإسناد فيه علة , وعلته: ضعف علي بن زيد بن جدعان :
أقوال العلماء في الراوي:
قال ابن أبي حاتم رحمه الله: قال أحمد : ليس بالقوي, وقال ابن معين : ليس بحجة, وقال أبي : ليس بقوي يكتب حديثه ولا يحتج به, وقال أبو زرعة : ليس بقوي , وقال الحافظ ابن حجر : ضعيف من الرابعة .
الطريق الثاني:
أخبرنا علي بن المثنى ثنا الوليد بن القاسم عن مجالد عن أبي الوداك عن أبى سعيد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:( إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه ).
وهذا الإسناد فيه علة , وعلته: ضعف مجالد بن سعيد بن عمير بن بسطام.
أقوال العلماء في الراوي:
قال البخاري: كان يحيي يضعف مجالد بن سعيد , وكان ابن مهدي لا يروي عنه , وقال النسائي: ضعيف , وقال الحافظ ابن حجر: ليس بالقوي من صغار السادسة .
الطريق الثالث:
أخرجه ابن حبان في المجروحين, قال : وَقَالَ ثَنَا أَبِي وَعَمِّي قَالا ثَنَا أَبِي ثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ جَبَلَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِذَا رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ عَلَى مِنْبَرِي فَاقْتُلُوهُ ). وهذا الطريق فيه علة أيضا كما قال ابن حبان رحمه الله , وعلته : أحمد بن محمد بن مُصْعَب بن بشر, قال ابن حبان عن هذا الراوي: كان ممن يضع المتون للآثار, ويقلب الأسانيد للأخبار, وذكر له ابن حبان هذا الحديث.
تخريج حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
أخرجه ابن عدي في الكامل, قال : أخبرنا علي بن العباس ثنا عباد بن يعقوب ثنا الحكم بن ظهير عن عاصم عن زر عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:( إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه). قلت : حديث عبد الله بن مسعود ضعيف أيضا , لأن في سنده علة , ألا وهي : ضعف الحكم بن ظهير
أقوال العلماء في الحكم بن ظهير :
ضعفه البخاري, والنسائي, وأبوحاتم, وابن حجر , ظهر لنا بعد هذا البيان الموجز ضعف الروايات الواردة في قتل معاوية بن أبي سفيان , فلا يعول عليها ولا يعتد بها والحمد لله رب العالمين.
تأليف :الأستاذ المشارك الدكتور / محمد إبراهيم محمد الحلواني
الأستاذ في قسم الحديث وعلومه في كلية العلوم الإسلامية جامعة المدينة العالمية بماليزيا
[1] - أخرجه أحمد في مسنده 29/426, رقم (17895),عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ الْأَزْدِيِّ, مؤسسة الرسالة , ط: أولى, 2001م, تحقيق: شعيب الأرناؤوط وعادل مرشد.
[1] - أخرجه ابن حبان في صحيحه , 16/182, رقم (7210),عن الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ, مؤسسة الرسالة , بيروت, ط: الثانية, 1993م, وصححه شعيب الأرناؤوط.
[1] - أخرجه مسلم في صحيحه, كتاب فضائل الصحابة, باب من فضائل أبي سفيان بن حرب, رقم ( 168-2501),4/1945, دار إحياء التراث العربي , بيروت, تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي.
[1] - جهاد التُرباني , مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ ص192, دار التقوى , القاهرة, مصر, ط: أولى, 2010م.
[1] - أخرجه ابن عدي في الكامل 2/146, دار الفكر, بيروت, ط: الثالثة , 1988م, تحقيق: يحيي مختار غزاوي.
[1] - عبد الرحمن بن أبي حاتم , الجرح والتعديل 6/186, دار إحياء التراث العربي, بيروت, ط: أولى, 1952م.
[1] - ابن حجر, تقريب التهذيب 2/401, دار الرشيد , حلب, ط: أولى , 1406هجرية.
[1] - ابن عدي, الكامل 7/83.
[1] - محمد بن إسماعيل البخاري, الضعفاء الصغيرص112,دار الوعي , حلب, ط: أولى ,1396هجرية, تحقيق: محمود إبراهيم زايد.
[1] - أحمد بن شعيب النسائي, الضعفاء والمتروكين ص95,دار الوعي, حلب, ط: أولى, 1396هجرية, تحقيق: محمود إبراهيم زايد.
[1] - ابن حجر, تقريب التهذيب 2/520.
[1] - محمد بن حبان, المجروحين 1/157, دار الوعي, حلب, ط: أولى, 1396هجرية, تحقيق: محمود إبراهيم زايد.
[1] - ابن حبان, المجروحين 1/156.
[1] - البخاري, الضعفاء الصغيرص31, النسائي, الضعفاء والمتروكين ص30, ابن أبي حاتم, الجرح والتعديل3/118, ابن حجر, تقريب التهذيب 1/175.